هل المَشْروع التَّحَرُّرِيّ الفلسطينيّ النَّقيض للمَشْروع الصَّهيونيّ تَرَفٌ فكريٌّ أم اسْتِحْقاق وطَنِيّ لا يَحْتِمِلُ مزيداً منَ التَّأخير ؟؟
تاريخ النشر : 2016-05-30 12:37

كَان يُفْتَرَض المُضِيَّ قُدُماً واسْتِكْمال تَناوُلِ أهْدَافِ المَشْروع الوَطني التَّحَرُّري المَأمُول النَّقيض لِلمَشْروع الاسْتِعْمَاريّ الاسْتيطانيّ الصَّهْونيَ العُنْصُريَ وبيان َمُرْتَكزاته الأساسِيّة ، لولا كَثرة المُلاحظاتِ النَّقْدِيّة المُهِمَّة على المَقالَيْنِ السّابِقَيْن ، ما فَرَض تَخْصيص هذا المَقال ، أَيْضاً ، لِتَوْضيحِ ماهِيَّةِ المَشْروع التَّحَرّري الفلسطينيّ المٌسْتَحَقّ وإلْحاحِيَّته .
فالمَقْصود بالمَشْروع التَّحَرّري الفلسطيني النَّقيض للمَشْروعِ الصَّهْيوني ، هو الإطار السِّياسيّ الجَامع والنَّاظِم للاَهْدافِ التَّحَرُّرِيّة الفلسْطينِيَّة في مُواجَهَةِ الغَزوَةِ الاسْتِعمارِيَّة الاسْتيطانِيّة الغَرْبِيَّة - الصّهْيونِيَّة لِفِلِسْطين ، والبَرْنامَجْ النِّضاليّ الهادِفِ إلى تَمْكين الشَّعب العَرَبي الفلسطيني في الوطن والشَّتات مِنْ بُلوغِ حُقوقِهِ الأساسِيَّة المَشْروعة في الحُرِّيَّة والعَوْدَةِ وَتَقْرير المَصيرعلى أرْضِ وَطَنِهِ فلسطين .
أيّ أَنَّهُ البوصلَة التي يُفْتَرَضُ أنْ تَسْتَرْشِدُ بِها كَافَّة القُوى السِّياسِيّة والتَّنْظيميّة والحِزْبِيّة والمُجْتَمَعِيَّة الفلسطينِيّة عِنْدَ وَضْعِ الاسْتْراتيجِيّات وخُطط الَعَمَل والبَرامِجِ التَّنْفيذِيَّة في المَجالاتِ المُخْتَلِفَة / السِّياسِيّة والعَسْكَرِيَّة والدِّيبلوماسِيّة والقانونِيّة والاقْتِصادِيّة والاجْتِماعِيّة والتّربَوِيّة والثَّقافِيّة إلخ.../ من أجلِ تَحْقيق الأهداف الوَطَنِيَّة التَّحَرُّرِيَّة بالسُّرْعَةِ القُصْوى والكُلْفَةِ الدُّنْيا .
بما يَعْنيه ذلك من تَحْديدِ هَدَفٍ وَطَنِيٍّ مَرْكَزِيٍّ واضحٍ ، يُجْمِعُ عَلَيْهِ الشَّعْبُ الفلسْطينِيّ في كافَّة أماكِنِ تَواجُدِهِ الرَّئيسة ، وَيُصار إلى اعْتِمادِهِ رَسْمِيّاً في الأطر التَّمْثيلِيّة الشَّرْعِيّة ، كَيْ يُوَجَّه أهدافاً فَرْعِيَّةً مُتَعَدِّدة مُتَّسِقَةً وَمُتكاملة ومُتَتابِعَة ، تُنْجِزها التَّجَمُّعات الفلسطينية المُخْتَلِفَة خلال فترات زَمَنِيَّة مُحَدَّدة ومَعْلومة ، ويُفْتَرَضُ بِها أن تُراعي المَصالح الحَيَوِيَّة لهذه التَّجَمُّعات ، وأن تعمل على حِمايَتِها وتنْمِيَتِها ، وأنْ تأخُذ بالحُسْبانِ اخْتِلاف ظروف كُلٍّ مِنْها ، وما يَفْرِضه ، ذلك ، من اختِلافٍ في أساليب وأشْكالِ نِضالِها فيُجَنِّبَها ما يَضُرُّ بها أو يَفوق احْتِمالها . ذلك أنَّ الوَطنِيّة لَيْسَت اخْتِياراً بين مَصالح المُواطنين الحَياتِيَّة الفَرْديّة والمُجْتمعيّة وبين الأهداف الوَطَنِيَّةِ التَّحرريّة ، بَلْ صيغَةٌ مُثلى لِلتّوفيقِ بينهما وَتَوْثيقِ تَرابُطِهِما بِعلاقَةٍ طَرْدِيَّة لا تَنْفَصِم عُراها ، مُغايِرَةٍ للعَلاقَةِ العَكْسِيَّةِ القائِمَةِ حالِيّاً . وحيث يُؤدّي تَحْقيق الأهْداف الفَرْعيّة لأيِّ تَجَمُّعٍ فلسطينِيٍّ إلى تَمْكينِه وتُقَوّية مناعَتَه وتَطويرِ قُدْراته الذّاتيّة . وَحَيْثُ َيُسْهِم نَجاحٍ أيِّ فَرْدٍ أوْ تَجَمُّعٍ أوْ حِزْبٍ أو فَصيلٍ فلِسْطينِيّ في تَعْزيز الصُّمود وتَقْوِيَةِ المَناعَة المُجْتَمَعِيّة لِعُموم الشَّعْب الفلسطيني .
