الغنوشي يعلن عن تحريك قضية فساد ضد صهره وزير الخارجية السابق
تاريخ النشر : 2014-01-14 12:40

النهضة التونسية - الغنوشي

أمد/ تونس- (د ب أ): كشف راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تونس عن تحريك قضية فساد ضد صهره رفيق عبد السلام وزير الخارجية السابق، مشيرا إلى أنه واثق من براءته من تهمة التصرف لحسابه في منحة مقدمة من الحكومة الصينية تبلغ مليون دولار.

وقال الغنوشي في حوار تنشره وكالة الانباء الألمانية الثلاثاء بالتزامن مع جريدة الوطن القطرية إنه لم يضغط لتعيين زوج ابنته في منصب وزير الخارجية في حكومة حمادي الجبالي، مضيفا أن “هذه قضية ظالمة وكيدية ضده (عبد السلام) وأنا شخصيا مؤمن تماما ببراءته وليس هناك شك في هذا.. هو متهم باتهامات باطلة وسخيفة بأنه تصرف في منحة من الصين بقيمة مليون دولار بينما هي موجودة في خزينة الدولة ودون المساس بها”.

وعن مسألة تعيين الأقارب وحقيقة ممارسته لنفوذه من أجل تعيين صهره وزيرا للخارجية في حكومة الجبالي “رغم أنه لا يملك من المقومات الدبلوماسية ما يؤهله للقيام بواجبات هذا المنصب الرفيع″ قال: “لو صح ذلك لبقي رفيق عبد السلام في مكانه.. لو كنت أنا كرئيس لحركة النهضة قد ضغطت لتعيينه فما الذي منعني من الاستمرار في ذلك حتى يظل صهري موجودا حتى الآن ، ولكن للإنصاف فإنه رجل كفء وما كان ليوضع في منصبه إلا بعد مشاورات داخل حركتنا والتصويت عليه كشأن باقي الوزراء ، الذين لم يمر منهم وزير دون التصويت عليه داخل الحركة ورئيس النهضة ذاته له صوت كبقية الأصوات وأحيانا يكون مع الأقلية ومرة أخرى مع الأغلبية والحركة تحكمها مؤسسات ولا يقودها فرد ثم أن رفيق عبد السلام يتمتع بكفاءة عالية فهو استاذ في العلوم السياسية والعلاقات الدولية ، وبالتالي فإن هذه هي صناعته وأكثر المؤهلين لهذا المنصب”.

وعن سبب استبعاده من حكومة علي العريض أجاب: “تخلينا عنه في الوزارة الثانية بعدما تنازلت حركة النهضة عن الوزارات السيادية وبالتالي لم نستثن صهر رئيس الحركة طالما قبلنا قاعدة تحييد الوزارات السيادية في وزارة علي العريض، فصار عليه ما صار على الآخرين .. وأريد أن أوضح شيئا: لا يعني أن تكون القرابة مصدر فساد ولا ينبغي أن يقدم أحد بسبب قرابته ولا أن يؤخر ويظلم بسبب قرابته، لأنه سيقال كنا مظلومين في الماضي بسبب قرابتنا، ثم الآن نحن مضطهدون بسبب قرابتنا أيضا، وإلا ستكون القرابة لعنة”.

وعلى صعيد آخر نفى الغنوشي أن تكون حركة النهضة قد تعرضت لضغوط من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وكذلك الجزائر لإجبارها بقبول مخرجات الحوار الوطني الذي كانوا يرفضونه من قبل، وذكر: “هذا ليس صحيحا.. لم يشارك في الحوار الوطني إلا التونسيين وحدهم، ولم يكن حاضرا معنا لا ماديا ولا معنويا، أي طرف خارجي.. أنا قلت إنه لم يكن هناك حضور مادي أو معنوي، وإن كنا نعترف ولا ننكر، بأن كل هذه الأطراف التي ذكرتها لها مصلحة في إنجاح التجربة التونسية، ولها مصلحة في استقرار تونس، وعدم سقوطها في ظل تنامي ظاهرة عصابات الإرهاب، المخدرات، وتهريب العمالة إلى أوروبا، ومن ثم فهناك التقاء في المصالح بيننا وبين شركائنا وأصدقائنا لإنجاح هذه التجربة التونسية، ونتمنى أن يكون العالم كله معنا لإنجاح تجربتنا، التي نقدر أنها خير للجميع″.

