أبرز ما تناولته الصحافة العبرية19/05/2016
تاريخ النشر : 2016-05-19 15:22

زحف هرتسوغ الى حكومة نتنياهو باء بالفشل.. وليبرمان يطرد يعلون من وزارة الأمن

احتل التطور السياسي الاخير، في مساعي نتنياهو لتوسيع حكومته، عناوين كافة وسائل الاعلام الاسرائيلية وتحليلات المعلقين، بين مؤيد ومعارض لقرار نتنياهو تعيين افيغدور ليبرمان وزيرا للأمن، بدلا من موشيه يعلون، وما تبع ذلك من اهانة شديدة لزعيم المعسكر الصهيوني، يتسحاق هرتسوغ الذي باء زحفه الى الحكومة بالفشل، وبدلا من مهاجمة نتنياهو على هذه اللعبة، خرج لمهاجمة رفاقه الذين عارضوا الانضمام الى الحكومة، خاصة منافسته شيلي يحيموفيتش، مسؤولية وصول ليبرمان الى وزارة الأمن.

واستعرضت الصحف بتوسع التطورات الدرامية التي وقعت الليلة قبل الماضية، وامس الاربعاء، وغيرت بما يشبه "الانقلاب" حسب وصف "يسرائيل هيوم" الصورة السياسية بشكل مطلق، ووجهت صفعة مدوية ليس لهرتسوغ فحسب، وانما للمساعي الدولية والعربية (تحركات بلير وخطاب السيسي) لدفع هرتسوغ الى داخل الحكومة تمهيدا لإخراج العملية السلمية من جمودها.

وكتبت "هآرتس" في هذا الصدد ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، عرض على رئيس حزب "اسرائيل بيتنا"، ليبرمان، امس، الانضمام الى الحكومة مقابل الحصول على حقيبة الأمن، فاعلن ليبرمان موافقته. وقالت مصادر حزبية في اعقاب جولة المفاوضات الاولى بين الحزبين، امس، انه "لا توجد فجوات بين الطرفين. وان المهمة الأساسية الآن هي انهاء الجوانب المالية، المتعلقة بالاتفاق، مع وزير المالية موشيه كحلون، وفي مركزها تقديم قروض اسكان بنسبة 90% من ثمن المنزل (للأزواج الشابة) ودفع مخصصات التقاعد (للمهاجرين الروس).

وبعد توضيح ليبرمان بأنه لا يرفض انضمام حزبه الى الائتلاف، دعاه نتنياهو لجلسة عاجلة، تم خلالها الاتفاق على تشكيل طاقمي مفاوضات لدفع الخطوة. وعين نتنياهو وزير السياحية يريف ليفين لرئاسة طاقم الليكود، والذي التقى في المساء مع ليبرمان وموشيه ليؤون. واجتمع نتنياهو بوزير الامن موشيه يعلون، قبل اجتماعه بليبرمان، لكنه ابلغه في وقت متأخر فقط بأنه ينوي التجاوب مع طلب ليبرمان استبداله في الوزارة.

وأعرب البيت اليهودي عن رضاه ازاء التقدم في الاتصالات مع ليبرمان، ورضاه بشكل خاص من اقصاء يعلون عن وزارة الأمن لصالح ليبرمان. وقالوا في الحزب ان "هناك اجماع على ان يعلون هو كارثة للأمن. وسيخرج يعلون ويدخل مكانه ليبرمان الذي كان له دور ناشط في المظاهرات دعما للجندي اليؤور أزاريا. وسيدخل هذا المفهوم الى الجهاز الامني وهذا افضل بما لا يقاس من يعلون".

وأضافوا في البيت اليهودي ان "انضمام ليبرمان ممتاز. ستكون هذه حكومة يمين عميقة، الاكثر يمينية في تاريخ اسرائيل. دخوله سيحقق لنا الاستقرار لعامين آخرين، لأن ليبرمان يحضر معه انضباطا ائتلافيا، خلافا لما يحدث في احزاب اخرى". كما رحب وزير الصحة يعقوب ليتسمان (يهدوت هتوراه) بالاتصالات طالما لم تتغير الخطوط العريضة للحكومة في قضايا الدين والدولة.

وقال ليبرمان خلال مؤتمر صحفي عقده في الكنيست صباح امس، انه "اذا حصلنا على تجاوب مع مسائل مركزية، فمن المؤكد ان هناك ما يمكن الحديث عنه". وسبق هذا التصريح اتصالات اجراها اعضاء من الائتلاف مع ليبرمان  طوال عدة اسابيع. وقد جرت الاتصالات بدون معرفة نتنياهو في البداية، وساد لدى المتحدثين معه الانطباع بأنه ليس معنيا بالانضمام الى الحكومة. لكنه في الأيام الأخيرة تغيرت لهجة ليبرمان، وفي المقابل تم اطلاع نتنياهو على الاتصالات مع ليبرمان فرحب بها رغم العداء الشخصي بينهما. وخلال الاتصالات طلب من ليبرمان تخفيف مطالبه في قضايا الدين والدولة. والمح ليبرمان خلال المؤتمر الصحفي بأنه مستعد للتنازل عن مطالبه هذه، وقال "من الواضح لنا انه لا يمكننا تحقيق نسبة 100 بالمئة من المطالب. في موضوع الدين والدولة مطالبنا واضحة، لكنه من الواضح لنا بأن الاحزاب الدينية هي جزء من الائتلاف".

ورحب مسؤولون كبار في الليكود بالاتصالات الجارية لضم ليبرمان الى الحكومة. وقال الوزير زئيف الكين انه "من المفضل بناء حكومة مستقرة للمعسكر القومي، بما يتفق مع وعودنا للناخبين، على التوجه لإقامة حكومة وحدة خيالية، لن تكون مستقرة وستمس بالليكود وبالمعسكر القومي وبثقة الجمهور الاسرائيلي في الجهاز السياسي". ودعا الوزير ياريف ليفين، ليبرمان الى انهاء المفاوضات عاجلا "من اجل اقامة حكومة قومية مستقرة تقوم على المبادئ التي انتخبنا باسمها". واعتبر وزير المواصلات يسرائيل كاتس، ووزير البنى التحتية يوفال شطاينتس، حزب اسرائيل بيتنا "شريكا طبيعيا لتحقيق الاستقرار للحكومة".

وتحفظ الوزير بيني بيغن من هذا التعيين، وقال للقناة الثانية ان "فكرة تعيين ليبرمان لمنصب وزير الامن هي فكرة جنونية. هذه الخطوة تعكس غياب المسؤولية ازاء الجهاز الامني وكل مواطني اسرائيل. رئيس الحكومة يفضل كما يبدو، استبدال المصاعب اليومية الناجمة عن ادارة ائتلاف مقلص، بمصاعب اكبر واكثر خطورة سيسفر عنها هذا التعيين السيء".

المستوطنون وراء اعادة ليبرمان الى الحكومة

في هذا الصدد تلخص "يديعوت احرونوت" التطورات السياسية في تقرير جاء فيه انه بعد أيام طويلة من الاتصالات لتوسيع الائتلاف بين رئيس الليكود بنيامين نتنياهو، ورئيس المعسكر الصهيوني، يتسحاق هرتسوغ، وقع امس الانفجار السياسي – الذي كان يمكن رؤية نتائجه على وجه هرتسوغ العابس في ساعات المساء، والابتسامة العريضة التي عرضها رئيس "اسرائيل بيتنا" افيغدور ليبرمان. وهكذا من محاولة تشكيل حكومة وحدة، يبدو انه تم، امس، الاتفاق على التفاصيل النهائية لتركيبة الحكومة الاكثر يمينية في تاريخ اسرائيل، وتعيين اول وزير للأمن يقيم في مستوطنة.

وتضيف ان محاولة هرتسوغ الزحف الى حكومة نتنياهو استقبل في صفوف اليمين كتهديد لمشروع الاستيطان، لأسباب من بينها مطلب رئيس المعسكر الصهيوني من نتنياهو الالتزام خطيا بحق الحزب بمعارضة البناء في المستوطنات. لقد قرر وزير الاستيعاب زئيف الكين، ورئيس المجلس الاقليمي شومرون، يوسي دغان، قيادة خطوة مضادة، وبمساعدة وزير السياحة ياريف ليفين، وناشط الليكود في يهودا والسامرة شيبح شطيرن، طلبوا من رئيس الحكومة منحهم الضوء الاخضر لفحص امكانية انضمام ليبرمان الى الحكومة. وصادق نتنياهو على ذلك، وبدأت هذه الخطوة بالنضوج في الأيام الأخيرة. وفي المقابل، وبهدف دفع هذه الخطوة، منح اليكن، يوم الجمعة، لقاء لصحيفة "يديعوت احرونوت" شن من خلاله هجوما شديد اللهجة على ضم هرتسوغ الى الحكومة، وحذر من ان هذه الخطوة ستعزز ليبرمان.

