الفهم الصحيح للديمقراطية قبل الممارسة
تاريخ النشر : 2014-01-28 09:08

الديمقراطية هي ليس صندوق اقتراع وليس الفوز والخسارة في البرلمان ، بل هي أسلوب حياة تتناسب مع ثقافة وهوية الشعوب.

فالديمقراطية تتوج كدُرة التاج ، كخطوة اساسية، ولكن لاحقة في أهميتها للشعوب. فالديمقراطية هي احترام الفرد للآخر ، وتبني فكرة الآخر والبناء عليها ، و الإيمان بصدقٍ في فكرة الآخر إذ كانت في صالح المجتمع بغض النظر عن مشاربه الفكرية , فيجب ان تكون هناك خطوات عملية لابد منها قبل ممارسة الديمقراطية ، كمحو الامية ، توفير الامن الغذائي والصحي ، دستور يحمي حقوق الاقلية قبل الاكثرية ، قضاء عادل مستقل ، اعداد نخبة سياسية وتثقيفها و تذكيرها دائماً بان البرلمانات وُجدت لينتخب من يمثلنا ليصل صوتنا فيها وتحل الخلفات في كيفية خدمة المواطن تحت قبتها وليس لتقاسم الغنائم بين الأحزاب والطوائف والأجناس.

عندما ينظر الفرد منا الى الأمية الأبجدية التي تتراوح ستون في المائة عند النساء و أربعون بالمائة عند الرجال و وجود أمية ثقافية مخيفة بنسب عالية جداً ، فإسأل قارئ هذا المقال : متى قرأت كتاباً ؟ أو كم كتاب قرأت في حياتك ؟, حتى نتعرف على عمق الفجوة بيننا وبين الشعوب المتقدمة .

قبل ان ننادي بتطبيق الديمقراطية كممارسة :

- يجب ان يُشكل مجلس أستشاري من الخبراء والمتميزون ذات الكفائة والمواصفات العالمية العالية في شتى المجالات ، لمتابعة كل خطوة حسب أهميتها لخدمة الهدف و هو المواطن ، حتى يشتد ساعدنا في بناء مؤسسات الوطن .

- يجب ان نحارب الأمية حتى لا تُستغل في يد النخبة السياسية من تطويعها كعبيد.

- تأمين المسكن و المشرب و الأمن حتى لا يُبتز المواطن عند إعطاء صوته الانتخابي .

-وجود طبقة مثقفة صالحة تتجسد في منظمات المجتمع المدني للدفاع عن المواطن و مراقبة أداء الجهاز التنفيذي للدولة.

- وجود علماء دين وطنين و ليس علماء سلاطين أو أحزاب يفتون للصالح العام ولا يحرفون الدين و الأحاديث من اجل الاستفراد بالاخرً.

-تحييد مرافق الدولة العامة كجامعات و أندية و مساجد من التنافس الحزبي.

- وجود معارضة من اجل خدمة المواطن و ليس من اجل شهوة على سلطة ليتنكروا لاحقاً من كل ما وعدنا به.

- وجود أحزاب مبنية على أساس وطني ذات أجندة داخل حدود الوطن بعيدة عن الاستقطاب الديني والقومي

- البعد عن الاقتتال الديني أو المذهبي والايمان بان الوطن للجميع وان الاحزاب في الحكم أو في المعارضة وجدت لخدمة المواطن

فابن بلدي اقرب لي في معاناتي وأنتمائي الوطني اكثر من ابن ديني في اي وطن آخر.

وعندما نعمل بجد او بتخلف لبناء تلك الأعمدة السالفة الذكر ينعكس هذا الإعداد الي التدوال السلمي لخدمة المواطن ما بين معارضة من اجل قيم المواطن ورفع شانه و أناس في سُدة الحكم تدير أمور المواطنين ، وهذا يتجسد بانتخابات نزيهة دون الاعتماد على القبيلة أو التمترس وراء الحزبية ،

فيجب ان يعي كل مواطن أو كل حزب

ان صندوق الانتخاب وحده لا يعطي الحماية لأي حزب ان يحكم على أهوائه الناس بغض النظر عن أغلبيته البرلمانية بل هناك شئ يُسمى خضوع الحزب لأجندة الدولة ، وعدم جر الدولة الي أيدلوجية اي حزب كان ، فشرعية اي حزب حاكم هي عبارة عن عقد لمن يريد ان يدير امورنا تتجسد في صندوق الأنتخابات و المحافظة و التطوير في خدمات الناس من بنية تحتية الى غزو الفضاء والمحافضة على ثروات الوطن للأجيال القادمة ، وعدم الالتزام بهذه الشروط ليوم واحد وجب الرجوع للشعب ويجب تفويض آخر ،

وهذا يجب ان يكون مقياس لكل حزب يريد مزاولة نشاطه السياسي ،

فرغم الظروف الصعبة في التغيير للانتقال الى الديمقراطية بمعناها الحقيقي من مخاضها العسير، الذي يجب ان نسلكه كممر إجباري لكل إنسان يبدأ طريقه الى الأفضل ، يجب علينا ان لا نيأس ، لأن المستقبل سيكون حتماً افضل ، لهذا يجب علينا انتظار حصاد هذا الزرع بعد عشرة أعوام لان ذلك ليس ببعيد ، فعشرة سنوات في عمر الشعوب لا شئ. المهم ان نبدأ بسلام ....

 

الصيدلي: ياسر الشرافي / ألمانيا

[email protected]