اليهود وتفنيد رواية فلسطين ارض الميعاد
تاريخ النشر : 2016-05-12 02:24

كان مشهد خروج اليهود من مصر بقيادة النبي موسي عليه السلام حدثا مفصلياً بالتاريخ اليهودي ؛ بعد إن يذكرنا القران الكريم أن ذلك الخروج كان للنجاة بالنفس من بطش الفرعون (رمسيس الثاني ) فرعون الخروج صاحب اكبر عدد من المسلات المصرية الشهيرة كما ورد بالآية الكريمة (وفرعون ذي الأوتاد ) وكان هذا الخروج بعد أن وكز موسي رجلا مسيحيا فقتله لما كان من تمتعه بقوة كبيرة ليستعين بها علي فرق وشيع اليهود بدعوتهم لرسالته ،فلم تكن الدعوي بينهم عادية ، فبعد أن ضرب موسي البحر بعصاه لينفلق اثني عشر ممرا بعدد أسباطهم و أقدامهم لم تجف بعد من اثر ذلك العبور ،إلا وقالوا لموسي اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة ، وما كاد يغيب عنهم بضعة أيام إلا ورجع من بعد مناجاة ربه إلا ووجدهم يعبدون العجل ...فقوم كهؤلاء بحاجة إلي نبي قوي جسيم قوي البنية ليقوم بمهام الدعوة بينهم بأعبائها ومتطلباتها .

وأول تشكل لليهود كطائفة كان في عصر أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام بجنوب العراق ؛ وعند اشتداد القحط بهذه الحقبة هاجر إبراهيم وقومه إلي فلسطين وكانت ولادة النبي إسحاق ومن بعده يعقوب وسبطه ألاثني عشر ، ولم تكن فلسطين أرضا خالية في حينه بل كان فيها الكنعانيين نسبة إلي كنعان بن حام بن نوح ، ثم كانت هجرة اليهود لمصر بعد 150 عام بسبب القحط وندرة الإمطار وإقامتهم في خدمة الشعب المصري كعبيد بالعصر الفرعوني إلي قيامهم بالهجرة المذكورة بعالية .

وفي التاريخ اليهودي تعرض وجودهم العابر بفلسطين إلي ثلاث هجرات عكسية من ارض فلسطين أو ارض كنعان حينها ، فقد كانت الهجرة اليهودية الأولي بالعصر البابلي علي يد بختنصَّر حيث الآسر والترحيل لغالبيتهم العظمي وبعد انكسار البابليين علي يد الفرس سمح لهم بالعودة فللم يعد إلا النذر اليسير بعد أن استطاب لهم المقام بالعراق وما حوله ، والهجرة الثانية كانت بعصر الاسكندر المقدوني وخلفائه وهزيمته للفرس بعصر توادرس فأعاد اليهود انتشارهم بدول البلقان واسيا الوسطي وقامت لهم دولة الخرز التترية الوثنية على الطرف الشرقي من أوروبا وهم أصل اليهود اليوم ، بعد أن تحول حكامها لليهود وشعوبها لليهودية كديانة ، وبذلك أصبح لدينا يهود أصليون ويهود محليين من سكان المنطقة ، وأما الهجرة الثالثة والأخيرة فكان بالعصر الروماني وطردهم من كل فلسطين بعد مذابح وهدم لمعابدهم فلم يبقي منهم إلا نذر يسير وبالأخص بنابلس حيث الطائفة السامرية لليوم.

وبهذا السرد التاريخي لم تكن الطائفة اليهودية يوما ما كتجمع بشري صاف او كعرق سامي علي حد زعمهم بعد الشتات المتكرر و الهجرات والشتات وخروج من اليهودية للأصليين بقصد الحماية الشخصية وهروب من مذابح ودخول محليين آخرين علي حسب رغبة ملوكهم ، وكانت الطائفة اليهودية عرضة للانتقام بسبب تقلب تحالفاتهم كعادتهم وغدرهم ، وبذلك لم تعد لهم كطائفة صفات وراثية موحدة بعد الاختلاط مع الآخرين ، فستجد فيهم اختلافات جسدية متباينة فلا وحده في صفات ومورثات بشرية ،أو نمطا اثنولجيا متفردا _الا ما اشتهر بان اليهود صفتهم دائما كتجار مرابين بخلاء كما في رواية تاجر البندقية لشكسبير _وهناك تعدد وبون شاسع بذلك فلا نقاء للجنس اليهودي كشعب أو قومية تاريخية واحدة بعد هجرات متعددة وشتات تاريخي علي مر العصور ، وبذلك تنتفي مقولة أن فلسطين ارض الأجداد التي استند عليها الاحتلال لاغتصاب ارض فلسطين التاريخية .

وقد ذهب ألي ذلك الاستنتاج أكثر علماء الاثنولجيا المعاصرين (علم الشعوب وثقافتها وتاريخ حياتها كجماعات) يدحض وينسف فكرة أن ارض فلسطين هي ارض الأجداد ؛ فالحقيقة التاريخية تثبت أن اليهود اليوم لا علاقة لهم (تاريخية أو غيرها) من قريب أو بعيد بيهود الأمس، وإسرائيل اليوم لا علاقة لها ببني إسرائيل الأمس وعلي رأس هؤلاء العلماء جمال حمدان العبقري صاحب موسوعة شخصية مصر ؛ والمؤرخ آرثر كوستلر اليهودي في كتابه السبط الثالث عشر: إمبراطورية الخزر وتراثها والمؤرخ بيتر جميس التي نشر ذلك في كتابه "قرون الظلام" وغيرهم .

فلم يعد ليهود اليوم كديانة أي حق تاريخي في ارض فلسطين ولم تُذد حفريات الاحتلال بباطن الأرض إلا رهقاً فلم يكتشفوا أثرا واحداً طيلة سنوات التنقيب عن شئ إلا من اثار كنعانية او رومانية او حتي فرعونية ،ولم تجد شاهد واحد عن مدينة التلمود التاريخية او هيكل سليمان ؛ وكما يقول المؤلف كوستلر اليهودي (أن مشروعية “إسرائيل” تنبع من القرار الدولي بتأسيسها وليس من أي عهد توارتي أو علاقة جينية مع العبرانيين القدامى)؛ فهم كمال شاعر الثورة الفلسطينية محمود درويش مارون بين الكلمات العابرة!..