مفارقات
تاريخ النشر : 2014-01-19 23:39

الإحتلال يعمل على تهويد النقب،عبر مشروع "برافر" للتطهير العرقي،والغريب ان بعض المخدوعين والمضللين وغير الواعين من بدو النقب،ذهبوا لتقديم التعزية في الهالك شارون،وشارون هذا دعك عن سجله الدموي بحق شعبنا  الفلسطيني،حيث إرتكب العديد من المجازر بحقه أبرزها مجزرة صبرا وشاتيلا،وهو من دعا الى الإستيطان في النقب وطرد وترحيل البدو،وكذلك كانت لديه موقف متطرفة تجاه الوجود العربي والفلسطيني،وهو صاحب نظيرة بناء جدار الفصل العنصري،ويكفي انه قاد في 2002 حملة اجتياح الضفة الغربية،ومحاصرة الرئيس الفلسطيني الراحل  أبا عمار في المقاطعة في رام الله.والمفارقة الأخرى ايضاً هي ان بعض القيادات الدينية المسيحية المرتبطة مصالحها مع مصالح الإحتلال أمثال المدعو  الأب نداف، يتبجح ويتباهى بدعوة المسيحيين الفلسطينيين في الداخل- 48 - للتجنيد في جيش دولة الإحتلال،وكذلك هناك من دعا العرب الدروز الى التجند في جيش الإحتلال أيضاً،وكل ذلك يدخل في إطار سياسة الإحتلال،سياسة فرق تسد،ومحاولته لتذويب وتفتيت الهوية القومية والوطنية لأبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني،والتعاطي معهم على أساس مذهبي وطائفي وتجمعات سكانية،لكي يسهل دمجهم في دولة الإحتلال،ورغم كل الخدمات التي يقدمها هؤلاء لدولة الإحتلال فهو يتعامل معهم على أساس انهم أبناء قومية أخرى ومواطنين من الدرجة الثانية، لا يؤمن جانبهم أو يوثق بهم، ورغم كل هذا التضليل والخداع والإغراءات التي يقدمها الإحتلال لمثل تلك الجماعات والأفراد المخدوعين والمضللين ،فإنه على مدار عمر دولة الإحتلال،لم يستطع ان يجند مجموعة مذهبية او طائفية بكاملها،لكي تخدم اهدافه ومصالحه،وتتخلى عن عروبتها وقوميتها،حتى في عصر روابط القرى العميلة.

تراجع المشروع الصهيوني وحكوماته المتلاحقة والمتعاقبة عن خططها واهدافها،منوط بمدى قدرة الحركة الوطنية الفلسطينية في الدفاع عن حقوق شعبها والتعبير عن همومهم ومصالحهم،وفي الوقت الذي يكون فيه هناك هبوط وتراجع في العمل الوطني والكفاحي،تظهر مثل هذه الحالات،بل وتحاول ان "تتسيد" وتحتل المشهد،وهنا يجب على كل ألوان الطيف السياسي الوطني أن تتوحد وتكثف جهدها وفعلها وعملها،من اجل اسقاط تلك المشاريع وكشف وتعرية القائمين عليها من خونة وماجورين ومدسوسين.