ومن جهة أخرى تطرق زعيم حركة النهضة إلى التهديدات التي تلقاها ومسألة استهدافه بالقتل قائلا: “تم إبلاغي من الجهات المعنية بوجود خطر يتهدد حياتي ، وحتى الآن لم يكشفوا لي عما تكون هذه الجهة ، ولا علم لي بأن هناك من تم القبض عليهم من متورطين في التدبير لهذا الاغتيال ، ولا أدري ، كيف عرفت الأجهزة الأمنية بذلك ، ولكنني أثق في أجهزتنا الأمنية ، وإلا ما كان لها أن تشدد الحراسة لولا يقينها ، وأغلب الظن أن هناك خطرا لا يستهدف حياتي فقط ، بقدر ما يستهدف إرباك المسار الديمقراطي في تونس، وبالفعل هناك جهات تدخلت أكثر من مرة في تونس عن طريق الاغتيال بالدم ، من أجل وقف المسار نحو الديمقراطية التونسية الوليدة، وبالفعل قد نجحوا، ولكن إلى حين ، ونحن في (تموز) يوليو الماضي كنا في وضعية تشبه وضعية الآن ، حيث كان البرلمان يشتغل، وبدأ نقاش الدستور، والهيئة المستقلة للانتخابات، التي تتكون من 9 أعضاء، تم انتخاب 8 منهم، بحيث لم يتبق إلا عضو واحد، إلا وفوجئنا بهذه الجهة تتدخل وتقوم بعملية اغتيال (المعارض محمد) البراهمي رحمه الله ، لذلك خرج القطار التونسي عن مساره، وظل خارج السكة من ذلك الوقت إلى الآن، حتى رجع الحوار الوطني الذي عاد بالقطار التونسي إلى محطته ، بعد أن أوشك القطار أن يتدهور نهائيا، وقد تسبب ذلك في تأخيرنا نحو خمسة أو ستة أشهر”.

وتابع : “أكبر المتضررين من موجة الاغتيال هو المسار الديمقراطي في تونس، وأكثرهم في الداخل على وجه التحديد هم الذين يحكمون، لأن الذي يحكم هو المسؤول عن استمرار الاستقرار في البلاد، ويكفي أن الاغتيال السياسي الأول قد أسقط حكومتنا الأولى، في حين أن الاغتيال الثاني، تسبب في دخول البلاد إلى مأزق سياسي كبير، وبالتالي كانت النهضة هي أكبر المتضررين من ذلك، لكونها تقود الحكم، وليس منطقيا أن حركتنا استهدفت ذاتها من خلال القيام بجرائم ضد زعماء سياسيين”.

وفي رده على من يرى أن حكم حركة النهضة سقط في تونس بعد إجبار حكومتها على الاستقالة تحت وطأة الضغط الشعبي قال :”الحديث عن سقوط النهضة كلام لا يستقيم لأن الحركة على فرض خرجت من الحكومة، فإنها لم تخرج من الحكم، لأنه أكثر اتساعا من الحكومة، إذ أن الحكم في تونس هو برلماني، أو شبه نيابي، بمعنى أن مركز الحكم فيه هو البرلمان، والمجلس الوطني التأسيسي، حيث تمثل النهضة الكتلة الأكبر في البرلمان، ولذلك فالسلطة بكل تنوعاتها تمر عبر النهضة في الوقت الحالي، وللتأكيد على ذلك فإنه عندما استقال علي العريض، فإن رئيس الجمهورية، وبحسب القانون دعا رئيس حركة النهضة باعتبارها تمثل الكتلة الأكبر في البرلمان، وقدم له طلبا مكتوبا، حتى نقدم مرشحا لرئاسة الحكومة، وبالفعل قمنا بترشيح مهدي جمعة، باعتباره هو مرشح التوافق الوطني أو الحوار الوطني، ونحن جزء منه وسندعمه إن شاء الله ونتعاون معه لإنجاح المسار الديمقراطي”.

وأوضح :”حركة النهضة اعتمدت مرشح الحوار الوطني، لأنها جزء منه، وقدمته لرئيس الجمهورية، وفقا لما ينص عليه القانون، باعتبار أن الحوار الوطني لم يحل محل النهضة، وظلت كما هي، باعتبار أنها صاحبة الكتلة الأكبر في البرلمان ، هي التي تقدم، ولكن في هذه المرة قدمته باسم الحوار الوطني، التي هي جزء منه، حيث أن الحكم لايزال يمر عبر النهضة، والحكم في بلادنا، هو أشبه بالحكم البرلماني، ومركز السلطة فيه البرلمان، وبالتالي فإن النهضة لاتزال العنصر الأساسي في هذا الحكم.. وثانيا، فإن رئيس الحكومة المكلف، الذي رشحته النهضة، ورشحه الوفاق الوطني، سيشكل حكومته بحرية، ثم يذهب بها إلى المجلس الوطني التأسيسي، حيث أن هذه الحكومة لن تمر إلا بموافقة حركتنا، لأنها صاحبة الكتلة الأكبر، وبالتالي فإن هذه الحكومة، لاتزال تحت رقابة البرلمان، ولكن بطبيعة الحال فإن هذه الحكومة التي أنتجها الوفاق الوطني، ووافقت عليها النهضة، وقدمت رئيسها إلى رئيس الدولة لكي يعتمده، لذا لن نكون عقبة في طريقها وعرقلتها، لأنها ليست حكومة المعارضة، ولا النهضة، ولكنها حكومة وفاق وطني، ولهذا سوف ندعمها، باعتبار أنها ستقود البلاد نحو المحطة النهائية.. نحو مرفأ السلام”.

