أبرز ما تناولته الصحافة العبرية 09/05/2016
تاريخ النشر : 2016-05-09 11:49

الجنرال ساميا: "منح الاوسمة بعد حرب غزة جاء للتغطية على شيء ما"

تكتب صحيفة "هآرتس" عن الهجوم المتبادل الذي وقع امس بين قائدين في الجيش الاسرائيلي على خلفية تسريب مسودة التقرير السري الذي اعده مراقب الدولة حول حرب "الجرف الصامد" في غزة. فقد قال الجنرال (احتياط) يوم طوف ساميا، امس، انه "مهما كانت خطورة التقرير فانه ليس متأكدا من أنه سيكون خطيرا بما يكفي". وكان ساميا قد شغل منصب نائب قائد المنطقة الجنوبية خلال الحرب في صيف 2014. واضاف انه لم يشارك في أي تلخيص او أي تحقيق حول الحرب، او الانفاق بشكل خاص.

وقال ساميا ان عدم الاستعداد لسؤاله رغم انه شغل منصبا رفيعا في القيادة الجنوبية، يدل على فشل التحقيق. واوضح: "هذا لا يعني ان المسؤولين لم يقوموا بإجراء تلخيص جدي ومعمق يقف فيه مواطن مثلي، جنرال مثلي، لديه رأيه، ويقوله بشأن العملية. لقد تخوفوا من ذلك وهذا ما يقلقني". وقال ان هناك من سعى الى تكنيس اخفاقات الجرف الصامد تحت البساط. وانتقد ساميا الكم الكبير من الاوسمة التي تم توزيعها  على المشاركين في الحملة العسكرية، وقال ان "توزيع 72 وساما اعتبره فضيحة، استيقظوا يا رفاق، يوجد شيء ما هنا، لدي شعور بأن شكل التحقيقات ومنح الاوسمة جاء للتغطية على شيء ما، ولذلك لم يفاجئني تقرير مراقب الدولة".

وهاجم قائد المنطقة الجنوبية خلال الحملة، الجنرال سامي ترجمان، الجنرال ساميا، وقال معقبا على تصريحه بأنه "قيل اليوم هراء من اجل القذف بالحاصلين على الاوسمة، قبل يومين من يوم الذكرى. انا افاخر بهم واخجل من اولئك الذين يقومون بتشويه سمعتهم". واضاف ان كل من شارك في قيادة العملية دعي الى كل التحقيقات ومن يدعي انهم لم تتم دعوته فانه يختار عدم التدقيق بالحقائق لأسباب تخصه"

في السياق ذاته، بعث مراقب الدولة القاضي المتقاعد، يوسيف شبيرا، امس، برسالة الى المستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت، طلب فيها الأمر بإجراء فحص حول تسريب مسودة التقرير الذي تم تحويله الى الجهات المعنية، ومن بينها عدد من اعضاء المجلس الوزاري المصغر، من اجل التعقيب عليه. وكان مقربون من رئيس الحكومة ووزير الأمن، قد ادعوا في الأسبوع الماضي بأن التقرير "غير جدي"، وتحركه دوافع الملاحقة السياسية.

الى ذلك من المتوقع ان تجري الكنيست نقاشا خاصا حول التقرير بعد اعلان حركة "ميرتس" بأنها نجحت بجمع العدد المطلوب من تواقيع النواب لعقد جلسة استثنائية خلال العطلة. ولم يتم بعد تحديد موعد الجلسة.

في هذا السياق نشير الى انه بمبادرة من النائب اريئيل مرجليت من "المعسكر الصهيوني"، وقع مئات المواطنين الاسرائيليين على عريضة، تنشرها "هآرتس" كإعلان اليوم، وتطالب بنشر تقرير مراقب الدولة حول "الجرف الصامد"، قبل ان يفشل نتنياهو في الحرب القادمة.

وجاء في العريضة التي دعت الى نشر التقرير عاجلا، ان "نتنياهو يختار التستر على تقرير مراقب الدولة المتعلق بسلوكه الفاشل في الجرف الصامد، وهو يعرف جيدا لماذا يفعل ذلك. نحن مواطنو اسرائيل نريد معرفة كيف سلك المسؤول عن امننا، قبل فشله في الحرب القادمة".

نتنياهو يهاجم نائب رئيس الاركان وبعض وزرائه يطالبون بإقالته

كتبت صحيفة "هآرتس، ان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، هاجم خلال جلسة الحكومة، امس، نائب رئيس الاركان يئير جولان، على خلفية تصريحاته عشية ذكرى الكارثة، وقال ان ما قاله جولان يثير الغضب وكاذب وتسبب بالظلم للمجتمع الاسرائيلي. وحسب نتنياهو فان "المقارنة التي اجراها جولان مع خطوات ميزت المانيا النازية قبل 80 سنة تثير الغضب. هذه مقولة كاذبة في اساسها، وما كان يجب قولها في أي توقيت وبالتأكيد ليس في التوقيت الذي قيلت فيه. انها تسبب الظلم للمجتمع الاسرائيلي، وتزدري ذكرى الكارثة. نائب رئيس الاركان هو ضابط يتمتع بكثير من الاستحقاق لكن كلماته في هذه المسألة كانت خاطئة بشكل مطلق وليست مقبولة علي".

واعتبر نتنياهو بان اسرائيل هي "اعجوبة تاريخية" والجميع يفاخرون بإنجازاتها وبجيشها. وقال: "لقد قيلت الكثير من الامور عن دولة اسرائيل في الأيام الأخيرة. لا توجد دولة لا تتواجد فيها ظواهر العنف وعدم التسامح، لكن الديموقراطية الاسرائيلية راسخة، وهي تشجب كل هذه الظواهر وتعالجها بواسطة القانون وبوسائل اخرى".

في هذا السياق تكتب "يديعوت احرونوت" انه عندما يصل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، اليوم، الى مقر القيادة العامة للجيش، للاحتفال بعيد الاستقلال، ستتوجه الانظار كلها نحو مصافحة اليد التقليدية لقيادة الجيش، وبشكل خاص مصافحته لضابط بارز: نائب رئيس الأركان يئير جولان.