وَعَلَيْه، فَإنَّ المُطالَبَة ببَلْوَرة المَشْروع الوَطَنِيِّ التَّحَرُّرِيّ النَّقيض للمَشْروع الصَّهيونِيَ، لا يَقَعُ في دائِرَةِ التَّنْظير والتَّرَف الفِكْرِيّ كما ذَهَب بَعْضُ المُعَلِّقينَ على مَقالاتي ، لاعْتِقادِهِم بِوُجوبِ إيلاءِ الأوْلَوِيَّة لِمُعالَجَةِ الوَاقِعِ الفِلِسْطينِيِّ المَأزووم ، سَواء مَا يَتَصِل مِنْه بانْقِسامِ النِّظام السِّياسِيِّ الفلسْطينيّ ، أم بتَقَادُم الشَّرْعِيّاتِ الفلسطينيّة التَّشْريعِيّة والرِّئاسِيّة ، أم بِتِكَلُّسِ القوى والفَصائِل الفلسْطينيّة ، أم بِتَرَهّل مُنَظَّمَة التَّحْريرِ الفلسطينيّة وَتَشْوُّه ميثاقِها وجُموُدِ مُؤَسّساتها وَشَيْخُوخَةِ قادَتِها وجمودِ كَوادِرِها ، أم بتَدَنّي أداءِ إدارَتَيْ الحُكْم الذّاتي في الضِّفَّة الغَرْبِيّة وقطاعِ غَزَّة وَتَمَسُّكِ القُوَى المُسَيْطِرة عَلَيْهِما بِسُلْطَةٍ تَسْتَمِدّ شَرْعِيَّتها من ماضٍ نِضالِيٍّ ، ونُفوذٍ تَقْتَصِر مَفاعِيله على الشَّعْب الفلسطينيّ المُكَبَّل والمُحاصَر، وانْشِغالهِما بَتنافُسٍ بَيْنِيٍّ ضارٍ يُخْرِج الصِّراع مع العَدُوِّ الرَّئيس مِنْ بَرامِجِ عَمَلِهِما ، وَيَتْرُك الشَّباب الفَتِيّ الثّائِر وَحيداً في مُواجهة كَتائِبِ الإعدامِ المَيْدانِيّ التي يَقودُها جَيش الاحتلال الصّهيوني وجَحافِلَ مُسْتَوطنيه، بلا أيِّ حِمايَةٍ أوْ إسْنادٍ لِلْشَّهْر الثّامن على التَّوالي .

فبِدونِ التَّقليلِ مِنْ أهَمِّيَّة كُلِّ ذلك وَضُرورَته للنُّهوضِ بالأَدَاءِ العَامّ الفِلِسطينيّ ، إلا أنني أَكادُ أجْزِم بأنَّ اسْتِعادَة وَحْدَة النِّظامِ السِّياسي الفِلِسْطيني بالمُحَاصَصَةِ التَّنْظيمِيّة والفصائِلِيّة ، أو انْتِخاب رئيسٍ جَديدٍ ومَجلسٍ تَشْريعيٍّ جديد ، أو إلغاء التَّنسيقِ الأمنيّ المُكَرَّس لحِمايَة المُحْتَلّ ، أو اسْتِعادة المِيثاقِ الوَطني الفِلسطيني الذي كان سارِياً قبل إقرارِ التَّعْديلاتِ التي فَرضها اتِّفاق أوسلو في اجتِماعِ اسْتِثْنائِيٍّ مَشْكُوكٌ بشَرْعِيَّتِه للمَجْلِس الوَطَني الفلسْطيني عام 1996 ، أو حَتّى تَعْديله ، أو الاسْتِعاضَة عن القادة المُسِنَين بالشّباب ، أو إنْهاء التَّرهُّل الوَظيفي والقَضاء على الهَدْرِ والفساد في مَنطِقَتَيْ الحُكْم الذّاتي الفلسْطيني أو....أو.....
كُلُّ ، ذلك ، على أهَمِّيَّة وَإلحاحِيَّة مُعالَجَتِهِ ، غَيْرُ كَفيلٍ وغَيْرُ كافٍ لإخْراجِ الوضْعِ الفلسطينيّ مِنْ أزَمَتِه الهَيْكَلِيَّة . كما أنَّه ، بافْتِراضِ تَحَقَّقُه ، غَيْرُ قادِرٍ على مَنْعِ تَجَدُّدِ الأزماتِ الفلسْطينِيَّة مُسْتَقْبَلاً بأشكالٍ ومَظاهِرَ أخْرى قد لا تَقِلُّ خُطورة .

