تدوير الموظفين
تاريخ النشر : 2014-01-28 17:10

يعتبر رئيس المؤسسة هو المسئول الأول عن نجاحها، وعن تأدية مهامها على أحسن وجه. وفي سبيل إنجاز أهداف المؤسسة وتجسيد رسالتها وغاياتها على أرض الواقع يحق له تسخير كافة الإمكانات والموارد المتاحة بالآليات والوسائل التي يراها مناسبة، أو قل إدارة هذه المؤسسة بصورة سليمة، يحقق من خلالها أعلى نسب النجاح المتوقعة. وأهم عامل من عوامل النجاح في المؤسسة يتعلق بمواردها البشرية ومدى انتمائهم لها ومساهماتهم في تنفيذ مشاريعها وبرامجها وخدماتها بصورة فعالة وحيوية. هذه الحيوية والهمة والنشاط قد يؤثر فيها طول المدة الزمنية التي يبقى فيها الموظف يؤدي نفس المهام وفي نفس المكان، وهذا ما يتطلب تجديدها، وبالتالي يصبح واجب المسئول تحقيق ذلك، وإن لم يستطع فستبدأ المؤسسة في التراجع، فالمشكلة تصبح هنا ليس في الموارد ومنها الموارد البشرية ولكن في إدارتها، وكما يقول المفكر الإسلامي د. فريد قرشي: (إن المشكلة الأساسية لهذه الأمة هي مشكلة إدارة وليست مشكلة موارد). وأحد الحلول الناجحة والمتبعة في معظم المؤسسات الرائدة هو عملية تدوير الموظفين، وهذا يعني نقل الموظف من مكان لآخر في نفس المؤسسة، يؤدي فيه مهاماً جديدة، مع رفاق عمل جدد، ومسئول جديد. فهي عملية تجديد دماء، وإن صح التعبير تحريك للركود أو الجمود في منظومة العمل، فيتحقق معها المزيد من الإيجابيات للمؤسسة، وهذا هو صميم الإدارة المؤسساتية الناجحة التي يعرفها الدكتور طارق سويدان بقوله: (أستطيع أن ألخص الإدارة بأنها عملية تحسين الأداء مع تقليل الجهد والوقت والتكلفة). وعملية التدوير إذا تم إعدادها بصورة مهنية وتم التوافق مع الموظفين عليها فإنها بكل تأكيد كلها إيجابيات، ولكنها لن تحقق الهدف إذا شعر الموظف أنها قصاص منه، وهي لا يجب أن تكون هكذا بأي حال من الأحوال. وللأسف في بعض الأحيان يعتقد الموظف أنها عقاب له وتقليل من مكانته، أو أنها جاءت لأنه قصر في عمله، ولكنه يجب أن يعتبرها مكسباً شخصياً، من خلالها تتحقق له خبرة جديدة ومهارات إضافية، وكذلك فائدة للعمل، فمن الممكن أن تظهر طاقات جديدة، حيث أنه قد يجد الموظف نفسه في المكان الجديد فيبدع ويتميز في عمله. ويساعد التدوير في نقل خبرات الموظف لزملائه الجدد والاستفادة من مهاراته في المكان الجديد. كما أنه يكسب الموظفين الدراية والخبرة العملية في كل مناحي عمل المؤسسة، بالتالي يسهل سد أي عجز طارئ أو احتياج في أي مكان يحدث فيه نقص في الكادر الوظيفي لأي سبب كان، فتستمر المؤسسة في تأدية مهامها دون أن يشعر الجمهور بهذا النقص أو بهذا الأمر الطارئ الذي حل بها. كما أن التدوير يحمي الموظف من التعرض للإغراءات المادية والوقوع بالأخطاء ان استمر كثيراً في نفس المكان. وخلاصة الكلام أن عملية تدوير الموظفين هي عملية صحية، ويجب أن تتبعها جميع المؤسسات وخصوصاً الحكومية، لأنها تعود بالنفع الكبير والفوائد الكثيرة لمصلحة العمل ولمصلحة الموظف نفسه، وهي سياسة متبعة في كل الدول المتقدمة، حتى أن بعض الدول وثقتها بقوانين وأنظمة مكتوبة. والموظف يجب أن يتقبل أي عملية تدوير بحقه ناظراً إلى إيجابياتها على المستوى الشخصي، وحتى لو جاءت بأسوأ الأحوال لسبب عقابي، فيجب أن ينظر إلى الجزء الممتلئ من الكأس ليستطيع أن يثبت لمديره ولزملائه كفاءته وقدراته وإمكاناته. وفي نفس الوقت على رئيس المؤسسة أن يعلم أن النفس البشرية لا تتقبل التغيير بسهولة، لذا فهو بحاجة في عملية التدوير كما جاء أعلاه إلى تمهيد وتهيئة وتشاور وإقناع ومهنية وعدل، حتى يكتب له النجاح ليس فقط في مثل هذا القرار بل في كل إدارته للمؤسسة، حينها سيصبح الجميع يداً واحدة لصناعة نجاح المؤسسة وتميزها.