المفاوضات وحق الإقرار الشعبي

تابعنا على:   18:44 2013-12-22

د. صلاح الوادية

ما يقارب العقدين من المفاوضات الحثيثة في حياة القائد عرفات الذي أقر في نهاية المطاف بعقم المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي المماطل، لم تنجب هذه المفاوضات إلا اتفاقا غير رحيم بالفلسطينيين أضاع عليهم الوقت وأهدر حقوقهم في فلسطين التاريخية وكبلهم جغرافيا واقتصاديا، المفاوضات هي التي دفعت الراحل عرفات إلى مقاومة المخرز تسليما لأذاه على أن يغض البصر عن مخاض محتمل مشوه لتلك المفاوضات.

السيد الرئيس محمود عباس يؤمن كل الإيمان إيمانا بالثلاثة أن الحل الوحيد والأمثل والأنجح والأنجع هو المفاوضات (المفاوضات ثم المفاوضات ثم المفاوضات)، رغم أنه يعتصر ألما كل يوم من نتائج المفاوضات السابقة التي جلبت الحواجز والتقسيم وفقدان الجغرافيا وضعف التسليح والتكبيل الاقتصادي المجحف باتفاقية باريس غير العادلة، والتصريح الشخصي لسيادته بالتنقل على الأرض الفلسطينية، والاقتصاد الفلسطيني الذي قوامه معبر إسرائيلي التحكم، وإدارة حياة المواطنين يوم بيوم، وموازنات تتطلب التسول قبل نهاية كل شهر، ومستوطنات تنهش جسد الوطن بالكامل، وغيرها الكثير من مآسي أوسلو يعيشها الرئيس عباس يوميا وساعة بساعة هو دون سواه، ومع ذلك لا يؤمن سيادته إلا بالمفاوضات.

مفاوضات اليوم لا تختلف عن الأمس قيد أنملة إلا بوجوه الرعاة والمفاوضين، هل سيكون الطرف الأمريكي محايدا اليوم بخلاف الأمس، حيث كان يعرف أن الطرف الفلسطيني يعاني ضغوطا أكبر بكثير من قبل الأمريكان مما يعانيه من الطرف الإسرائيلي، بالمطلق لا لن يكون حياديا والدليل التهديد المتكرر للطرف الفلسطيني بوقف المساعدات، والالتزام المطلق بأمن إسرائيل، وتقديم الأمن في التفاوض على الحدود عكس رغبة الطرف الفلسطيني وتسايرا مع رغبة الطرف الاسرائيلي، والحلول النتقالية، ومع ذلك تستمر المفاوضات، مع علمنا المطلق بعدم رغبة إسرائيل في الوصول إلى حلول ومع ذلك نعول على إحراجها دوليا.

الرئيس عباس وعد الشعب الفلسطيني بأنه لن يوقع على أي اتفاق مع الجانب الإسرائيلي إلا بعد أن يخضع هذا الاتفاق لاستفتاء شعبي كامل وأنه سيلتزم بنتيجة الاستفتاء، هذا جيد ولكن هل حقا سيتمكن الرئيس عباس في حين تم التوصل إلى حل أن يقول لكيري أو من وراؤه تمهلوا حتى أرى رأي الناس، وإن كان كذلك فلماذا لا يتم إخضاع قرار الاستمرار في التفاوض والتمديد لعام آخر لاستفتاء شعبي، نظرا لعدم نجاعة تلك المفاوضات بات من الضروري الاحتكام للشعب ليصادق على أو يرفض البرنامج السياسي التفاوضي للسيد الرئيس، وحينها يكون الرئيس له سندا شعبيا في قوله لا أو نعم، أن يوقف المفاوضات أو يستمر فيها، ويستطيع أن يسكت الجميع أو أن يلتزم كونه مواطنا فلسطينيا بالأساس للإجماع الشعبي.

تحدثنا كثيرا مسبقا عن براعة وقدرة وتفرد الطاقم المفاوض برئاسة عريقات وهل هو حقا منقطع النظير، ولديه نظرة ثاقبة في رغبته الدائمة بالتفاوض، وأن الحياة السياسية الفلسطينية بات محورها التفاوض، قبل ذلك كان أبو العلاء قريع ومحمد دحلان وحسن عصفور أقوى المفاوضين إلى جانب عريقات ويؤمنوا إيمانا مطلقا في المفاوضات اليوم نجد هؤلاء يعلنون ليلا نهارا أن المفاوضات بشكلها وبرنامجها الحالي هي مضيعة للوقت وخطرا حقيقيا على المشروع الوطني الفلسطيني، وأعتقد جازما أن صائب عريقات يوما ما سيكتب عن سلبية المفاوضات وسيحذر من عدم جدية المفاوض الاسرائيلي وعدم حياد الراعي الأمريكي وسيعلن عن رفضه للتفاوض مستقبلا نتيجة لخبرته الطويلة مع الطرف الاسرائيلي.

يجب العودة إلى الشعب ليقرر ما هو مفيد له وما هو غير مفيد له، ما يرغب فيه وما لا يرغب فيه، المستقبل الفلسطيني ملك للجميع ولا يجوز رسمه بعيدا عن الكل الوطني والإجماع الشعبي.

اخر الأخبار