الحرية للصحفيين
تاريخ النشر : 2016-05-04 02:31

في يوم الصحافة العالمي، الذي صادف امس الثلاثاء، الثالث من آيار، تحتل قضية حرية الرأي والتعبير والتنقل والحصول على المعلومات ونشر الحقائق وحماية حياة الصحفيين وكل العاملين في ميادين الاعلام المختلفة ومنابرهم ومؤسساتهم، مكانا رئيسيا في إهتمامات إتحادات الصحفيين الوطنية والقومية والاقليمية والدولية والامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان، وكذا يفترض ان تهتم الحكومات في دول العالم بما تقدم، مع ان الغالبية العظمى منها تناقض ما هو موجود في دساتيرها والتزاماتها الاقليمية والاممية، وترتكب إنتهاكات ضد الصحفيين ومؤسساتهم على حد سواء. وجميع الدول، تريد من الصحفيين ومنابرهم ابواق وصدى بائس لخياراتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وقلب الحقائق بما يتناسب واجهزتها الامنية.

وفي فلسطين تحتل قضية الصحافة وحرية الصحفيين، مكانة خاصة، لاسيما وان سلطات الاحتلال الاسرائيلية ترتكب ابشع الانتهاكات بحقهم: القتل والاعتقال والملاحقة حتى على مواقع التواصل الاجتماعي، كما حصل مع الصحفية سماح دويك من القدس وسامي الساعي من طولكرم دون اي واعز اخلاقي او قانوني ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق والاعراف والقوانين الاممية وحتى الاسرائيلية نفسها. قادة إسرائيل المتطرفون لم يعودوا مستعدين ولا قادرين للاستماع لاي وجهة نظر معارضة لهم ولخياراتهم السياسية الاستعمارية لا في الداخل الاسرائيلي ولا من قبل الفلسطينيين سياسيين او اعلاميين ومثقفين. حتى باتت تستوحش وتتغول في جرائمها ضد الصحفيين ومؤسساتهم المرئية والمسموعة والمقروءة. ويعتقد أركان القيادة الاسرائيلية، انهم عبر سياسة تكميم الافواه والاعتقال والمطاردة والاغلاق والقتل  للنخب الاعلامية، انها تستطيع ان تحول دون وصول الصورة والصوت الفلسطيني المدافع عن الذات الوطنية والحرية والاستقلال للعالم. غير انها تخلع  بسياساتها وانتهاكاتها وارهابها المنظم  آخر اوراق التوت، التي تغطي عوراتها، وتميط اللثام كليا عن وجهها العنصري والفاشي.

إعتقال إسرائيل لتسعة عشر صحافيا فلسطينيا وعلى رأسهم عمر نزال، عضو الامانة العامة لاتحاد الصحفيين الفلسطينيين، الذي أعتقل قبل إثني عشر يوما على معبر الكرامة، ثم الحكم عليه اربعة أشهر إداريا دون وجه حق، يؤكد الحقيقة، التي اشير لها آنفا. وتؤكد للعالم غياب وانتفاء اي ملمح للديمقراطية في الدولة العبرية، وتكشف عن خواء البناء الفوقي والتحتي الاسرائيلي، لان هناك تناغم بين مكونات المجتمع الاسرائيلي على المزيد من التطرف والعنصرية ومواصلة الاحتلال وحرمان الشعب العربي الفلسطيني من ابسط حقوقه السياسية.

ورغم مطالبات الاتحادات وممثلي الهيئات الاممية ذات الصلة بالافراج عن الصحفيين الفلسطينيين إلآ ان حكومة نتنياهو ترفض الاصغاء، وتلفق التهم جزافا للصحفيين وخاصة للصحفي نزال. وتدعي زورا وبهتانا معلومات لا اساس لها من الصحة، عن وجود تنسيق وخط ساخن بين الاتحاد العام للصحفيين الفلسطينيين ونقابة الصحفيين الاسرائيليين، لكي تضلل العالم والمؤسسات الدولية ذات الصلة. 

   ألإئتلاف اليميني المتطرف الحاكم منذ إشتعلت الهبة الشعبية في إكتوبر 2015 حتى الان، إرتكب ما يزيد على 120  إعتداءا ضد الصحفيين وادواتهم وسياراتهم ومحطات إذاعاتهم كما حصل مع إذاعة "منبر الحرية" في الخليل، التي داهمتها قوات  الجيش الاسرائيلي  فجر  الثالث من نوفمبر 2015 وصادرت معداتها واجهزة بثها، واصدرت امرا عسكريا بمنعها من البث لمدة ستة اشهر (أُعيد بثها مجددا اول امس)،ومنعت القائمين عليها الاقتراب من المبني تحت طائلة الهدم الكلي للمبنى، وفي ال21 من الشهر ذاته تم مداهمة ومصادرة اجهزة بث ومعدات إذاعة "راديو الخليل"، واعطت القائمين عليها نفس امر المنع من البث  ستة اشهر، كما ارسل رئيس الادارة المدنية الاسرائيلية تحذيرا لاذاعة "one الخليل"  بإيقاف بثها إن لم توقف حسب بيانه التهديدي "التحريض" وفق "قانون الطوارىء". وكانت وزيرة ما يسمى بالعدل الاسرائيلية، إيليت شاكيد، هددت هيئة الاذاعة والتلفزيون بوقف بثها. ولم تتوقف حملات دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية على وسائل الاعلام والصحفيين، الامر الذي يتطلب من العالم وخاصة المؤسسات ذات الصلة باتخاذ ما يلزم لحماية حياة وحرية الصحفيين الفلسطينيين، وطرد ممثليها (إسرائيل) من المؤسسات والاتحادات الاممية والاوروبية والعمل على عزلها كليا، كي تتوقف عن إرتكاب جرائمها الوحشية ضد الصحفيين الفلسطينيين ومؤسساتهم.