"مشيخة غزة" والبعد القطري... هل القطاع محاصر فعلاً؟!
تاريخ النشر : 2016-01-28 18:46

مشاريع قطر لإعادة إعمار غزة تسير بسلاسة. قطر تسلم ألف وحدة سكنية في غزة. العمادي يعلن انطلاق مشاريع جديدة لغزة بـ(32) مليون. بدعم قطري.. مشاريع للطاقة الشمسية وخط للغاز قريباً في غزة... قطر وقطر وقطر، ماذا يجري في غزة "المحاصرة"؟!.

كيف يمكن الحديث اليوم عن حصار غزة، وقد قامت قطر "بكسره". وكيف يمكن الحديث عن حصار غزة، ورئيس اللجنة القطرية لاعادة اعمار غزة محمد العمادي يدخل ويخرج بسلاسة وفي جيبه مايريد من أموال؟. كيف يمكن الحديث عن معاناة الشعب في غزة من التشرد والبرد، ومئات الأبنية القطرية تشاد هنا وهناك بكل سهولة وبمواصفات عالمية حديثة!.

لايمكن المرور مرور الكرام على تلك التصريحات بخصوص أموال قطر التي تنفق على مساحة 360 كيلو متر مربع يقال أنها محاصرة، بينما تعمل قوى حماس ليلاً نهاراً على استغلال شماعة الحصار لكسب أكبر تعاطف ممكن مع حكومتها في القطاع، على أنها تعاقب معاقبة جماعية مع سكان غزة نتيجة انتهاج نهج المقاومة ضد الاحتلال.

الواقع مختلف تماماً. بالتأكيد حكومة حماس التي تدعي أنها في عجز مالي، وأن الضرائب التي تفرضها على الشعب المسكين في غزة هي نتيجة ذلك العجز، إضافةً إلى توزيعها الأراضي بدلاً لمستحقات مالية وكأن الحكومة قد انهارت فعلاً. يوحي للناظر بأن غزة في فقر متقع، وأن حركة حماس لاتحصل على أي دعم من أي جهة كانت، وخاصة بعد أنباء رفضها الدعم الايراني.

لكن. المثير للخوف، هو أن تكون اجراءات حماس المذكورة أعلاه، عبارة عن ممارسات علنية لتغييب مايحدث في الواقع من تحويل غزة إلى إمارة قطرية، بعد سيطرة تلك المشيخة على كل منافذ اقتصاد القطاع دون منافس من أي دولة أخرى مانحة.

هنا تتكشف عدة أمور. وكأن التهدئة الأخيرة التي قبلتها حماس مع كيان الاحتلال، وعدم مشاركة قوى حماس في الانتفاضة بحجة حرصها على عدم حرف الغضب الشعبي عن المقدسات وحمايتها، إضافة إلى حذرها من عسكرة الانتفاضة كما تدعي، يشير إلى شيء وكأنه مخطط مسبقاً. بمعنى: أن تدمر غزة بعد العدوان الأخير ومن ثم يتم الاتفاق على تهدئة طويلة الأمد تستغلها قطر في الهيمنة على الاقتصاد الغزي مع الاستمرار بالتشدق بشماعة الحصار.

كيف يدخل العمادي بسهولة عبر المعابر "الاسرائيلية" وحده دون غيره، وكيف يستطيع ادخال مستلزمات الاعمار بهذا الشكل وهذه السهولة والسلاسة، وكيف يستطيع اخراج (200) مدرس من قطاع غزة للعمل في قطر، من خلال معبر بيت حانون "إيرز"، وكيف يتم إجراء دراسة لإنشاء شركة بين القطاع الخاص"الإسرائيلي" واللجنة القطرية من أجل تزويد غزة بالكهرباء من خلال الطاقة الشمسية!.

