ليس معزولا في القصر

تابعنا على:   10:33 2013-12-22

ماهر ابو طير

صناعة الصورة الانطباعية للملك،صناعة مهمة،وهي ترتبط بأمرين،اولهما طبيعة حركة الملك ونشاطه،وثانيهما تلك الجهة المختصة التي تضع لمساتها للاستفادة من هذا النشاط لصناعة الصورة الانطباعية عن الملك بين الناس.
يختلف الملك عن آخرين،بأنه لا حاجة عنده لتخليق الصورة الانطباعية بالمعنى التقني،اذ انه منذ ان تسلم الحكم،كان ومايزال لديه نشاطات كثيرة،تساعد الى درجة كبيرة في تثبيت صورة طبيعية،يعكسها الاعلام بين الناس،اكثر من صناعتها بمعنى الصناعة.
رسالة الملك،لا تأتي تحت عنوان «حرّكوا سيارات بعضكم البعض» بقدر ما كان الانسان يتجلى فيه في تلك الصورة اذ يقف لمساعدة انسان آخر،وهو الانسان المطلوب إحياؤه في كل واحد فينا،خصوصاً،على مستوى المسؤولين والقادرين.
مهمات الملك في الدستور ليس من بينها فتح شارع،ولا تحريك سيارة،ولا زيارة بيت جيران،غير ان ارث الملك وعائلته يقول ان البقاء بين الناس،هي ميزتهم الاساس،دون خوف من غدر او خيانة،ودون فوقية ايضاً.
لهذا لا يكون بقاء الملك في قصره خلال العاصفة الثلجية طبيعياً،بل ان الطبيعي ان يخرج ويزور عدة مواقع من الشمال الى الجنوب.
الانسان العربي بطبيعته عاطفي،والحكم في العالم العربي،تاريخياً،لايدار فقط بالصلاحيات والمهمات المحددة،مسبقاً،بل عبر معادلة البقاء بين الناس،اي الابوية،وموروثها الاجتماعي،خصوصاً،اذ تغيب الادوار المؤسساتية.
الاردن كان طوال عمره فقيراً،ولم يؤسس لتلك المعادلة بين الحكم والناس،سوى البقاء بينهم،دون ملل من شكوى الناس وتذمرهم،وقضاياهم العامة والشخصية،وهذا هو الحبل السري الوحيد،فالأبوية حل يعوّض النقص في مجالات كثيرة. ليس احسن من تصنيع الصورة الانطباعية بالمعنى التقني،الا حين تأتي الصورة طبيعية،بسبب نشاط الملك ذاته،ولا صورة مؤثرة وحاكمة على وجدانيات الناس،الا عبر اللفتات الانسانية،التي تقول للناس ان الملك ليس معزولا في قصره،ويفكر بهم،وبحالهم في ظل اي ظروف،كما الظروف التي استجدت. كل ما نريده اليوم ان يبقى الملك بين الناس،بمعزل حتى عن فكرة الوضع الاستثنائي،لان الناس هم اساس الدولة والحكم،ولانهم يعانون ايضاً،ولان الصورة هنا تتدفق طبيعية،يوماً بعد يوم،دون ان تخضع لمعيار الصناعة. لابد اليوم،من رفع وتيرة التواصل مع الناس،والعاصفة الثلجية كشفت قدرة الملك على التصرف بطبيعية،واحساسه الغريزي الذي يأخذه الى حيث يريده الناس،وحاجة الناس اليه والى وجوده بينهم.
لا بد ايضا ان نضع حدا لهذه النواقص في اداء المؤسسات العامة،لان الاصل ان تؤدي مهماتها بشكل طبيعي وفاعل وكامل.
العيش في قصر،ثقافة ووجدان،والملك أياً كان مكان سكنه،فهو لا يعيش في قصر،وليس معزولا وراء جدرانه،فهو من بين الناس،وابن الجيش وأخ للعسكر،يعرف القرى والبوادي والمدن والمخيمات.

عن الدستور الاردنية

اخر الأخبار