وتضيف الصحيفة الى ما نشرته "هآرتس" ان نتنياهو اهتم بالتأكيد امام وزرائه بأنه لم يدعم جولان في أي مرحلة، وشجب اقواله. لكن العديد من الوزراء، لم يفاجئوا بتزامن تصريحات نتنياهو. وقال وزراء كبار في المجلس الوزاري المصغر- والذين كانوا اعضاء في هذا المجلس خلال فترة الجرف الصامد ايضا- ان تهجم نتنياهو على جولان "هو اسفين يهدف الى حرف الأنظار عن تقرير مراقب الدولة المتوقع حول اخفاقات الجرف الصامد".

وسارع المقربون من نتنياهو الى نفي ذلك وتوفير تفسير لتأخر نتنياهو في التعقيب على تصريحات جولان، وقالوا "ان هذه كانت فرصة نتنياهو الاولى للتعقيب على خطاب يوم الكارثة". وقالوا انه لا توجد أي نية لفصل جولان من منصبه.

ومن بين الأصوات الضئيلة في الحكومة التي خرجت للدفاع عن جولان، كان وزير الامن موشيه يعلون، الذي قال للمرة الثانية خلال اربعة ايام، انه يدعم نائب رئيس الأركان.

وتضيف "هآرتس" ان نتنياهو وصل الى جلسة الحكومة بعد جلسة الليكود التي هاجم خلالها العديد من الوزراء نائب رئيس الاركان، وطالبوه بالاعتذار عنها. وقال الوزير اوفير اوكونيس ان تصريحات جولان "تعيسة وتسبب ضررا ضخما للإعلام الاسرائيلي في كل العالم". واعتبر التوضيح الذي نشره جولان غير كاف، ويجب عليه "الاعتذار الواضح والتراجع عن المقارنات المقلقة والبعيدة عن الواقع".

وطالبت الوزيرة ميري ريغف، الجنرال جولان بالاستقالة، وقالت انه "من غير المعقول ان يصبح نائب رئيس الاركان، الضابط بالزي العسكري، جزء من نزع الشرعية عن اسرائيل، ويلقي خطابا رسميا يتضمن تصريحات تمس بإسرائيل وبصورتها وبمناعتها. على نائب رئيس الاركان الاهتمام بجاهزية الجيش واعداده للحرب وليس بتصريحات كاذبة ومقارنة مواطني الدولة بالنازيين. لقد تجاوز كل الحدود وعليه الاستقالة من منصبه".

وكتب رئيس المعارضة على حسابه في تويتر، ردا على تصريح نتنياهو، بأن "محاولة فرض الرعب والصمت على ضباط الجيش هي مسألة خطيرة غير مسبوقة. لقد تحدث نائب رئيس الاركان عن ظواهر مريضة في المجتمع الاسرائيلي واوضح بأنه لم يُجر مقارنة مع النظام النازي. تهجم القيادة السياسية على ضابط يمنع عليه الرد وانما استيعاب الهجوم فقط، تثير الغضب وليست ملائمة".

وكتبت النائب شيلي يحيموفيتش ان " نتنياهو الذي يزدري الكارثة بأكثر شكل وحشي، يتجرأ على اتهام نائب رئيس الاركان بالازدراء."

تحذير فلسطيني من تدهور حالة الاسير الاداري الفلسطيني سامي جنازرة

كتبت صحيفة "هآرتس" ان وزارة الصحة الفلسطينية حذرت من تدهور حالة الاسير الاداري الفلسطيني سامي جنازرة، المضرب عن الطعام منذ 68 يوما. ويخضع جنازرة، وهو من مخيم الفوار قرب الخليل، للعلاج في مستشفى سوروكا في بئر السبع منذ اسبوع، ويرفض تلقي العلاج الطبي ويحتج على مواصلة اعتقاله غير المبرر، حسب رأيه. واعلن نادي الأسير الفلسطيني امس، ان المحكمة العليا ستناقش غدا التماسا ضد مواصلة اعتقال جنازرة.

وقال مدير القسم القانوني في نادي الاسير الفلسطيني، المحامي جواد بولس، لصحيفة "هآرتس" انه تم تعيين الجلسة الاولى ليوم 16 ايار، لكن المحكمة وافقت على تقديم موعدها بسبب تدهور حالة الاسير.

يشار الى ان جنازرة، المتماثل مع فتح، عمل في الزراعة وتجارة الاغنام، وقد اعتقل في 15 نوفمبر وصدر ضده امر اعتقال اداري لمدة اربعة أشهر. وفي آذار تم تجديد الأمر لأربعة اشهر أخرى دون التزام بإطلاق سراحه بعدها. وحسب اقوال محاميه، فقد تم التحقيق مع جنازرة حول نشاطات لحركة حماس رغم انه يتماثل مع حركة فتح.

وقال شقيق جنازرة، كايد، لصحيفة "هآرتس" انه لا يسمح للعائلة بزيارة شقيقه، وانها تشعر بالقلق على سلامته. وقال ان شقيقه "لا يعرف ما هي التهم الموجهة اليه لأنها سرية، ولا يعرف متى سيتم اطلاق سراحه، ولذلك قرر اللجوء الى الاضراب عن الطعام. اذا كان هناك ما يمكن اتهامه به فليقدموه الى المحاكمة".

تقديم لائحة اتهام اخرى ضد "اسير الذرة" فعنونو

كتبت "هآرتس" ان نيابة لواء القدس، قدمت امس، الاحد، لائحة اتهام جديدة ضد "اسير الذرة" سابقا، مردخاي فعنونو، الذي كشف اسرار المفاعل النووي الاسرائيلي. ويتهم فعنونو في لائحة الاتهام الجديدة بالانتقال الى منزل آخر في العمارة التي يقيم فيها من دون تنسيق مع السلطات، ومنح لقاء للقناة الثانية، خلافا للقيود التي فرضت عليه مع اطلاق سراحه من السجن قبل 12 عاما.