لقد شكك الكثير في صفوف الليكود بأن هذه الخطوة ستنتهي بتوسيع الائتلاف. فخلال السنة الأخيرة، منذ قرر نتنياهو الابقاء على ليبرمان في المعارضة، لم يتوقفا عن اهانة بعضهما البعض – وقبل شهر ونصف فقط وصف ليبرمان رئيس الحكومة بأنه "كاذب، مخادع وماكر"، بينما قالوا في الليكود عن ليبرمان بأن "الرصاصة الوحيدة التي صفرت قرب اذنه كانت طابة التنس، وهو لم يقد أي جندي في ساحة الحرب، ولا يمكنه ان يصبح حتى محلل عسكري".

ليبرمان لم يثق بنتنياهو واشتبه باستغلاله من اجل تخفيض ثمن هرتسوغ. لكن ضغط ممثلي اليمين كان مكثفا، حيث هددوا بأن دخول هرتسوغ الى الحكومة سيؤدي الى استقالة ممثلي تكوماه، اوري اريئيل وبتسلئيل سموطريتش، والى وضع يصبح فيه استقرار الحكومة منوطا بهرتسوغ. عندما سألوا ليبرمان ما الذي سيكفل انضمامه الى الحكومة، كان الجواب "حقيبة الأمن" – ورغم ان نتنياهو لم يحب ذلك الا انه استجاب في نهاية الامر، وفي اعقاب ذلك كشفت "يديعوت احرونوت" امس، بأن حقيبة الامن مطروحة على طاولة المفاوضات الائتلافية.

الانقلاب

صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من نتنياهو، كانت الاكثر ابتهاجا بهذه النتيجة، وتوجت صفحتها الاولى بعنوان "انقلاب". وكتبت بأنه بعد يوم سياسي مشبع بالدراما والتقلبات، يبدو ان رئيس الحكومة سيعرض في الأسبوع المقبل تركيبة الائتلاف الجديد الذي سيضم 67 نائبا، وذلك بعد استكمال الاتصالات لضم حزب "اسرائيل بيتنا" برئاسة افيغدور ليبرمان، المتوقع تعيينه وزيرا للأمن.

ويتضح من الاتفاق المتبلور بأن ليبرمان سيتسلم حقيبة الامن، والنائب صوفا لاندفر حقيبة الاستيعاب. وكما يبدو سيحصل ليبرمان على حرية التصويت في موضوع قانون التجنيد، كما سيتم صياغة خطوط عامة في موضوع التهويد والزواج كما كان في الحكومة السابقة. وطلب ليبرمان خلال اول جلسة للمحادثات امس، منصب نائب وزير الامن ايضا، ورئاسة لجنة برلمانية. كما يطالب بتمرير قانون الاعدام للمخربين وقانون ترتيب التقاعد، وقروض الاسكان بنسبة 90%.

التغييرات المتوقعة في الحكومة

تكتب "هآرتس" انه من المتوقع ان يقود دخول اسرائيل بيتنا الى الائتلاف الحكومي الى اجراء تغيير في تركيبة الحكومة وسياستها. وحسب مسؤول كبير في الليكود، فان تعيين ليبرمان وزيرا للأمن، سيسبب تغييرات كبيرة في الحقائب الوزارية. فنتنياهو يميل لمنح حقيبة الخارجية لموشيه يعلون، فيما سيتخلى الوزير زئيف الكين عن حقيبة الاستيعاب مقابل حقيبة الاقتصاد المقلصة، وسيتم نقل ملف العمل لمسؤولية وزير الرفاه حاييم كاتس. ويطمح بحقيبة الاقتصاد ايضا، ياريف ليفين، امين سر نتنياهو، وقائد المفاوضات مع ليبرمان. كما تريد ميري ريغف تسلم هذه الحقيبة. ومن المحتمل ان يطلب ليبرمان تعيين النائب اورلي ليفي اباكسيس لمنصب رئيسة لجنة العمل والرفاه، كما فعل خلال المفاوضات بعد الانتخابات.

في مجال التشريعات، يطالب ليبرمان بسن قانون الاعدام للمخربين. ويحظى هذا القانون بدعم من قبل وزراء الليكود والبيت اليهودي، لكن نتنياهو صده عندما امر وزراء الليكود بمعارضته في اللجنة الوزارية لشؤون القانون. وكانت اللجنة قد قررت في تموز الماضي تشكيل طاقم حكومي لصياغة نص متفق عليه للقانون، برئاسة الوزير ياريف ليفين. ولم يتم صياغة النص وتم دفن القانون. واثر ذلك قام ليبرمان بطرح نصه للقانون للتصويت في الهيئة العامة مباشرة، بهدف احراج وزراء الليكود والبيت اليهودي.

ويهدف هذا القانون الى التسهيل على المحاكم العسكرية في فرض الحكم بالإعدام، الوارد ذكره في القانون العسكري. ويحدد احد بنوده بأنه يمكن للمحكمة فرض الاعدام ايضا في حال عدم اتخاذ القرار بالإجماع، وانما بمجرد غالبية ضئيلة في التركيبة القضائية.

ليبرمان اعلن امس، بأنه تراجع عن مطالبه بشأن دفع قوانين في قضايا الدين والدولة، كي لا يدخل في صدام مع الأحزاب الدينية. واكد مصدر في الليكود ان ازالة هذه المقترحات عن جدول الاعمال كان احد الشروط الاساسية التي طرحها الليكود لضم ليبرمان الى الحكومة. وهذا يعني تخلي ليبرمان عن دفع قانون حلف الزواج واعادة اصلاحات التهويد وتجنيد المتدينين الى جوهرها السابق.

الوزير الذي قد يعتبر اكبر خاسر من ضم ليبرمان الى الحكومة، هو وزير المالية موشيه كحلون، رئيس حزب كلنا". لقد عمل كحلون منذ تشكيل الحكومة، وبشكل كبير في الآونة الأخيرة، من اجل ضم المعسكر الصهيوني الى الحكومة من اجل تليين مواقفها، خاصة بالنسبة للمحكمة العليا والتشريعات القانونية. ومن المتوقع ان يبقى كحلون الان الجهة المعتدلة الوحيدة في الائتلاف.

بالنسبة لقضاة المحكمة العليا، وفي ضوء حقيقة ان اربعة منهم سيستقيلون في 2017، سيكون تعيين قضاة جدد احدى التحديات التي ستواجه الحكومة، خاصة وان وزيرة القضاء اييلت شكيد اعلنت بأنها تنوي تعيين قضاة محافظين، ما سيؤثر على الطابع القضائي للمحكمة.

يشار الى ان ممثلي الكنيست في لجنة تعيين القضاة، حاليا هم نوريت كورن من الليكود، ممثلة الائتلاف، وروبرت اليطوف (يسرائيل بيتنا) ممثل المعارضة حاليا. ولكن في حال دخول حزب اليطوف الى الائتلاف ستفقد المعارضة تمثيلها، لأن القانون لا يلزم اليطوف على الاستقالة لأنه تم انتخابه من قبل الكنيست، حسب ما تقوله كورن، التي تضيف انه فقط اذا تم تعيين اليطوف لمنصب وزير، ستكون هناك امكانية لإعادة فحص الامر.

مطالبة هرتسوغ بالاستقالة

وفي السياق نفسه تنشر "هآرتس" تقريرا حول ما يحدث في حزب العمل في اعقاب فشل المفاوضات لضم المعسكر الصهيوني الى الحكومة، وتكتب انه ارتفعت امس، اصوات تطالب رئيس الحزب يتسحاق هرتسوغ بالاستقالة. وخلال مؤتمر صحفي عقده هرتسوغ امس، هاجم بشدة رئيسة حزب العمل سابقا، شيلي يحيموفيتش وصرح بأنها "موقعة" على تعيين ليبرمان وزيرا للأمن، وستتحمل المسؤولية عن ذلك.

وقال هرتسوغ: "اعلنت يوم امس عن وقف المفاوضات لأننا توصلنا الى طريق بلا مخرج، بعد سلسلة من الاتفاقات بعيدة المدى". وقال ان نتنياهو رفض تدوين ما تم التوصل اليه على الورق. وادعى ان  نتنياهو وافق على البدء فورا بمفاوضات سياسية وعقد مؤتمر سلام اقليمي. كما قال ان نتنياهو وعده بحقائب الامن والخارجية والاقتصاد، وستة حقائب اخرى؛ وخمسة مناصب نائب وزير واربعة رؤساء لجان برلمانية، تشمل الخارجية والامن، وكذلك حق النقض في موضوع البناء في المستوطنات، والقوانين المعادية للأقليات، و"انجازات اقتصادية – اجتماعية بعيدة المدى"، من بينها قيادة مخطط الغاز.

