نكبة ألعن من نكبة "3"
تاريخ النشر : 2016-05-11 19:21

بعد أيام قليلة تمر علينا الذكرى الـ 68 لنكبة فلسطين بعد اغتصابها من قبل الصهاينة في العام 1948, وما صاحب تلك النكبة من أحداث لم تعد عند كثير ممن هم في سدة الحكم لها أثرا لأنهم ببساطة منشغلون كل في معركته الحزبية الضيقة ومصالحه التافهة , وإذ يحيى الفلسطينيون بشكل عام وسكان قطاع غزة بشكل خاص هذه الذكرى المؤلمة, إلا أن إحياء سكان قطاع غزة من الفلسطينيين يحتفلون بهذه الذكرى على طريقتهم وذلك وفق ما يعيشون من مرارة الألم الذى سببه الانقسام منذ اكثر من 9 سنوات, إذ أن الفلسطيني الذى يعيش في غزة ينظر إلى هذا الوحل الانقسامي الهدام على أنه أكثر إيذاء من نكبة عام 1948, ومن خلال كشف حساب بسيط جدا فنكبة الـ48 كانت أولا بإرادة دولية وخيانات بعض العرب ولا مجال هنا لتحديد أسبابها , وبرغم من مرارتها لم يكتفى الفلسطيني بان يجلس أمام خيمته ويندب حظه في شتات الأرض منتظر مسيحيا جديدا يطل عليه يعاونه في عودته لأرضه الذى سلبت, بل خرج من تحت الركام وقرر أن يغير هذا الواقع واستطاع بعزيمة من وهبوا انفسهم لفلسطين فقط أن يجعلوا من طوابير اللاجئين في شتات المهجر الى كتائب مقاتلة هدفها فقط تحرير فلسطين كل فلسطين, وبرغم ما تعرضت لها الثورة الفلسطينية المعاصرة من مؤامرات ودسائس وحروب جانبية لم تغير بوصلتها على الاطلاق وبقيت فقط موجهة نحو فلسطين, ومرورا بكل ما مرت به على كل الأصعدة الميدانية عسكرية كانت أم أمنية وسياسية ودبلوماسية مع الأخذ بعين الاعتبار التغييرات الدولية التي كانت تطرأ على الساحة الدولية وتأثيرها على مجريات القضية الفلسطينية إلا أن منظمة التحرير الفلسطينية استطاعت انتزاع اعتراف اسرائيل بوجود شعب اسمه فلسطين ووقعت اتفاقات بينهما , الأمر الذى دفع بوجود كيان فلسطيني يعمل على بناء بنية أساسية لدولة فلسطينية على تراب فلسطين يقوم هذا البناء على وجود شعب وليس كما يحصل الآن على هدم الشعب نفسيا ومعنويا, ولم يستطيع أحد إنكار ما تم إنجازه في 5 سنوات بناء السلطة وما رافقها من بناء مرافق سيادية لدولة وجواز سفر خاص بفلسطين وبرغم النواقص الموجودة في حينه إلا أن القاصي والداني والمتفق والمختلف استفاد من هذه الإنجازات الوطنية المستحقة لشعب ناضل منذ أكثر من 100 عام ومازال يناضل حتى اليوم, ولكن ما يعيشه الشعب الفلسطيني من نكبة جديدة بفعل فاعل قريب وبعيد وبالحسابات البسيطة ألعن من نكبة الصهاينة على الشعب والقضية و كانت نكبة الـ48 دفعت بالفلسطينيين الأحرار مواجهة العالم الظالم وفرض وجود الانسان الفلسطيني في شتى المجالات, فاليوم نكبة فلسطين الحديثة والمصطنعة من القريب والبعيد تدوس الانسان الفلسطيني بأحذية المال السياسي والحزبي والفصائلي ويباع دماء الفلسطيني في بازارات الإقليم , فتارة محور ممانعة لا علاقة له بفلسطين, وتارة أخرى محور شيعي سنى وثالث وطني وإسلامي ورابع وخامس.. الخ, ولكن أين الفلسطيني من كل هذه المعادلات الخائنة والعملية؟ وهنا وجب أن نسأل: ما الذى استفادته حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية وحماس من حالة الانقسام؟ وكيف كان مردوده على كل الفصائل السياسية والحزبية؟ إلى أي مدى أصبح الانتماء الوطني فعال لدى الفلسطيني؟ وهل ما تشهده غزة من حالات انتحار فردى وجماعي يحقق أهداف هذه الفصائل إن كانت أهدافها فلسطين؟ كيف سنواجه اسرائيل من خلال جيل يائس لا يجد قوت يومه ؟ كيف سنواجه اسرائيل وأمامنا شاب يحرق نفسة لأنه لم يجد نفسه أصلا؟ لماذا الاستمرار بهذه النكبة مع العلم بأن كلا المشروعين أظهرا فشلا ذريعا ؟ هل حقق مشروع المفاوضات وخاصة بعد اندلاع انتفاضة الاقصى في العام 2000 مع اسرائيل بعد؟ لماذا الاصرار على فشل الى فشل؟؟ وهل ما ذهبت اليه حماس في غزة من حروب متكررة دمرت الحجر والبشر تم تحقيق جزء منه ولو قليل؟؟ فلماذا الاصرار؟؟ إذا يا سادة نحن أمام حالة غريبة في التاريخ بأن من يدعى المقاومة إن كانت سياسية أو مسلحة برغم شرعيتها الدولية, إذا إن من يتحكمون في تلك الاحزاب الضيقة هم من يصنعون نكبتهم المستمرة, والامر واضح وصريح ولو كان الأمر وطنيا خالصا لتنازل كل طرف لما فيه مصلحة فلسطين فلا مفاوضات بدون قوة برغم كل الاعتبارات الواقعية, ولا مقاومة مسلحة بدون أدوات سياسية, إذا الاستمرار من قبل طرفي الانقسام بشكل مقصود هو الاستمرار في نكبة فلسطين ولكن نكبة الانقسام ألعن من نكبة الصهاينة, ولكن ما نقوله بشكل واضح بان الفلسطيني كما تعودنا هو صاحب نظرية الخروج من تحت الركام ولكن هذه المرة سيكون انفجاره على كل الطغاة ولن يستثنى أحدا.