ولإنْعاشِ الذّاكِرَة قليلاً ، وَجَبَ القَوْلُ بِأن حالُنا الفلسْطيني ( رَغْمَ أنَّ الوَضْعَ الرَّاهِن رُبَما يَكون الأسْوَأ مُنْذ انطلاقِ الثَّوْرَةِ الفلسْطينيّة المُعاصِرَة ) لَمْ يَكُنْ مُمْتازاً قَبْلَ تَفَجُّرِ هذه الأزَماتِ ، ولم نَكُن في أيٍّ من المَراحِلِ النِّضالِيَّة الفلسطينيّة، وخُصوصاً مُنْذُ أنْ اسْتَعَضْنا عن مُواجَهَةِ الحَرَكَةِ الصّهيونِيّة لهَزيمَتِها بِمُهادَنَتِها والبَحْث عن حُلولٍ وُسْطى مَعها ، قَريبين مِنَ بُلوغ حُقوقنا الأساسِيَّة في الحُرِّيَّةِ والعَوْدَة وَتَقْرير المَصير .
فكُلُّ ما سَبَقَ ظَواهِرَ تَراكُمِيَّةٍ نَاجِمَة في الأَسَاسِ عن التِّيهِ الفلِسْطينيّ الكَبيرِ منذ نجاحِ الغَزْوَةِ الاسْتِعمارِيَّة الغربيّة الصُهيونيَّة في الاسْتيلاءِ على بِلادنا ، لافْتِقارِنا إلى مَشْروع دِفاعِيٍّ نَهْضَوِيٍّ شامِلٍ نّقيضٍ للمشْروعِ الاسْتِعماريّ الغَرْبي الاستيطانِيّ الصَّهيوني العُنْصُرِيّ ، يُشَكِّل إطاراً مَرْجِعِيَّاً جامِعاً تَحْتَكِم لَه كافَّة القُوى الِّسِّياسِيَّة والمُجْتَمَعِيَّة الفلسطينِيّة عِنْدَ رَسْمِ سِيَاسَاتها ، وعِنْدَ صَوْغِ استْراتيجِيّاتِ عَمَلِها، وعِنْدَ تَحْديدِ أساليب ووسائِلِ نِضالِها، وعند بِناءِ تَحالفاتِها الدّاخِلِيّة والخارِجِيّة، وعِنْدَ تَقْييم أدائِها .
وفكْرَةُ المَشْروعِ التَّحَرُّري النَّقيض للمَشْروع الصّهيوني لَيْست جديدة ، فَقَدْ كانت هناكَ مُحاوَلَة فلسطينِيّة مُبَكِّرة ، أشارَ إليْها الدّكتور نبيل قسّيس في تَعْليقِه على مَقالي الأخير بِقَوْلِه " كانَ هُناك مَشْروعاً وَطَنِيّاً فلسطينياً لِمُناهَضَةِ المَشْروع الصَّهْيوني غداة انْتِهاء الحَرْبِ العالميّة الأولى عام 1918 تَمَّ نشْرَه عام 1919 ، أي خلال أقَلّ مِنْ عَامَيْن على إعْلانِ وَعْد بلفور"، وزَّوَّدَني مَشْكورا بِنُسْخَةٍ إليكترونيّة لِكِتابٍ قَيِّم لَمْ يَسْبِق لي الاطِّلاع عَلَيْه، وعِنوانه "فلسطين وَتَجْديد حَياتها " مِنْ إعْداد الأُسْتاذ حَنّا صَلاح ، كانَ قَدْ صَدَرعن الجَمْعِيّة الفلسْطينِيَّة لِمُقاومَة الحَرَكَةِ الصَّهْيونِيَّة في نيويورك عام 1919 .
يَعْرِض الكِتاب، الوَثيقة ، في207 صَفْحة رُؤْيَةً مُتَكامِلةً لِمُواجَهَةِ الغَزْوَةِ الاسْتِعْمارِيَّة الاسْتيطانِيَّة الصَّهْيونِيَّة، فيَتَناوَلُ في نِصْفِهِ الأَوّل تاريخ فلسطين وجُغرافِيَّتها، وَتَوْصيفاً دَقيقاً للأوْضاعِ الاقْتِصاديّة والاجْتِماعِيّة التي كانت سَائِدَة . ويُخُصِّص نِصْفُه الثّاني لِمُسَاهمات نُخْبَةٍ مُتَمَيِّزَةٍ من المُفَكِّرين الطليعيّين الذين اسْتَشْعَروا مُبَكِّراً الخَطر الصَّهيوني ، فَطَرَحُوا َمَنْهَجِيَّة لِمُواجَهَتِه في شَتّى المَجالات ، وفي خاتِمَة الكِتاب وَضعوا تَصَوُّراً لِمُسْتَقْبَلِ فِلسطين بِعُنوان " نظرة إلى مُسْتَقْبَل فلسطين " أعدَّها المُفَكِّر الفلسطيني الدُّكْتور سليم شَحادة جورج .