وهاجم هرتسوغ بشدة زميلته يحيموفيتش، وقال: "في الأِشهر الأخيرة، بل في الاسبوع الاخير، توسلت يحيموفيتش للحصول على منصب وزاري في حكومة بيبي. هي بالذات التي قادت حزب العمل في السابق، بدون نجاح بارز، لم تستخلص العبر. لقد ابعدت جمهورا كبيرا من انصار الحزب بسبب مواقفها اليسارية المتزمتة التي لا تعكس مفاهيمنا".

وواصل هرتسوغ قائلا: "انتم الذين تعظون ليلا ونهارا على التحدث مع اكبر اعداء اسرائيل منعتم بكل الطرق فرصة لتحقيق تغيير تاريخي ومنع الثكل فقط لأن المقصود مفاوضات مع رئيس الحكومة – وكل هذا دون ان تعرفوا شيئا عنها. كانت المسألة امرا ضميريا، من خلال الايمان بأن علي فحص الامكانية واستخلاصها حتى النهاية. منذ الان وصاعدا ستضطر دولة اسرائيل الى مواجهة حكومة تدير سياسية شبه جنونية وهذا ما سعيت لمنعه".

واوضح هرتسوغ بأنه لا ينوي الاستقالة، وانما مواصلة قيادة المعارضة. وقال ان "على نتنياهو ان يتذكر ان هذا هو اليوم الذي تخلى فيه عن فرصة تاريخية لقيادة تغيير كبير في حياتنا". واضاف: "لقد انهينا هذا الفصل (المفاوضات)، ووجهتنا الان هي تغيير حكومة ليبرمان – بينت. لن نسمح لها بأي يوم من الهدوء، سأوحد القوى والنشطاء من اجل استبدالهم. والى جانب ذلك لن نسمح بجماح يسار راديكالي عنيف".

وفي تعقيبها على اتهامات هرتسوغ نفت يحيموفيتش ان تكون قد طلبت تعيينها وزيرة واوضحت معارضتها للانضمام الى الحكومة. وقالت: "شاهدنا تظاهرة بائسة، محبطة ومؤسفة تجلى فيها غياب القيادة وصفر من تحمل المسؤولية من قبل من فرش بنفسه البساط الاحمر امام ليبرمان ومنح الشرعية المطلقة لحكومة اليمين، حين ابدى استعداده للانضمام اليها بكل ثمن". واضافت ان "هرتسوغ يكذب حين يحصى رسميا انجازات واهية لم تكن، وهو يعترف بأن نتنياهو رفض تدوينها خطيا. وهو يكذب حين يتحدث عن "توسل منصب وزاري". منذ البداية اقترحوا علي منصب اعلى وزيرة من اجل الحصول على دعمي لهذه الخطوة، وقد رفضت ذلك تماما حين فهمت ان ما يحدث هو زحف مخجل وبدون أي شروط الى الحكومة. خروجي للنضال العلني كان بلا مفر. اللهجة الهجومية المصطنعة لهرتسوغ، لن تخفي الخجل والضرر".

كما انتقد النائب يوسي يونا تصريحات هرتسوغ، وقال: "بدلا من القاء الروث على رفاقه في الكتلة، يجب على هرتسوغ تحمل المسؤولية عن الفشل المخجل والمدوي للخطوة التي قام بها". وطالب يونا بتحديد موعد للانتخابات الداخلية في الحزب من اجل انتخاب رئيس جديد.

وكتبت ستاف شفير ان "على هرتسوغ الذهاب الى البيت". ووصفت المفاوضات التي اجراها مع نتنياهو بأنها لا يمكن الصفح عنها. واضافت: "لم يعد مهما ما اذا سيزحف هرتسوغ الى داخل الحكومة ام لا. النتيجة العملية هي انه فقد ثقة الجمهور وثقة غالبية اعضاء الحزب. من كان شريكا في الزحف المحرج الى داخل اسوأ حكومة في تاريخ اسرائيل يجب ان يضع المفاتيح على الطاولة".

كما طالب النائب ميكي روزنطال هرتسوغ بتسليم المفاتيح والاستقالة من منصبه نهائيا. وقال انه "لا يمكن لحزب العمل ترميم نفسه طالما بقي في قيادته شخص تصرف بشكل هاو

الليكود كان على وشك التوقيع مع هرتسوغ

في السياق نفسه تكتب "هآرتس" في نبأ مستقل، نقلا عن مصدر رفيع في الليكود، بأن ممثلي الحزب كانوا ينوون توقيع اتفاق ائتلافي مع ولعب الى ايدي نتنياهو الذي استخدمنا والقى بنا للكلاب". هرتسوغ، في ليلة الثلاثاء – الاربعاء. وقال المصدر: "حتى اللحظة التي عقد فيها ليبرمان مؤتمره الصحفي لم يصدق احد في ديوان نتنياهو بأنه جدي وانه لا يحاول تخريب الاتصالات مع هرتسوغ". وحسب اقواله فان "عدم الثقة ازاء ليبرمان كانت كبيرة جدا الى حد ان الليكود كان ينوي توقيع الاتفاق مع المعسكر الصهيوني في الليلة التي سبقت المؤتمر الصحفي. لكن الخلافات مع هرتسوغ فجرت الموضوع".

واعتقدوا في الليكود، في نهاية الامر، بأن انضمام ليبرمان سيكون افضل من التعاون مع المعسكر الصهيوني. فقد تم التعامل مع ليبرمان كأنه يمكنه تحقيق الاستقرار للحكومة، مقابل حزب يتسحاق هرتسوغ الذي كان يتوقع دخوله في مواجهات كثيرة مع البيت اليهودي. والسبب الآخر كان سياسي: ليبرمان الذي اكثر من مهاجمة نتنياهو عزز قوته بشكل كبير في الرأي العام اليميني والاستطلاعات. ويأمل الليكود بأن يسهم دخوله الى الائتلاف بتخفيف انتقاداته لسلوك الحكومة وصد هذا التوجه.

يشار الى ان ليبرمان رد في بداية الأسبوع على قول نتنياهو بأنه يسعى لضمه الى الحكومة، بأن هذه مجرد "اسافين"، وانتقد الحكومة واوضح "حين يتم التوجه الينا بشكل جدي وحقيقي فسنتعامل مع الموضوع". واعتقدوا في الائتلاف بان نتنياهو قصد الضغط على هرتسوغ لكي يخفف شروطه.

خيبة امل مصرية

في اطار التعليق على هذا التطور وانعكاسه على المبادرة التي طرحها الرئيس السيسي، امس الاول لتحريك العملية السلمية، تكتب "يديعوت احرونوت" نقلا عن المقربين من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، انهم ردوا بغضب واحباط على ما وصفوه بالبازار السياسي الذي يجري على حساب العملية السلمية. وقال مصدر سياسي مصري رفيع: "نحن بالطبع لا نتدخل في السياسة الداخلية لإسرائيل. نحن نتابع وندرس خطواتنا. يجب الاعتراف بأننا اصبنا بصدمة حقيقة: بدأنا مع هرتسوغ وانتهينا مع ليبرمان".

واضاف المصدر المصري: "نتنياهو نجح هذه المرة بمفاجأتنا في اللحظة الأخيرة. لقد تعودنا المفاجآت من الجانب الإسرائيلي، لكننا لم نستعد هذه المرة لهذه  المفاجأة السيئة." يشار الى ان النائب ليبرمان يعتبر خطا احمر في مصر منذ هدد في عهد الرئيس حسني مبارك بقصف سد اسوان، ووجه انتقادا ساما الى جوهر السلام مع مصر ورئيسها مبارك حين قال "اذا لم يشأ الحضور الى إسرائيل فليذهب الى الجحيم". وفي حينه اعلن وزراء الحكومة المصرية بأن ليبرمان بالنسبة لهم هو شخصية غير مرغوب فيها ولن يتم دعوته الى مصر.

واوضح المستشار السياسي المصري الكبير، بان الرئيس السيسي لن يتراجع عن مبادرة السلام التي عرضها امس الاول، "لكن كل ما سيحدث الآن على الحلبة السياسية في اسرائيل سيعلم مصر درسا هاما: يجب ان نتصرف بحذر، ببطء والمطالبة بضمانات ومراقبة من قبل طرف ثالث لكل خطوة ولكل قرار يتم اتخاذه".

