"هرقلة سياسية" تستوجب الرد !

تابعنا على:   08:50 2015-10-26

كتب حسن عصفور/ لا يمكن للمرء ان يمر مرورا عابرا على عدم حدوث "لقاء فلسطيني إردني" مشترك، قبل عقد اللقاءات "الثنائية" من الطرفين مع وزير الخارجية الأمريكية جون كيري في عمان، العاصمة الأردنية، وكلا الطرفين يعلنان أنهما سيبحثان "ازمة القدس ومسجدها" في ظل "التهويد الاسرائيلي" المتسارع، ما أنتج "هبة غضب عارمة كان سكينها رمزا جديدا من رموز الفعل الفلسطيني"..

ان يحضر الرئيس عباس ومعه "وفده الخاص"، ويلتقي بكيري في مقر أمريكي في العاصمة الأردنية، قبل أن يحدث أي "فعل تشاوري - تفاهمي" مع الشقيقة الأردن، فتلك بذاتها "رسالة سياسية" تكشف عمق "المصيبة السياسية" التي نعيشها راهنا، بعيدا عن تحميل هذا الطرف أم ذاك مسؤولية غياب التنسيق المسبق، او التشاور للإتفاق على ما يمكن اعتباره "الخط الأدنى" لصيانة "المقدس السياسي -الديني" في بيت المقدس، عاصمة الدولة الفلسطينية، وفقا للتاريخ وأيضا للقانون وحكما بقرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012، المتجاهل رسميا من قبل "الرئاسة الفلسطينية وخليتها الخاصة"..

لكن تلك المسألة، غياب التنسيق والتفاهم، وحدها كانت كفيلة، بأن لا نصل الى أي اتفاق يمكن الاعتداد به، بل موقف أدى لخروج رأس البغي الحاكم في تل أبيب ليعلن في بيان رسمي "تهويد القدس والمسجد الأقصى"، دون ان يتصدى له أي من طرفي المعادلة الرسمية في فلسطين والأردن..

ولأن واشنطن تعمل بكل السبل السياسية لتكريس "مصالح" دولة الكيان في ظل "هزالة سياسية عربية"، وقبلها في مشهد فلسطيني هو الأكثر ضعفا وانتكاسة ساعد امريكا ودولة الكيان لفرض اسس "الرؤية التهويدية وعبرنة المقدسات"، وشل الكيانية الفلسطينية بحركة استيطانية جنونية، اكتفت "الرئاسة الفلسطينية وخليتها" برصدها وتحويلها الى "اقراص مدمجمة" قدمتها بعد سنوات الى الوزير الأمريكي، وكأنه "ناظر مدرسة" يبحث عن عقاب "التلميذ المشاغب"..

ثقافة المراقب الضعيف لا تنتج أبدا "حالة مقاومة أو ردع للبلطجة السياسية التي تمارسها دولة الكيان، في "العشرية الأخيرة"..وكان ذهاب الرئيس عباس مع "بعض فريقه الخاص"، بلا تنسيق وطني، ولا مشاركة وطنية، ودون أي تنسيق عربي، وكذا مع الاردن، سيكون الطبيعي الوصول الى ما كان من "مصيبة سياسية" أعلنها نتنياهو..

والكارثة المضافة لـ"الخلية السياسية العباسية"، أنها لم تعلن موقفا من "بيان نتنياهو التهويدي"، صمتت صمت القبور وكأن المسألة تحدث في مكان غير التي مفترض انها وجدت لتحميه وتدافع عنه، ويزداد المشهد "هرقلة سياسية"، عندما نقرأ لشخص منسوب الى حركة فتح، بلا أسم ولا هوية أنه لا يوجد "رضى ولا موافقة" على التفاهمات التي حدثت حول القدس..بل ان وزير خارجية حكومة الرئيس عباس خرج بتصريح غاية في "الطرافة: بوصفه أقوال نتنياهو بأها "قد تكون فخا إضافيا"..

هكذا تتصرف الرئاسة وخليتها نحو واحدة من أخطر القضايا المركزية للقضية الفلسطينية، القدس بكل ما لها من مكانة سياسية وسيادية ودينية أيضا..سلوك يعكس ان "التيه والتوهان" بات سيد الموقف لهذه الرئاسة وخليتها، وأن هذا السلوك مؤشر خطير جدا لو استمر كما هو دون تصويب أو تقويم أو مواجهة علنية كي لا يعتقد البعض ان "الخيبة السياسية" باتت هي الحاضر في المشهد الراهن..

فوضى المشهد السياسي لما قبل "لقاءات عمان" وبعدها، تكشف عمق الأزمة السياسية الفلسطينية في قمة الهرم، وفقدان "المنظومة الرسمية" لآليات العمل والادارة وقبلها العجز القيادي في الشأن الوطني العام..

غياب التنسيق  الوطني، وغياب التنسيق العربي حول القدس وقبلها "المسألة الوطنية" يفرض ضرورة عقد "لقاء وطني" لتدارس ما وصلت اليه الحالة القيادية، ومخاطر الاستمرار بما هي عليه، خاصة وأن روحها تتعاكس كليا مع "روح الغضب الوطني - الشعبي العام"..بل هي ووفقا لما بات معلوما للجمع الفلسطيني تبحث كيفية "وأدها" بأي سبل ممكنة - متاحة..

وبالتأكيد فالحاضر الفصائلي القائم لا يمنح التفاؤل السياسي الممكن لمواجهة أخطر "أزمة سياسية فلسطينية" تمر عليها القيادة الرسمية، حتى في ظل الأسوء الانشقاقي، كان الخالد ابو عمار يشق الصخر كي تبقى الشعلة، وبعد الانشقاق - الخطف في قطاع غزة، خرج أهل القطاع، عدا فرقة الخطف، لتعلن أن فلسطين القضية ليست للخطف ولن تكون..

ولذا فالحاضر الراهن بما يحمله من خطر التصفية والتهويد يفرض ضرورة البحث في "اشتقاق وطني" متسلحا بروح "الغضب العام" متصديا مواجها مكملا راية الخالد ابو عمار التي رفعها وحملها حتى الشهادة..ثورة ثورة ثورة حتى النصر..ولا غيرها بديلا مهما لبس الملتبسون وطنيا "عباءات مزيفة"!

عشية ذكرى غياب الخالد اغتيالا بات الواجب اشتقاقا سياسيا يحمل ألق "العرفاتية الوطنية" كي لا تنكسر الراية بفعل فاعلين معلومين جدا..وكي لا يتمكن هذا الفريق من "كسر سكين التمرد والعصيان" على المحتلين وأدواتهم!

ملاحظة وتنويه خاص: في ذكرى رحيل القائد فتحي الشقاقي اغتيالا غادرا.. وذكرى انطلاقة فصيل من "طراز خاص" حمل نكهة مختلفة براية الجهاد وعمق الاسلام التحرري الكفاحي، روح "ابو ذر الغفاري"، بأن للفقراء حق الحياة..للجهاد الفصيل الذي أحترم ولقيادته الرشيقة وطنيا وأمينها العام د.رمضان شلح ونائبه زياد تحية خاصة..بأمل أن نرى حضورا تستحق في حياة سياسية ملتبسة..الجهاد بلا طائفية وبروح الوطن..هي ما ننتظر وينتظر أهل فلسطين!

اخر الأخبار