إسرائيل و التفجير المتسلسل؟؟؟
تاريخ النشر : 2013-10-12 17:57

 إسرائيل في ظل حكومة نتنياهو التي يملك المستوطنون و المتعصبون فيها الكلمة الأولى و الأخيرة، تدخل المعركة الأخيرة مع مدينة القدس، القدس الشريف، القدس الشرقية، قدسنا و عاصمتنا الأبدية، و إسرائيل التي تصل بالاشتباك إلى ذروته القصوى، تدفع في قلب هذا الاشتباك بكل ما تملك من قوة، سواء قوة السلاح أو قوة المال أو قوة الحلفاء و المؤيدين لها أو قوة الخرافة!!!

و إسرائيل منذ قامت قبل خمس و ستين سنة، تعلم علم اليقين أن أوضاع المجتمع الدولي، و أوضاع المنطقة، لها الدور الحاسم في انتصار الباطل على الحق، و انتصار الخرافة على الحقائق، و انتصار العدوان الغاشم على كل دعوات السلام، و أن المرات القليلة التي تراجعت فيها إسرائيل عن أوهامها، هي نفسها الأوقات التي كان فيها الشعب الفلسطيني في لحظات قوة، مثل الإنتفاضة الأولى، أو آتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته مع "المخربين" في العام 1981، أو في أعقاب حرب أكتوبر عام 1973، حين سجل العرب انتصارهم التاريخي على يد الجيشين المصري و السوري!!! و حين قرر الملك العظيم الشجاع فيصل بن عبد العزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية يرحمه الله، أن يحول الأمة العربية و الأمة الإسلامية على مستوى القرار السياسي العالمي إلى أمة حقيقية و ليس مجرد أمة إفتراضية، فاتخذ قراره الذي جعل أقوى أقوياء الأرض وقتها يرتجفون!!! و من يومها بدأوا يصنعون في مختبراتهم هذا الإسلام السياسي البائس، الضار بالأمة الذي نراه اليوم.

بل إنه حتى عناصر الخلاف داخل المجتمع الإسرائيلي، و هي عناصر موضوعية موجودة دائماً، لا تستطيع أن تعبر عن نفسها إلا إذا كانت إسرائيل تواجه أسئلة صعبة، و في مواجهة هذه الأسئلة الصعبة، تتعدد الإجابات و الرؤى و الرهانات!!! أما في حالتنا الفلسطينية و العربية و الإسلامية الراهنة، فليس هناك أسئلة و بالتالي ليس هناك إجابات متعارضة و لو بالحد الأدنى.

إسرائيل الآن، تمارس ضد الفلسطينيين سياسة التفجير المتسلسل، استفزازات متلاحقة غير قابلة للاحتمال، استفزازات متعمدة موجودة على مستوى قطع أنفاس المفاوضات و جعلها مستحيلة، و إحراق الوقت دون جدوى!!! و استفزازات على مستوى جنون و هوس الاستيطان، و استفزازات على مستوى طرح اشتراطات تافهة مثل الاعتراف بيهودية الدولة!!! و تكرار هذه المقولة على لسان نتنياهو كأنها نشيد الإنشاد!!! و استفزاز على مستوى الممارسات اليومية ضد المواطنين الفلسطينيين منذ أصغر طفل و حتى الرجال العواجيز، ضد الزيتون، و ضد الحقول،ضد مساجد القرى و صوت الآذان ، و تلاميذ المدارس، و ضد حظائر الأغنام!!! أما الاستفزاز الأكبر، و التفجير الأكبر فهو ضد القدس، القدس تنهار بيوتها من أثر الحفريات، و القدس تهدم بيوتها بقوانين شاذة، القدس تخنق، و تصادر، و تقتل، و تمنع فيها مصادر الحياة، بينما المقدسيون أهلها و أصحابها و سدنتها مازالوا صامدين، و هم الأكثر عدداً، ما يزيد عن خمس و ستين بالمئة، و لكن القدس في صمودها الأسطوري، و في قتالها حتى النفس الأخير، و في اشتباكها الذي يفوق الأساطير، القدس تخلق مفارقة حادة و مدهشة إلى حد الصدمة، و المفارقة آن الأمة عربية كانت أم إسلامية تعيش الآن في هذه اللحظات في قاع العجز، تصطخب أذانها بالنداء و لكن لا حياة لمن تنادي، بل أكثر من ذلك، فلو سألت يهودياً في أقاصي الحبشة، من يهود الفلاش، ما الذي يلزم لإقامة الهيكل الخرافة؟؟؟ لأجابك بآلاف من التفاصيل، بينما لو سألت الآلاف من السياسيين و الأكاديميين و المثقفين في هذه الأمة، ما الذي يلزم لكي تصمد القدس، الحاضرة، الحقيقية في مواجهة العداون الإسرائيلي؟؟؟ فسوف تتلعثم الألسنة، و تشل الأيدي، و لا جواب.

الأمة الآن مأخوذة، مسروقة، جعلها إسلامها السياسي تغرق في المستنقعات، صنع لها أولويات كاذبة و زائفة تخدم إسرائيل و ترك القدس خارج كل الأولويات!!! و إسرائيل سعيدة بذلك، تشكر ربها أميرالجند، و تطلق الضحكات.

و لكن حين تنفجر القدس، فلا الضاحك سوف يضل يضحك، و الجاهل سوف يبقى جاهلاً، و لا العاجز سوى ينفعه عجزه، فاستيقظوا من أوهامكم، فقد نفذ الصبر!!! فإلى أين الفرار؟؟؟