بقاء الأسد
تاريخ النشر : 2016-01-31 07:43

أعتقد أن التطورات الأخيرة فى الأزمة السورية تكشف بوضوح جوهر لعبة الأمم مثلما تكشف أوهام الذين يراهنون على الاستقواء بالخارج فى لعبة الصراعات الداخلية على السلطة فى أوطانهم!

أقول ذلك وأنا أحلل صراخ المعارضة السورية هذه الأيام بدعوى تخلى الولايات المتحدة الأمريكية عن التزاماتها السابقة بمواصلة دعم المعارضة السورية حيث انقلب الموقف إلى ما تسميه المعارضة ضغطا شديدا عليها للحاق بقطار المفاوضات الذى انطلق أمس الأول فى جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة.

لقد اكتشف المراهنون على لعبة الاستقواء بالخارج من خلال الاتصالات التى أجراها معهم جون كيرى وزير الخارجية الأمريكية أن واشنطن تخلت عن وعودها السابقة ولم يعد يرد فى مفردات الخطاب الأمريكى بشأن الأزمة السورية أية إشارة إلى ما سبق أن رددته أمريكا بأن نظام بشار الأسد فقد شرعيته ولابد له أن يرحل وبما يعنى أن أمريكا استخدمت هذه المعارضة كورقة للضغط والمساومة مع روسيا ومع إيران بشأن قضايا وأزمات أخرى وعندما تحقق لأمريكا مبتغاها فى الملف النووى الإيرانى والأزمة الأوكرانية فإنها لم تجاهر فقط بتخليها عن المعارضة السورية وإنما ذهبت بعيدا إلى حد إعطاء الضوء الأخضر لروسيا وإيران للعمل العسكرى الواسع فوق الأرض السورية تحت لافتة الحرب ضد الإرهاب وتدمير تنظيم داعش.

وبصرف النظر عن صراخ المعارضة السورية اليوم فإنها تتحمل مسئولية لجوء النظام السورى للاستقواء بالروس والإيرانيين فى مواجهة استقواء المعارضة بالأمريكيين والأوروبيين والأتراك خصوصا وأنه قد غاب عنهم مثلما غاب مرارا عن أى معارضة تستقوى بالخارج بأن حلمها ومصيرها يظل رهنا بمصالح هذه القوى الأجنبية التى يمكن أن تبيعها فى إطار أى صفقة أممية... والأهم من ذلك كله أن المعارضة السورية غاب عنها ـ جهلا أو اندفاعا ـ طبيعة الحسابات الاستراتيجية للقوى العظمى وحرصها فى نهاية المطاف على عدم الإخلال بالتوازن الاستراتيجى فى الشرق الأوسط بعد أن أكدت معطيات السنوات الخمس الأخيرة أهمية نظام الأسد مهما تكن عليه من تحفظات فى توفير الضمان المرحلى لهذا التوازن.

خير الكلام:

<< الأفكار الجامحة تسقط مثلما يسقط الجواد الجامح.

عن الاهرام