الرقابة الصحية والأدوية الفاسدة
تاريخ النشر : 2016-05-24 02:24

مرت القصة الأولى ومضى على مرورها ما يقارب الشهرين ، وربما جال بخاطري أن خطأً فنياً قد حدث سواء من قبل الصيدلي الذي أعطى الحقنة أو من المريض الذي ربما لم يتعامل بالطريقة الصحيحة في أخذ الحقنة ، وساورني شك عندما تحدث المريض عما أصابه من احتقان وتسمم في مكان الحقنة وما صاحب ذلك من ارتفاع في درجة الحرارة وأعراض أخرى لست طبيباً للخوض في تفاصيلها ، ولكن هذا الشك بدأت درجته في الانخفاض عندما قام ذوي المريض بمراجعة الصيدلي صاحب العلاقة بالموضوع وأوضح أن هذه الحقن مستوردة من الصين ، وأنها ربما لم تخضع للتعقيم في الصين، وأن هذا نصيبه أن الإبرة التي استخدمت لحقنه غير معقمة علماً بأنها جديدة .

مضت هذه الحادثة ، وسمعت فيما بعد أن حوادث متكررة من هذا القبيل قد حدثت مع أشخاص آخرين ، سمعت هذا ولم أسمع أن إجراءات صارمة تؤخذ بحق بائعي مثل هذه السلع الفتاكة بالبشر، إلى أن كنت أمس بصحبة مريض في مستشفى الشفاء بمدينة غزة وعندما ذهبنا إلى غرفة المريض كان على السرير المجاور مريضاً آخر يجرى له عملية غسيل للكلى، وعندما سلمنا على المريض وسألناه عن مرضه روى لنا قصته قائلاً أجريت قبل ما يقارب سنة ونصف عملية قلب مفتوح والحمد لله كللت بالنجاح ، وكتب لي الطبيب دواءً أتناوله باستمرار ، وكعادتي كلما نفذ هذا الدواء أذهب للصيدلية لشراء علبة منه ، وهذا ما حصل معي قبل ما يقارب أسبوع ، فقد نفذ الدواء ، وخرجت لشرائه من إحدى صيدليات مدينة غزة ، وأعطاني الصيدلي علبة دواء بديلة لعدم توفر نفس الدواء الذي أتناوله، فما كان منى إلا أن اشتريت العلبة وعدت أدراجي للبيت وبدأت بأخذ الجرعات المقررة ، وما إن استكملت جرعات اليوم الأول حتى أصابني مغص شديد وأعراض أخرى دفعتني لإرسال علبة الدواء لصيدلية أخرى للاستفسار عما إذا كانت هناك أعراض جانبية لهذا الدواء كالأعراض التي حصلت معي بعد تناوله، وكانت المفاجأة أن الصيدلي تحدث باستغراب عن مصدر هذا الدواء ، وأوضح أنه تم جمعه من الأسواق قبل ستة أشهر وإتلافه بعد التحقق من دخول مواد شديدة السمية في تركيبه ، دخل هذا المريض على إثرها المستشفي ومضى عليه خمسة أيام في المستشفي، وقد شخص الأطباء حالته وتم تحديد المضاعفات التي ترتبت على تناول هذا الدواء ، وأنه جاري علاجه جراء ذلك .

وهنا نتساءل ما إذا كان الجشع والطمع هما سبباً وراء أقدام مثل هذه الصيدليات على بيع عقاقير فاسدة ثبتت عدم صلاحيتها للتناول من قبل المرضى ، أم أن انعدام المسئولية بكل أشكالها لدى هذه الفئة تبيح لهم فعل أي شيء يترتب عليه تحقيق مكاسب مادية حتى لو كانت على حساب حياة البشر .

يا قوم إن العدو والصديق يتعامل مع المريض حالة إنسانية يجب إعطاؤه الدواء المناسب لحالته بناء على تشخيص الطبيب المختص ، وإن لم يتوفر الدواء المحدد فلا مجال للاجتهادات .

اتقوا الله في أرواح خلق الله .