لماذا يرد الإخوان على أحكام القضاء بالإرهاب؟
تاريخ النشر : 2016-05-12 10:50

لماذا هذا الزج المبكر باسم الإخوان كمتهم فى العمل الإرهابى الذى وقع بحلوان، خاصة أن التحريات ما زالت لم تفصح عن خيوط العمل الإجرامى بعد، فضلاً عن ورود اسم «داعش» منذ اللحظات الأولى من العملية الإرهابية، بل وظل الإلحاح المقصود والمتكرر لجملة «داعش فى قلب العاصمة» يحتل صدر صفحات التواصل الاجتماعى، ومنها انتقل إلى الصحف التى بدأت تورد تفاصيل العملية؟ إجابة السؤال الأول قبل الاسترسال لأن تنظيم الإخوان تاريخياً وعقائدياً ينتهج هذا التكتيك منذ حادث اغتيال القاضى الخازندار فى العام 1948م، وصولاً إلى تنفيذ عمل إرهابى ضد أعضاء النيابة العامة بمدينة العريش مايو 2015م سقط فيه ثلاثة شهداء من رؤساء النيابة، بعد ساعات من إحالة أوراق محمد مرسى و35 متهماً إلى فضيلة المفتى بقضية اقتحام سجون وادى النطرون عام 2011م، وما بين هذين التاريخين جرت الكثير من الدماء الحرام، ربما أحدثها تم إحالته للقضاء وهم المتهمون باغتيال النائب العام هشام بركات، حيث انتهت النيابة من تحقيقات الحادث وأحالت 67 متهماً للقضاء، فيهم من تدرب بمعرفة حركة «حماس» الإخوانية على العملية، ومنهم من تلقى التكليف والأموال على حسابه الشخصى من شخصيات إخوانية تقيم فى تركيا، ومنهم من أعد السيارة بتفخيخها وتعبئتها بالمتفجرات فى مزرعة بالشرقية مملوكة لعضو بتنظيم الإخوان أيضاً.

لذلك عندما تقع حادثة إرهابية بعد ساعات من قضية التخابر لصالح دولة قطر وحجز القضية للحكم بعد أسابيع من الآن، يصير اتهام الإخوان منطقياً بأنهم المتهم الأول من دون منازع، إن كانوا هم مباشرة من نفذوا العملية عبر عناصرهم أو كلفوا إحدى خلايا تنظيم سيناء الإرهابى المدربة بتنفيذها لحسابهم، وهذا النسق الأخير تم من قبل فى حادث اغتيال أعضاء النيابة بالعريش، وهذا ما يفسر تنازع بيانات التبنى من قبَل «داعش» والمقصود هنا بالطبع المجموعات الموجودة بسيناء، وليس كما سارعت الصفحات الإخوانية ومواقعهم بتداول ونشر جملة «داعش» الموجودة بالعاصمة المصرية، فقد كان الإلحاح ظاهراً فى استهداف الوصول إلى حالة الانتشار المستقر، خاصة عندما تم تضخيم شكل التنفيذ بأنه قد تم بسيارة مكتوب عليها «داعش» ومثبت عليها «مدفع جرينوف»، وهو ما ثبت عدم صحته بالطبع، لكنها كانت الرسالة الإعلامية التى يريد الإخوان إيصالها، ولذلك كانت كافة تلك الأخبار وما أحيط بها تخرج من «شبكة رصد» الإخبارية الإخوانية بعد دقائق من الحادث ومن موقعه، وعنها نقلت كافة مواقع الصحف للأسف بداية قبل أن تبدأ فى تدارك «كالعادة» الفخ التى سيقت إليه!

لكن ما سبق لا يشكل الذرائع الوحيدة لارتكاب الإخوان هذا العمل الإرهابى، فهناك أسباب ومستهدفات أكثر خطورة هى ما دفعت إلى إزهاق هذه الدماء الشريفة بهذا القدر من الشراسة، فتنظيم الإخوان يعيش مأزقاً حاداً بداخله يتعمق بمرور الزمن والأحداث، فمراهنته تتهاوى على النظام التركى الذى كان ملء السمع والبصر على المستويين الدولى والإقليمى، يدخل اليوم بقدميه إلى نفق مظلم ويعانى من عزلة واتهامات دولية حتى من أقرب حلفائه وشركائه، أشهرها بالطبع الاتهامات الأمريكية التى جاءت على لسان الرئيس أوباما عشية مغادرته منصبه الأقوى.

وربما كانت مراهنة الإخوان الأخيرة طوال شهور الصمت الأخيرة، على زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى القاهرة كونه قد يقوم بوساطة ترميم علاقات ما بين مصر وتركيا تشمل الإخوان فى طياتها، فإذا بزيارة الملك السعودى تأخذ منحى مغايراً تماماً، الذى أصاب الإخوان جراءها بالصدمة القاتلة ليس رفض الملك القيام بتلك الوساطة، لكن السبب الحقيقى أن الحسابات السعودية تجاهلت تلك الآمال وأن الأحداث الحالية قد تجاوزت الإخوان بالفعل، وهذا ما أطار صواب الإخوان وألقى بهم فى مستنقع عميق من إحباط هائل، سكن التنظيم واستولى عليه وهو يرقب تحولات فروعه بالأردن ثم تونس، ما أكد بجلاء الحقيقة المفزعة بأن الأحداث قد تجاوزت الإخوان فعلياً، وأنهم قد صاروا عبئاً يلتف الجميع من حوله، خشية الاحتراق بأى من ملفاته المزعجة بالقدر الذى يدفع إلى الفرار منها، تماماً كالنظام التركى الذى يتهاوى بنفس القدر من السرعة والنفور من كافة أطراف متعامليه السابقين، ليخسر التنظيم حاضنته الأقوى وعرابه فى أيام ربيع الحظوة الجميل، وهذا الانكفاء الأخير الذى يدخله تنظيم الإخوان سريعاً ربما يشكل الخطورة فيه، أن أدبيات وأداءات التنظيم التاريخية تنبئ بتوجهه إلى العمل السرى العنيف الذى لن يجد أمامه سوى الدم، ليروى به ظمأه ويعوض له مكانة غابت، وتأثيراً ربما يحاول استرداده بالقدرة على الإزعاج وصناعة الألم.

عن الوطن المصرية