المشكلة في إسرائيل وليست فقط في ليبرمان!
تاريخ النشر : 2016-05-31 12:28

لا ضرورة إطلاقاً لإقتصار حملة الرفض والتنديد على وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد أفيغدور ليبرمان طالما أنَّ رئيسه في هذه الحكومة، التي كل واحدٍ من أعضائها أسوأ من الآخر ، هو بنيامين نتنياهو الذي لو أنَّ هناك عدالة كونية لوُضع إسمه في قوائم «المطاردين» على حدود دول العالم كلها وأولها الولايات المتحدة الأميركية التي هي أصل البلاء والتي هي بالإضافة إلى غيرها من أوجد هذه الدولة الغريبة المصطنعة في قلب الوطن العربي وكخنجر في قلب الأمة العربية .

لا يجوز إعتبار «حبة» أرز واحدة سامة إذا كان كل ما في القدر سموماً قاتلة فالمشكلة ليست أن يصبح ليبرمان وزيراً للدفاع في إسرائيل طالما أن رئيس هذه الحكومة الإسرائيلية هو بنيامين نتنياهو الذي يرفض أنْ يجاريه أي إسرائيلي في التطرف والعنصرية والإستمتاع في قتل الأطفال الفلسطينيين والنظر إلى العرب كلهم ... كلهم وبدون إستثناء نظرة دونية وعلى أساس أنَّ هناك :»شعباً مختاراً»!! هو الشعب الإسرائيلي بينما باقي خلق الله كلهم أقلُّ مكانة.. والمعروف أنَّ من إبتدع هذا «التصنيف» هو ذلك المجرم أدولف هيتلر الذي وضع الألمان رغم أنوفهم في أعلى مرتبة فوق كل بني البشرية .

ربما أن البعض لا يعرف أن ليبرمان يسعده أن تثار ضده كل هذه الحملة عربياً وفي بعض الأوساط الدولية الغربية ، الأوروبية تحديداً، فهو يعتبر أن رصيده السياسي في هذه الدولة التي لا مثلها دولة في العالم بأسره هو كره الفلسطينيين والعرب والمسلمين وهو أنْ «يبْرز» على أنه الأكثر تطرفاً وعنصرية ودموية بين الإسرائيليين كلهم ... ومن بينهم مناحيم بيغن وإسحق شامير وإرئيل شارون.

البعض يرى أن إسحق رابين يتميز عن كل الذين سبقوه ولحقوه بأنه تخلىَّ عن تطرفه وعدوانيته وبأنه بعد تردد قليل وضع يده في يد (أبو عمار)ووقع على إتفاقيات أوسلو الشهيرة في البيت الأبيض في عام 1993 وحقيقة أن هذا يحسب له وأنه يحسب له أيضاً أنه كوفىء من قبل الإسرائيليين بإطلاق الرصاص على ظهره في عهد حكومة بنيامين نتنياهو ، هذا ما غيره ، في عام 1995 من قبل مستوطن إسرائيلي إسمه إيغال عمير لكن يجب أن يكون معروفاً أنَّ هذا الموقف المتقدم والمميز الذي إتخذه رئيس الوزراء الأسبق لم يكن لا حُبا بالسلام ولا بالفلسطينيين ولا بالعرب ولكن لقناعته بأنه ليس أمام الإسرائيليين إلا هذا الطريق وإلا الإعتراف للشعب الفلسطيني بدولة على ما أحتل من أرضهم في عام 1967 .

وبالطبع فإنه لا يمكن إلاّ «تثمين» تلك الخطوة الهامة والمتقدمة والمميزة التي أقدم رابين عليها والتي دفع حياته ثمناً لها في عهد حكومة كان على رأسها بنيامين نتنياهو هذا ما غيره بغض النظر عن دوافعها وأسبابها ومسبباتها فالمطلوب في ظل موازين القوى الحالية بين العرب والإسرائيليين المستندة إلى موازين القوى الدولية الآن وعلى المدى الأبعد ، الّا هذا المطلوب والذي إعترف به وأيده رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق وهو التخلي عن إحتلال عام 1967 والإعتراف للشعب الفلسطيني بحقه في كل الأراضي التي أحتلت في عام حزيران (يونيو) في ذلك العام .

لم يكن ليبرمان وزيراً للدفاع عندما إرتكبت إسرائيل كل تلك الفظائع التي إرتكبها في عهد سيء الصيت والسمعة أرئيل شارون ومن بينها حصار مقر (أبو عمار) في مبني المقاطعة في رام الله وقتله بالسم كما أصبح معروفاً ومؤكداً وهذا يعني أن المشكلة تكمن في أن الإسرائيليين كمجتمع وكدولة قد تحولوا ، بعد إغتيال رابين في عهد حكومة كان على رأسها بنيامين نتنياهو هذا ما غيره ، نحو المزيد من التطرف والعنصرية ..

 إنَّ هذه هي المشكلة الحقيقية وبالتالي فإنَّ المسألة ليست مسألة وزير كان قبل هجرته إلى فلسطين حارساً أمنياً لملهىّ ليليَ واصبح الآن، بعدما إعتمد النزعة الفاشية وزيراً للدفاع يتطلع ليصبح رئيساً لوزراء هذه الدولة العنصرية التي ستكون نهايتها كنهاية كل الدول العنصرية التي عرفها التاريخ ومن بينها الدولة النازية .. الملعونة التي أبتليت بها ألمانيا في غفلة من تاريخها العظيم .

وهكذا، مرة أخرى، فإن المشكلة ليست في أفيغدور ليبرمان وحذه وإنما في تضاؤل القوى والأحزاب السياسية الإسرائيلية التي يمكن التوصل معها إلى تسوية مقبولة من قبل أبناء الشعب الفلسطيني وعلى أساس الأمر الواقع والحصول على ما يمكن الحصول عليه في ظل موازين القوى الحالية ..

 إنَّ المشكلة هي أن إسرائيل كدولة وكحكومة وأيضاً كشعب بأغلبيته قد ذهبت بعيداً في التحول نحو التطرف والعنصرية معتمدة على هذه اللحظة المريضة من التاريخ التي يمر بها العرب الذين كانوا قد مرّوا بلحظات مماثلة على مدى تاريخ طويل من بينها لحظة إحتلال الفرنجة (الإحتلال الصليبي)الذي ستكون نهاية الإسرائيليين كنهايته إن لم يدركوا الآن أن نهاية ما يفعله هذا اليمين المتطرف ستكون كنهاية الحملات الصليبية على هذه المنطقة التي كانت عربية وستبقى عربية إلى نهاية التاريخ .

عن الرأي الأردنية