"تصور الشاباك" لما بعد عباس..أوامر أم توقعات!
تاريخ النشر : 2016-05-07 09:19

كتب حسن عصفور/ يوم الاربعاء، 4 مايو (أيار) 2016، وللمفارقة هو ذات تاريخ توقيع بروتكول غزة - أريحا عام 1994، تحدث رئيس جهاز مخابرات دولة الكيان المعروف باسم "الشاباك" رون كوهين، المنتهية ولايتة، امام اجتماع حكومته عن مصير السلطة بعد رحيل الرئيس محمود عباس، وهي المرة الإولى التي يشار لذلك علانية، في لقاء رسمي اسرائيلي..

وتم السماح بنشر أقوال المسؤول الأمني الكبير، وجاء فيها كما نشرتها وسائل الاعلام العبري: "الأمر المؤكد هو أن الأمور لن تكون كما هي، من سيخلف عباس لن يسيطر مثله على جميع مراكز القوة، منظمة التحرير الفلسطينية وفتح والسلطة الفلسطينية أيضا".

كان بالامكان عدم الاهتمام بتلك المقولة "الأمنية" الاسرائيلية، كما حدث مع الاعلام الرسمي وغير الرسمي الفلسطيني، واكتفى البعض بالنشر، بل أن الفصائل بما فيها فصيل الرئيس محمود عباس ، لم يثر اهتمامها تلك الأقوال، دون معرفة سبب ذلك، رغم انها تصاب بهوس سياسي وكلامي من اي إشارة قد يفهم منها أنها تمس "قداسة المنصب الرئاسي"، حتى بات البعض في الآونة الأخيرة يعتبرونه وكأنه "معصوم" رغم كوارث الأفعال والتصريحات..

نشر أقوال المسؤول الأمني الاسرائيلي، رسالة من حكومة دولة الكيان، انها بدأت بالاستعداد "الجاد" لما بعد عباس، وانها لن تنتظر، كما أصحاب القضية، "القدر السياسي" او "القدر الطبيعي" لأن يحدث ذلك كي تبدا في التعامل، هي دولة تتعامل ما الحداث وفقا لما يخدم مصلحتها، ولا تنتظر أي مفاجآت، بل يبدو وكأن الرسالة الاعلامية من نشر الخبر، أن "الإجراءات التنفيذية" قد بدأت..

رسالة دولة الكيان، بأن الرئيس القادم لن يكون "مجمع رؤوساء"، هي مسألة مثيرة جدا، لم يسبق ان تم نقاشها، ويبدو أنها ستصبح لاحقا جزءا من "جدول الأعمال الوطني"، قضية رغم أنها جاءت من "العدو التاريخي" للشعب الفلسطيني، لكنها ستبدأ في احتلال حيز هام من النقاش الداخلي الفلسطيني المقبل..

وعل بعض الاسئلة السريعة تفرض ذاتها، فمثلا:

***هل الرئيس القادم هو رئيس لدولة فلسطين أم رئيس للسلطة الوطنية، وكلا المنصبين مختلف كليا عن الآخر، أدواتا ومهام ووظيفة..

رئيس دولة فلسطين يأتي ضمن مرحلة إنهاء العلاقة مع الكيان ضمن المرحلة الانتقالية - إنهاء وليس تحديد -، ونظن أن الساسة اصحاب القرار يدركون الفرق البون الشاسع بين هذه وتلك، ولذا رئيس الدولة سيأتي بداية ضمن "عملية توافق وطني"، يتم انتخابه من "مؤسسة الدولة التشريعية - البرلمان المؤقت -، وهنا يستبق انتخاب الرئيس عملية إجبارية وهي تشكيل برلمان الدولة المؤقت، أعضاء المجلسين المركزي والتشريعي هما قوامه..

***أما في حالة إصرار "الرسمية الفلسطينية" الحالية البقاء في دائرة المرحلة الانتقالية تحت الاحتلال، يفتح موضوع من هو رئيس السلطة الفلسطينية ما بعد عباس، مظهرا انقساميا جديدا، فوق الانقسام الراهن، بحيث ستعمل حماس أن يكون وفقا للقانون الأساسي ويؤيدها البعض، فيما حركة فتح ستلجأ للمحكمة الدستورية "غير الشرعية" لتكون صاحب التسمية، وهنا قد تحيلها الى منظمة التحرير، بحيث يكون المجلس المركزي هو من يختار..

بالتأكيد دولة الاحتلال تريد استمرار "السلطة الفلسطينية ومؤسساتها" بوضعها الراهن، وقد تلوح بأنها على استعداد لمنح الفرصة لاجراء انتخابات رئاسية فقط، أو رئاسية وتشريعية دون القدس، أو مشاركة مقدسية عبر صناديق البريد..

***وفي الحالتين، انتخاب رئيس دولة فلسطين، أو انتخاب رئيس السلطة الوطنية، قد لا يكون بشكل آلي رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي في حالة اعلان دولة فلسطين، يستوجب اعادة هيكليتها بما يتيح دخول حركتي حماس والجهاد لإطرها، وهنا يصبح موضوع رئيس منظمة التحرير موضوعا للنقاش، وبالتأكيد وفقا للتطورات لن يكون من ذات الفصيل..

بل أن واجبات منظمة التحرير ومهامها قد تخلف كثيرا عما هو عليه، بحيث يتم وضع "حد سياسي  قانوني" إن أعلنت دولة فلسطين..وهذه مسألة تستوجب الاهتام في وقت لاحق..

***ويبقى منصبا لا يشار له كثيرا في "العهد العباسي" خلافا لـ"زمن الخالد عرفات"، منصب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية، أو المستحدث بعد اتفاق أوسلو، القائد الأعلى لقوات الأمن الوطني..

حتما، لن يكون المنصب كما هو عليه الآن، حيث أن رئيس دولة فلسطين قد يحتفظ بالمسمى، مع استحداث منصب قائد عام لقوات الأمن الوطني، مع فصل الصلاحيات عن "القوات خارج فلسطين"، نظرا لتعقيدات عدة، ويجب التفكير بكيفية التعامل معها تحت مسؤولية منظمة التحرير ودورها وليس دولة فلسطين ومهامها..

ولذا فإن المسألة التي أثارها مسؤول أمن دولة الكيان، ليست خبرا أو تصريحا، بل هي "رسالة سياسية" لا يجب أن تمر بصمت القبور السائد في "المؤسسة الرسمية" تجاه قضايا جوهرية، ويتذكرون الكلام فيما هو ثرثرة وتهويشا..

هل نجد من يقرع "الجرس" للبدء في التفكير العملي لمرحلة ما بعد عباس بمسؤولية وطنية، أم تترك لمجهول يصبح الفاعل فيه من يملك "دفة الأمر الواقع" في "بقايا الوطن"..

تلك هي المسألة!

ملاحظة: رئيس وزراء دولة الكيات تحول بفعل فاعل هامل الى رجل "علم وتاريخ"..دعا موظفي الأمم المتحدة في القدس ليخبرهم أن القدس "لليهود"..البيبي ذاته يبحث عن أي حبة تراب تثبت خرافته فلم يجد..بالكو شو هي مكذبته القادمة!

تنويه هام، فوز صادق خان، المسلم البريطاني ذي الجذور الباكتسانية بمنصب عمدة لندن، كان أبرز خبر سياسي في اعلام العالمي.. الخبر يستحق والرجل يستحق وما يستحق أكثر، والده سائق الباص الذي افتخر به العمدة الجديد!