روبرت جينس يكشف عن تعامل البيت الابيض مع ثورة 25 يناير
تاريخ النشر : 2014-01-16 23:14

أمد/ واشنطن – وكالات : كشف وزير الدفاع الأمريكى السابق روبرت جيتس فى كتابه الجديد "الواجب" كواليس تعامل الإدارة الأمريكية مع ثورة 25 يناير والاتصالات التى دارت بين القادة السياسيين فى واشنطن ونظرائهم فى القاهرة. ويسرد جيتس الكثير من التفاصيل الجديدة حول وجهات نظر ومواقف شخصية للعديد من الأسماء البارزة لقادة مصريين وأمريكيين لعبوا دورا هاما خلال تلك المرحلة.

وذكر جيتس أن إدارة الرئيس أوباما شهدت انقساما حادا خاصة بين فريق الرئيس المسئول عن الأمن القومى حول الطريقة التى يجب أن تتعامل بها واشنطن مع الأحداث التى تتطور سريعا فى القاهرة وماذا يجب أن يكون موقف الرئيس أوباما من المظاهرات والمتظاهرين المحتشدين فى ميدان التحرير، خاصة بعد الانتقادات التى وجهت له بأن رد فعله "كان بطيئا جدا" فى الرد على المظاهرات فى تونس. ويجب أن يظهر دعما قويا للمتظاهرين فى ميدان التحرير.

وفى يوم 28 يناير تلقى جيتس اتصالا هاتفيا من الجنرال مايك مولن، رئيس أركان الجيش الأمريكى (اكتوبر 2007 - سبتمبر 2011)، قال له إن أوباما حضر اجتماعا حول عملية السلام فى الشرق الأوسط لكن الأمر تغير سريعا ليتناول الأحداث فى مصر. وقال مولن إن أعضاء الفريق الرئاسى للأمن القومى اقترحوا على الرئيس أن يتبنى موقفا قويا داعما للمتظاهرين المصريين ويطالب بتغيير قيادة البلاد. مشيرا إلى هيلارى كلينتون (وزيرة الخارجية وقتها)، ونائب الرئيس جو بايدن، وتوماس دونيلون طالبوا أوباما بتوخى الحذر والتفكير فى العواقب المحتملة على المنطقة جراء التخلى عن مبارك، حليف الولايات المتحدة لثلاثين عاما. ووفقا للجنرال مولن فالرئيس الأمريكى كان من الواضح أنه يرغب فى اتخاذ موقف "عدوانى" والإدلاء بتصريحات علنية قوية.

وفى يوم 29 يناير 2011، اجتمع جيتس مع رئيس الأركان الجنرال مولن، وقال له إنه يخشى على الولايات المتحدة من الدخول إلى مياه مجهولة وأن تكرر الأخطاء التى ارتكبتها بعد الثورة الإيرانية فى عام 1979 وقال إن وجهة نظره كانت "الدعوة إلى انتقال منظم للسلطة فى مصر"، لتفادى حدوث فراغ سياسى ينتهى فى النهاية أن تقوم الجماعات المتطرفة بملئه بعد مبارك. وأشار جيتس إلى أن الجنرال مولن أكد له أن بايدن وهيلارى كلينتون متفقان معه على نفس الأمر لكن المشكلة فى فريق الرئيس للأمن القومى الذى يترأسه توماس دونيلون، حيث لديهم قلق من أن يكون أوباما يقف على "الجانب الخاطئ من التاريخ"، والسؤال هو "ماذا بعد مبارك؟".

وقال جيتس، إن اوباما قرر إرسال فرانك ويزنر، السفير المتقاعد والذى يعد صديقا قديما لمبارك، ليسلم له رسالة من الرئيس الأمريكى خلاصتها "يجب بدء انتقال السلطة الآن".

وبالتزامن مع إرسال ويزنر إلى القاهرة، استأنف جيتس مكالمته الهاتفية مع وزير الدفاع المصرى، المشير محمد حسين طنطاوى. لحثه على "ضمان أن الجيش سوف يمارس ضبط النفس فى التعامل مع المحتجين ودعم الإصلاحات السياسية التى من شأنها أن تحمى كرامة الشعب المصرى". وأكد جيتس أن كلام طنطاوى كان "مطمئنا للغاية"، حيث أكد أن المهمة الرئيسية للجيش المصرى هى "الدفاع عن مصر وتأمين المرافق الحيوية، وليس إيذاء الشعب، أو سفك الدماء فى الشوارع".

وفى يوم 1 فبراير، خلال اجتماع لفريق الأمن القومى مع الرئيس الأمريكى، كان السؤال المطروح للنقاش هو "هل يجب أن يتصل أوباما بالرئيس مبارك ويتحدث معه مباشرة أم لا؟"، مشيرا إلى أنه تم وقف الاجتماع لمشاهدة خطاب تليفزيونى لمبارك، قال خلاله "إنه لن يترشح مرة أخرى للرئاسة وأن فترة حكمه ستنتهى فى خريف 2011. وأنه سيبدأ فى حوار مع المعارضة وتعيين نائب له".

وقال إنه "باختصار لقد قام مبارك بتنفيذ ما طلبته منه واشنطن عبر السفير ويزنر". لكن المشكلة بحسب جيتس هى أن مبارك أساء اختيار التوقيت، وأضاف: "لو كان مبارك أعلن تنفيذ ذلك قبل أسبوعين فقط لكانت النتيجة اختلفت تماما" خطابه يوم 1 فبراير كان متأخرا جدا ويقدم القليل جدا.

وقال جيتس إنه عقب انتهاء الخطاب اشتعل الخلاف مجددا بين القادة الأمريكين المشاركين فى الاجتماع وانقسموا إلى فريقين، مجموعة الأمن القومى التى اقترحت على أوباما أن يتصل بالرئيس مبارك ويقول له: "يجب أن ترحل عن السلطة خلال الأيام القليلة المقبلة". والفريق الثانى المكون من جيتس وكلينتون ورئيس الأركان ونائب الرئيس طالب أوباما بضرورة توخى الحذر. وأضاف قائلا: "قلنا للرئيس إن حلفاءنا العرب كلهم مستبدون بدرجة أو بأخرى، وبعد 30 عاما من التعاون العسكرى مع الحكومة الاستبدادية فى مصر، لا يمكن التخلى عن مبارك بتلك الطريقة ويجب أن يرحل عن الحكم ببعض الكرامة وعبر انتقال منظم للسلطة إلى حكومة مدنية. لأن ذلك سيكون رسالة إلى باقى حكام المنطقة "نحن لن نرمى بكم إلى الذئاب". وأضاف جيتس قلت لأوباما "يجب أن تتصل بمبارك الآن وتهنئه على خطابه وتحثه على الرحيل المبكر دون أن تقول له ارحل الآن، يجب أن تستخدم عبارة أكثر غموضا، مثل الرحيل عن السلطة عاجلا أم آجلا". لكن أوباما رفض اقتراح جيتس تماما.