تَنْطَلِقُ الرُّؤْيَة مِن انْتِماء فلسطين العَرَبِيّ ماضِياً وحاضِراً ومُسْتَقْبَلاً ، وتتَطَلَّعُ إلى مَنْعِ الهِجْرَةِ الصّهيونِيّة إلى فلسطين ، وتَدْعو للعَمَل على تأسيس المُسْتَقْبَلِ الفلسطيني وِفْقاً للمبادئ الدِّيمُوقراطيَّة العَصْرِيّة التي تَضْمَن حُكم الأكثريّة بالانْتِخاب ، وتَحْفَظ حُقوق الأقليّات ، وَتَفْصِلُ الدّين عن السِّياسة ، وتَضْمَن حُرِّيَّة العبادات ، وتَكْفَل حُرِّيَّة التَّعبير وحُرِّيَّة الصَّحافة والإِعْلام وتُؤَكِّد على أهَمِّيَّة ذلك في مُراقَبةِ الأَدَاءِ العامّ وفي تَسْليطِ الضُّوءِعلى أَوْجُهِ القصور . وتُؤكِد ، أيْضاً ، على الحَاجَةِ فلسطينِيّاً إلى تَشْريعٍ وطنيًّ يَكْفَل العَدالة ويَضمن اسْتِقلال القَضاء ويُؤَسِّس لِلنّهوض بالتَّعليم الوَطنيّ بمراحِلِهِ المُخْتَلِفَة وَتَعْميمِهِ لِيُصْبِحَ مَجَّانا ومُتاحا لِلجَميع ، والعْمَلُ على تَعْريب وتَحْديث المَناهج وَضَمانِ ارْتِكازِها على العُلوم الحَديثة تَحْتَ ادارةٍ وَطَنِيَّة ، واعْتِمادِ اللغة العَرَبِيَّة لُغَة رَسْمِيَّة ، والاهْتِمَام بإعْدادِ المُعَلمين وإنْشاء المُؤسَّساتِ التَّدْريبيّة ، وتَوْطين المَدارِس الأجْنَبِيّة بالإشْرافِ عَلَيْها وإلْزامِها بالمناهِج الوطنيّة الرَّسْمِيّة ، وكَبْح جَماح المَدارِس الطّائفية . وَتُطالِب الرُّؤْيَة، أيْضاً ، بوَضْعِ خُطَطٍ لِلنُّهُوض الزِّراعي والصِّناعي والتِّجاري وَتَسْهيل وَسائِل النَّقل وَتَشْجيعِ رَاسِ المَال الوَطنيّ للاسْتِثْمار في بِناءِ الوَطن ، وتدْعو الكَفاءات الفلسْطينيّة المُهاجِرَة إلى العَوْدَة للإسْهامِ في عَمليّة البِناء .
وتُؤَكِّد على أنَّ مُسْتَقْبَل فلسطين يَرْتَهِنُ بِأهْلِها وَمَدى اهْتِمَامِهم بأمرها ، وإخْلاصِهِم لِلْعَمَل فيها وَتَكْريس اهْتِمَامِهِمْ في سَبيل خِدْمَتِها ، وأنَّ هذا المُسْتَقْبَل يَتَحَدَّد بِمدى قدْرَةِ الشَّعْبِ الفلسطينيّ على النَّظَرِ لِلأمَام ، وَمَقْدرَتِهِ على اسْتِخْدام مَبادِئ العِلم .
وَتَلْفِتُ النَّظَرَ إلى أنَّ المُسْتَقْبَل الفِلِسطينيّ لَيْسَ أمْرٌ نَتَمَنَّاهُ فَنَلقاه ، وإنَّما هو أعْسَرُ مِنْ ذلك بِكَثِير، وأنَّ بُلوغَهُ يَتَوَقَّفُ على الاعْتِمَادِ عَلَى الذّات والسَّيْرِ مَعْ رُوحِ العَصْر الجديد والجَدّ والاجْتِهاد في خِدْمَةِ الوَطَنْ .
لكِّنَّ هذهِ الرُّؤْيَة على أهَمِّيَّتِها لَمْ تَتَحَوَّل ، آنذاك ، إلى مَشْروعِ وَطَنِيّ فلسْطينِيّ شامِلٍ لِمُواجَهَةِ الغَزْوَةِ الاسْتِعمارِيَّة الغَرْبِيَّة - الصَّهْيونيّة يُوَجِّه النِّضالَ الفلسْطينِيّ ، ما اَسْهَمَ في نَجاحِها في احْتلالِ 78% من فلسطين وتَشْتيتِ غالِبِيَّةِ شَعْبِها .