ويستدل من لائحة الاتهام بأن فعنونو يخضع للتعقب المتشدد، حيث تشير اللائحة، مثلا، الى قيامه في 21.4.2013، بالتقاء مواطنين اجانب، الساعة التاسعة ليلا في فندق القدس، في القدس الشرقية، دون الحصول على تصريح بذلك. وتم اضافة اسماء وارقام جوازات سفر المواطنين الأجانب الى لائحة الاتهام.

كما يتهم فعنونو بعدم تبليغ الشرطة عن تغيير عنوان اقامته، حين انتقل للعيش في منزل اخر يقع في ذات العمارة التي اقام فيها. ويتهم ايضا، بتسليم معلومات سرية حول المفاعل النووي للقناة الثانية خلال اللقاء الذي تم بثه في 2 ايلول 2015. ويتبين من لائحة الاتهام ان هذه المعلومات ليست جديدة بل تم كشفها في السابق لوسائل الاعلام، لكنه حسب شروط اطلاق سراحه يمنع عليه تسليمها لاحد، حتى وان سبق نشرها.

يشار الى ان المحكمة فرضت في 2007 السجن لمدة نصف عام على فعنونو بتهم مماثلة. ويقدر محاميه افيغدور فالدمان، ان الدولة قدمت لائحة الاتهام الجديدة، كي "تمهد الارض" للمداولات التي يفترض ان تجري قريبا حول تمديد فترة منعه من مغادرة البلاد، والتي تم تمديدها بشكل مؤقت، مؤخرا، بأمر من المحكمة. وقال فالدمان ان بنود لائحة الاتهام الجديدة تعكس قمة التدهور الذي وصلت اليه الدولة في الملاحقة والتنكيل المتواصل بمردخاي فعنونو. انا اخجل بذلك ومن المناسب ان يخجل من قدم لائحة الاتهام اضعاف ذلك".

اتهام الكاهن نداف بالتحرش الجنسي بمن جندهم من الشبان المسيحيين

تكتب "يديعوت احرونوت" انه طرحت على الشبكة الاجتماعية، امس، ادعاءات شديدة ضد الكاهن جبرئيل نداف، الذي اختير لإيقاد احدى مشاعل عيد الاستقلال الاسرائيلي. فقد ادعى عدد من الشبان بأن نداف استغل مكانته للحصول على رشاوى، وتحرش بهم جنسيا. وقد كشف النقاب عن ذلك، مساء امس، في القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي. ويشار الى ان نداف يترأس منتدى تجنيد الشبان المسيحيين للجيش الاسرائيلي.

وادعى جندي مسيحي مسرح، حاول الكاهن نداف تجنيده للشرطة، ان نداف تحرش به جنسيا، وقال له عبارات ذات طابع جنسي، فيما ادعى جندي في الجيش النظامي انه توجه الى نداف لمساعدته على ضمه الى وحدة عسكرية، فطلب منه نداف "الاقتراب منه". وحسب اقواله فانه عندما سأل نداف عن الكنيسة او المكان الذي يمكنهما الالتقاء فيه لترتيب الامر، قال له نداف: "نخرج للنزهة معا. اريد ان اكون قريبا".

ونشرت في اطار التحقيق مراسلات عبر شبكة فيسبوك، يتوجه نداف في احدها الى شاب اخر ويكتب له: "انت تعجبني دائما.. انا لا اعرف ما الذي اشعر به كلما رأيتك بالزي العسكري.. اشعر بشيء غريب.. رجولة". ومن ثم يطلب نداف من الشاب التكتم على المراسلات بينهما وينعته بالقاب ودية مختلفة.

مع ذلك لم يتم تقديم شكاوى ضد نداف الى الشرطة. وفي تعقيبه ادعى نداف ان "جهات جنائية في الطائفة تآمرت علي وارتكبت جريمة ذكية ضدي. لم امس جنسيا بأي احد".

وجاء من مكتب وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريغف ان "الوزيرة تدعم اللجنة الشعبية التي اختارت بالإجماع الكاهن نداف لإيقاد الشعلة، ولن تتطرق الى اصحاب المصلحة الذين يحاولون المس بالكاهن. لهذا الغرض توجد جهات مسؤولة عن تطبيق القانون وطالما لم تثبت ذلك، فان نداف سيوقد الشعلة".

مقالات وتقارير

تم تحقيق الردع

يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" عن وجود عامل مشترك وواضح بين القضيتين اللتين تعصفان بالجهازين الامني والسياسي، في الأيام الأخيرة – العاصفة حول تصريحات نائب رئيس الأركان، الجنرال يئير جولان، عشية ذكرى الكارثة، ونشر مسودة تقرير مراقب الدولة الشديد حول الحرب الاخيرة في غزة. في كلا الحالتين، واجه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ضائقة سياسية. في الاولى، امام مطالبته من اليمين باتخاذ اجراءات ضد نائب رئيس الأركان، وفي الثانية، لأن التقرير يهاجم ادائه لمهامه خلال "الجرف الصامد".

وفي كلا الحالتين يحاول نتنياهو اللجوء الى الامكانية السهلة: تحميل المسؤولية للجيش: مهاجنة جولان علانية، كما فعل امس، ومحاولة لدحرجة المسؤولية عن الاخفاقات العسكرية في عملية غزة الى القيادة المهنية في الجيش، كما يفكر بالعمل اذا ما تطورت قضية التقرير الى حد تعرضه لفضيحة رسمية مطلقة.