وظهرت في وسائل الاعلام المصرية، امس، ردود فعل مختلطة. وسأل احد المقدمين لبرنامج تلفزيوني شهير: "ما الذي تريده يا سيسي، هل تريد نتنياهو في سريرك؟"، فيما نصح الصحفي المخضرم ابراهيم عيسى الرئيس السيسي "باحباط" نتنياهو ووزراء اليمين، من خلال تكرار ما فعله الرئيس الراحل انور السادات، بالحضور لإلقاء خطاب في الكنيست الإسرائيلي.

ادانة فلسطيني بقتل جندي

كتبت "هآرتس" ان المحكمة المركزية في تل ابيب، ادانت امس، نور الدين حايشة (20 عاما) من نابلس، بقتل الجندي الموغ شيلوني. وسيتم فرض الحكم على حايشة في وقت لاحق. وقد وقع الهجوم الذي اسفر عن قتل الموغ في 10 تشرين الثاني 2014، بالقرب من محطة القطار في تل ابيب، حيث قام حايشة بطعن الجندي عدة مرات واصابته بجراح بالغة، ومن ثم هرب الى بناية تبعد مسافة 150 مترا من هناك، حيث اعتقلته قوة من "اليسام".

وكان حايشة قد نفى في البداية التهمة الموجهة اليه، لكنه عاد واعترف بفعلته فجأة، وقال انه قتل شيلوني "بسبب ما يفعله حاخاماتكم في المسجد الأقصى".

تجربة ناجحة لنصب القبة الحديدية على سفينة حربية

تكتب "يديعوت احرونوت" انه بعد خمس سنوات من اول اعتراض للصواريخ نفذته القبة الحديدية، حقق الجيش خطوة متقدمة في قدراته العسكرية، حيث كشف، امس، عن اجراء تجربة ناجحة في شباط الماضي، لمنظومة الاعتراض الصاروخي التي تم نصبها على متن سفينة.

وكان الجيش قد نصب هذه المنظومة قبل ثلاثة اشهر، على متن سفينة صواريخ اسرائيلية من طراز ساعر 5، وابحرت السفينة لمسافة 32 كلم من الشاطئ، وتم في المقابل اطلاق ثلاثة قذائف تشبه صواريخ "غراد" لمسافة 40 كلم باتجاه البحر. ورصد الرادار الذي تم تركيبه على السفينة هذه القذائف وقام باعتراضها، تماما كما تفعل منظومة القبة الحديدية المنصوبة على الأرض. وتم تفجير القذائف ليعلن الجيش عن نجاح التجربة.

وينوي الجيش خلال الاشهر القريبة مواصلة تجهيز منظومات القبة الحديدية الملائمة للسفن الحربية، ليتم تركيبها على متن السفن بشكل دائم. كما ينوي تركيب هذه المنظومة على متن سفن "ساعر 6" المرتقب وصولها من المانيا، بعد عدة أشهر.

وقال قائد سلاح البحرية، الجنرال رام روطبرغ، امس، ان "سلاح البحرية يوسع قدراته الى ابعد من الحدود البحرية. نحن نستغل الجبهة البحرية لصالح الحسم العسكري في المعارك البرية ايضا. كجزء من خطتنا الكاملة، لدينا مفاهيم بحرية عليا تتمحور حول الجهود الدفاعية والهجومية. في الجهود الهجومية يجري الحديث عن توجيه اصابات دقيقة للعدو، وفي الجهود الدفاعية، كما يمكن ان نرى، يجري الحديث عن قبة حديدية على احدى سفننا. وهذه اداة اخرى استعدادا للحرب القادمة".

وستكون المهمة الأساسية للقبة الحديدية المنصوبة على متن السفن الحربية، الدفاع عن حقول الغاز الإسرائيلية في مواجهة صواريخ وقذائف حماس، في اعقاب محاولة حماس الفاشلة في الجرف الصامد، اصابة هذه الحقول.

ايزنكوت: "لا نلاحق الجندي أزاريا وانما نبحث عن الحقيقة"

تكتب "يسرائيل هيوم" ان رئيس الأركان غادي ايزنكوت، تطرق امس، الى قضية الجندي اليؤور أزاريا، الذي اطلق النار في الخليل وقتل الفلسطيني الجريح، وقال ان محاكمته لا تستهدف ملاحقته وانما الوصول الى الحقيقة.  وكان ايزنكوت يتحدث مع طلاب الكلية العسكرية "بني دافيد" في مستوطنة عيلي. وقال: "يوجد تحقيق ويجب الثقة بأن هذا التحقيق لا يستهدف ملاحقة الجندي وانما البحث عن الحقيقة. اذا اردنا ان نكون جيشا يتمتع بالأخلاق والقيم، لا يمكن لكل واحد عمل ما يرتئيه".

وأضاف رئيس الأركان: "كنا نريد لقادة الجيش ان يحددوا موقفا في المكان الذي تصرف فيه جندي خلافا للمعايير القيادية والاخلاقية والقيم. انا اثق بجهاز التحقيق العسكري كما اثق بقيادة الوحدات".

وبالنسبة للتهديدات على الحدود الشمالية، قال ايزنكوت، ان حزب الله بنى قدرات كبيرة جدا، تملك مثلها القليل من الدول في العالم من ناحية القدرات الصاروخية التي تعرف كيف تصيب الاهداف على المدى القصير والمتوسط والطويل". مع ذلك قال انه امام هذه القدرات "قامت اسرائيل في العقد الاخير ببناء قدرات مثيرة ذات جاهزة عالية".

مقالات

اقصاء يعلون وتعيين ليبرمان: نتنياهو يسعى لتقزيم الجيش من اجل الحفاظ على سلطته

يكتب يوسي فورتر، في "هآرتس" انه حتى في مصطلحات السياسة الاسرائيلية التي لا تعرف الخجل، كان اليوم الذي بدأ بالحديث عن مؤتمر السلام الاقليمي بإدارة هرتسوغ، وانتهى باقتراح بتعيين بلطجي الحي، افيغدور ليبرمان، وزيرا للأمن، كان من الأيام الفظيعة وغير المتوقعة. اقصاء يعلون من مكتبه في مقر وزارة الامن في "الكرياه"، في تل ابيب، يمكن ان ينطوي على تفسير منطقي واحد: تخوف بنيامين نتنياهو الزائد من المسار الخيالي يعلون – ايزنكوت – جولان، وبقية قادة القيادة العامة الذين يطلق كل واحد منهم، بدوره وبطريقته، اصوات عقلانية، ديموقراطية واخلاقية، تعتبر في ديوان نتنياهو ومقر اقامته الرسمي كتهديد وتحدي لسلطة العائلة القيصرية.

يعلون لا يشكل تهديدا سياسيا حقيقيا لنتنياهو؛ فقوته في الحزب ليست كبيرة، وفي كل الاحوال تم التحديد مسبقا، بأن مرشح الليكود في الانتخابات القادمة سيكون رئيس الحزب الحالي. ولكن تحول يعلون الى بطل اعلامي، واللغة المشتركة بينه وبين قادة الجيش ووقوفهم امامه في قضية الجندي اليؤور أزاريا، وقضية يئير جولان، تكفي لحسم مصيره.

لقد بحث نتنياهو عن رجل قوي، مع نبوت، لكي يفرض النظام، يدعو الى النظام، يفرض الرعب ويزرع الخوف في قلوب الجنرالات. الى ما قبل شهر، اظهر نتنياهو اصرارا قاطعا في رفضه تعيين اكبر كارهيه وشاتميه والمشهرين به في الجهاز السياسي الإسرائيلي، للمنصب الذي يتطلب اكثر من أي منصب وزاري اخر التحلي بالمسؤولية، والوعي، والاعتدال والثقة المتبادلة المطلقة في علاقات العمل مع رئيس الحكومة.

قطع رأس يعلون، احد وزراء الأمن الأكثر إثارة للإعجاب والتقدير الذين تم تعيينهم هنا، لصالح ليبرمان ("الشخص الذي لا يتمتع حتى بموهبة تسمح له بالعمل كمحلل عسكري"، كما وصفه نتنياهو قبل عدة أسابيع فقط)، يدل مثل ألف شاهد، على ما يقف اليوم في مقدمة اولويات رئيس الحكومة: تقزيم وكبح الجهاز العسكري، بهدف الحفاظ على سلطته. ومن اجل تحقيق ذلك تصبح كل الوسائل مقبولة: اهمال الأمن، ولكن ايضا، البصق في وجه الرئيس المصري الذي يفاخر نتنياهو بالعلاقات القريبة معه، مع تقويض الهدوء النسبي، الهش والسائل في برميل البارود القابل للانفجار، أي الضفة، من خلال القاء عود ثقاب مشتعل بصورة ليبرمان الى جانبه.