وَعَلى الرَّغم مِنْ تَمَكُّن الشَّعْبُ الفلسطينِيّ مِنَ اسْتِردادِ زِمامَ المُبادَرَةِ بإطلاقِ الثَّوْرَةِ الفلسْطينِيّة في الفاتِحِ من كانون الثّاني عام 1965 . ثُمَّ تَبَنّى مُنَظَّمَة التَّحْرير الفلسْطينِيّة في الدَّوْرَة الثّامنة للمَجْلِسِ الوَطني الفلسْطيني عام 1971 لِهَدَف إقامة الدَّولة الدّيموقراطيّة على كامل التّراب الفلسطيني بما يَضْمن العَيْشَ المُشْتَرَك للجميع في دَوْلَةٍ حُرَّةٍ عِمادها المُواطنة المُتَساوِيَة أمام القانون .
إلا هذا الهَدَفَ الاسْتْراتيجِيّ اقْتَصَرَ على العُمومِيّات ، ولم تتَبَلْوَرَ رُؤْيَةً شامِلَة لِتَحْقيقِه ، ولمْ يَتَحَوَّلَ ، أيْضاً ، إلى مَشْروعٍ نَهْضَوِيٍّ وسِياسَةٍ رَسْمِيَّة تُوَجِّه بَرْامَج عَمَل مُنَظَّمَةَ التَّحْرير الفلسْطينِيَّة . ثُمَّ َسُرْعان ما تَمّ التَّراجُعَ عنه عام 1974 عِنْدَما تَبَنَى المَجْلِس الوَطَنِيّ الفلسْطينِيّ في دَوْرَتِهِ الثَّانيَة عَشَر لبرنامج النِّقاط العَشْر لإدْخالِ منظَّمَة التَّحْرير الفلسطينِيّة في النِّظام الرَّسْمي العَربي ، الذي كان قد اسْتَعاضَ (في مُؤْتَمَر الخُرْطوم عام 1967 بالرَّغْم من لاءاتِهِ الشَّهيرة ) عن هَدَفِ تَحْرير فلسطين واسْتَبْدَلَهُ بهدف إزالة آثارالعدوان المُسْتَجِدّ في العام 1967 ، ثُمَّ تَحَوَّلَ هذا الهَدَف الجديد إلى سِياسَةٍ رَسْمِيّة خاض النِّظام العَربي حَرْب أكتوبر عام 1973 لتَحقيقها ، لكنه أخْفق في إدارة الصِّراع معَ العَدُوِّ بَعدها ، وتَفَرَّقت أطرافه، وتُرِك لِكُلٍّ طَرَفٍ تحديد سياساته اتِّجاه العَدُوّ الصَّهْيونِيّ وِفْقاً لما يَعْتَقِده في مَصْلَحَتِه القُطْرِيَّة .
وبالرَّغم من تسمِيَته ، آنذاك، بالبَرْنامج السِّياسي المَرْحلي ، وتأكيد المَجْلِس الوطني الفلِسْطيني بأنه خُطوة على طريقِ إقامة الدَّولة الدّيموقْراطِيَّة على كامل فلسْطين ، إلا أنَّه أسَّسَ عَمَلِيّاً لِنَهْجٍ فلسطينِيٍّ جَديد يَسْتَعيض عن هَدَفِ تَحْرير الوَطن وهزيمة الكِيانِ الاسْتِعماري الاسْتيطاني الصّهيوني ، بالتسْوِيَة السِّياسِيّة والاسْتِعْداد لِتَقاسُمِ الوَطَنِ مَعَه وفقاً لِلأسْبَقِيَّة الزَّمَنِيّة للاحْتِلالِ ، الذي يُصْطَلَحُ على تَسْمِيَتِهِ حَالِيّاً ب " حَلِّ الدَّوْلَتَيْن " . ثُمَّ تَحَوَّلَ مُنْذ مُنْتَصَف تشْرين الثاني عام 1988 إلى مشروعٍ رَسْمِيٍّ لِمُنَظَّمَة التَّحْريرالفلسطينيّة بإعلانِ المَجْلِس في دَوْرَتِهِ التّاسِعَة عَشَر " إقامة دولة فلسطين المٌسْتَقِلَّة وفقاً لِحُدُود الرَّابع من حُزَيْران 1967 وَحَلِّ قَضِيَّة اللاجئين"، وإعْرابهِ عن " اسْتِعْداد المُنَظَّمَة للمُشارَكَةِ بِمُؤْتَمَرٍ دَوْلِيٍّ للسَّلام يَنْعَقِد على قاعِدَةِ قراريْ مَجْلس الأمن الدَّوْلي رقم 242 و338 ، للوُصولِ إلى تَسْوِيَةٍ سِياسِيَّةٍ شامِلَة للصِّراع العَرَبي – الإسْرائيلي ، بما في ذلك الصِّراعِ الفلسْطينيِّ- الإسرائيلي " . فَشَرَّعَ ، بِذلِكَ ، لِكُلِّ ما تَلاهُ لاحِقاً . ذلك أنَّ اعْتَراف المُنَظَّمَة بِهذين القَرارَيْن خارِجَ إطار التَّفاوُض ، عَنى سِياسِيَّاً حُدوثَ تخارُج فلسْطيني – إسرائيلي فيما سَبَقَ احْتِلاله قَبْلَ العام 1967 ، ما أخْرَجَ عَمَلِيّاً الأراضي الفلسطينيّة التي أُنْشِئَ فَوْقَها الكِيانِ الصّهْيوني مِنْ دائِرَةِ التَّفاوُض الضَّرورِيّ لإتْمامِ المُقايَضة بالانْسِحاب من الأراضي الفلسطينيَّة المُحْتَلّة عام 1967 وإقامَةِ الدَّوْلَة الفِلِسْطينِيّة المُسْتَقِلَّةِ عَلَيْها وحَلِّ قَضِيَّة اللاجئين وِفْقاً للقرار الدّولي رَقَم 194 . لِيُصارَ، لاحِقاً إلى حَصْرِ مَوْضوع التَّفاوُض بالأراضي الفلسْطينِيَّة المُحْتَلّة عام 1967 وكَأَنَّها أراضٍ مُتَنازَع عَلَيْها بَيْنَ الفلسْطينِيّين والإسْرائيلِيّين ، وإخْضاعِ الجَلاءَ عَنْها للمُساوَمَة ، إذ أرادَت إسرائيل - بِدَعْم أمريكيّ كامِلٍ وَتَضامُنٍ غَرْبِيّ مَعَها - مُقايَضة انْسِحابِها من المَناطِقَ التي لمْ َتَنْجَحْ بَعْد بِتهْويدها بِسَبب اكْتِظاظِها السُّكّاني ، والسَّماح بإقامة دَوْلَة فلسطينيّة منزوعة السِّيادَة والسِّلاح كي لا تهدِّد الأمن الإسْرائيليّ ، بالاعْتِراف فلِسْطينِيّاً : بيَهودِيَّة إسرائيل ، وبالقُدس عاصِمَتها المُوَحَّدة ، مع حُقوقٍ للفلسطينِيّين بإدارة أحْيائِهِم وأماكِنَ العبادة خاصّتهم ، وبالتَّنازُل عن حَقِّ العَوْدة ، وإنْهاء أيَّة مُطالباتٍ مُسْتَقْبَلِيّة فَردِيَّة أو جَماعِيّة وإنْهاء الصِّراع . ما جَعَلَ إنْجاز الهَدَف الفلسْطيني مُتَعَذَّراً رَغْمَ حجمِ التَّنازلات الفلسْطينِيّة التي قارَبَتْ حُدود الاسْتِسْلام .
وقَدْ سَبَقت الإشارة في مَقالٍ سابِقٍ إلى تَعَذُّرِ حَلِّ الصِّراعات تاريخِيّاً مع المَشاريع الاسْتِعمارِيَّة الاستيطانِيّة عِبْراقْتِسام الأوطانِ بَيْنَ أصْحابِها الأصلِيّين ومُحْتَلّيها المُسْتَوْطنين ، إذ لم يُسَجِّل التَّاريخ البَشَرِيّ مُنْذُ بَدْءِ تَدْوينِه حالة نَجاحٍ واحِدَة يُمْكِن مُحاكاتها فلسْطينيّاً .

ما تَقَدَّم يُظْهِرُ أنَّهُ كانت هُناكَ رؤى فِلِسْطينِيَّةً مُتَقِّدِّمَةً لمُواجَهَة المَشْروع الاسْتِعْماري الاسْتيطاني الصّهيوني وهزيمَتِه . لكِنّي أعْتَقِد ، وَرُبَما يوافِقُني غالِبِيَّة الفلسْطينِيّين، بأنَّ الرُّؤيَة التي لا تتَحَوَّل إلى مَشْروعٍ وَطنيّ يَلْتَفُّ حَوْلَه الشَّعْب الفلسْطينِيّ ، وسياسات مُعْتَمَدَة واستراتيجِيّات وخطط عمل وبرامج تُنَفَّذُ تِباعاً وِفْقاً لِجَداوِلَ زَمَنِيَّةٍ مُحَدَّدة ومَعْلومَة ، تُصْبِحُ أقْرَبُ إلى الرُؤيَا وتبقى حُلْماً عَصِيَّاً على التَّحَقُّق .

ولا يُخامِرني أدْنى شَكّ بأنَّه لَوْ تَمَّ تَحْويل الرُّؤى السّابِقَة لِمُواجَهَةِ المَشْروع الصَّهْيوني إلى مَشارِيعَ نِضاليٍّةٍ نَهْضَوِيّةٍ وبرامج عَمَلٍ تَلْتَزِمُ بها القُوى السِّياسِيّة وَحَرَكات المُقاوَمَة الفلسطينِيّة ، ولو أدْرَكَتْ النُّخَب مُبَكِّرا التَّرابُطَ الوثيق
بين المَشْروع الصَّهيوني الخاصّ وبيْن المَشْروعِ الإمبريالي الغَرْبِيّ العامّ ، ولَوْ تَمَّ التَّعْويل فِلِسْطينِيّاً على الذّات ، ولو تَمَّ الاهْتِمام جَدِّيّاً بِتَقْوِيَةِ المَناعَةِ المُجْتَمَعِيَّة الفلسْطينِيّة عَسْكَرِيّاً وسياسِيّا واقْتِصادِيّاً واجْتِماعِيّا وَقانونِيّاً وَثَقافِيّاً وتَرْبَوِيّاً وَعِلْمِيّا وَتَعْليمِيّاً ، لَتَغَيَّرَ مَسَارالتَّاريخ الفلسطيني .

