الربيع العربي وسيط اسرائيل للجامعة العربية
تاريخ النشر : 2016-05-03 22:45

ثمة مثل شعبي"" اللي بروح عمره ما برجع""" ، يذكرنا هذا المثل الشعبي بعقود مضت ، وقبل عقود عندما كان لفظ كلمة اسرائيل يعتبر جرم بل خيانة ، وعندما كانت الدول الوطنية في مطلع الخمسينات وما بعده الى نهاية الستينات من القرن الماضي ، تسخر كل برامجها السياسية والاعلامية لخدمة القضية الفلسطينية ، وعندما كانت تعد الجيوش لتحرير فلسطين من النهر للبحر وفي تعريف للصراع بان الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراع حدود بل وجود ، ولان المشروع الصهيوني في تناقض تام مع الدولة الوطنية والتاريخ العربي ومستقبله ، هكذا كانت باختصار المناخات العربية الرسمية والشعبية .

مع انطلاقة الثورة الفلسطينية ونظرية تغيير اليات الصراع والمواجهة لم تكف الدول العربية عن مساندة الثورة وبالتحديد بعد نكسة 67م، بل شاركت الجماهير العربية في صناعة الثورة الفلسطينية وكانت حاضنة لها .

وماذا تغير ...؟؟""" واللي بروح عمره ما برجع""" لم تكن الدولة الوطنية التي ساهمت في وجودها وانبثاقها موازين القوى والنفوذ في العالم تستهوي الامبريالية الامريكية والغربية ، ونذكر بصراع عبد الناصر مع امريكا وحلف بغداد ، ونذكر محاولات الامبريالية لوأد الثورات العربية في اليمن وليبا والجزائر وسوريا ، والضغوط التي مورست على قيادة الثورة الفلسطينية لتغير مسارها ونهجها وشعاراتها ، كل تلك الظواهر الوطنية والقومية التي كانت تهدد نظرية الامن الامبريالي الصهيوني في المنطقة .

مسارات الصراع من القمة لنصل الى قاعدة الهرم المندمج مسطحا مع مسطح نظرية الامن القومي الامريكي والاسرائيلي بقطع راس قمة الهرم القومي ومستوياته الوسطى بفقدان الامة عبد الناصر وصدام والقذافي ، وما تبقى من انظمة وطنية هزيلة تطوقها المتغيرات الدولية واختلال في تلك الموازين وظهور القطب الاوحد بقيادة الامبريالية الامريكية واوروبا ، لم تكن الانظمة الوطنية لمعطيات متعددة ان تحقق نصرا على التدخل الامريكي في المنطقة ، ولم تستطيع احراز اي نصر او تحقيق اي من اهدافها الداخلية في البناء او ما يتعلق بالشعارات المرفوعة والملتزمة بتحرير فلسطين ، بل حاولت اسرائيل وحققت نتائج كبيرة في الاستيطان والتهويد وفرض هيمنتها بالكامل على ما تبقى من ارض فلسطين في الضفة وغزة .

لم تكن الثورة الفلسطينية بقيادتها بعيدة عن التراجعات والانهاكات والتي كان لها تحول تدريجي عن نظرية الثورة والكفاح المسلح ، لتخطيء استراتيجيا فيما كان سوء استخدام الحل المرحلي والنقاط العشر، ولتدخل في حلبة ما سموه النضال السياسي والدبلوماسي عبر اروقة الاطروحات الدولية هذا السلوك الذي مكن اسرائيل في غياب المؤثر الامني العسكري المقاوم ان تفكر مرارا في ضم الضفة الغربية وليس القدس فقط.

انجبت التحولات في الثورة الفلسطينية اتفاقية اوسلو وسلطة اوسلو وبرغم ردأتها والخطيئة لم تستغل اوسلو لبناء ثورة ومقاومة بحاضنتها الشعبية القادرة على لجم التوسع الاسرائيلي بفرض نظرية التأثير الامني على واقع الاحتلال ، بل اهتمت في قفزات في الهواء لبناء هامشيات لا تحقق انجاز وطني ثقافة ومؤسسة وبرنامج وبناء ، بل عملت على الاعتقال الثقافي والاقتصادي للإنسان الفلسطيني .

اللي فت عمره ما برجع..... نعم

قال احد المسؤولين العرب معلقا على انتقاده من بعض الصحافة على علاقته بصحفية اسرائيلية ومسؤلين اسرائيليين قائلا :: لن اكون فلسطينيا اكثر من الفلسطينيين انفسهم فلهم علاقات امنية واقتصادية وصداقة وسياحة ومشاريع مشتركة مع الاسرائيليين وان كنا نحن المتضررين بالدرجة الثانية او الثالثة فالفلسطينيون متضررين من المشروع الصهيوني وبالدرجة الاولى .....؟

العرب متضررين ايديولوجيا بالمشروع الصهيوني وان غابت الايديولوجيا فان اسرائيل قد تكون بابا لرضا امريكا والغرب على الانظمة بل قد يكون التبادل التجاري والامني مع الاسرائيليين في مصلحة الواقع الظاهر للأنظمة .

تحت تلك المبررات ترك العرب الفلسطينيون في فم المشروع الصهيوني ولم تساعد قيادة الفلسطينيين الفلسطينيون انفسهم لمقامة هذا الخطر الداهم على مستقبل فلسطين والشعب والمنطقة باسرها ، وكما لم تساعد الانظمة الملتزمين من الفلسطينيين بالكفاح المسلح بل اخذت من تهاوي برنامج القيادة الفلسطينية لدعم توجه التنازل عن الثوابت الفلسطينية ، وتحت مبرر الشرعية الدولية التي لم تأخذ بها اي دولة او حركة تحرر اثناء الاحتلال الا بعد ان حررت اراضيها.

اصبحت العلاقات مع اسرائيل السياسية والامنية والاقتصادية امر طبيعي والشعب الفلسطيني تنهب اراضيه ويحاصر والفقر والبطالة عناوين اضافية ، وهنا نشكر الدول التي مازالت تساهم عبر الانشطة الخاصة في دعم الشعب الفلسطيني وليس عبر السلطة .

اتي الربيع العربي لتكملة للقضاء على ما تبقى من انظمة وطنية بل ليس كافيا في حقد دفين لإحداث انهيارات في الدولة والسيدة ووحدة الارض ، ولكي تعمم فكرة الارهاب على لاعبين هم صنعوهم ومن ادوات مذهبية وقبلية سميت جميعا قوى الارهاب ، واصبح التحالف من اجل تحرير فلسطين ودعم الثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني الى تحالف اسرائيلي عربي غربي لمحاربة التطرف المذهبي ، وبما ان الجامعة العربية هي كانت التبويب لتشريع انهيار الدولة الوطنية في ليبا وسوريا واليمن فان الواقع مستقبلا سيفرض قرارا ايضا وتحت محاربة الارهاب بان تكون اسرائيل عضوا في الجامعة العربية كما ان تركيا تطالب بان تكون عضوا في الاتحاد الاوروبي ، وبعيدا عن الفلسطينيين وماذا انجزوا من حقوق لهم ..... واللي قات عمره ما برجع.