حتى يوم امس- امس الأول، شرح لقادة احزاب الائتلاف بأنه يتحتم عليه، بشكل ضروري، ضم هرتسوغ الى الحكومة كمُبيض ومُليّن ومدافع استعدادا للأيام الرهيبة بين الثامن من تشرين الثاني المقبل والعشرين من كانون الثاني 2017، منطقة الفراغ الفاصلة بين الانتخابات الامريكية ودخول الرئيس الجديد الى منصبه. التقدير السائد في اسرائيل هو ان اوباما، الذي سيكون محررا من رعب الناخبين، سيبادر الى سلسلة من الخطوات السياسية الكارثية لإسرائيل. "ليبرمان يكرهني، يشهر بي، انه شخص خطير، لا يرى في عينيه" قال نتنياهو شارحا لشركائه المفاوضات المتواصلة مع هرتسوغ. وقد بدا لهم الأمر معقولا، منطقيا، ضرورة حتمية. وفجأة، هكذا بكل بساطة، خلال ساعات، يصبح بوغي (هرتسوغ) في الخارج وايفيت (ليبرمان) في الداخل.

لقد سعى هرتسوغ للانضمام دون تردد الى رئيس الحكومة هذا الذي لا يقدس شيئا غير سلطته، ولم يتنازل طالما لم يتم صد الباب في وجهه وصراخ احد من داخل البيت في وجهه: "فلتبق في الخارج!". كمصاب بالجنون، كبائع متجول، قرع الشبابيك الزجاجية لديوان نتنياهو، في محاولة للحصول على "انجازات" من المشكوك انها كانت قائمة.

المؤتمر الصحفي الذي عقده مساء امس، كان طريقة رائعة للتهرب من المسؤولية من خلال تحميل المسؤولية عن الفشل لمعارضيه في الحزب برئاسة شيلي يحيموفيتش. في بداية حديثه ادعى هرتسوغ انه هو الذي انهى المفاوضات مع نتنياهو بسبب رفض الأخير تدوين تنازلاته الكبيرة، ظاهرا، في الموضوع السياسي بشكل خاص.

وفي الوقت نفسه ادعى ان يحيموفيتش "في هجومها الفظ والعنيف والسائب" عليه، تتحمل المسؤولية عن تعيين ليبرمان وزيرا للأمن ولحملة "الحرب والجنائز" التي سينزلها هذا التعيين بإسرائيل. سنرى ان كان ذلك سيحدث، ولكن في هذه الأثناء، يبدو ان الجنازة ستكون للسيرة السياسية المنهارة لرئيس حزب العمل الذي يصعب قياس الضرر الذي تسبب به لحزبه خلال الأسبوع الماضي. في احيان نادرة يحدث ان تقوم شخصية سياسية رفيعة، تميزت خطواته حتى الان بدون ذكاء وحكمة، بتحقيق مثل هذا الانتحار الكبير لنفسه. لا نذكر هنا مثل هذه الاهانة المدوية. ربما في ظل الاحداث يتطلب الأمر اجراء تغيير للكلمة القديمة: منذ الآن، قل "بيجيون" (جمع لكلمتي بوغي -لقب هرتسوغ- واهانة باللغة العبرية).

يا للجحيم، ما الذي فكر فيه هرتسوغ: ان يقوم نتنياهو، زعيم معسكر اليمين، اكثر سياسي يشق الصفوف، ويحرض جمهور على آخر (باستثناء ليبرمان)، ويدوس بفجاجة كل مظاهر المعايير السلطوية، بتغيير جلدته ويسمح لبوغي بتغيير نهجه؟ حتى شريك رئيس المعسكر الصهيوني في قصة توسيع الحكومة، رئيس الهستدروت، ابي نيسنكورن، فهم بأنه لن يخرج أي شيء جيد من هذا الزواج. بعد الظهر، قبل خمسة دقائق من اعلان هرتسوغ عن تعليق المحدثات مع نتنياهو الى ان تتضح الامور مع ليبرمان، بعث نيسنكورن ببيان الى الصحف اشار فيه الى اعتقاده بأنه لا يوجد أي مبرر لاستئناف المفاوضات. لقد ترك هرتسوغ جريحا ونازفا في الميدان.

هكذا حاول توني بلير والسيسي وكيري ادخال هرتسوغ الى الحكومة

يكتب براك ربيد، في "هآرتس" ان عدة جهات دولية، على رأسها رئيس الحكومة البريطانية السابق، ومبعوث الرباعي الدولي السابق، توني بلير، وقفت وراء خطاب الرئيس المصري، السيسي، امس الأول الثلاثاء، في خطوة هدفت الى تمهيد ضم المعسكر الصهيوني الى الحكومة. لكن هذه المحاولة فشلت. الخطوة التي سعى بلير الى دفعها تعتبر تدخلا مكثفا، غير مسبوق تقريبا، لجهات دولية في المنظومة السياسية في اسرائيل.

وحسب مصدرين في الجهاز السياسي فان بلير الذي عمل بالتنسيق مع رئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ ومع وزير الخارجية الامريكي جون كيري، هو الذي دفع وشجع الرئيس المصري على القاء خطابه الذي دعا فيه "الاحزاب في اسرائيل" الى التوصل لاتفاق قومي حول الحاجة الى دفع السلام مع الفلسطينيين.

وعلى الرغم من انهاء مهمته كمبعوث للرباعي الى الشرق الاوسط، الا ان بلير واصل العمل بشكل مستقل في محاولة لدفع عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، وبين اسرائيل والعالم العربي. وقد وصل بلير الى اسرائيل ودول المنطقة كل اسبوعين او ثلاثة، والتقى في كل مرة تقريبا مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ومع هرتسوغ واطلعهما على محادثاته مع القادة العرب. وكانت الرسالة الدائمة التي احضرها بلير معه من تلك اللقاءات هي رغبة واستعداد الدول العربية السنية لتحقيق اختراق في العلاقات مع اسرائيل. مع ذلك، كان يقول ان الامر مشروط بتنفيذ خطوات في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، تظهر جدية اسرائيل في دفع حل الدولتين.

واشارت جهات سياسية مطلعة على الموضوع، وطلبت التكتم على هوياتها، انه خلال الأسابيع الأخيرة، وبشكل خاص، على خلفية التفاهمات بين نتنياهو ووزير المالية موشيه كحلون، في موضوع ميزانية العامين، فهم بلير بأن الحكومة في اسرائيل ستبقى مستقرة حتى العام 2019. وحسب هذه الجهات، فقد اعتقد بلير ان الطريق الوحيدة التي يمكن من خلالها دفع خطوة سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين، بمشاركة دول عربية، تكمن في دخول المعسكر الصهيوني الى الائتلاف.

وقبل عدة أسابيع، وعلى خلفية الاتصالات بين هرتسوغ ونتنياهو، بدأ بلير محادثات معهما في محاولة لإعداد جدول عمل مشترك لهما من اجل دفع خطوة سياسية اقليمية بعد انضمام هرتسوغ وحزبه الى الحكومة. وكان نشاط بلير هو الخلفية لتصريحات هرتسوغ بشأن "الفرصة الاقليمية النادرة" لدفع العملية السلمية. وقد كشفت القناة العاشرة عن تدخل بلير في الاتصالات بين هرتسوغ ونتنياهو، مساء امس.

في الأسبوع الماضي، زار بلير القاهرة واجرى محادثات مع مسؤولين مصريين كبار من اجل تجنيدهم للخطوة. وقال مصدر في الجهاز السياسي بأن بلير هو الذي اقترح على الرئيس المصري القاء خطاب ينطوي على رسالة للجمهور الاسرائيلي وللأحزاب الاسرائيلية بشأن الحاجة الى دفع عملية السلام مع الفلسطينيين. وحسب المصدر فقد نسق بلير مع هرتسوغ خطواته مع الرئيس المصري.

كما نسق بلير خطواته مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري. واطلعه على اتصالاته مع هرتسوغ ونتنياهو والرئيس المصري. وقال مصدر سياسي انه في اعقاب ذلك فكر كيري بإمكانية تأجيل نشر تقرير الرباعي الدولي الى ان يتضح ما اذا سيدخل المعسكر الصهيوني الى الحكومة.  ومن المفروض ان يتم نشر التقرير الذي ينطوي على انتقادات شديدة للمستوطنات، في 25 ايار الجاري، قبل يومين من افتتاح الدورة الصيفية للكنيست.

بعد زيارته الى القاهرة، وصل بلير الى البلاد والتقى ثانية مع نتنياهو وهرتسوغ. وعمل خلال الزيارة على مساعدة هرتسوغ لتجنيد الدعم داخل المعسكر الصهيوني للانضمام الى الحكومة. وحاول بلير تعيين لقاء مع رئيسة حزب الحركة، تسيبي ليفني، لكن مكتبها اوضح بأنها لا تستطيع ذلك لأنها كانت تجلس في مأتم شقيقها. ولكن بلير أصر على ذلك، والتقى بليفني في ساعة مبكرة في منزلها في تل ابيب، وعرض امامها الخطوة السياسية التي يحاول حياكتها.