لدى جولان يوجد طابع متكرر. حتى عندما يظهر امام الجمهور، يقوم نائب رئيس الأركان بتحليل الأمور بشكل مباشر وفظ، دون ان يتستر وراء الرسائل الاعلامية ومن دون التملق للمستمعين اليه. ولكن في الوقت نفسه، لا يميل جولان الى تحليل تأثير تصريحاته على بعد خطوتين الى الأمام. هكذا حدث لجولان في نهاية آذار، خلال خطاب القاه في جامعة بار ايلان، خلال محاضرة اعرب خلالها عن رأيه بشكل حرية بشأن السياسة الاقليمية للولايات المتحدة، روسيا وتركيا، رغم ان الأمور لم تحظ بصدى اعلامي واسع. وهكذا حدث في الاسبوع الماضي حين قارن بين تاريخ المانيا النازية واتجاهات تتطور في السنوات الأخيرة في المجتمع الاسرائيلي.

لقد المح جولان الى ظواهر حقيقية عصفت به مثل الكثير من قادة الجيش: قتل ابناء عائلة دوابشة والفتى محمد ابو خضير، التطرف العنصري في المظاهرات وعلى الشبكات الاجتماعية، ملاحقة السياسيين اليساريين والتنكيل بالعرب. التحذير من هذه الظواهر والدعوة لإجراء حساب مع النفس كانت مبررة: المقارنة مع النازية كانت مبالغة، بل ربما زائدة. يمكن التفكير، ايضا بهوية المتحدث (ضابط الجيش ليس معلما وليس مفكرا او شخصية سياسية)، وبالتأكيد بالتوقيت، عشية يوم الكارثة. من يهاجمون نائب رئيس الأركان، احيانا بوحشية لم نر مثلها في اليسار ازاء قادة الجيش، يركزون على السياق التاريخي لتصريحاته. ولكن بشكل اقل علانية، يستتر هنا دافع آخر. المساعي الى اسكات جولان، الى حد المطالبة بطرده من منصبه، جاءت استمرارا مباشرا لهجوم اليمين على وزير الامن يعلون ورئيس الأركان غادي ايزنكوت ومحاكمة الجندي اليؤور أزاريا، الذي اطلق النار في الخليل وستبدأ محاكمته اليوم.

يبدو ان ما يقلق اكثر المنتقدين المعادين للقيادة الامنية، هي ليست المقارنة مع المانيا النازية. حقيقة التحذير من الأضرار الأخلاقية للاحتلال، حتى من جانب جنرالات غير يساريين، كالشخصيات الثلاثة في القيادة الامنية، هي التي جعلتهم يقفزون. هذا التوجه الذي يعكسه قادة كتلة البيت اليهودي، وبعض وزراء الليكود يهدف الى التمهيد لوضع يعتبر انه لا يوجد أي شائبة في مواصلة السيطرة الاسرائيلية  على الفلسطينيين، ولذلك، فان كل الوسائل  متاحة في الصراع ضد الارهاب الفلسطيني. من هنا، فان كل من يحاول تحديد خطوط حمراء لتفعيل القوة، او يحذر من الأثار الاخلاقية لتفعيلها – يخرب على الجهود الإسرائيلية ويمس بالإعلام الإسرائيلي في الخارج، ولذلك يجب محاربته بكل الوسائل.

لكن حتى اذا لم ينجح الهجوم اليميني بإنهاء السيرة العسكرية للجنرال جولان، فانه لا شك بأن ذلك سيلقي ظلا ثقيلا على طريقه المستقبلي. جولان الذي وُصف في الماضي كصقر أمني وخلف انطباعا على نتنياهو حين التقى المرشحين لمنصب رئيس الأركان الحالي (يعلون هو الذي رجح الكفة لصالح ايزنكوت)، سيجد صعوبة كبيرة في تعيينه لمنصب رئيس الأركان القادم. فقبل ذلك الصق اليمين المتطرف بطاقة اليساري المتطرف بالجنرال نيتسان الون. وعليه فقد تم تحقيق الردع تمهيدا للخطوة القادمة: غالبية المنافسين على وراثة ايزنكوت سيترددون في اظهار العامود الفقري العام لرئيس الاركان الحالي، وبالتأكيد لن يخاطروا بتصريحات مثل جولان.

وفي هذه الأثناء يتواصل تدحرج قضية تقرير مراقب الدولة. في نظرة الى الوراء، يبدو ان تهجم ديوان نتنياهو على المراقب يوسيف شبيرا، كان مبكرا ومبالغا فيه. صحيح ان مسودة التقرير شديدة، لكنه يمكن مناقشة ما اذا كانت مقابلة في استنتاجاتها لتقارير لجنتي فينوغراد واغرانات. ونتنياهو ليس الوحيد الذي يتلقى النار منها، وانما يتقاسمها مع وزير الامن يعلون، ومع رئيس الأركان السابق بيني غانتس. لا توجد هنا عثرة لن يتمكن نتنياهو من اجتيازها بمساعدة حرف المسؤولية نحو شركائه، كما حدث وخرج بسلام من قضية "مرمرة" وغيرها الكثير من الفضائح. علاقات نتنياهو مع يعلون متوترة في كل الاحوال، بسبب الخلاف في قضية الجندي مطلق النار في الخليل، ودعم يعلون للجنرال جولان. اما بالنسبة لغانتس، فهو يمكنه توفير هدف كامل: فهو لم يعد يرتدي الزي العسكري، ويتم التطرق اليه في احيان متقاربة كمرشح محتمل لليسار لمنافسة نتنياهو.

شفيرا الذي تم تعيينه لمنصبه فقط بعد اطلاع نتنياهو على ميزاته، لم يبرز حتى اليوم كمتحدي للسلطة. في عدة حالات وقع خلالها على مسودات شديدة اللهجة، اتضح انفتاحه الشديد لمناقشة تخفيف حدة النص النهائي. لكن التوجه الصحيح نحوه هو الاحتضان وليس التطرف. وهذه المرة ربما يكون نتنياهو قد فوت القطار.