وعن أسباب موافقة الحركة الآن على تشكيل حكومة كفاءات في حين أنها رفضت هذا الاقتراح عندما طرحه حمادي الجبالي عندما كان يتولى رئاسة الحكومة أجاب :”لكل مقام مقال، وليس في السياسة ما هو دائم، بل هي تقدير لمصلحة في ظرف محدد، وعليه فإنه في ذلك الوقت لم تكن حكومة الكفاءات ملائمة لتونس، ولكن نحن رأينا اليوم وقدرنا أنها أكثر ملاءمة لبلادنا، لأنه في الماضي حينما تم طرح حكومة كفاءات، فإن الجانب الخفي فيها كان يستهدف إظهار حركة النهضة بأنها فشلت، وبالتالي فعليها أن تترك السلطة، بينما عندما تقبل النهضة الآن بحكومة كفاءات، فهذا يرجع السبب فيه لاعتبارها خطوة نحو تحقيق الانتقال الديمقراطي في تونس، الذي يقصد من ورائه تحييد الحكومة الجديدة، لتقود الانتخابات، بحيث نسد باب الذرائع أمام أي أحد، فلا يخرج علينا من يتهم هذه الانتخابات بالتزييف، وبالتالي فهناك فرق بين أن تخرج من الحكم في إطار الفشل، لأنك فاشل، وأن تخرج من الحكم حتى تتيح فرصة لنجاح المرحلة الانتقالية.

وفي سياق متصل تطرق الغنوشي إلى انعكاسات تطورات الأوضاع في مصر على الشأن الداخلي في تونس، وقال: “مصر بلا شك دولة كبرى وما يحدث فيها سوف يؤثر على المنطقة ربما لا نكون في نفس الموقف الذي عليه مصر والتي هي دولة محورية ونحن نقدر بأن ما حدث في مصر كان بمثابة الزلزال، ولابد سيكون له تأثير في جملة المنطقة، ولاحظنا بعد الزلزال المصري، ارتفع سقف المعارضة التونسية، وأصبحت تطالب الإطاحة بالحكومة والمجلس، وتكونت أحزاب وجمعيات تحمل نفس الأسماء الموجودة في مصر، ولكن كما يقال في المنطق، القياس مع وجود الفارق، فقياس الحالة التونسية على الحالة المصرية، هو قياس فاسد، بسبب الاختلاف بين الحالتين، وبين الجيشين المصري والتونسي، حيث أن الجيش التونسي ليست له سوابق في الحكم، وذلك خلافا للجيش المصري الذي ظل مشاركا في الحكم باستمرار، بينما في تونس السلطة لم تكن بيد الجيش بل في يد سلطة قمعية”.

وعن العلاقة مع دول الخليج وخاصة السعودية التي استقبلت الرئيس السابق زين العابدين بن علي، قال “:علاقاتنا عادية ونعمل على تطويرها مع جميع الأشقاء الخليجيين، وقد قدمت قطر مشكورة الكثير من الدعم لتونس الثورة، وكذلك السعودية قدمت لتونس صندوق التنمية السعودي، الذي قدم مساعدات واستثمارات في تونس. ونحن نأمل أن تتحسن وتتطور علاقاتنا مع الأشقاء في الخليج على قاعدة الاخوة والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل”. ولكن في الإطار ذاته فإن “وجود بن علي في السعودية لا يسرنا، ولكن ليس بن علي من الأهمية حتى نضحي بعلاقتنا مع الشقيقة السعودية من أجل ذلك. ونحن تقدمنا بطلب رسمي إلى الإنتربول الدولي لتسلمه تطبيقا للقانون”.

وحول إنشاء “صندوق الكرامة” لتعويض الإسلاميين عن سنوات المعاناة أيام الحكم السابق في الوقت الذي تعاني منه تونس أزمة اقتصادية طاحنة وتوشك على الإفلاس أجاب بالقول: “لا أرى هناك أي تناقض.. فثورتنا ثورة كرامة، ولا كرامة لجائع والاضطهاد لم يمس النهضويين فقط، بل بدأ في الثمانينيات، بدأ اضطهاد الإسلاميين، بل منذ الاستقلال، الذين اختلفوا مع النظام، حيث راحت أرواح العديد في زمن بورقيبة ثم استمرت حركات القمع للقوميين واليساريين، صندوق الكرامة لإعادة كرامة الذين سحقهم النظام السابق، والميزانية الأخيرة نصت على استحداث الصندوق دون تخصيص موارد له، لذا لن يكلف هذا الصندوق ميزانية الدولة شيئا. فقط تم إقرار إنشاء الصندوق، أما موارده فهي عبارة عن تبرعات من الأفراد والمؤسسات من الداخل، ومساعدات من الخارج، ونشكر قطر التي تبرعت بمبلغ 20 مليون دولار لإعانة المناضلين، لترقيع أوضاعهم، خاصة وأن منهم من دمرت عائلاتهم تدميرا، ومن الجحود أن نستكثر على هؤلاء إنشاء صندوق مالي لمساعدتهم، ولسنا شذوذا عن دول مرت بحالاتنا”.