لقد نجحت خطة بلير كما خطط لها حتى ما بعد ظهر امس. فقد القى السيسي الخطاب الذي يحمل الرسائل التي اتفق عليها مع بلير، وسارع هرتسوغ الى نشر بيان رحب فيه بالخطاب ودعا الى عدم تفويت الفرصة السياسية. وبعد عدة دقائق نشر نتنياهو بيانا مشابها قال فيه انه مستعد للتعاون مع خطوة سياسية تقودها مصر، لكنه في الساعات التي تلت ذلك وصلت المفاوضات بين نتنياهو وهرتسوغ الى باب موصد وانفجرت بعد منتصف الليل.

هرتسوغ ادعى ان المفاوضات فشلت لأن نتنياهو رفض توثيق التفاهمات بينهما بشأن البناء في المستوطنات والمفاوضات مع الفلسطينيين – عاملان اساسيان كانا سيسمحان بدفع الخطوة الاقليمية بالتعاون مع الدول العربية. وفي المقابل اوضحت مصادر في الليكود بأن نتنياهو فهم بأن هرتسوغ لا يحظى بدعم من جانب غالبية اعضاء كتلته ولذلك لم يرغب بالمخاطرة وتقديم التزامات سياسية بعيدة المدى.

وقال مصدر في الجهاز السياسي ان "هرتسوغ وبلير والسيسي لم يفهموا كيف مضى نتنياهو في نهاية الامر مع ليبرمان. لقد اعتقد بلير انه يمكنه ان يهندس حكومة نتنياهو وبنى هرتسوغ على ان الغلاف الدولي الذي سينظمه بلير سيرتب له الدخول الى الحكومة، لكن هذا لم ينجح".

ورفض مكتب بلير التعقيب، وكذلك مكتب هرتسوغ. كما لم ترد وزارة الخارجية الأميركية على التوجه اليها بهذا الشأن.

صدمة ورعب في القيادة العامة من طعن السكين في ظهر يعلون

يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" ان صفقة نتنياهو –ليبرمان التي غرست سكينا في ظهر وزير الامن موشيه يعلون، قوبلت في القيادة الامنية امس، بمفاجأة مطلقة وبتخوف ليس صغيرا. فالجنرالات، كما الوزير المسؤول عنهم، لم يتوقعوا هذه الخطوة السياسية الساخرة والذكية التي حاكها رئيس الحكومة. النظرية التي يقوم الجيش حسبها بتفعيل القوة الضخمة من اجل ردع العدو، تسمى لدى الامريكيين صدمة ورعب. وكما يبدو، فان هذه هي الكلمات المناسبة لتعريف المشاعر التي سادت في القيادة العامة امس.

في اسرائيل سبق تعيين وزراء أمن جاؤوا من خلفية مدنية (موشيه أرنس، عمير بيرتس)، وقاموا بمهامهم بشكل ناجح، بهذا الشكل او ذاك. لكن افيغدور ليبرمان ليس مجرد مواطن عادي. واذا تم تعيينه لهذا المنصب، فسيكون اول وزير امن سيعتبر تعيينه متضاربا بالنسبة للجيش. من المشكوك فيه انه حتى اريئيل شارون الذي دخل الى وزارة الامن في 1981 مع خلفية مشحونة ومتوترة مع الجنرالات، بدأ من نقطة مماثلة. اخر منشأة عسكرية زارها ليبرمان علانية، كانت القاعة المكتظة في المحكمة العسكرية في كستينا، حيث ذهب الى هناك للتضامن مع الجندي اليؤور ازاريا، مطلق النار في الخليل.

كعضو في المجلس الوزاري المصغر في الحكومة السابقة، اكثر ليبرمان من الصدام مع مواقف يعلون وقادة الجيش، خاصة حول الحرب الاخيرة ضد حماس. وغالبية تصريحاته الامنية الاخيرة ركزت على انتقاد سياسة الوزير والقيادة العامة في مواجهتهم للإرهاب الفلسطيني. انزال ليبرمان لرئاسة الجهاز الأمني يساوي تقريبا الشكل الذي تستقبل فيه المؤسسة الجمهورية الامريكية الان انتصار دونالد ترامب في الانتخابات التمهيدية للرئاسة.

ربما لن تتحقق التوقعات الرهيبة التي سمعناها امس من اليسار حول التعيين المتوقع لليبرمان لمنصب وزير الامن. فهو شخص تلاعب اكثر من مرة في السابق، في مواقفه وعرض توجهات اقل حربية، بما يتفق مع المتغيرات والقيود السياسية. يمكن الافتراض بأنه بعد انتقاله من مكانة مقدم النصائح، كعضو في المجلس الوزاري ومن ثم في المعارضة، الى المسؤول الحقيقي عن الأمن، قد يؤثر ذلك على سلوكه العملي. على الرغم من تهديده ذات مرة بتفجير سد اسوان، فان هذا لا يعني ان ليبرمان سيجر نتنياهو الى حرب مع مصر بعد اسبوعين.

المخاطر الكامنة في التعيين تختلف. عندما هاجم ليبرمان نتنياهو في الشهر الماضي، رد الليكود بنشر بيان شديد اللهجة ادعى فيه ان ليبرمان "لم يجلس ابدا في جلسة للمجلس الوزاري المصغر منذ بدايتها وحتى نهايتها" (وهو ادعاء يؤكده اعضاء في المجلس الوزاري). هذا ادعاء تكرر ايضا بالنسبة لمدى الاهتمام الذي اظهره في جلسات لجنة الخارجية والامن البرلمانية، وجلسات لجانها المتفرعة السرية والحساسة. من يظهر، حسب اوصاف كثيرة، القليل من الاصغاء نسبيا، ولم يعرض حتى اليوم، وجهة نظر امنية منظمة ومفصلة، يمكن ان يكون المسؤول عن الجهاز الحساس، المليء بالتفاصيل، والذي يتم فيه اتخاذ قرارات تساوي مليارات الشواقل، ويصادق على مخططات عسكرية يمكن ان تكون لها آثار بعيدة المدى على حياة البشر. هذا المنصب منهك ومستنزف بشكل لا مثيل له. انه لا يشبه أي منصب وزاري اخر شغله ليبرمان في السابق.

السبب الثاني للقلق يتعلق بتعامل ليبرمان مع الفلسطينيين. في تصريحاته خلال الأشهر الأخيرة، طالب ليبرمان بفرض عقوبة الاعدام على المخربين، ورفض التردد بشأن اطلاق النار خلال العمليات، وتعامل مع السلطة بقيادة محمود عباس كما لو كانت جثة سياسية واقترح التهديد بقتل رئيس حكومة حماس اسماعيل هنية، اذا لم يسلم جثتي الجنديين المخطوفين خلال 48 ساعة. هذا بعيد عن الخط الذي قادته القيادة العامة في الفترة ذاتها، بقيادة يعلون. لقد عملت قيادة الجيش كعامل كابح، ساعد سلوكها الموزون على تهدئة نيران المواجهة، بالتنسيق مع السلطة. ولو لم تتصرف هكذا، لساد هنا خطر كبير بتعميق الارهاب وبالتالي التهديد بانهيار السلطة في الضفة.  يصعب توقع كيف سيتصرف ليبرمان في ظروف مشابهة.

أما علامة الاستفهام الثالثة فتتعلق بعلاقات ليبرمان مع الضباط. فيعلون الذي كان قائدا للجنرالات كرئيس للأركان قبل عشر سنوات، منحهم بشكل عام، الدعم واعتبر واحدا منهم. اما ليبرمان فقد اظهر خلال شغله لمناصب وزارية في الدورات السابقة، القوة ضد الضباط الكبار. وبوجوده في وزارة الأمن سيتمتع بقوة ضخمة وسيحظى بحضور جماهير كبير.

الى جانب فرص التقاط الصور بشكل دائم مع الجنود، والتي لم يفوتها أي سياسي، سيحظى بكثير من التملق. رئيس الاركان غادي ايزنكوت يعمل من خلال الشعور بالرسمية والفهم العميق لدور الجيش في الديموقراطية. ولن يستقيل هو او جنرالاته لأنه تم تعيين وزير لا يعتبر بالضرورة كأس الشاي بالنسبة لهم. لكن ايزنكوت ليس من الاشخاص الذين ينحنون امام القوة او المعايير الغريبة. ولذلك تكمن هنا محفزات الصدام على المدى الطويل.