لكن ، لَوْ، لا تُغَيِّرُ واقِعاً ، ولا مَنَاصَ مِنَ الإقْرار بأنَّ المَصائِرَ تَتَحَدّد بالأفعال لا بالأفْكار فَحَسْب . ولا مَفَرَّ من الاعْتِرافَ بِأنّ الفلسطينِيُّن قدْ هُزِموا وأخْفَقوا عِنْدَما تَجاهَلوا مَعارف مُفَكِّريهم وَعُلَمائِهِم الكُثُر، وعِنْدَما أغْفَلوا الخِبْرات التّاريخِيّة وَتَجارُب الشّعوب التي تَحَرَّرَتْ قَبلَهُم ، وعِنْدما تَذاكوا فَخَلَطوا بَيْنَ الاسْتْراتيجِيَّة والتَّكْتيك ، وعِنْدَما خاضوا الصّراع مع عَدُوّهم المُتَفَوِّق بالمَعْرِفَة والخِبْرَة والمَوارد ، وبتوافق ودَعْمِ وَرِعَايَةِ القُوى الدَّوليّة المُتنفِّذة ، وبامْتِلاكِهِ رُؤْيَةً واضِحَة ومَشْروعٍ مُتَكامِلٍ ومنهجيّة شَامِلة وَخُطط عَمَلٍ عَسْكَرِيّة وَسِياسِيّة وديبلوماسية وإعلاميّة واقْتِصاديّة واجْتماعيّة مُحَدَّدة الأهداف والجَداولِ الزَّمَنِيّة ، تتولى تنفيذها بنىً مُؤَسَّسِيّة حديثة مُؤَهَّلة مُتَكَاملة الاخْتِصاصَاتِ والأدْوار ومُزَوَّدَةً بِكَوادِرَ بَشَرِيَّةٍ مُؤَهَّلَةً . وعِنْدَما واجَهَوا ، كُلّ ذلك ، بِمَنْهَجٍ ارْتِجاليٍّ عَشْوائِيّ تَقُوده نُخبٌ عَشائريّة وعَائليّة وتَنْظيميّة وَدَعَوِيّة مُتنافسة ومُتَناحرة ، غالِبِيّتها لمْ تَدْخُل عَصْرَ الحَداثَةِ بَعْدْ ، بالاعْتِمَادِ على التّجربة الحِّسيّة في تَلَمُّس المَخَاطِر بُعَيْدَ تَحَقُّقِها ، ما مَكَّنَ عَدُوَّهُم َ مِنَ الانْتِصار عَلَيْهِم والنجاح في إقامَة الكِيان الصّهيوني في مُعْظم أنْحاءِ فلسْطين ، وفي تَوَسُّعِه وتَمَدُّدِهِ لاحِقاً في بقيَّتِها .

وَاليَوْم ، وعلى الرَّغْمِ من مُرورِ أكْثَرِ من قَرْنٍ على بَدْء الصِّراع ، ونحو سَبْعَة عُقودٍ على النَّكْبَةِ الأولى وخَمْسَة عُقودٍ على الثّانِيَة واحْتِلالِ كامل الوَطَن الفلسْطيني ، ما يَزال الشّعب العَرَبِيّ الفلسطيني يَخوض نِضالَه ضِدَّ عَدُوِّه بِذات الأساليب العَشْوائِيَّة الثَّأرِيّة ، وما يَزال يَفْتَقِر إلى مَشْروعٍ نَهْضَوِيٍّ لِمُواجَهَتِه ، وإلى تَصَوُّرٍ واضِحٍ بِشأنِ المُسْتَقْبَلِ الفلسْطينيَ المَأمُولْ وَسُبُل بُلوغِه ، وإلى إطارٍ مُؤَسَّسِيٍّ تَمْثيلِيٍّ جامِعٍ ، وَما تَزال القُوى والأحْزاب والتَّنْظيمات والفَصائِلِ والتَّيّاراتِ الفلسْطينِيّة تَتصارَعُ فيما بَيْنَها على الأهْدافِ والمَناهِجْ والنُّفوذ ، فيما العَدُوّ يُرَسِّخ وجوده وَيُواصِلَ تَمَدُّدَه في كُلِّ أنْحاءِ الوَطن ويَزْدادُ شَراسَةً وَتَغَوُّلاً ، وما يزالُ أفْرادُ الجيل الخامس من الفِتْيَة الفلسطينيّين يَتَصَدّون لاعْتِداءاتِهِ وجرائِمِهِ مُنْفَرِدين ، ويَسْتَبْسِلون ، رَغْمَ ذلك ، في الدِّفاعِ عن شَعْبِهِم وعن رُمُوزِ حَضارَتِهم ومُقَدَّساتِهِم وأراضيهِم بِلا قِيادَةٍ وَلا إسْنادٍ ولا رِعايَة ، وَدونما تَوافُقٍ بَيْنَ الفلسْطينِيّين حولَ مُسْتَقْبَل الوَطَن الذي يُضَحّي أبْناؤُهُم في مَيْدانِ الاسْتِشْهادِ من أجْلِه .

