اليوم التالي لوقف المفاوضات
تاريخ النشر : 2014-01-18 14:13

تَنمُ الشروط الجديدة التي أطلقها اقطاب الحكومة الاسرائيلية كتبادل السكان، وضم مستوطنة بيت ايل الى اسرائيل كتجمع استيطاني رابع ، والاعتراف يهودية الدولة "اسرائيل دولة للشعب اليهودي"، وكذلك زيادة عملية الاستيطان في مدينة القدس والضفة الغربية، عن هستيريا استعمارية لحكومة بنيامين نتنياهو الاستيطانية، وتحويل المفاوضات بدلا من خطوة نحو السلام الى الاستسلام للرواية الاسرائيلية والقوة الاستعمارية.

فيما يقف المفاوض الفلسطيني في موقف لا يحسد عليه ما بين الالتزام بتعهداته للمجتمع الدولي من جهة، وخوفه من تحمل المسؤولية عن فشل المفاوضات الجارية منذ خمسة أشهر من جهة ثانية، وغياب القوة الدافعة أو المحصنة له بغياب الوحدة الوطنية من جهة ثالثة، وكذلك ضعف المعارضة الفلسطينية ذاتها وغياب قوة فعلها من جهة رابعة بالإضافة الى اعتقاد البعض في الرئاسة والمفاوضين أن اي معارضة هي اضعاف لموقف الرئيس الفلسطيني على العكس من المنطق وبعد الرؤية التي تشير الى أن المعارضة هي مصدر قوة بل هي مصدر القوة الوحيد المتوفر حاليا.

تسعى الحكومة الاسرائيلية من خلال عملية الاستيطان وزيادته إلى وضع العراقيل أمام أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين بحيث تصبح المطالبة بالأخذ بعين الاعتبار ليس فقط التغيرات الجغرافية على الحدود بل ايضا التغييرات الديمغرافية في الاراضي الفلسطيني المحتلة عام 1967. في المقابل تسعى الحكومة الاسرائيلية وأجهزتها الاحتلالية الى اضعاف السلطة الوطنية من خلال اظهار عدم قدرتها على وقف عمليات الاقتحامات المتكررة وقتل الفلسطينيين والتضييق عليهم، بهدف التقليل من مصداقية القيادة الفلسطينية أمام الشعب الفلسطيني، وتغييب أي جهة مركزية وقوية في عملية المفاوضات.

التصريحات المتواترة من كلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تُنبأ بفشل الجهود الامريكية التي يقودها وزير الخارجية جون كيري في عملية المفاوضات ضمن الاطار الزماني المحدد بتسعة أشهر مما تؤثر على فرص التوصل للسلام من جهة وعلى السياسة الامريكية للإدارة الحالية من جهة ثانية.

في هذا السياق فإن السيناريو الاكثر ترجيحا هو انتهاء المفاوضات الجارية مع نهاية شهر نيسان القادم دون حدوث اختراق جدي لجسر الهوة ما بين الاسرائيليين والفلسطينيين في جميع المسائل سواء الحدود أو القدس واللاجئين والترتيبات الامنية وغيرها مما يتبع لها أو مسائل منفصلة.

هذا الامر يتطلب من الفلسطينيين تغيير قواعد التعامل الفلسطيني استثمارا للانجاز السياسي المتمثل برفع مكانة فلسطين في الامم المتحدة الى دولة مراقبة وما يترتب عليها من تغيير في مكانة الاراضي الفلسطينية وتحول في "ادوات" الصراع الفلسطيني الاسرائيلي من ناحية ثانية. مما يستدعي بذل جهود أكبر في عملية التغيير المطلوبة كبدء حملة اعلامية واسعة لشرح وتوضيح الموقف الفلسطيني للمجتمع الفلسطيني خاصة الدول التي أيدت القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا الامر يتطلب تفعيل الجهاز الدبلوماسي الفلسطيني وتفعيل المكاتب الاعلامية لمنظمة التحرير أو تعيين متحدثين باللغة الانجليزية وغيرها من اللغات مهمتهم مخاطبة المجتمعات الاخرى بأدوات قادرة على التأثير فيهم وتحسين الصورة الفلسطينية لتوسيع زيادة التضامن والتأييد الدولي.

كما يتطلب من القيادة الفلسطينية وفصائل العمل الوطني والناشطين وأدوات الفعل الوطني الاتفاق على تكامل الاداء وتعزيز الشراكة، وإعادة طرح قواعد غُيّبت بفعل قواعد عملية السلام طوال الفترة الماضية، والنظر في مسألة تبني وسائل وطرق تتناسب مع قوة الدفع للشعب الفلسطيني بتبني أدوات المقاومة الشعبية وتكثيفها، ودعم الملاحقة القضائية لأعضاء الحكومة الاسرائيلية وقادة جيش الاحتلال أمام المحاكم المحلية للدول التي يتيح نظامها القانوني ذلك سواء من خلال مبادرات المنظمات الأهلية والحقوقية او دعم مبادرات الافراد المتضررين، وتفعيل المقاطعة الدولية لدولة اسرائيل وحكومتها بوصفها دولة احتلال تمارس التمييز العنصري "الابرتهايد" بحق الفلسطينيين للوصول للسلام المنشود.

كما يتطلب حساب الخطوة التالية في الذهاب الى مؤسسات الامم المتحدة سواء بتفعيل أدوات هيئة الأمم المتحدة ووسائلها كمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان واليونسكو، أو تقديم طلبات العضوية في وكالات هيئة الأمم المتحدة الذي يتطلب البدء بدراسة الوثائق وتحضير المتطلبات واستكمال الشروط الواجبة للتوقيع على الاتفاقيات الدولية وفق خطة وطنية متدرجة قد تصل في نهايتها الى التوقيع على اتفاقية روما المنشأة للمحكمة الجنائية الدولية.