أعراس الشهداء تهزم الاحتلال
تاريخ النشر : 2016-05-25 14:50

لأنهم الشهداء , أنقى وأطهر القيم الوطنية , وأكثرها تفاعلاً في الوجدان الشعبي , لأنهم الشهداء منارة الوطن ورصيده القومي , لأنهم الشهداء دمائهم بوصلة المسار الوطني , أشلائهم سياج الحماية للوطن ومقدساته , لأنهم الشهداء تضحياتهم مانعة للانكسار والهزيمة , لأنهم الشهداء حكاية فلسطينية تتوالد فصولها مع الأجيال , لأن جنازاتهم أعراس كرامة , ونعوشهم عروش عزة وكبرياء , لأنهم الشهداء يسير خلفهم طوابير من الشهداء , وتتزاحم على حمل أجسادهم الطاهرة أكتاف الفدائيين , لأنهم الشهداء جيشاً لكنس الاحتلال وإزالته , من أجل ذلك يخشاهم أردان وزير الأمن الداخلي الصهيوني ومن خلفه حكومة الاحتلال , لذا حرص قادة الاحتلال على ترتيب مراسم دفن خاصة بشهداء انتفاضة القدس في عتمة الليل , وبحضور عدد قليل من ذويهم , في محاولة بائسة لإطفاء نور الشهداء , وجذوة جهادهم وثمرة تضحياتهم , فالشهيد كان قبل ارتقائه ثائر مقاوم , وبعد استشهاده قدوة وصورة مشرقة للفداء , في جنازات الشهداء تشرق شمس إبائهم على جموع المشيعين , ويفوح عبقهم وينتشر مسكهم عبر مساحات الوطن , وتتوق الأجيال لتكرار بطولاتهم واعتلاء منصتهم حيث التضحية بالدماء والأشلاء في معركة الشعب المقدسة .

ما يحدث مع شهداء انتفاضة القدس يذكرني بما كان يحدث مع شهداء انتفاضة الحجارة , حيث كانت قوات الاحتلال تطارد جثامين الشهداء , وتحتجزهم وتجبر ذويهم على دفنهم ليلاً بمشاركة عدد قليل من أقاربهم , للحد من تأثير جنازات الشهداء على رفع الروح الوطنية والتعبئة للقتال والشهادة في مواجهة الاحتلال , فكانت فعاليات الانتفاضة آنذاك إلى جانب ذوي الشهداء يحرصون على عدم احتجاز الاحتلال لجثمان الشهيد عبر سحبهم من أماكن المواجهات , أو إخراجه من ثلاجات المستشفى قبل وصول دوريات الاحتلال التي كانت تطارد الشهداء , وبالرغم من كل هذه الإجراءات التعسفية الإجرامية , كانت جنازات الشهداء تخرج رغم أنف الاحتلال كزفة عريس , موشحة بالإعلام والرايات الوطنية يرافقها الهتافات والأناشيد الثورية التي تعزز الانتماء للوطن وتنادي بالمقاومة والثورة .

وليعلم الاحتلال أن هذه الإجراءات العدوانية , لن تمنع اعتزازنا وفخرنا بشهدائنا الأبطال , ولن تقتل فينا ثقافة الشهادة عبر حبس الجثامين وتجميدها , وإن كان في ثقافتنا إكرام الميت دفنه , فإن من إكرام الشهيد التغني ببطولاته , والهتاف باسمه لتشهد كل الدنيا على صنيع أبطالنا , وليسطر تاريخنا أمجادهم بصفحات من نور , ومهما طال زمن احتلالكم فأن الأرض للشهداء , وأنتم واحتلالكم إلى زوال , ستلفظكم أرضنا فهي لا تقبل الا طينتها , لقد أغاض الاحتلال وارتعب كيانه من احتفاء الشبان بشهيدهم وفارسهم المقدسي علاء أبوجمل , فلما العجب من هذا الاستقبال للشهيد , هكذا هي الشعوب الحية لا تنسى اللحظات المفصلية للتأكيد على هويتها الوطنية , ومواكب الشهداء كانت دوماً إعلان للانتماء لهذا الأرض , فلقد حرص الشباب المشاركين في الجنازة على التأكيد اتجاه بوصلة الشهيد حتى لا تنحرف المسارات عن المسجد الأقصى المهدد بغول التطرف والتهويد الصهيوني , وهتفوا في زفة الشهيد لتجديد العهد مع انتفاضة القدس فهي طوق النجاة الوطني , وحائط الصد لكافة المؤامرات والإستهدافات لقضيتنا الوطنية .

ما يمكن استخلاصه أن كيان الاحتلال عبر قرار احتجاز جثامين الشهداء والتوقف عن تسليمهم لذويهم , يعترف بالهزيمة أمام الشهداء , حتى بعد أن فاضت أرواحهم إلى بارئها , فهم مشاريع قتال وإن كانوا في الأكفان , هم صوت الغضب الفلسطيني القادم بنداء زحف الشهداء نحو القدس , لقد انتصر الشهداء مرات ومرات على هذا الكيان الاحتلالي الزائل بإذن الله , انتصروا يوم أن أمنوا بأحقيتهم في هذه الأرض المباركة , انتصروا يوم أن تحركوا من أجل قتال محتليها الأغراب , انتصروا يوم ارتقوا شهداء في ميادين الشرف والبطولة , انتصروا وهم محمولين على أعناق الشباب الثائر في جنازات مهيبة تموج بآلاف الثوار , فالشهادة ميلاد أمة ونهضة شعب , فلن تموت أمة يتسابق شبابها نحو الموت حفاظاً على كرامتها وردعاً لعدوها وصوناً لعرضها وحماية لمقدساتها , وهم كذلك شهداء انتفاضة القدس , خرجوا من أجل طهر الأقصى وحرمته أن تمس تدنيساً من عصابات وقطعان المستوطنين الأوباش , فلن يضيع الله دمائهم الطاهرة وسيكتب لها نصيباً في انتصار قضيتنا العادلة على باطل الاحتلال .