التهجم العلني للمقربين من نتنياهو ووزير الأمن على شفيرا يمكن ان يجعله يتعنت في موقفه ويحثه على التمسك بالصيغة الأصلية لتقريره. وكما هو الحال في العواصف الرسمية في اسرائيل، يكفي تسريب انطباعات اولية عن المسودة لكي يتم دحرجة كرة ثلج سياسية. يوم امس طالبت العائلات الثاكلة لقتلى الجرف الصامد بتشكيل لجنة تحقيق رسمية. هذه نتيجة ليست مرغوبة لدى نتنياهو، ولكن اذا تواصل تدحرج كرة الثلج، فليس من المستبعد ان يجد رئيس الحكومة نفسه يدخل في مواجهة اخرى مع يعلون ورئيس الأركان، كما حدث في قضية جولان وقضية الجندي أزاريا.

"أمناه ضد السكان"

ينشر نير حسون في "هآرتس"، تقريرا يكتب فيه انه بدون مناقصة وخلافا للإجراءات، صادرت الدولة قطعة أرض تعود لعائلة فلسطينية في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، وسلمتها لشركة "امناه" التي تعمل في بناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية. وبدأت "امناه"، خلال الأشهر الأخيرة، ببناء مكاتب لها على هذه الأرض. ويتبين من وثائق قدمها اصحاب الأرض في اطار التماس اداري انه تم تسليم الأرض لشركة "امناه" رغم ان الأرض لم تكن تابعة للدولة بتاتا، وتم عمل ذلك بطرق مخادعة ونهج بيروقراطي بعيد المدى: فقد تم اعداد الخطة والمصادقة عليها حتى من دون معرفة اصحاب الأرض بمصادرتها منهم، كما تم اعادة تقسيم قسائم الأرض في المنطقة مجددا بشكل هدف الى "تشريع" مصادرة الأرض، اضف الى ذلك انه تم اخفاء الوثائق المتعلقة بهذه الاجراءات عن اصحاب الأرض. مع ذلك فقد رفضت المحكمة المركزية في القدس التماس اصحاب الأرض، فقاموا قبل اسبوع بتقديم التماس الى المحكمة العليا.

ويشار الى ان شركة "امناه" هي جمعية تعاونية استيطانية اقامتها حركة "غوش ايمونيم" في سنة 1979، وتعتبر اهم جسم خاص يعمل في اقامة المستوطنات الجديدة وتوسيع المستوطنات القائمة في الضفة الغربية. وقد وصل اسمها الى عناوين الصحف قبل اسبوعين، حين تم التحقيق مع امينها العام زئيف حفير (زامبيش) والمحاسب موشيه يوغيب، بشبهة الفساد المالي. كما اشتهرت الشركة كصاحبة لشركة "الوطن" التي عملت في شراء الأراضي من الفلسطينيين وتورطت المرة تلو الأخرى في صفقات اتضح بأنها مزورة.

يمكن العثور على اسس قضية هذه البناية التي تقيمها "امناه" في اجراءات وقعت في عام 1968. ففي حينه، بعد سنة من حرب الأيام الستة، صادرت الدولة مساحة 4000 دونم من اراضي شمال البلدة القديمة في القدس، تحت ستار "الاحتياجات العامة". واقيمت على هذه الأراضي حي التلة الفرنسية وحي رمات اشكول ومكاتب الحكومة المجاورة لطريق رقم 1 (طريق بار ليف). وحاول اصحاب الاراضي الفلسطينيين طوال سنوات الاعتراض على اجراءات المصادرة، لكن طلباتهم رفضت. وفي سنوات التسعينيات، تم الاعلان بأن المصادرة جرت حسب خارطة هيكلية اعدتها الدولة، وتم بموجبها مصادرة كل الأراضي التي كان يمر عليها الخط الفاصل.

ومن بين الأراضي التي صودرت كانت اراضي تابعة لعائلة ابو طه الفلسطينية من بلدة لفتا. لكن قطعة ارض مساحتها ثلاثة دونمات من اراضي هذه العائلة، والواقعة بالقرب من مقر قيادة الشرطة حاليا، لم يتم ضمها الى أي مخطط طوال العقود الثلاث التي تلت الحرب. وحسب القانون فانه لكي يتم مصادرة قطعة أرض، يجب القيام بخطوتين: تصريح الدولة بشأن نيتها مصادرة الأرض، واصدار امر بالمصادرة. ورغم ان قطعة الأرض كانت ضمن المساحة التي صودرت وفقا للتصريح الرسمي بعد الحرب، الا انه لم يتم شملها في أي مخطط اعدته البلدية للمنطقة وصودق عليه من قبل الحكومة. هذا يعني انه رغم التصريح الذي جاء في 1968، الا ان هذه القطعة لم تصادر.

طوال السنوات الماضية، عالجت العائلة هذه القطعة من الأرض، وقامت بتأجيرها لفترات مختلفة. لكنه بعيدا عن الأعين، جرت خطوات قادت في نهاية الامر الى مصادرة هذه القطعة لصالح شركة "امناه". وقال المحامي ستيفن برمان، الذي يمثل العائلة، والخبير في شؤون المصادرة، الذي عمل طوال 16 سنة كمستشار قانوني لقسم الاملاك في البلدية، انه عندما توجهت اليه العائلة وابلغته تسلمها الامر الذي يطالبها بإخلاء الارض، بدا له الامر غير منطقي. فقد تذكر أنه خلال فترة عمله التي مثل خلالها البلدية والدولة في دعاوى ضد عائلات عربية في قضايا المصادرة، عالج في سنوات التسعينيات ملف محمد زكي نسيبة وسمير شرف، واعلنت دائرة اراضي اسرائيل في حينه بأن الخارطة تشمل كل المنطقة المصادرة، ما يعني ان الدولة اعلنت بأنها حصلت على كل ما ارادت ولم تعد لها أي مطالب اخرى في تلك الأرض.

