"تركنا ميداننا ولم يترك الظلم بلادنا"
تاريخ النشر : 2016-05-28 00:05

لازالت فى ذاكرتى صورة هذا الرجل الذى كان يقف على أبواب التحرير أثناء خروج الثوار، هم يرددون “أسقطنا مبارك وسنحيا بالحرية والعدالة والمساواة” وهو يردد اللى “فاااااااات ظلم واللى جاى ظلمات خلينا هنا”.

تنحى مبارك ولم يتنحي الفساد، تركنا ميداننا ولم يترك الظلم بلادنا؛ لم تنتهي الديكتاتورية ولم يتحقق ما ينبغى أن يكون فى بلادنا، خمس سنوات على ثورة شعبية أجبرت مستبدًا أن يرحل بعد أن جنى ثروة هائلة من عرق شعبه؛ خمس سنوات تلاحقت فيها الأحداث سريعا، تشكل واقعًا أجبرنا من جديد على المفاضلة بين السيئ والأسوأ، خمس سنوات ولازال الاضطهاد والاستبداد يدق أبوابنا، الغلاء ينهش فى عظام فقرائنا الكل يعانى بين ارتفاع وغلاء الأسعار وصعوبة المعيشة، انتهاكات غير مسبوقة وممارسات لا تحترم حقوق الإنسان من كبت للحريات واعتقالات وقبض عشوائى وتعذيب، حرب على الإرهاب لم تجن ثمارها إلا بشهيد يومًا بعد يوم وكأن كتب على بلادنا أن تكون شهيدًا يسعف شهيدًا فيداويه شهيد فيموت شهيد فيودعه شهيد، لازالت الرشوة شرطًا لا احتمالاً.

أليس من الظلم أن تتلاعب بالعقول وتصدر الوعود وتخفى الحقائق وكأنكم تقودون سفينة تمتلئ بالقراصنة كل حرصهم أن يجنون من بلادنا ما يؤمّنون به مستقبلهم، حتى لا تصيبكم الخسارة حال أطاح بكم الشعب، على نهج كبيركم وقدوتكم المعزول مبارك.

تؤكد الإحصائيات العالمية أن مصر هى الأولى عالميا فى الأمية وسوء أحوال المعيشة رغم كل ما بها من مقومات للنهوض، والثانية فى التحرش والاتجار بالنساء، والأخيرة فى السعادة والأسوأ فى تقديم خدمات الإنترنت، كما تحتل المرتبة الثانية بعد الاحتلال الإسرائيلى فى الانتهاكات ضد الصحفيين بمجموع بلغ٦٥٠ انتهاكًا تليها العراق فى المرتبة الثالثة بـ٤٤٠ انتهاكًا طبقاً للتقرير الصادر من شبكة “سند” التابعة لمركز حماية حرية الصحفيين بالعالم العربي.

فى ظل ما نشهده يوميًا من ازدياد حالات القبض العشوائى مع ازدياد نسب الاعتقالات وازدياد زيارات زوار الفجر نجزم أن الشباب المصرى لم يعد يجد من الأساس بيئة ملائمة للحياة فى وطنه، بالفعل وصل إلى أسوأ حال على الإطلاق، هل بتلك السياسات سيتراجع أصحاب الرأى أو الفكر عن مساراتهم وأى فكر وأى رأى بعد أن طالت الدائرة من ليس لهم ذنب غير أنهم قالوا “عيش حرية عدالة اجتماعية”.

من يجادل ويتباهى بحديثه أن “الشعب المصرى يستاهل اللى بيحصل فيه” لم يدرك أن كل من حمل الجنسية المصرية وسافر إلى الخارج هربا من سوء أحوال المعيشة فى وطنه أثبت نفسه واعتلى سلم النجاح بجدارة، لا تتشبثوا بأقوال وبكلمات ما هى إلا إرضاء لأنفسكم، لم ولن تكون يوميا المشكلة تنحصر فى أجيال حكمتم أنها فشلت، حاضرنا اليوم يا سادة هو مستقبلكم الفاشل، اتركوا الشباب يعيش بفكره ويبنى مستقبله، فأنتم حتما راحلون وكما تورثون جهلكم فهناك أجيال تورث فكرًا بل تخلد فكرًا ينتقل ويطور من جيل إلى جيل.

حاول المتآمرون جعل كل ذكرى لثورة يناير بمثابة يوم للدفاع عن الثورة والدفاع عن أبطالها والترحم على شهدائها والبكاء على عدم اكتمالها، تلك هى الصورة التى جسدها المتربصون من تلك التنظيمات السياسية المخربة، بعد أن فشلوا فى محو هذا اليوم من التاريخ، وإن استطاعوا لفعلوا، يناير أعظم ثورة فى تاريخ مصر كل ما جاء بعدها ما هو إلا موجات لكشف تلك الأوجه المتآمرة المتربصة وتلك هى الانتقالية.

قد تكون يناير ثورة عابرة أو واقعًا جديدًا قد تشكل، علمتنا الكثير وفتحت أذهاننا على الأكثر، لكن لا أحد ينكر أن تلك الثورة العابرة هى البداية التى تشكلت بإيجابيات جيل أراد التغيير وباستبداد تنظيمات وجماعات وأشخاص رهنوا التغيير بالفوضى والفتنة بسياساتهم وتحركاتهم الظالمة وتحريضهم على بث الفتن والترويج لوطنية لا يمتلكونها.

الظلم لا بد أن ينجلى والمفاضلة اليوم بين السيئ والأسوأ هى أشد درجات الظلم والاضطهاد، غدا ستتشكل ثورة لكنها لن تكون هذه المرة عابرة، سيطلقها الشعب صرخة قد تسمى ثورة الجياع أو ثورة المظلومين وأنتم كالعادة ستسمونها ثورة الإرهابيين أو أعداء الوطن.. رحم الله شهداءنا الأبطال.