حملة دعم لتشويه الأسرى
تاريخ النشر : 2014-01-29 12:21

أسرانا في سجون الاحتلال؛ كأشرف وأنبل ظاهرة صمود وتضحية في العصر الحالي، والأبطال الذين ينوبون عن الأمة في خط دفاعها الأول؛ صاروا هدفا للتشويه والطعن، وهم خلف القضبان، ولا حول لهم ولا قوة؛ فبدل أن تكون هناك حملات لدعم الأسرى، استبدلت بحملات لدعم تشويه الأسرى، وللأسف منها ما هو ليس من الاحتلال.

صار المثل الذي يقول: اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدق الآخرون؛ هو ديدن جماعات بعينها في الحرب الإعلامية الشرسة التي تشن على الفلسطينيين لتشويه مواقفهم وتضحياتهم ومقاومتهم التي أبهرت العالم، ولكن الفلسطيني بحكم خبرته لا تنطلي عليه الأكاذيب، وفي المحصلة "لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله".

خرج علينا الإعلام في دولة الاحتلال بسن قانون يجبر الأسير على إطعامه بالقوة لفك إضرابه، لمنعه من نزع حقوقه من حلوق جلاديه؛ ظاهرة جميل وباطنه خبيث؛ كما اتهم الأسير حسن سلامة والمحكوم بعدة مؤبدات بالمشاركة في الهجوم واقتحام السجون المصرية، واتهم أيضا الشهيد احمد الجعبري بنفس التهمة، وهو الذي دفع حياته ثمنا لإجبار الاحتلال عن الإفراج عن مئات المؤبدات في صفقة وفاء الأحرار(صفقة شاليط).

كنا نعتقد أن وسائل الإعلام التابعة لدولة الاحتلال؛ هي فقط من يتقن صناعة الفبركات، وأنها في الصباح والمساء، تمكر مكرا كبارا؛ وإذا بنا نفاجئ أن هناك من بيننا من يفبرك ويقلب الحقائق جهارا نهارا، مع الفارق أن دولة الاحتلال؛ تفكر ألف مرة في كيفية فبركة الخبر وصناعته؛ كي تضفي عليه قدر معين من المعقولية للدخول إلى عقول الفلسطينيين، ولو البسطاء منهم.

ماذا نسمي وسيلة إعلام تخرج عن المهنية وتفبرك على عينك يا تاجر، جهارا نهارا، كما حصل  مع جريدة الأخبار المصرية؟ أليس من الواجب والمهنية أن تحترم أي وسيلة إعلام عقول قرائها ولا تستخف بهم؟ هل يعقل أن يخرج الشهداء من قبورهم، والأسرى من سجونهم للمشاركة في أحداث مصر؟!

مؤسف أن تخرج أصوات من بيننا تؤيد اللامعقول واللامنطق. ومؤسف أكثر أن العالم يتقدم ويتطور؛ في الوقت الذي يوجد من بيننا من لا يتقن غير فن التحشيد  والحقد والتشويه والفبركات، واختراع القصص والأكاذيب؛ حيث أن الخطورة الكبيرة هنا تكمن في مستقبل أطفالنا القاتم، عبر تعطيل الطاقات وهدرها وقتلها في مهدها، وهو ما يعني سنوات عجاف قاحلة تكوينا جميعا بنارها، ولا يفلت منها أحد، ولا يعلم إلا الله متى تنتهي؟ ومتى نفيق ونصحى من كبوتنا.

لا يعقل ولا يجوز ترك الساحة لمجموعة لا تعترف بالعقلانية ولا بالحكمة، وكل  همها جر الجميع إلى الهلاك؛ كما هي قصة أصحاب السفينة، التي تقوم مجموعة من راكبيها بحفر بقعة في أسفلها، فان تركوهم العقلاء والمخلصين غرقت السفينة بمن عليها جميعا، وهذا لا يقبله كل من عنده ذرة من شرف وكرامة وعقل.

تجربة الفلسطينيين غنية بالإعلام المسموم والكاذب الذي جربه كثيرا  من دولة الاحتلال؛ ولذلك صار هناك قدرة تميزية كبيرة لدى أي فرد فلسطيني حول الأخبار، ويميز بسرعة الخبر الكاذب من الصادق .

لنتأمل في فن التضليل الإعلامي قليلا؛ فالقانون الجديد لدولة الاحتلال الذي يتيح التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام، يزعم الاحتلال إعلاميا أنه يحد من الخطر على حياة الأسير، في محاولة لأن يظهر بمظهر حضاري وأخلاقي في التعامل مع الأسرى أمام العالم؛ ولكن العكس هو الصحيح كما يعرفه كل فلسطيني ذاق مرارة الأسر؛ حيث استشهد ثلاثة أسرى سابقا جراء القانون الغير معلن، وهم: عبد القادر أبو الفحم، وراسم حلاوة، وعلي الجعفري.

في هذه المرحلة الحساسة والحرجة؛ لا يطلب الشعب الفلسطيني إرسال الجيوش لتحرير فلسطين، ولا يطلب الدعم من الدول العربية؛ فقط يطلب منهم أن يكفوا شرهم عن الفلسطينيين، والتوقف عن تلفيق التهم وصناعة الأكاذيب لأفضل واشرف عناوين في الحالة الفلسطينية المعاصرة؛ وهم الشهداء والأسرى.