ويتبين ان عملية السيطرة على قطعة الأرض وتسليمها لحركة "امناه" بدأت في آب 1992، بعد عدة اسابيع من تشكيل حكومة رابين. وكما يبدو فانه قبل تمكن الحكومة الجديدة من صد الخطوة، وقعت دائرة اراضي اسرائيل على اتفاق مع حركة "امناه" حصلت الأخيرة بموجبه على تصريح بالتخطيط للبناء على الأرض. كما نص الاتفاق، الذي لم يتم اطلاع عائلة طه عليه، على تسلم "امناه" للأرض بدون مناقصة، شريطة ان تعد خارطة للبناء عليها حتى تموز 1993. لكنه تم في حينه تجميد المخطط، كما يبدو بسبب توجه حكومة اليسار ازاء تنظيمات المستوطنين. وفي حينه شكلت الحكومة لجنة كلوغمان التي اعدت تقريرا صارما حول التعاون غير المستقيم بين دائرة اراضي اسرائيل والمستوطنين في القدس الشرقية. ولذلك لم تسمح الظروف بتنفيذ الصفقة الموقعة بين الدائرة و"امناه".

وبعد خمس سنوات، خلال فترة حكومة نتنياهو في 1997، استؤنف التعاون مع جمعيات المستوطنين وتم تجديد التصريح لحركة "امناه"، ايضا بدون تبليغ اصحاب الأرض. وبما انه تم في حينه سن قانون يحتم نشر المناقصات، الامر الذي كان من شأنه كشف الموضوع من قبل عائلة طه، فقد اضيف الى الاتفاقية الجديدة بند يشير الى انها مكملة لاتفاق تم في سنة 1993، ما يعني ان الاتفاقية المتعلقة بهذه الارض ستكون معفية من نشر مناقصة بشأنها.

في اعقاب ذلك قدمت "امناه" في سنة 1997، خارطة لبناء عمارة مؤلفة من اربع طبقات تضم 70 مكتبا. وخلال التداول في الخارطة طرحت مسألة نشر المناقصة المتعلقة بالأرض وتغيير هدفها. وفي حينه قال مخطط اللواء فسكوال برويد انه يرى في خارطة البناء تلك مسألة سياسية، وبالذات امام مخطط انشاء مبنى خاص، وليس عمارة رسمية، على مفترق طرق رئيسي. ورغم معارضة المخطط الا انه صودق على الخارطة، ايضا رغم ان الدولة لم تكن قد وضعت يدها على قطعة الارض هذه في حينه. وفي ضوء ذلك تم تقديم الخارطة للجنة اللوائية دون ان تحمل توقيع اصحاب الأرض كما يلزم القانون. وبعد مرتين توجه فيها مهندس اللجنة الى معد الخارطة طالبا الحصول على توقيع اصحاب الأرض، دون ان يتم له ذلك، وصلت الى اللجنة اللوائية رسالة من موظف رفيع في دائرة اراضي اسرائيل، اسمه ابراهام ناوي، يدعي فيها ان قطعة الارض المعدة للبناء مشمولة في قرار المصادرة الأصلي.

وكتب المحامي برمان في التماسه الى المحكمة العليا ان تلك الرسالة كتبت بشكل جعل الموظفين في لجنة التنظيم اللوائية يعتقدون انهم يملكون تصديقا على ان الارض تابعة للدولة. ونجحت اللعبة وصودق على الخارطة بناء على الرسالة. وحتى بعد التصديق على الخارطة لم يتم تبليغ عائلة ابو طه التي لا تزال تعتبر المالك الشرعي للأرض.

وفي 2005 تم توقيع اتفاق بين الدولة وشركة "امناه" يتم وفقا له دفع مبلغ 913 الف شيكل لدائرة اراضي إسرائيل مقابل استخدام الارض. لكن الارض كانت لا تزال بملكية العائلة الفلسطينية، ولذلك رفض مسجل الاملاك تسجيلها على اسم "امناه". وهنا تدخل ابراهام ناوي ثانية، وكتب رسالة اعلن فيها بأنه سيتم مصادرة الارض نهائيا في القريب العاجل.

وفي هذه المرحلة كان يجب على الدولة نشر اعلان بالمصادرة وتوضيح سبب المصادرة – اقامة بناية مكاتب لصالح تنظيم استيطاني. وكما يبدو فقد فهم احدهم بأن هناك مشكلة، لأنه كان يجب توضيح سبب المصادرة لوزير المالية، وكان يمكن للوزير ان يسأل لماذا هذه الأرض بالذات، ولماذا يجري تسليمها لحركة "امناه"؟ و"عندها اختلقوا فكرة عبقرية"، يقول برمان. والفكرة هي اعادة تقسيم القسائم والقطع في المنطقة وضم القطعة المخصصة لأمناه الى قطعة اكبر على أمل ان لا ينتبه احد الى الموضوع. وهكذا تولدت قسيمة جديدة رقمها 31337، تشمل الأراضي التي اقيمت عليها مكاتب الحكومة، ومقر قيادة الشرطة ووزارة الاسكان ووزارة الامن الداخلي. ولكن وبشكل غير منطقي، تجتاز هذه القسيمة الشارع الرئيسي وتشمل مساحة صغيرة هي الدونمات الثلاث التابعة لعائلة ابو طه. ووفقا لهذا التخطيط تصبح قطعة الارض التي اعطيت لأمناه هي قطعة الارض الوحيدة التابعة لجهة اسرائيلية، ذلك انه يقوم في هذه المنطقة صندوق مرضى ومستشفيين يقدمون الخدمات للجمهور الفلسطيني، بالإضافة الى عمارات اسكان عربية.

وفي 2009 تم تحويل قرار مصادرة القسيمة الى وزير المالية، يوفال شطاينتس، آنذاك، لكي يوقعه، ففعل. واكتشف برمان مسألة توقيع شطاينتس على القرار في 2012 فقط، ومنذ ذلك الوقت يحاول الحصول على التفسير الذي تم تقديمه بشكل رسمي للوزير لكي يوقع على القرار كما ينص القانون. لكن دائرة اراضي اسرائيل ووزارة المالية تجدان صعوبة في توفير الوثيقة التي تتضمن ذلك التفسير. ويعتقد برمان ان وزير المالية لم يعرف بأنه يوقع على مصادرة ارض لصالح جمعية "امناه"، "والا فلماذا يخفون الوثيقة التي تتضمن التفسير"؟

قبل نصف سنة فقط وصل مقاول الى المكان وبدأ بالعمل لبناء مكاتب "امناه". وعندها فقط اكتشفت عائلة ابو طه بأن قطعة الأرض لم تعد تابعة لها. وقال ابو طه لصحيفة "هآرتس": " طوال السنوات الماضية كنا نعرف بأننا نملك هذه الأرض. وحين كانت والدتي تقدم طلبات لتلقي المخصصات من التأمين الوطني كانوا يرفضونها لأنها تملك قطعة الأرض".