هذه المحفزات تسري ايضا على عدد من الضباط الكبار. في المعارضة على الاقل، كانت مواقف ليبرمان بعيدة عن الخط الذي قاده منسق عمليات الحكومة الجنرال يوآب مردخاي.

كما اختلف ليبرمان على الملأ مع مواقف النائب العسكري العام، العميد شارون افيك، حين قدم الاخير لائحة اتهام ضد الجندي اليؤور أزاريا. قضية هذا الجندي تتضح المرة تلو الاخرى كالخط الفاصل الرئيسي في الفترة الأخيرة، ليس فقط في مجال القيم، وانما في المجال السياسي. شجب يعلون الشديد لسلوك الجندي عمق الشرخ مع نتنياهو، الذي تطرف واتجه نحو اليمين كلما شعر بفقدان قاعدة الدعم لصالح ليبرمان ونفتالي بينت. الان، بعد ان يتم اقالة يعلون، سيحظى نتنياهو بائتلاف اوسع. ولن يعد رئيس الحكومة اسيرا لنزوات اورن حزان، لكنه قد يكتشف لاحقا انه تحول الى اسير في حكومة بينت – ليبرمان.

بعد 11 عاما من حرمانه من سنة الخدمة الرابعة كرئيس للأركان، بفعل لعبة مشتركة ودنيئة قام بها اريئيل شارون وشاؤول موفاز، تسقط على رأس يعلون مرة اخرى مفاجأة استراتيجية. في تلك المرة خطط يعلون بحرص دخوله الى الحياة السياسية، ووصل اخيرا الى منصب وزير الامن، في الوقت الذي خفتت فيه حتى الاختفاء مسيرة موفاز السياسية. هل سينجح يعلون بعمل امر مشابه لنتنياهو وليبرمان، في حال تم فصله مرة اخرى؟ يوم امس اعلن بأن يعلون ينوي عرض حقيبة الخارجية على يعلون كتعويض. سيكون من الغريب بعض الشيء رؤية يعلون يتجول في العالم ويتحدث عن العملية السياسية، بعد ان نفى في كثير من المحادثات وجود أي فرصة للتقدم السياسي مع عباس، الذي وصفه بأنه "تيس الماعز الذي لن يخرج منه أي حليب". لكن، اكثر من ذلك، يبدو ان هذا الشخص المستقيم والمسؤول سيجد صعوبة في مسح البصقة التي رشقها رئيس الحكومة على وجهه، والتظاهر بأنه لم يحدث أي شيء. ربما يعلن يعلون عن فترة هدوء، ويستقيل ويذهب الى ما يشبه "سديه بوكير" الخاص به، ويعد من هناك لعودته كبديل لسلطة نتنياهو الابدية. ولكن في مقل هذه الحالة، يسود دائما الخطر المرتبط بما وصفه شارون في حينه بالتخلي عن الدولاب – الخروج من اللعبة: الخوف هو ان لا يتذكر احد الاتصال بيعلون في منفاه السياسي.

وعندها جاءت لسعة بيبي

يكتب اليكس فيشمان، في "يديعوت احرونوت" انه لولا الشخصيات الناشطة، لكان يمكن التعامل مع خطاب الرئيس المصري، السيسي، بشأن المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، تقريبا كما تم التعامل مع الخطاب التاريخي للسادات، حين دعا نفسه للحضور الى اسرائيل. ولكن طبعا، لا يجري الحديث عن السادات وبيغن، وانما عن مهزلة شرق اوسطية أخرى، طرفة اخرى غير ناجحة على حساب مصيرنا. ما بدأ كخطوة سياسية انتهى بصراع بقاء سياسي داخلي، التهم كل الأوراق. فالجمع بين ليبرمان ونتنياهو لا ينطوي على نقطة انطلاق لإجراء مفاوضات مع الجامعة العربية في القاهرة.

لقد سبقت خطاب السيسي، كما سبق خطاب السادات في حينه، فترة عدة اشهر جرت خلالها اتصالات بين الأطراف من وراء الكواليس. وهذه المرة قادها مبعوث رئيس الحكومة، المحامي يتسحاق مولخو، مقابل رجال السيسي في القاهرة. ويتضح ان التوقعات المصرية بشأن استمرار الوضع الراهن بين اسرائيل والفلسطينيين كانت رهيبة. حسب تقديراتهم ستنهار السلطة الفلسطينية وستفقد حماس السلطة لصالح جهات اكثر تطرفا في قطاع غزة، الامر الذي سيترك اثره الخطير على الامن والاستقرار في سيناء وفي مصر نفسها.

ولذلك اهتمت مصر بتجديد المبادرة المصرية – التي عرضت بعد الجرف الصامد – لعقد مؤتمر للدول العربية الرئيسية، الموالية للغرب، لقيادة خطوة مزدوجة: استئناف الحوار بين اسرائيل والفلسطينيين، وفتح حوار متعدد الأطراف يخرج من الخزانة، منظومة العلاقات الاستراتيجية الطويلة القائمة بين اسرائيل ودول عربية في قضايا مثل محاربة داعش وايران وتعزيز التعاون الاقليمي في هذا الصراع.

في المقابل، في اسرائيل، سعى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الى محاولة سحب البساط من تحت ما يعتبره خطوة امريكية – اوروبية منسقة، تهدف الى فرض اتفاق على اسرائيل والفلسطينيين، بدعم من مجلس الامن. في ديوان نتنياهو يؤمنون انه تم الاعداد لتنفيذ هذه الخطة خلال الاشهر التي سيكون قد تم فيها انتخاب رئيس امريكي جديد، لكنه لم يتسلم منصبه بعد، ما يعني ان اوباما سيتمكن من عمل ما تهواه نفسه، مثل غيره من الرؤساء في نهاية فترة ولايتهم.

في المقابل يوضح الجهاز الامني للحكومة الاسرائيلية بأن ما يحدث الان في المناطق هو هدوء خيالي. كل الظروف التي قادت الى موجة الارهاب الأخيرة لا تزال قائمة على الأرض ويمكن ان تنفجر بقوة كبيرة في شهر رمضان. وهكذا فان اسرائيل تملك رغبة واضحة بخلق توقيت لاستئناف المفاوضات، حتى لو كانت مجرد مظهر، من اجل صد استئناف العنف. من جانبها ترى السلطة الفلسطينية في امكانية استئناف المفاوضات، وليس مهما بواسطة من – فرنسا، مصر او غيرهما – قشة للتعلق بها من اجل منح أي امل للجمهور الفلسطيني وكسب المزيد من الوقت في السلطة.

الاتفاق بين ديوان رئيس الحكومة وديوان الرئيس السيسي تحدث عن قيام الرئيس المصري بالمبادرة الى دعوة علنية لاستئناف المفاوضات، ويعلن نتنياهو الغاء معارضته لعقد مؤتمر اقليمي واستئناف المفاوضات، وعندها يبدأ العمل للإعداد للمؤتمر. من المؤكد ان هذا الترتيب يعتبر مريحا للجميع، لأن المؤتمر الاقليمي لا يلزم التوصل الى اتفاق دائم خلال السنة او السنتين القريبتين. سيجلسون ويتحاورون لثلاث او اربع سنوات حول خارطة الطريق، ويؤجلون النهاية.

ولكن ماذا؟ لكي يشتري نتنياهو بطاقة الدخول الى مؤتمر كهذا يجب عليه دفع مهر صغير، اقل ما يمكن، في الموضوع الفلسطيني، لكي يتمكن الرئيس السيسي من تبرير عقد المؤتمر ودعوته الى مصر. وكان يمكن لهذا المهر ان يتمثل في التزام بتجميد البناء في المستوطنات لفترة معنية. ولكن من اجل خطوة كهذه يتحتم على نتنياهو بناء ائتلاف يسمح له بتقديم تنازل ما في المناطق. وهكذا تولد الغزل مع هرتسوغ. ومن جانبه، لم يصمد هرتسوغ امام اغراء المشاركة في خطوة تاريخية تتمثل في عقد مؤتمر دولي لحل مشاكل المنطقة مع العالم العربي – الحلم المبلل لكل قادة حزب العمل على مختلف اجيالهم.

لقد كان نتنياهو هو من حدد موعد اطلاق دعوة السيسي العلنية. ونجحت الخطة كالساعة السويسرية، ونشر نتنياهو وابو مازن بياني دعم كما خطط مسبقا. وعندها جاءت لدغة بيبي: هرتسوغ بدأ بإطلاق اصوات حول الانضمام الى الحكومة، وبدأت تظهر المصاعب في المعسكر الصهيوني، وعندها هجم نتنياهو على ليبرمان.

