حرب باردة بين الجزائر وفرنسا
تاريخ النشر : 2016-05-14 19:15

أمد/ الجزائر - روسيا اليوم:  استهجن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة تصريحات منسوبة للسفير الفرنسي بالجزائر بيرنارد إيميه تحدث فيها عن سياسة تفصيل في منح التأشيرات الفرنسية للجزائريين.
وقال لعمامرة في مؤتمر صحفي مشترك مع المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار ومفاوضات التوسيع يوهانس هان؛ إن هذه التصريحات لا تخدم العلاقات بين البلدين وتخالف الأعراف الدبلوماسية.
حرب تصريحات
وعاد التوتر في العلاقات بين الجزائر وفرنسا من جديد إلى أشده؛ بعد تصريحات منسوبة إلى سفير فرنسا بالجزائر قال فيها إن 60% من التأشيرات التي أصدرتها السفارة كانت لمصلحة سكان منطقة القبائل، مضيفا أن 50% من الطلبة الجزائريين بفرنسا هم قبائليون.
هذه التصريحات أججت غضب الحكومة الجزائرية التي ردت عليها في أول فرصة، حيث وصف وزير الخارجية رمطان لعمامره هذه التصريحات بالمؤسفة، قائلا إن دور الدبلوماسيين هو فتح جسور تواصل مع البلدان التي يعملون بها وليس من المهنية التمييز بين مواطني تلك الدول.
لكن السفارة الفرنسية بالجزائر حاولت تدارك الموقف بعد تصريحات لعمامرة، وسارعت إلى التراجع عن تصريحات السفير بيرنارد إيميه نافية أن يكون قد تحدث للصحفيين حول هذا الموضوع.
وقال بيان وزعته السفارة الفرنسية على وسائل الإعلام إن فرنسا ليست لديها سياسة محاصصة فيما يتعلق بمنح التأشيرات وإن تصريحات السفير التي أدلى بها في لقاء خاص مع الجالية الفرنسية؛ تم تفسيرها بشكل خاطئ.
حساسية "القبائل"
وأثارت تصريحات السفير الفرنسي جدلا واسعا في وسائل الإعلام بسبب حساسية المنطقة التي كان يتحدث منها وعليها؛ حيث جاءت خلال زيارة لولاية تيزي وزو ذات الغالبية القبائلية ما جعل الكثير من الجزائريين يتساءلون عن سبب الاهتمام الخاص الذي توليه فرنسا لسكان هذه المنطقة.
لكن المتابعين لا يجدون كبير عناء في فهم حساسية هذه المنطقة التي يقطنها "أمازيغ" يتهمون الحكومة الجزائرية بتهميشهم وتطالب "الحركة من أجل استقلال القبائل" التي تنشط في المنطقة؛ بالانفصال.
وسبق للجزائر أن اتهمت فرنسا باللعب على هذا الوتر الخطير عبر احتضانها أبرز قادة الحركة التي توصف من قبل الأوساط الرسمية الجزائرية بالعمال لجهات أجنبية.
ويبدي الجزائريون قلقهم من احتمال استغلال فرنسا للخصائص اللغوية والثقافية لمنطقة القبائل كمدخل للإجهاز على الوحدة الوطنية.
وتساءل النائب عن جبهة القوى الاشتراكية الجزائرية شافع بوعيش عن مغزى تصريحات السفير الفرنسي مبديا خشيته من أن تكون ضمن استراتيجية لفصل منطقة القبائل عن باقي مناطق الجزائر.
إلى متى؟
وما ان تتجاوز العلاقات الجزائرية الفرنسية مطبا سياسيا حتى تقع في آخر قد يكون أشد؛ فمسلسل التوتر ما زال مستمرا وكاد أن يجر البلدين إلى خيار التصعيد.
فالجزائريون ما زالوا يذكرون الأزمة الدبلوماسية الحادة التي سببها رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس بعد زيارته للجزائر العاصمة قبل نحو شهر عندما نشر صورا للرئيس عبد العزيز بوتفليقه وهو في حالة صحية حرجة للغاية.
ويربط بعض المراقبين بين هذه الأزمات المتتالية وبين ما يجري في الداخل الفرنسي من صراع سياسي بين اليمين واليسار خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجرى العام المقبل.
إذ لا تخفي الجزائر دعمها لمرشح الجمهوريين رئيس الوزراء في عهد جاك شيراك؛ آلان جوبيه لخلافة الرئيس الحالي فرانسوا هولاند على حساب مرشحي اليمين واليسار وهي وجهة نظر يقول إبراهيم بولحية رئيس مجلس الشؤون الخارجية بمجلس الأمة الجزائري إنه أبلغ آلان جوبيه بها خلال زيارة الأخير للجزائر.
لكن السؤال الأهم حاليا هو مدى قدرة العلاقات بين البلدين على الصمود أمام حالة المد والجزر القوية التي تواجهها خلال السنوات الماضية خاصة مع تصعيد بعض الأطراف لهجتها كما فعل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عندما دعا إلى تسوية مستقبل الجزائر في إطار الاتحاد من أجل المتوسط.