بالفيديو والصور - رحلة الفلسطيني عازف البيانو من اليرموك إلى جائزة بيتهوفن
تاريخ النشر : 2016-05-27 22:42

أمد/ برلين: في الحرب والدمار والحصار والجوع، تصبح الموسيقى غذاء الروح والجسد. وهو بجسده الجائع وقلبه المُشبع بالحب، عزف على البيانو ألحان الأمل ليوصّل رسالة سلام ويبعث التفاؤل بين سكان مخيم اليرموك المحاصر. ذلك المخيم (جنوب العاصمة السورية) الذي لقي 120 شخصا من سكانه حتفهم جراء الحصار الخانق الذي فرضته قوات النظام لثلاث سنوات، وما تلا ذلك من تجويع ودمار وقصف.

وبعد وصوله ألمانيا عزف مع أشهر الموسيقيين في مدينة بون. وقال فريديريش كيتشيلت في خطابه الاحتفالي: "بموسيقاك، أعطيت لحظة من الإنسانية والكرامة التي لا تقدر بثمن لأولئك الذين كانوا معك". وواصل وكيل وزارة التنمية والتعاون الاقتصادي الدولي الألماني خطابه قائلاً: "نأمل أن نتمكن من التغلب على المعاناة التي يُسببها الإنسان... كما نُجل ونحترم شجاعتك لعزف الموسيقى في وسط يحظر العروض الموسيقية التي قد تؤدي إلى عقوبة قاسية جداً"
مخاطرة من أجل البقاء
أيهم الذي وصل إلى ألمانيا في سبتمبر/أيلول 2015، قدم من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة دمشق، عقب رحلة محفوفة بالمخاطر عبر بحر "إيجه"، وبدأ يواصل إسماع صوت السوريين إلى كل العالم، من خلال إقامة الحفلات الموسيقية في مختلف مدن ألمانيا.
وسرد أيهم رحلته إلى أوروبا، عبر القوارب، قائلاً "دفعت 5 آلاف يورو للمهربين من أجل الوصول إلى ألمانيا، وكان ينتابني شعور بأنني سأموت بعد بضع دقائق، ونحن على متن قوارب تتجه نحو اليونان، وشهدت غرق زوارق وأناس يموتون، وأنقذت طفلة عمرها 4 سنوات وأخرجتها إلى الشاطئ، ولم أتمكن من إنقاذ والديها اللذين ماتا غرقا".
إنجازات موسيقية

حاليا يعيش عازف البيانو الفلسطيني أيهم أحمد (27) عاماً، في مخيم للاجئين في مدينة غيسن الألمانية. وقد درس الموسيقى في جامعة البعث في مدينة حمص السورية، حيث ولد وترعرع في مخيم اليرموك، الذي كان يؤوي 150 ألف لاجئ فلسطيني قبل أن تحاصره قوات النظام حصارا خانقا، ليتراجع العدد إلى 16 ألفا. وعلى حد قول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فإن اليرموك تحول إلى "مخيم الموت".

منح أيهم أحمد جائزة بيتهوفن الدولية لحقوق الإنسان والسلام، وهو عازف البيانو الذي عزف محاطاً بأطفال يشاركونه الغناء في شوارع مخيم اليرموك المدمرة، في مشهد طبع ذاكرة العالم تأكيدا على مدى رفض السوريين والفلسطينيين للحرب.
ويشير إلى أن حفلاته تلقى اهتماماً كبيراً، معرباً عن سعادته من وروده معلومات حول اعتزام المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل حضور حفلته، خلال فترة قريبة.

قال العازف إن الناس يأتون ويتحدثون معه عقب الحفلات، ويعربون عن مدى احساسهم وقربهم من معاناة سكان مخيم اليرموك، وأضاف "سنواصل نضالنا من أجل السلام".
وأكد، أن السوريين يناضلون في ظروف سيئة جداً، من أجل البقاء على قيد الحياة، بسبب الحرب، والقصف، والحصار، والجوع الذي يعصف بسوريا.

لم يكن أيهم يفكر بمغادرة سوريا مطلقاً، ولكن بعد أن قام أحد عناصر (داعش) بإحراق آلته الموسيقية (البيانو) أمامه، وجد نفسه مضطراً إلى ذلك. وبدأ رحلة الهروب الخطرة مع عائلته انطلاقاً من دمشق. وحال وصولهم إلى حمص، تم اعتقاله لعدة أيام مما أرغمه على إعادة زوجته وأطفاله إلى مخيم اليرموك في دمشق ومتابعة الرحلة وحيداً.

ومضى قائلاً، إن "ألمانيا تفتح أبوابها للاجئين، وتعاملهم بشكل جيد وتدفع لهم مصروفهم الشهري، وتقدم لهم دورات لتعليم اللغة، غير أننا نرى العديد من الدول العربية لا تفعل ذلك".
الحصار لم يمنعه من العزف
وكان أيهم، ضمن فرقة "شباب مخيم اليرموك"، جنوب دمشق، التي كانت تسعى إلى العزف في جبل "قاسيون"، بعد أن يعم الأمن والسلام في مختلف أنحاء البلاد، خالية من أي سلاح.

وبعد أن اشتد الحصار والجوع على مخيم اليرموك، قرر أيهم، مع مجموعة من الشباب، أن يبعثوا من خلال الموسيقى رسالة إلى كل العالم، من بين الركام، أن هنالك أناساً يفضلون الموسيقى على صوت الرصاص، فاجتمع 10 شباب إلى جانبه، إضافة إلى والده، وشكلوا معاً فرقة "شباب مخيم اليرموك".

راحت الفرقة تعزف وتغني في شوارع المخيم، وفي الأماكن التي تعرضت للقصف، للتعبير عما يجول بخاطرهم، ويوثقون للعالم عبر الموسيقى والأغاني الوطنية، محنة الفلسطينيين الثانية، بعد نكبتهم الأولى عام 1948.