وقبل شهرين رفضت المحكمة المركزية التماسا قدمه ابو طه، بادعاء انه حتى اذا وقع خطأ في الاجراءات فان هذا لا يبرر الغاء الاتفاقية . وسمحت بذلك لشركة امناه بمواصلة البناء. وقال ابو طه ان العديد من الأشخاص وصلوا اليه خلال السنوات الماضية لإقناعه بالتخلي عن الارض مقابل تعويضات. لكنه رفض. وسأل: "لماذا يرفضون السماح لنا بالبناء هناك ولهم يسمحون. هم ليسوا اصحاب الأرض وانا صاحبها. لا توجد عدالة".

جنرال تحت التحريض

تكتب سيما كدمون، في "يديعوت احرونوت" انه اذا كان هناك ما يمكن الاعتماد فيه دائما على نتنياهو، فهو انه لن يفوت فرصة للتصرف كآخر السياسيين. انه نسخة مطورة من ميري ريغف. وهذا ما حدث امس، في جلسة الحكومة. فبدلا من القيام بالعمل الصحيح، وتجاهل تصريحات الجنرال جولان خلال مراسم الكارثة – والتي تعتبر آخر ما يمكن القول عنها بأنها ترتبط بالسياسة – اختار نتنياهو التطرق اليها كما لو كان شطاينتس في افضل الاحوال، او اوكونيس في اسوأ الاحوال. بعبارة اخرى: لقد قام رئيس الحكومة بنفسه بوضع المسدس على طاولة جنرال في الجيش وغادر الغرفة، تاركا التتمة لوزيرة الثقافة لديه، والتي اقتحمت الغرفة على الفور لتأكيد القتل.

لا اذكر رئيس حكومة بذل مثل هذا الكم الكبير من وقته من اجل زرع الفتنة، تأجيج النار ونشر الكراهية، كما يفعل نتنياهو. حتى في الاماكن التي يمكنه فيها الانتقال الى الأمام، والتجاهل والانضباط والتهدئة واظهار الرسمية، ينجرف الى الداخل، الى الوادي المشتعل، الى آبار الحقد. وليس مهما اذا كان المقصود سياسي من اليسار، جنرال في الجيش، او مجرد مفكر يتجرأ على ابداء رأيه المختلف عن ذاك الذي تعكسه رسالة الليكود. معذرة، البيت اليهودي.

هذه المرة يحدث الأمر لأن جنرالا في الجيش سمح لنفسه بالتعبير عن قلقه ازاء امور تحدث في المجتمع الاسرائيلي. ليس المقصود انتقاد سياسي: فهو لم يقل رأيه بالاحتلال، ولم يدع الى اقامة دولتين، ولم ينتقد حتى سلوك المستوطنين. بكل بساطة اعرب عن تخوفه مما يشخصه من امور تحدث هنا وتذكر بأمور حدثت في المانيا قبل 80 سنة.

ما الذي حدث؟ هل احترقت القبعة على رأس احد؟ هل يشعر احد بأنه متهم لأن اسرائيل اليوم ملوثة بالعنصرية؟ ربما هناك في اروقة السلطة، ايضا، من يشخصون الدلائل الفاشية والعنصرية التي تحدث عنها جولان، ويتصرفون كما لو ان الاصبع موجهة اليهم. وهناك امكانية معقولة اكثر وتميز رئيس الحكومة، وهي ان نتنياهو حاول امس استباق بينت، وبدلا من توبيخ الجنرال بعد ان يكون رئيس البيت اليهودي قد اسمع اقواله، قام نتنياهو بعمل ذلك قبله. وربما تكون هذه هي طريق نتنياهو، مرة اخرى، لعزل نفسه عن وزير الامن الذي خرج للدفاع عن جولان. لم تكن هذه هي المرة الاولى خلال الفترة الأخيرة التي يختار فيها نتنياهو عزل نفسه عن يعلون في الحكومة وتركه وحيدا امام هجوم اليمين.

مرة اخرى، وللمرة غير المعروف عددها، في الخيار بين الرسمي وبين السياسي، اختار نتنياهو السياسي. في الحسم بين التهدئة والتأجيج، اختار التأجيج. وماذا يعني اذا كان المقصود جنرال في الجيش. وماذا يعني اذا كانت تصريحات الجنرال تلامس القيم والاخلاق وليس السياسة، وهي امور من المناسب قولها حتى، وربما بشكل خاص، من قبل قائد للجنود. لكن لا. نتنياهو طبعا لن يفوت فرصة للتوجه الى جمهوره، وبشكل  خاص الى جمهور بينت وليبرمان، من اجل جمع عدة نقاط اخرى بمثل هذه السهولة.

فكرت امس بالجنرال جولان. ضابط يهلل ويثني عليه الجميع. كم من السهل تحطيم صورة انسان، قائد، او أي شخص كان. كم من الكلمات المحرضة، الملوثة، والتي تلمح الى انك لست في المعسكر الصحيح، لتصبح هناك، بين  عجلات اليمين. ليس من المستبعد ان تصريحات نتنياهو وبعض وزرائه امس، قد تجعل الجنرال جولان يستقيل. احيانا يكون امثاله من الاشخاص الذين يصمدون امام قوة نيران العدو الخطيرة، ولكن ليس امام النيران التي يتعرضون لها من داخل المعسكر.

