بريطانيا لا ضمير يؤنبها
تاريخ النشر : 2016-05-03 22:22

حملة من الترهيب مارستها بريطانيا، حكومةً وشعباً ضد النائبة البريطانية ناز شاه التي اقترحت نقل (إسرائيل) إلى أمريكا لانهاء الصراع في الشرق الأوسط دون خسائر بشرية. الحملة الارهابية اضطرت النائبة للاعتذار عن مقترحها وتقديم استقالتها من منصبها الهام في حزب العمال البريطاني.

إن دلالات هذا الحدث الخطير، ونحن نقترب من الذكرى المئوية لوعد بلفور المشئوم، ونحن نقترب كذلك من الذكرى 68 لنكبة الشعب الفلسطيني، لتؤكد على:

1. أن بريطانيا، حكومة وشعباً، ماضية في ظلمها للشعب الفلسطيني دون أدنى شعور بتأنيب الضمير أو استدراك على الخطأ التاريخي الفاحش الذي ارتكبته منذ عام 1917، ولا عيرة هنا لأقليات رافضة لهذه التوجهات في المجتمع البريطاني مثل ناز شاه.

2. إن تجاهل الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية لجريمة بريطانيا في خلق مشكلة الشرق الأوسط، بحيث لم تتم مطالبتها بتصحيح خطئها وإبداء الندم عليه، كما لم تتم معاقبتها أو تهديد مصالحها، أورَث بريطانيا قناعة راسخة أن ليس عليها أن تخشى الفلسطينيين أو العرب أو المسلمين على ما ارتكبت يداها، بل تخشى من ضغوط وتهديدات وارهاب اللوبي اليهودي الذي بمقدوره المساس بمصالحها وسمعتها وموازين القوى بداخلها.

3. تدرك بريطانيا، ويدرك العالم بأكمله أن استمرار احتلال إسرائيل لفلسطين يعني استمرار نزيف الدم الإنساني في المنطقة، وهو ليس دم الفلسطينيين وحدهم، ولا العرب، ولا المسلمين، بل دم اليهود أيضاً والدول الداعمة لهم.

إن الطرح الذي قدّمته النائبة البريطانية على بساطته، يمثل حلاً حقيقياً يوفّر دماء البشر في المنطقة، ويتيح لليهود التمتع بدولة خاصة بهم في ظل دولة كبرى تهتم بهم هي الولايات المتحدة الأمريكية.

لكن التطرف الديني المهيمن على العقلية البروتستانتينية المؤمنة بالتوراة وبكل هرطقات الصهيونية اليهودية تحول دون النظر بعين العقل والحكمة إلى حلول واقعية ومنطقية، الأمر الذي لا يُبقي خياراً سوى القوة لمعالجة العقول المتحجرة.

4. إن الحاجة ملِحّة اليوم لاستدراك الخطأ القائم منذ مائة عام، لتدفع بريطانيا ثمن جريمتها المستمرة باحتلال فلسطين وإشغال الشرق الأوسط بصراع طويل الأمد. وإن أولى ما يجب فعله؛ مقاطعة اقتصادية، ونشاط دبلوماسي وأكاديمي وثقافي يفضح جريمتها وتطرفها الديني، ولا مبالاتها بالدماء التي سالت وتسيل بسببها في خضم هذا الصراع.

إن من حق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية مناهضة بريطانيا والكفاح ضدها بشتى السبل حتى تستيقظ من غيّها وتكفَّر ذنبها، وكلما عجلنا في ذلك كلما أرحنا العالم من شرٍّ مستطير.