نعم الإحتلال لا يترك أي فرصة او مناسبة،من اجل تدمير النسيج المجتمعي الفلسطيني،فهو يدرك تماماً بأن الوجود العربي الفلسطيني الموحد،يشكل خطراً ديمغرافياً على وجوده،وأجهزة مخابراته ومراكز بحثه،تقوم بعمل الدراسات ووضع الخطط،لكيفية التخلص من الوجود العربي الفلسطيني،أو تقليصه الى أقل حد ممكن،فهي ترى في ابناء شعبنا هناك بمثابة السرطان،الذي يجب التخلص منه بكل الطرق والسبل شرعية او غير شرعية،من اجل المحافظة على نقاء يهودية الدولة،ولذلك حاولت تعديل الميزان الديمغرافي هذا من خلال عمليات التهويد ومصادرة الأراضي العربية،وكذلك مصاردة اراضي وممتلكات اللاجئين من أبناء شعبنا،وحتى بيعها في المزاد العلني،فكانت مخططات العنصري "أريه كينج" لتهويد الجليل في عام 1976 ،ومصادرة اكثر من (21000 ) دونم من أراضي شعبنا في الجليل،وليأتي رد شعبنا في الثلاثين من آذار/1976 بإنتفاضة شعبية عارمة،اجبرت المتطرف"كنج" وحكومة الإحتلال للتراجع عن مشروعها هذا،ولكن تراجع الإحتلال عن مشاريعه،لا يعني بأن هذا الإحتلال يتخلى عنها،بل يجرب ذلك مرة ومرات،ويجس ردة الفعل على مشاريعه ومخططاته مرة ومرات،واذا ما وجد فتور أو ردة فعل ضعيفه او باهتة على تلك المشاريع،يمضي في مخططاته ومشاريعه،فعلى سبيل المثال لا الحصر،بدأ بروفات محاولة تهويد النقب،عبر هدم قرية العراقيب،وعندما وجد بأن عرب النقب،لن يتخلوا عن وجودهم وأرضهم،حاول كسر إرادتهم عبر عمليات الهدم المتكررة لقرية العراقيب،ولكن أمام هذا الإصرار شعر بحجم التحدي والإرادة عند أبناء شعبنا في النقب،وهو كان يدرك بأن هذا الشعب،لن يسلم بمشاريعه لتهويد النقب،ولكن هذا لم يمنعه من طرح مشروع تهويد النقب،والعمل على تنفيذه،لكي يتمكن من قياس ردة الفعل حول هذا المشروع،وعلى ضوء ذلك يبني خطط واستراتيجيات جديدة،لكيفية تنفيذ المشروع حينما تحين الفرصة لذلك،هكذا عودنا الإحتلال يدخلنا في أزمة وقضية  وينقلنا إلى ازمة وقضية أخرى،من اجل ان يجعلنا ننهك ونتعب،وبالتالي يتمكن من تنفيذ ما يهدف إليه من مشاريع ومخططات.

واليوم وفي ظل خطة كيري،هناك محاولة للتخلص من الكثافة السكانية العربية في الجليل،عبر ما يسمة بتبادل الأراضي.

والمصيبة والمأساة هنا  أن هناك من يصر على تجريب المجرب من أبناء شعبنا الفلسطيني،ظانين بأن التعاطي والتعاون مع الإحتلال في تنفيذ خططه ومشاريعه المعادية لأماني وطموحات شعبنا،قد يجعل منهم اناس "محترمين" عند دولة الإحتلال، وكأن الأمثلة الماثلة امامهم،ليست كفيلة بأن تجعلهم يدركون حقيقة مشاريع وأهداف الإحتلال الخبيثة،وتنكره لكل خدماتهم وتعاملهم له،فقائد ما يسمى بجيش لحد الهالك انطوان لحد،عندما أقام جيش لبنان الجنوبي المرتبط مع الإحتلال،لم يتم إبلاغه بالهروب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني،عندما تم تحرير الجنوب،وتركوهم ليواجهوا مصيرهم وحيدين أمام المقاومة اللبنانية.

فلا المشاركة في التعزية بالهالك شارون،ولا تجند بعض الدروز او العرب المسيحيين في جيش الإحتلال واجهزته الشرطية والأمنية،سيجعل منهم عرباً جيدين في نظر الإحتلال واجهزته،وستبقى النظرة لهم بأنهم أبناء قومية اخرى،وليسوا مخلصين للدولة،فالإحتلال في نظره ونظر قيادته،العربي الجيد هو العربي الميت،وقد آن الاوان لمن يبيعون أنفسهم ويضحون بسمعتهم وكرامتهم وقوميتهم،أن يصحوا ويثوبوا إلى رشدهم،فالإحتلال لن يضع لهم لا التيجان ولا النياشين،فهو فقط يستغلهم ويستثمرهم لخدمة  اهدافه ومصالحه،وفي اللحظة التي يستغني فيها عن خدماتهم،سيلقي بهم إلى قارعة الطريق كالكلاب الضالة.