أليست كل تلك الإجراءات تعمل على تكريس الانقسام وزيادة استقلال غزة عن الضفة. أليست كل تلك التصرفات تعني أن غزة محاصرة عن الجميع إلا قطر؟، أليس اسم "مدينة الشيخ حمد" كافياً لدق ناقوس الخطر وطرق جدران الخزان قبل تحول غزة إلى إمارة قطرية، منفذها الوحيد إلى العام معبر "ايريز" وباتجاه واحد نحو قطر وبالعكس؟

في النهاية، ستصبح غزة مرهونة بقرار قطري فقط وقد يكون سعودي أيضاً، تلك المملكة التي قدمت عدة مشاريع سكنية لكن عبر الاونروا ووزارة العمل في حكومة حماس. إلا أن حجم المشاريع القطرية يوحي بأن هذه الإمارة تنظر إلى القطاع وكأنه امتداد لها، وكل ذلك بالتأكيد ينعش غزة وبموافقة "اسرائيلية" غريبة، حيث سيتم مد خط كبير شرق قطاع غزة بمحاذاة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، لضخ كميات كبيرة من الغاز، وكذلك المشاريع التي ستنفذ عن طريق الغاز، وأبزرها توليد الطاقة الكهربائية، وستعتمد محطة التوليد على الغاز بدلاً من الوقود الصناعي الذي يورد لها من الجانب "الإسرائيلي" عبر معبر كرم أبو سالم التجاري.

المشروع القطري الأقرب في غزة ومن المفترض البدء به خلال شهور قليلة، يتمثل في إنشاء محطة طاقة شمسية كبيرة، ستُقام في منطقة قرب مطار غزة الدولي جنوب قطاع غزة، لتوليد كميات كبيرة وهائلة من الكهرباء.

وليس هذا فحسب، بل هناك "مشاريع اقتصادية أخرى كتوزيع شقق سكنية جديدة، وإنشاء أنبوب لإدخال الإسمنت السائل لقطاع غزة، بدلاً من إدخاله عبر الشاحنات من خلال معبر كرم أبو سالم التجاري، الذي يغلق بشكل مستمر ويتحكم به الجانب الإسرائيلي"، بحسب العمادي.

مشاريع قطر وصلت في غزة إلى 200 مليون دولار، وهي ليست سوى جزء من المليار دولار التي تبرعت بها قطر لصالح مشاريع البنية التحتية والمساكن، مايشير إلى بدء عد العدة لإنشاء إمارة قطرية في غزة، بقيت هناك حماس أم ذهبت، المهم أن تبقى هذه الامارة موجودة على أرض القطاع موسومة باسم "حمد" عبر تلك المشاريع.

الغريب هو أن الدول المشاركة في مؤتمر المانحين لاعادة إعمار غزة عام 2014، تعهدت بتقديم 5.4 مليار دولار للفلسطينيين، نصفها لإعادة إعمار قطاع غزة الذي لحق به دمار بالغ جراء الحرب "الإسرائيلية" الأخيرة، إلا أن قطر تنفرد وحدها بالتنفيذ المباشر على الارض.

هناك دور سعودي أيضاً في غزة ، لكنه خجول وغير مباشر، فالعلاقات مازالت غير مستقرة بين المملكة وحماس، إلا أن ذلك لم يمنع من وسم حي آخر في غزة بطابع سعودي عبر تسميته بـ"الحي السعودي"، افتتحه اسماعيل هنية العام الماضي، بعد أن كان الملك عبدالله بن عبد العزيز قد أمر ببنائه.

ويتكون الحي السعودي، الذي لايعتبر المشروع السعودي الوحيد في غزة، من 3 مراحل يضم 1800 وحدة سكنية لـ2500 عائلة، بمعدل نحو 16 – 18 ألف لاجئ فلسطيني سيقيمون في هذا الحي ويحتوي على 6 مدارس وسوق تجاري ومركز صحي ومركز مجتمعي وروضة أطفال وأكبر مسجد في قطاع غزة.

بينما، تتكون مدينة حمد السكنية في غزة من ثلاث مراحل، المرحلة الأولى جرى تنفيذها وتتكون من 1060 وحدة سكنية بمساحة 130م.