من هنا وصاعدا، تم التهام كل الأوراق: لن يعقد مؤتمر في القاهرة، وسيتصاعد التوتر في المناطق، وستبقى مصر محبطة، والسيسي تلقن درسا آخر: عليه ان يفهم بأنه عندما يتحدث هو عن سياسة وعن ترتيبات سياسية، يتحدثون في اسرائيل عن سياسة داخلية وعن صراع البقاء الشخصي.

تعيين ليبرمان – خطأ خطير

يكتب دان مرجليت، في "يسرائيل هيوم" ان الصوت الأخلاقي لليكود، بيني بيغن، كان امس لسان الجمهور كله. فخلال محادثة هاتفية مع يونيت ليفي من القناة الثانية، قال ان تعيين ليبرمان لمنصب وزير الأمن هو خطوة "جنونية"، وهو يعرف لماذا. لأن بيغن شاهد ليبرمان قصير النفس، ويكثر من مغادرة الغرفة خلال الكثير من النقاشات الطويلة في المجلس الوزاري المصغر الذي يناقش قضايا الحرب والسلام، وهو يعرف التطرف اللفظي السطحي وغير المنضبط لرئيس "يسرائيل بيتينو".

تعيين ليبرمان هو خطأ. بنيامين نتنياهو يسلمه اكثر المنظومات حساسية. وهو ايضا يعرف المخاوف، لكنه يقول في قرارة قلبه انه طالما تواجد هو الى جانب المقود، فانه لن تندلع حرب واهية، ولكن من يلم بالتاريخ الامني لإسرائيل يعرف ان هناك قادة سبقوه وقالوا هم ايضا هذا الكلام، وكلهم اخطأوا. وفي فترة زمنية مصيرية لم يقوموا بواجبهم، ومن سلموه تفعيل القوة القومية ورط اسرائيل لسنوات كثيرة.

يوجد في الليكود بقايا اشخاص يفهمون مدى خطورة هذه الخطوة. كما انه ليس من الواضح كيف سيرد موشيه يعلون على قرار اقالته. انه وزير امن مناسب جدا – موزون ومهني ومنضبط – ويعرف كيف يحارب على الحلبة العامة. لقد اجريت لقاء معه في 2005 حين تم فصله (من رئاسة الأركان) وقال لي في بيت المظليين انه كان ينتعل في مقر القيادة العامة حذاء عاليا بسبب الثعابين. لقد عاد من الحضيض ومن المناسب الافتراض بأنه لن يبتلع اقالته.

هل كان يمكن التصرف بشكل آخر؟ نعم ولا. لقد فضل نتنياهو توسيع حكومته مع المعسكر الصهيوني، لكنه شعر "بضربة في الجناح" من جانب المتطرفين في الليكود. حسب يتسحاق هرتسوغ تم التوصل بينهما الى تفاهمات، لكنه رفض توثيقها خطيا. لقد وصلت المفاوضات الى باب موصد، لكن شيلي يحيموفيتش وانصارها ساهموا في قطعها. هرتسوغ يرى فيها مذنبة اكثر من نتنياهو، ولكن حسب تقديري، لم يكن بإمكانه الحصول على القليل مما طرحه حتى لو وقف المعسكر الصهيوني كله من خلفه.

تعيين ليبرمان يعتبر ضائقة قومية، لكنها ليست الوحيدة. لقد كشف هرتسوغ امس انه بالإضافة الى خطاب الرئيس المصري، كانت هناك خطوات دولية مخططة. لكن الشرخ بين هرتسوغ ونتنياهو الآن، خلف الرئيس المصري محرجا وعرضة للانتقاد في بلاده.

هناك ربع عزاء: الحكومة تقوم الآن على طهارة اليمين، وستعمل حسب مفاهيمها، واما يورط ليبرمان اسرائيل مع العالم كله بعدوانيته التي لا تعرف الحدود، او يظهر بالذات ككلب مروض.

عودة معسكر اليمين

يكتب متاي طوخفيلد، في "يسرائيل هيوم" انه في المرة الأخيرة التي فاجأ فيها نتنياهو بضم حزب الى الائتلاف بشكل دراماتيكي – دخول شاؤول موفاز وحزب كديما – توجته وسائل الاعلام بلقب "الملك بيبي". الان يكرر نتنياهو الأمر. لكنه يمكن الافتراض بأن العالم سيتحمس بشكل اقل لتعيين ليبرمان وزيرا للأمن.

لا بأس. سيتعودون ذلك. اولئك الذين يصرخون الان بسبب هذا التعيين هم الذين صرخوا حين تم تعيينه وزيرا للخارجية. في نهاية الأمر، اثبت ليبرمان وجود فجوة كبيرة بين تصريحاته الحربية في المعارضة وبين سلوكه في الائتلاف.

لقد ربح نتنياهو اكثر ما كان يرغب فيه – توسيع الحكومة وعدم البقاء معلقا بذلك العدد القليل من النواب الذي مرر حياته. والثمن الذي دفعه لم يكن كبيرا بشكل خاص. ويجب قول الحقيقة: انضمام ليبرمان الى الحكومة، لا يعتبر اشكالية ولا جنونا، بل العكس هو الصحيح، فبقائه في المعارضة حتى الان كان هو الأمر الخاطئ. والان استنتج بأنه حان وقت التصحيح. فهذا هو الائتلاف الذي رغب نتنياهو بتشكيله قبل سنة. وهو لم يفاوض حزب العمل بتاتا قبل تشكيل الحكومة. وكان ليبرمان هو الذي هرب في اللحظة الأخيرة وتسبب بتشويه رغبة الناخبين الذين صوتوا لليمين. والان، بعد سنة، حصل الجمهور على الحكومة التي صوت من اجلها. 67 نائبا (و3.5 فقدهم اليمين بالتصويت لايلي يشاي). هذا هو تكتل اليمين: 70 نائبا.

باستثناء عرضه كمتطرف، وهو الامر الذي لم يثبت في الاختبار العملي حين كان وزيرا للخارجية، يهاجمون ليبرمان بسبب قلة خبرته. هذا صحيح. الرصاصة الوحيدة التي مرت قرب اذن ليبرمان هي كرة التنس. ولكن منذ متى يجري تعيين الوزراء حسب مواهبهم؟ افتقاد يئير لبيد لشهادة البجروت لم يمنع تعيينه وزيرا للمالية، ونفتالي بينت، الذي من غير المؤكد انه كان يهتم من قبل بالتعليم، دخل الى منصبه بسلاسة شبه طبيعية. منصب وزير الامن لا يختلف بالضرورة في هذا الجانب. شمعون بيرس دخل الى المنصب دون ان يخدم بتاتا في الجيش. وموشيه ارنس الذي كان وزيرا للأمن مع تاريخ مدني في الأساس، لا يزال يعتبر حتى اليوم من افضل وزراء الأمن. وهل نسينا عمير بيرتس؟

تعيين ليبرمان وزيرا للأمن يعتبر، ايضا، انتصارا صغيرا لنتنياهو في سياق آخر تماما. الرياح السيئة التي تهب في قيادة الجيش تخرجه منذ زمن عن اطواره. في الوقت الذي يكشف فيه كل جنرال بأنه تسكنه روح شاعر وكل جنرال يحلم بحقول الورد وشقائق النعمان، فيما يدعمهم وزير الامن ولا يسمح لاحد بانتقادهم، ربما حان الوقت لنفض هذه القيادة قليلا واخراج اجواء الشاعرية من صفوفهم، واعادة بعض بهجة القتال التي يبدو انها فقدت.

اذا كان نتنياهو وليبرمان هما الفائزان، يمكن للخاسرين – يعلون وهرتسوغ – طرح ادعاءات ضدهما شخصيا. يعلون لأنه شد الحبل اكثر من اللزوم، لأنه لم يفهم بأنه مع كل الاحترام للدرع الشعبي الذي يدافع عن كرامة الضباط الكبار منذ عشرات السنوات، قام هنا من اجتاز الحدود. الجندي الذي خرق النظم والأوامر لا يعتبر قاتلا، والمجتمع الاسرائيلي لا يُذكر حتى بحجم طرف الاظفر بالمجتمع الألماني في سنوات الثلاثينيات.

وهرتسوغ، الذي لا يمكن العثور على تعريف اكثر دقة لسلوكه من "تردد حتى الانتحار"، كان يجب ان يوقع على الاتفاق الائتلافي مع الليكود منذ زمن. تماما كما كان يجب منذ زمن حسم مسألة موعد الانتخابات الداخلية وقرارات اخرى كان عليه اتخاذها، لكنه في كل مرة ادخل نفسه في دوران لا متناهي من المشاورات والرغبة غير المكبوحة بإرضاء الجميع. هذه المرة كان هذا التردد اكثر من اللزوم. تردد يمكن ان يكلفه مستقبله السياسي، والذي، كما يبدو الآن، اصبح من خلفه.