صور وفيديو - مدرسة سيرك فلسطين واللجنة الدولية للصليب الأحمر ترسمان البهجة على وجوه العائلات في القدس
تاريخ النشر : 2016-05-12 11:32

أمد/ القدس المحتلة - كتب خيسوس سيرانو ريدندو*: إنها الخامسة من مساء يوم من أيام الربيع في القدس، وعلى الرغم من شدة الرياح والانخفاض الكبير في درجات الحرارة في شرق المدينة، قصد أكثر من 250 شخصًا المسرح الوطني الفلسطيني لمشاهدة عرض "مش زابطة"، أحد العروض المسرحية الرئيسية التي أنتجتها مدرسة سيرك فلسطين.

يقع مقر مدرسة سيرك فلسطين في بيرزيت، وهي بلدة فلسطينية تقع شمال رام الله وسط الضفة الغربية.

على خشبة المسرح، يوجد ثلاثة كراسٍ وعمود. إضاءة هادئة تُبرز جدارية تصوّر القرية الصغيرة المزدحمة بسكانها الذين ينتمي إليهم شخصيات العرض الثلاثة.

خلف الكواليس، يستعد "أحمد أبو طالب"، و"محمد أبو طالب"، و"نور أبو الرّب" للعرض، بينما يتوافد المشاهدون على المسرح.

التحق "نور" - الذي أتي من مدينة جنين الواقعة في شمال الضفة الغربية – بمدرسة السيرك قبل ثماني سنوات. ويمثل السيرك بالنسبة له وسيلة للتعبير عما يجيش به صدره من مشاعر.

يقول "نور": "بعض الناس يجدون في الرقص أو رواية القصص وسيلة للتعبير عن أنفسهم. أما أنا فأجد في السيرك وسيلة أستطيع من خلالها توعية الناس بالعديد من السلبيات في الضفة الغربية، مع إدخال البهجة على قلوبهم في الوقت ذاته ومساعدتهم على نسيان الصعاب اليومية التي يكابدونها ".

أما التوأمان "أبو طالب" فسبب التحاقهما بالمدرسة هو أنها كانت شيئًا جديدًا في فلسطين، ورأيا أنها وسيلة جيدة للتدرّب. غير أنهما أدركا بعد فترة أن "السيرك ليس فقط مكانًا لممارسة الألعاب البهلوانية وتقديم العروض، بل هو جزء من حياتنا لأننا نستطيع من خلاله إيصال رسائل مهمة للمجتمع، وهو أيضًا مكان يلعب فيه الأطفال ويدخل عليهم السرور والبهجة".

الساعة 5:30 مساءً، يُرفع الستار إيذانًا ببدء عرض "مش زابطة" في القدس الشرقية للمرة الأولى.

"مش زابطة" هو عرض جديد لمدرسة سيرك فلسطين، يجمع بين العروض البهلوانية، والموسيقى، وألعاب الخفة، والفكاهة. يحكي العرض،في إطار كوميدي، قصة ثلاثة من الشباب الطموح الذين يسعون إلى تحقيق أحلامهم بمستقبل أفضل بعد حصولهم على درجاتهم الجامعية من الخارج. وبعد عودتهم، يبدأ هؤلاء الشباب رحلة البحث عن العمل والاستمتاع بوقتهم لكنهم يجدون أنفسهم أمام العديد من التحديات التي تقلب آمالهم وتوقعاتهم رأسًا على عقب.

وبحسب "شادي زمرّد"، المدير العام لمدرسة السيرك جاءت فكرة العرض عقب الحرب في غزة عام 2014. إذ أراد فريق من مدرسة السيرك تصوير العقبات التي تواجههم في حياتهم اليومية، والمشاعر التي تختلج في صدور الشباب في هذه الأيام، التي هي مزيج من الخوف، والحماس، والشعور باليأس، وذلك من خلال عمل يجمع بين الإبداع والمرح.

يقول "شادي": "يسعى عرض "مش زابطة" إلى تسليط الضوء على المشكلات الكثيرة التي يواجهها الشباب الفلسطيني بطريقة يجد فيها الجمهور متنفسًا يسهم في التخفيف عنهم بعد ما شهدوه من مآسٍ".

ويبدي الجمهور، ومعظمه من الشباب، تفاعلًا حماسيًا مع الممثلين. فمشاهدة مشكلات كبيرة كهذه تُعرض في إطار فكاهي يجعلهم أقدر على تحمّل واقعهم بطريقة أو بأخرى. فمن شأن الصدمات النفسية التي تسببها دوامة العنف، لاسيما في أوساط الأفراد الأكثر استضعافًا، كالأطفال والشباب، أن تؤثر على نموهم العاطفي، وقد ينتج عنها مضاعفات تؤثر على صحتهم النفسية.

وتعمل اللجنة الدولية في القدس منذ أكثر من 50 عامًا، ولقد نظمتْ هذا الحدث الفريد بالتعاون مع العائلات في القدس بهدف الحفاظ على تواصلها مع الأطفال والشباب.

في مدينة كالقدس، يجد الأطفال أنفسهم مجبرين على أن ينضجوا مبكرًا جدًا، ولا شك أن منحهم الفرصة للاسترخاء واللهو يتيح لهم الاستمتاع بطفولتهم مجددًا.

تقول "جنى عمرو" البالغة من العمر 10 سنوات: "أمضيت وقتًا حافلًا بالمرح واستمتعت كثيرًا بعرض النطاطة والعروض البهلوانية، واستمتعت كثيرًا بالمشهد الذي ذكرني بمشاجرتي مع أختي بسبب الكرسي، فالطريقة التي تشاجر بها الممثلون كانت مضحكة للغاية".

من جانبه صرح السيد "كريستيان كاردون" رئيس مكتب اللجنة الدولية في القدس بعد أن استمتع بالعرض بصحبة الأطفال قائلًا: "الإبداع، وتعلم مهارات الحياة، وتقدير الطفل لذاته، والعمل الجماعي، والثقة، والتنوع هي بعض الجوانب الإيجابية التي يروج لها السيرك".

وأضاف قائلًا: "لكن اليوم فهي "زابطة"، لأن أكثر من 600 طفل ضحكوا واستمتعوا بوقتهم".

الساعة الآن 6:30 مساءً. بدأت الشمس تتوارى خلف أسوار المدينة القديمة، بينما يخرج جمهور الأطفال والشباب من المسرح الوطني الفلسطيني. لقد نجح عرض "مش زابطة" في أن يرسم الضحكة على وجوههم وأن يُسرّي عنهم. على الأقل طوال الساعة الماضية.

*

مندوب اعلام في اللجنة الدولية للصليب الأحمر