ماذا وراء لعبة نتنياهو الجديدة؟؟
تاريخ النشر : 2014-01-28 21:52

"إن المستوطنين يمكن أن يعيشوا تحت ظل الدولة الفلسطينية ...تحت السيادة الفلسطينية في إطار تسوية سياسية مع الفلسطينيين .."

ما سبق كان تصريحات أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي ,نتنياهو في سياق انعقاد المؤتمر الاقتصادي العالمي في دافوس الذي كرس واظهر عزلة كبيرة لدولة إسرائيل غير مسبوقة جراء مواصلتها سياسة الاستيطان المسعورة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعدم إظهارها لأي مرونة سياسية جادة تقود إلى نجاح عملية التسوية وإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية.

تصريحات نتنياهو أثارت ردود فعل وجدل داخلي من جانب أقطاب معسكر اليمين وبخاصة من جانب حليفه في الائتلاف الحكومي زعيم حزب البيت اليهودي نفتالي بينيت الذي رفض تصريحات نتنياهو واتهمه بأنه فقد الصواب الأخلاقي وهدد بالانسحاب من الائتلاف الحكومي .

ثمة استفهام هنا : ما الذي يريده نتنياهو من وراء إطلاق مثل هذه التصريحات التكتيكية ذات الطابع الإعلامي وفي إطار هذه الظروف الدولية المعاكسة لسياسته العدوانية الاستيطانية؟؟

 بالإمكان تسجيل الأتي:

أولا:بعد أن أدرك نتنياهو إن الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية قد رفضت بالمطلق فكرة يهودية الدولة- تلك الفكرة التي طرحها نتنياهو بشكل غير مسبوق كما جرى في المفاوضات السابقة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني- بعد أن أدرك ذلك انطلق إلى ممارسة هوايته الإعلامية بطرح فكرة جديدة وهي إمكانية بقاء المستوطنين مستقبلا تحت السيادة الفلسطينية في محاولة منه للظهور بمظهر من يعمل من اجل السلام وان الرئيس أبو مازن هو من يقف عقبة أمام عملية السلام وان الجانب الفلسطيني وحده من يتحمل المسؤولية عن فشل مساعي الوزير الأمريكي جون كيري ....بتعبير أدق نتنياهو يريد قذف الكرة إلى ملعب الرئيس أبو مازن من وراء هذه التصريحات وإثارة الجدل داخل الملعب الفلسطيني وإشغال القيادة الفلسطينية بإشكالية جديدة بدلا من الإشكالية الخاصة بيهودية الدولة والتي باءت بالفشل .

ثانيا:تصريحات نتنياهو في هذا السياق والتي تأتي على مسافة شهرين من انتهاء المدة الزمنية المتعلقة بالمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والتي تشير أن لا تقدم قد حصل على هذا الصعيد بسبب موقف حكومة نتنياهو المعادية تماما لعملية السلام وان لا إمكانية من الجانب الفلسطيني لتمديد هذه المهلة....تصريحات نتنياهو إذن تأتي هنا في محاولة للهروب إلى الأمام والقفز فوق الضغوطات الدولية المتزايدة والرافضة لسياسات إسرائيل العدوانية والتي أصابت العملية السياسية في مقتل .

ثالثا:يمكن القول إن نتنياهو من خلال هذه التصريحات وما أثارته من جدل داخل الملعب الإسرائيلي يسعى لمعرفة ردود فعل الرأي العام الإسرائيلي وكذا مواقف الأحزاب والكتل السياسية من فكرة بقاء المستوطنين في الأراضي الفلسطينية تحت السيادة الفلسطينية وقياس مدى وحجم وجود تأييد أو معارضة لمثل هذه الفكرة .

بالإمكان القول أيضا أن نتنياهو يسعى لتوصيل رسالة للقيادة الفلسطينية – التي رفضت كليا فكرة يهودية الدولة الخالصة مع ما تتضمنه من العودة إلى فكر احد مؤسسي الحركة الصهيونية جابتونسكي من عنصرية صارخة بحق أكثر من مليون ونصف مواطن فلسطيني يعيشون في الداخل وكذا مصادرة حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى أرضهم- ....مضمونها الاستفهام الآتي :

هل تقبلون بقاء أكثر من 500الف مستوطن يهودي مزروعين الآن في مستوطنات الضفة الغربية والقدس تحت السيادة الفلسطينية في ظل حل سياسي مستقبلي ؟؟

 بمعنى أن نتنياهو لايريد ولادة دولة فلسطينية خالصة للشعب الفلسطيني ؟ّ!

بكلمة أخيرة نقول إن حكومة نتنياهو غير معنية على الإطلاق بانجاز أي اتفاق سلام حقيقي مع القيادة الفلسطينية وإنما هي تسعى إلى استغلال الوقت وإطالة أمد المفاوضات بهدف تكريس المزيد من الوقائع الاستيطانية على الأرض ولا تفكر بإخلاء المستوطنات إطلاقا وهي لا تريد ولادة دولة فلسطينية متكاملة المقومات والأركان وبالمقابل فان الموقف الفلسطيني يرفض بالمطلق بقاء أي مستوطن في الأراضي الفلسطينية في إطار أي حل سياسي مستقبلي كما يرفض أي تمديد للمهلة الزمنية للمفاوضات والتي تنتهي مع مطلع شهر ابريل وان الأمر يتطلب استعداد القيادة الفلسطينية وجاهزيتها لوضع كل الخيارات المناسبة للتعامل مع المرحلة الوشيكة المقبلة التي أوصل فيها الجانب الإسرائيلي عملية السلام إلى طريق مسدود.