الأسئلة الصعبة والخيارات المحتملة (3-3)
تاريخ النشر : 2016-05-20 13:51

الجدل السياسي المحتدم في الساحة الفلسطينية يدور جوهره في الإجابة عن الأسئلة التالية (وقسمتها إلى مجموعتين): ما يطرحه جمهور حركة فتح (وخصصت له المقال الأول)، وما يطرحه جمهور حركة حماس (وخصصت له المقال الثاني)، ويتناول المقال الثالث (الحالي) خيارات الحركتين.

أولًا: خيارات حركة حماس

هناك عدة خيارات لدى حماس، ولكن ليس من الضرورة أن تكون خيارات مؤثرة، فما تحاول أن تقوم به حماس ويساعدها حلفاؤها وأصدقاؤها من الدول والأحزاب؛ فإن حركة فتح وأصدقاءها وحلفاءها من الدول والأحزاب يعملون على تعطيله، وبذلك يراوح المشهد مكانه، ويدفع سكان قطاع غزة ثمن هذا الصراع المحتدم بين الإخوة الأعداء.

1- خيار المصالحة: قد يكون الخيار الأقل تكلفة لحركة حماس، وبه تستعاد الوحدة الوطنية على قاعدة الشراكة، ولكن هذا الخيار فشل وتعطل عشرات المرات، ما يؤكد أن خيارات الطرف الآخر بعيدة عن المصالحة.

2- خيار الذهاب غير المشروط إلى الانتخابات: وهي أن تقبل الحركة الذهاب إلى انتخابات لكل المؤسسات السياسية دون شروط، وقد يمثل هذا الخيار لحماس خروجًا آمنًا من المشهد، كونها ستشكل وزنًا محترمًا في المؤسسات السياسية في حال عدم فوزها أصلًا، ولكن يبقى هذا الخيار دون حل المشاكل الناتجة عن الانقسام أمرًا محفوفًا بالمخاطر.

2- خيار كسر الحصار: وهو خيار تعمل عليه الحركة منذ زمن مع تركيا وقطر، وغيرها من الدول والمنظمات الأممية، وحتى اللحظة يلقى معارضة إقليمية وفلسطينية.

3- خيار الانفجار: بغض النظر عن شكل واتجاه الانفجار إنه خيار غير مضمون النتائج.

4- خيار الفراغ: أن تنسحب حماس من كل المؤسسات ومن الحدود وتترك فراغًا سياسيًّا وأمنيًّا، وهذا خيار عدمي لا قيمة له، فالفوضى التي ستعم غير معلومة الاتجاهات، وربما تبقى حبيسة الحدود في قطاع غزة.

5- خيار فتح قناة تفاوض مباشرة مع الاحتلال: هذا الخيار محتمل بتوظيف ورقة الجنود الصهاينة في كسر الحصار وبناء الميناء والمطار؛ فالشعب الفلسطيني بالقطاع أسير داخل الحدود، ولا يعيب المقاومة أن تضع ملف الحصار ضمن صفقة وفاء الأحرار (2).

6- خيار دولة غزة: أن تذهب حماس بعيدًا بإعلانها قطاع غزة منطقة محررة، وفيه تقيم الحركة دولتها بالتوافق مع بعض الدول الأخرى، وتبدأ إجراءات بناء مؤسسات الدولة بمفهومها الشامل.

ثانيًا: خيارات حركة فتح والرئيس عباس

كلٌّ يدرك أن الرئيس عباس وحركة فتح يريدان مصالحة فلسطينية على أساسين تحدث عنهما عباس سابقًا، وهما: سلاح شرعي واحد وسلطة شرعية واحدة، وفي ضوء ذلك لا مصالحة على أقل تقدير في عهد عباس، وعليه ستتلخص خيارات حركة فتح في محور واحد ووحيد، وهو استعادة قطاع غزة على قاعدة الأساسين السابقين.

1- خيار استعادة غزة بتكثيف الضغط الذي سيولد الانفجار بوجه حماس:

هذا خيار قوي تلعب عليه السلطة وحركة فتح، ولم يعد الحديث به اتهامًا، فقد نطق بذلك عزام الأحمد في أكثر من تصريح إعلامي، أن الكهرباء لن تعود دون عودة الشرعية، وأن الميناء مرفوض (... إلخ).

لكن بعد عشر سنوات لم ينفجر القطاع، ما يدفع القيادة الفلسطينية إلى التفكير في خيار ثالث أقل تكلفة وأكثر حضارة ورقيًّا، وهو الخيار الثالث.

2- خيار استعادة غزة بالاستعانة بقوة خارجية:

لاشك أن هذا الخيار محرج، ومن الصعب أن تقبله حركة فتح أو السلطة الفلسطينية، وإن قال بعضٌ: "إن ذلك ممكنًا"؛ فإنه خيار صفري عدمي.

3- خيار الحب:

منذ أحداث حزيران (يونيو) 2007م لم تجرب القيادة الفلسطينية مع قطاع غزة خيار الحب، خيار الكبار، خيار التسامح، خيار العون والإغاثة والإنسانية، وهذا يطرح تساؤل: إن استوعبت السلطة الخريجين في وظائفها، ودعمت وعززت صمود العمال، وعملت على إنهاء مشكلة الكهرباء والمعابر، وتعاطت مع غزة وكأنها هي التي تحكمها عن بعد؛ فماذا سيكون رد أهالي قطاع غزة؟، سؤال برسم الإجابة.

ولكن سيلقى هذا الخيار تحديات مرتبطة بموازنة السلطة الفلسطينية، ومتطلبات المجتمع الدولي، والكيان العبري، وجماعات المصالح التي تريد أن يساهم العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني في دفع شعبنا إلى الكفر بالمقاومة وكسر الحاضنة الشعبية لها.

ولما كانت أغلب الخيارات عدمية وتصطدم بتحديات كبيرة، ولما كان كلا الطرفين مأزومًا عليه؛ فإنني أضع الخيار التالي بين يدي الجميع:

الخيار الأمثل للخروج من عنق الزجاجة مصالحة وطنية على قاعدة واحدة ووحيدة، وهي: حل شامل للمؤسسية الفلسطينية (الفصائل، ومنظمة التحرير، والمجتمع المدني)، يرافقه استقالات جماعية للقيادة الفلسطينية، وقادة فصائل العمل الوطني والإسلامي، ودعوة المجتمع الدولي لتحمل مسئولياته، وإلقاء الكرة الملتهبة في حضن نتنياهو وحكومته ليتحملا مسئولياتهما في الضفة الغربية وقطاع غزة.

 

 

 

[email protected]