متى تجري مناورة فلسطينية؟
تاريخ النشر : 2016-05-25 13:14

لا يبدو أنّ أحدّاً يأخذ أي إعلان فلسطيني رسمي أو فصائلي سياسي بشكل جدي. ينطبق هذا على من يقومون بالإعلانات أنفسهم؛ ويبدأ من "قصة" حل السلطة، إلى وقف التنسيق الأمني مع الإسرائيليين، وصولا إلى "موضوع" حكومة الوفاق الفلسطينية.

تنقل صحيفة "الرأي اليوم" الإلكترونية أنّ "أحد قادة الجبهة الشعبية وفي جلسة خاصة لأعضاء الحزب قال إنهم منذ اللحظة الأولى لتبني الرئيس محمود عباس "أبو مازن" قرار المجلس المركزي في الاجتماع الأخيرة للجنة التنفيذية، كانوا متأكدين أن الأمر لا يعدو كونه مناورة جديدة، ولن تتعدّى حدود القرار الحبر الذي كتب فيه". والواقع أنّ الأمر لم يصل حتى لما يمكن تسميته مناورة؛ إذ لم يتم أي شيء يدل على جديّة الأمر.

قبل أيام، قال رئيس المجلس الثوري لحركة "فتح" أمين مقبول، عن وقف التنسيق الأمني: "كان القرار قبل 13 شهرا مجرد تهديد من قبل السلطة لإسرائيل بالتوقف عن اقتحام المناطق. لكن إسرائيل لم تستجب فاتخذنا القرار، وردود الفعل الإسرائيلية ستكون رهن التطورات لكننا لن نبقى صامتين". وبعد مثل هذا التصريح، صمت الجميع سريعاً عن كل ما يتعلق بالتنسيق الأمني.

حرصت القيادة الفلسطينية السياسية والأمنية، في أكثر من مناسبة مؤخراً، على توضيح "الإنجازات الأمنية" لمنع عمليات تستهدف الإسرائيليين، ومن ذلك قول مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، مطلع هذا العام، إنّ الأجهزة الأمنية أفشلت مائتي عملية مؤخراً كانت معدّة ضد إسرائيليين. والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ذاته، تحدث عن اكتشاف سبعين سكينا في مدرسة واحدة.

في الأثناء، يعلم القاصي والداني أن وقف التنسيق الأمني سيجرّ معه وقف مجمل الاتفاقيات، ويغير كل المعادلة. وبالتالي، فعندما تقول وزيرة الاقتصاد الوطني الفلسطيني، يوم الأحد الماضي، إن السلطة الفلسطينية بدأت بمشاركة أميركية في مراجعة العلاقة الاقتصادية مع "إسرائيل"، المحكومة بـ"بروتوكول باريس الاقتصادي"، وتضيف أن العديد من بنود بروتوكول باريس الاقتصادي ستتم مناقشتها مع الجانب الأميركي، خاصة ما يتعلق بحركة الأفراد والبضائع وانسياب التجارة واستغلال الموارد الطبيعية الفلسطينية، فهي تتحدث أيضاً عن جزء من التنسيق الأمني، الخاص بانتقال البضائع والأفراد، وبالتالي فالحديث عن تحرك منسق، وليس وقف تنسيق.

ليست القضية هي وقف التنسيق الأمني أو عدم وقفه، فهذه مسألة خاضعة للنقاش؛ بقدر ما أن القضية هي: لماذا يتم التلويح بذلك من دون أي جدية للتنفيذ؟ والأمر عينه ينطبق على التلويح بحل السلطة و"تسليم المفاتيح" لرئيس الوزراء الإسرائيلي، ليتحمل الاحتلال مسؤولياته، ثم بعد سنوات من الإعلان يأتي تأكيد فلسطيني أنّ السلطة إنجاز وطني لا يمكن التفريط به.

إنّ التلويح بوقف التنسيق، كما حل السلطة، وغير ذلك، لم يكن أبداً موجها للإسرائيليين؛ فاستمرار التنسيق وطبيعة الحراك على الأرض، كانا كفيلين بتبديد أي شكوك لدى الإسرائيليين بأن وقف التنسيق الأمني أو حل السلطة سيناريوهات جدية.

لقد كانت تلك الأحاديث موجهة للرأي العام الفلسطيني. ولكن حتى لو انشغل بعض السياسيين والكُتاب في الشأن، فإنّه لا يبدو أنّ أحداً أخذ القرار على محمل الجد، خصوصاً الرأي العام الفلسطيني.

إلى ذلك، عندما تمنع حركة "حماس" وزراء حكومة الوفاق من مجرد زيارة قطاع غزة، وتضع قيودا على تحركهم هناك، ثم تعلن أنّها لن تحتاج تصديقا من الرئيس لتنفيذ أحكام الإعدام، ويقول رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي محمد فرج الغول إنه "لا أحقية قانونية لاعتراض حكومة رامي الحمدالله على قرارات تنفيذ حكم الإعدام بحق من دانهم القضاء في قطاع غزة بسبب عدم نيلها الثقة من المجلس التشريعي"، فهذا مؤشر آخر على أنّ توقيع "حماس" مع "فتح" اتفاق تشكيل حكومة وحدة وطنية، شأنه شأن الحديث عن وقف التنسيق الأمني، غير جديين، وأنّ "حماس" لا تعترف بحكومة وقعت على اتفاق لإقامتها، ولا بالرئيس، ولا بأي حل تصالحي.

يوجه كل هذا رسالة بأنّ ما يجري من تحركات سياسية، لا يزيد عن كونه "عبثيا"، شأنه شأن المفاوضات التي يُجمع الكل أنها كانت عبثية منذ عشرين عاماً، والتي تجري الاستعدادات لمحاولة العودة إليها بنفس الآليات والوسائل والطرق والمرجعيات القديمة، عبر ما يسمى بوابة المبادرة الفرنسية.

عن الغد الاردنية