لقد تحدث اوكونيس امس عن الضرر الذي سببه جولان للإعلام الاسرائيلي. من المثير كيف سيفسر حقيقة انه لولا تطرق نتنياهو الى الموضوع امس، لكان يمكن لهذه الحكاية ان تخمد من تلقاء ذاتها، وان رئيس الحكومة هو الذي اعادها الى الجدول.

مشكلة الاعلام الاسرائيلي معكوسة بالذات: الف مثل يئير جولان لن يتمكنوا من اخراج حجر واحد يلقيه اوكونيس واحد في البئر. والضرر الدولي الذي يسببه اناس مثل اوكونيس وريغف لا يوجد من يصححه.

حماس: استفزاز بسبب الضائقة

يكتب البروفيسور أيال زيسر، في "يسرائيل هيوم" ان حماس كعادتها تسعى الى الاستفادة من كل العوالم. من جهة، الحفاظ على وقف اطلاق النار مع اسرائيل، والذي تستغله لتعزيز مكانتها السياسية وقوتها العسكرية، ومن جهة اخرى، تعرض نفسها كتنظيم مقاوم يلتزم بالقتال ضد اسرائيل ويسمح بالعمليات الارهابية  ضدها من قبل رجاله، ورجال التنظيمات الاخرى الناشطة في القطاع، كالجهاد الاسلامي المتزمت.

وقف اطلاق النار مهم لحماس، ايضا لأن المليونين مواطن غزي الذين يعيشون تحت سلطتها يحتاجون الى الهدوء الذي يوفره لهم وقف اطلاق النار، ولذلك يتوقع من قيادة حماس احترام الهدنة والحفاظ عليها، كي تمكن مواطنيها من عيش حياتهم ومواجهة الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها الجميع في القطاع. لكن حماس لا تعمل دائما بما يتفق مع مصالح سكان غزة. وعلى كل حال، فان القرار لا يخضع في الضرورة للقيادة السياسية لحماس، كرئيس حكومة غزة، اسماعيل هنية الذي سعى في خطابه، في نهاية الأسبوع الى التهام الكعكة وتركها كاملة، أي الحفاظ على الهدوء وفي الوقت ذاته، طرح خطوط حمراء امام اسرائيل تحدد المسموح والممنوع للجيش على امتداد حدود القطاع.

تجربة الماضي تعلمنا بالذات ان القرار في المسائل العسكرية وفي موضوعنا، استئناف اطلاق الصواريخ على اسرائيل، يرجع الى القيادة العسكرية لحماس، التي يترأسها محمد ضيف، وهذا ينطوي على منطق ومعيار خاص.

تنظيم حماس يعتبر نفسه كمن يسير حسب مشورة اصدقائه الايرانيين وفي اعقاب تنظيم حزب الله اللبناني. هكذا، على سبيل المثال، عمل على اقامة منظومة الصواريخ التي تغطي اجزاء كبيرة من اراضي اسرائيل، بما في ذلك مركز البلاد، لكي يحقق القدرة على ردع اسرائيل بما يشبه القدرات التي يعمل عليها تنظيم حزب الله. الان تحاول حماس تحديد شروط لعب امام اسرائيل حسب الطراز اللبناني، والتي تعني انه لا يسمح لإسرائيل باجتياز الخط الحدودي، والعمل خلفه. حتى اذا كان الجيش الاسرائيلي يشخص استعداد قوات التنظيم للعمل الارهابي، وحتى اذا كشف الأنفاق الهجومية التي حفرتها حماس باتجاه الاراضي الاسرائيلية السيادية.

لقد عادت اسرائيل لتوضح للتنظيم بأنها تحتفظ لنفسها بحرية العمل في الجانب الفلسطيني من الحدود، وانها سترد ليس فقط على كل عملية ارهاب ينفذها رجال حماس، وانما على كل استعداد لتنفيذ عملية كهذه. وفي ضوء الوضع السائل السائد في القطاع، وعلى امتداد الحدود مع اسرائيل، يعتبر الموقف الاسرائيلي منطقيا، بل مبررا. ففي الاسابيع الأخيرة فقط، عاد الجيش وكشف الانفاق الهجومية المتجهة نحو اسرائيل، وباستثناء ذلك فان التنازل اليوم سيشكل خط البداية لمفاوضات الغد، وينطوي على ما يمكنه دهورة اسرائيل نحو واقع سائد على امتداد الحدود في جنوب لبنان، حيث تواجه اسرائيل القيود في قدرتها على المبادرة الى منع نشاطات لحزب الله ضدها. ولذلك يحظر على اسرائيل السماح لحماس بجرها الى حرب استنزاف محدودة على امتداد الحدود، سيدفع ثمنها سكان غلاف غزة.

اضف الى ذلك، انه على الحدود اللبنانية التي تنظر اليها حماس كمثال للتقليد، ثبتت اسرائيل وقف اطلاق النار الهش بينها وبين حزب الله، بقرار صادر عن مجلس الامن، وبانتشار الجيش اللبناني على امتداد الحدود وبوجود قوات الأمم المتحدة. هذا كله لا يلبي كما هو معروف الاحتياجات الامنية الأساسية لإسرائيل، ولكن حتى هذا الحد الأدنى ليس متوفرا بالنسبة لقطاع غزة.

استعداد حماس لمحاولة مساومة اسرائيل بواسطة تبادل اطلاق النيران والاحداث على امتداد الحدود لا تعبر بالضرورة عن القوة. التنظيم يواجه ضائقة في البيت وفي ضوء الحصار المفروض عليه من قبل مصر، هذا وضع هش يستدعي الاحداث والتصعيد. من الممكن ان حماس تستمد التشجيع من حقيقة ان إسرائيل قررت الابقاء عليها في السلطة، ولكن في مثل هذه الحالة يجب ان تأخذ في الاعتبار انه اذا استنتجت اسرائيل بأن حماس لا تريد بل لا تستطيع الحفاظ على الهدوء على امتداد الحدود، فانه لن يتواجد في اسرائيل من يدعو، كما خلال الجرف الصامد، الى تركها في السلطة وتفضيلها على مجموعات اكثر راديكالية يمكنها السيطرة مكانها.