الفقر في فلسطين واشتقاق الدروس من تجربة بنجلادش !!
تاريخ النشر : 2013-10-11 19:54

يعتبر الفقر من القضايا الاقتصادية والاجتماعية الأكثر جدلا بين الاقتصاديين, وارتبط الفقر في القدم بظاهرة فقدان الموارد أو بالحروب والتي تؤدي إلى القهر والاستبعاد, وفي الثراث الفلسفي يقول أرسطو (الفقر مولد الثورات والجريمة ), وجاءت كذلك الأديان وأولت الفقر اهتماما خاصا ونادت بضرورة القضاء على الفقر وتخفيف التفاوت بين البشر وتحسين مستويات المعيشة ويقول الامام على بن ابي طالب ( الفقر أبو الشرور ولو كان رجلا لقتلته) ( وما اغتنى غنيا إلا على رقاب فقير ) والفقر الموت الأكبر.

ويقول يقول البروفيسور محمد يونس قاتل الفقر في بنجلادش والحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام (2006) وصاحب لقب أفضل شخصية اسلامية للعام (2008) ) إن أغلقت الأبواب على الفقراء فلا يزدادوا إلا فقرا شاملا(

وكذلك يقول ( ثراوا ت العرب كبيرة ولكن عدد فقراءهم أكبر )

وعند الحديث عن الفقر في فلسطين وعلاجه كأساس للبدء بتنمية اقتصادية قوامها القضاء على الفقر والبطالة وزيادة الانتاج وتحفيز الطلب الكلي الفعال بشقيه الاستهلاكي والاستثماري وبناء اقتصاد حقيقي منتج, فإن ذلك يحتاج لقراءة معمقة ومستفيضة في بعض التجارب العالمية لعلاج الفقر كالتجربة الكورية والبرازيلية والماليزية وتجربة البروفيسور محمد يونس ببنجلادش , وأبرز التجارب العالمية هي تجربة بنجلادش رغم محدودية مواردها المالية والاقتصادية, وبدأت تلك التجربة بإنشاء البروفسور محمد يونس بنك جرامين لإقراض الفقراء وتنمية المجتمعات الفقيرة في العام (1976) وتقديم قروض صغيرة للفقراء وخصوصا النساء لتمويل مشاريع متناهية الصغر في المجال الزراعي والمهن والتصنيع وبدون أي شروط وبدون ضمانات ولم يأخذ بعين الاعتبار توفر الجدارة الائتمانية للمقترض والتي غالبا ما تكون منخفضة جدا للفقراء ومحدودي الدخول الذين يفتقرون للإمكانيات المادية التي تساعدهم في انشاء مشاريع تخرجهم من دائرة الفقر, وتقوم فلسفة محمد يونس على ان الفقراء يحتاجون القليل من المال ليصبحوا منتجين وفاعلين في مجتمعاتهم وبالتالي ينتقلوا من مستوى( دخل منخفض _ادخار منخفض _استثمار منخفض) إلى (دخل منخفض _توفير _ استثمار_ دخل أكبر) .

وهناك تجارب أخرى كالتجربة البرازيلية للعام (2000) نجحت في تطبيق برنامج (صفر جوع) وهو برنامج طبقتها البرازيل عام (2003)وهو برنامج اجتماعي استهدف القضاء على الفقر وتقديم مساعدات وقروض ميسرة لذوي الدخول المنخفضة وإعادة توزيع الدخل وتوزيع الاراضي بما يخدم عملية الاصلاح الزراعي وهي تجربة ادت لتحول كبير بالاقتصاد البرازيلي من دولة مستوردة ونامية لدولة صاعدة ولثامن دولة بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي العالمي وكأحد اعمدة مجموعة البر يكس الاقتصادية والتي تضم دولا كالصين وروسيا والهند وجنوب افريقيا.

أما فلسطينيا فلم تنجح الحكومات المتتالية والمتعاقبة والبالغة (16) حكومة منذ العام (1994) في التخلص من الفقر رغم اهتمام الموازنات الفلسطينية الاخيرة بالشرائح الاجتماعية لتزيد عن (40%( من إجمالي النفقات العامة, حيث ما زالت معدلات الفقر تزيد عن (20%(

وعليه يمكن القول بأن علاج الفقر في فلسطين لا يأتي ثماره من خلال زيادة المدفوعات الحكومية للشرائح المجتمعية بقدر ما يجب الاهتمام أكثر بقطاعات التنمية الاقتصادية كالبدء في مشروعات البنية التحتية وتقديم قروض ميسرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعم القطاع الزراعي وزيادة الاهتمام بالبحث العلمي وتحسين مستويات التعليم والصحة .

فلسطين تعاني من أمراض اقتصادية واجتماعية وهي بحاجة لعملية جراحية يجريها أكثر الجراحين كفاءة كالدكتور محمد يونس قاتل الفقر في بنجلادش .