وَالمُصارَحَة بالواقِعِ لَيْسَت دَعْوَةٌ لليَأسِ والإحْباطِ الذي نَراهُ بأُمِّ العَيْنِ يُطْبِقُ على الفلسْطينِيِّيّين ، بِسَببِ تيهِ نُخَبِهِم السِّياسِيّة والتَّنْظيميّة والحِزْبِيَّة والفَصائِلِيّة وَمُواصَلَتها البَحْث عن أوْهامٍ وَحُلولٍ ومُبادَراتٍ خارِجَ السِّياق الصَّحيح لمواجَهَةِ الكِيانِ الاسْتِعماريّ الصّهيونيّ . وإنَّما هي دَعْوَةٌ لِتَبَصُّرِ طَريقِ الخَلاص ، بِبَلْوَرَةِ مَشْروعٍ نَهْضَوِيٍّ إنسانِيٍّ تَحَرُّرِيٍّ عَصْرِيٍّ ، وبالإمْساكِ بالفُرْصَةِ التَّاريخِيَّة التي يُتيحُها تَكَشُّف خُطورَةِ هذا الكيان العُنْصُرِيّ للرَّأي العامّ العالمِيّ ولأعْدادٍ مُتنامِيّةٍ من الشَّباب والمُثَقَّفين الأمْريكيين والغَرْبِيّين ، بما في ذلك اليَهود وبعض الإسرائيلِيّين، الذين يَنْشَطونَ في مُقاطَعَةِ الكِيانِ الصّهيوني - رُبَّما أكْثَر من بَعْضِ الفلسطينيّين وكثير من العَرَب - ويَجْتَهِدون في إظْهارِ خُطورَةِ التّحَوُّلاتِ العُنْصُرِيَّة المُماثِلَةِ للنَّازِيَّة في إسرائيل ، والتي لم تَعُدْ تَقْتَصِر فقط على المُؤَرِّخين الجدد أمثال إيلين بابه صاحِبْ المُؤَلَّف الأهَمّْ الذي يَكْشِف ويُوَثِّق التَّطهير العِرقي في فلسطين على امتداد نحوِ قَرْن، أو ميكو بيليد " إبن الجنرال " وداعِيّة كَشْفِ زيف الأساطير الصَّهيونِيّة ، أو الصّحفيين اليَسارِيين أمثال يوري أفنيري وجدعون ليفي وأميرة هاس وغَيْرِهِم ، أو المُنَظَّمات الحُقوقِيَّة كبيت - سيلم أو كاسري الصَّمت إلخ.... .
بلْ إنَّ فَداحَة التَّطَوُّراتِ الفاشِيّة المُتَنامِيَة في إسْرائيل بَدأت تهُزُّ أرْكان ومُؤَسّسي وقادَة الكيان الصّهيوني ذاتَه وتُخْرِجَهُم عن صَمْتِهِم الطّويل وتَحْفِزَهُم على المُجاهَرة بأخْطارِ هذِه التَّحَوُّلات على مُسْتَقْبَل يَهودِ إسْرائيل ، أمثال يائير جولان نائب رئيس الأركان ، وأيهود أولمرت رئيس الوزراء الأسبق ، وموشيه يَعْلون وزير الحرب الليكودي ، وحاييم هرتزوغ زعيم المُعَسْكَرْ الصّهيوني وروني دانييل المُحَلّل العَسْكَري للقناة العِبْرِيّة الثانِيَة ، وهذا غيْضٌ من فيْض .
ألا يَسْتَدْعي ذلك مِنَ الفلسطينِيّين المُسارَعَة إلى بَلْوَرَة مَشْروعِهِم التَّحَرُّرِيّ الإنسانيّ النَّقيض للمَشْروع الصَّهيوني العنصُري الفاشي ، والكفيل ببناءِ مُسْتَقْبَلٍ واعِدٍ للفلسْطينِيّين بالحُرِّيَّة والعَوْدَة وَتَقْرير المصير ، ولِيَهود إسرائيل المُعادين للصَّهْيونِيّة والفاشِيّة ، الراغِبين في الحُرِّيَّة والعَيْش كأسْيادٍ يتَشاركون الوَطن مع أسيادٍ آخرين هم أصحابُ البلادِ الأصْلِيّين ، في إطار دولة حُرّة تَعَدُّدِيّة عِمادُها المُواطَنَة ، ونظام حُكْمٍ ديموقْراطِيٍّ يَكفل سيادة القانون بالتساوي على الجميع ؟؟