
حماس تكشف عن أن مواد البناء المدخلة لصالح المشاريع القطرية تباع في السوق السوداء

أمد/ غزة : كشف الدكتور علاء الدين الرفاتى، مسئول الاقتصاد في حركة حماس و مسئول إدارة الأنفاق، عن أن عمليات هدم الأنفاق التي قام بها الجيش المصري بعد "30 يونيو" لتأمين الحدود المصرية كبّدت حماس خسائر تقارب 460 مليون دولار.
ودافع الرفاتي خلال حديثه مع صحيفة الوطن المصرية عن "أنفاق التهريب" قائلاً " إن حصار غزة دفع الفلسطينيين لإيجاد بدائل لهذا الحصار، عن طريق حفر الأنفاق، لتأمين احتياجاتهم المعيشية، معتبراً أن هذه الأنفاق "حق مشروع تماماً"، وأن حملة الجيش المصري لهدمها لن تنجح طالما لم يوجد البديل.
ونفى الرفاتي أن تكون هذه الأنفاق أحد أسباب زعزعة الاستقرار الأمني في مصر، على الرغم من اعترافه بأن حكومة حماس لا تُحكم قبضتها إلا على 60 أو 70% منها فقط، مشيراً إلى أن المهربين ابتكروا وسائل جديدة في حفر الأنفاق لتكون أكثر عمقاً وتمويهاً، في حين رفض اتهام الفصائل المسلحة في غزة بالوقوف وراء عمليات تهريب السلاح عبر الأنفاق إلى سيناء، وإن قال إن " عمل المقاومة يجب أن يكون سرياً وحماس كسلطة لا تملك القدرة لسؤال هذه الفصائل عن آلية حصولها على السلاح أو العمل به ".
ولفت الرفاتي إلى أن أول هيئة لمتابعة شئون الأنفاق في غزة شكلت عام 2011، بعد أن أصبحت غزة قِبلة لدخول العديد من المواد الممنوعة مثل تهريب المخدرات والحشيش والأدوية المخدرة، من هنا قررت حماس- حسب قوله- أن تشرف إشرافاً كاملاً على هذه الأنفاق لمنع دخول هذه المواد وضبط المنطقة الحدودية لتكون مسئولة عما يدخل إلى القطاع.
وحسب قوله فإن نسبة الانفاق التي جرى تدميرها من قبل الجيش المصري بلغت لغاية اللحظة إلى ما بين " 80 إلى 90% ", نافيا تقارير حول تجاوز أعداد الانفاق 400 نفق على طول الشريط الحدودي قائلاً " إن إجمالي الانفاق الحدودية لا يتعدى 1400 نفق وتقلص العدد إلى حوالى 400 فقط، وإجمالاً لا يوجد أحد يمكن أن يعطى رقماً صحيحاً تماماً لعدد الأنفاق لأنه يتم حفرها بشكل بعيد عن الدولة ".
وفي رده على سؤال هل كل هذه الأنفاق تتبع حماس بشكل مباشر أم إن الأفراد يملكون بعضها؟ قال " حماس لا تملك أي أنفاق خاصة بها، وإنما نحن فقط نشرف، من خلال اللجنة الحدودية الأمنية التي خصصت فقط لمتابعة شئون الأنفاق وهى "هيئة شئون الأنفاق"، والتي تتولى الإشراف على طبيعة المواد التي تدخل إلى القطاع عبر الأنفاق أيضاً.
■ هذه الأنفاق تعتبر لدى المصريين «أنفاق الشر» التى تمرر السلاح والعناصر الإرهابية للعمل ضد مصر.
- لا يوجد لدينا سلاح كى نهربه، ولا أفراد أيضاً مروا من هذه الأنفاق، نحن نُحكم سيطرتنا على هذه الأنفاق، وإذا كان لدى الحكومة المصرية أسماء محددة من «حماس» دخلت مصر عبر هذه الأنفاق فنحن على أتم الاستعداد للتعاون مع الجانب المصرى لكشفهم، ومعاقبة كل من كان وراءهم، إن «حماس» لم تفكر فى يوم من الأيام فى الإضرار بأمن مصر، بل تعتبر أمن مصر من أمن غزة، وهذا كلام نؤكد عليه فى كل محافلنا مهما تغيرت السلطة الحاكمة فى مصر، من «مبارك» إلى «مرسى» مروراً بالمجلس العسكرى، لم نتدخل فى الشأن المصرى أبداً.
■ من المعروف أن شحنات كبيرة من الأسلحة الليبية جرى تهريبها إلى غزة بعد سقوط حكم «القذافى»، كيف تنكر امتلاككم أسلحة؟
- إن كان ما تقولينه صحيحاً، فإن طرق فصائل المقاومة الفلسطينية التى تعمل لمقاومة الاحتلال الإسرائيلى فى إدخال السلاح إلى فلسطين سرية جداً، ولا أحد يستطيع أن يعرف كيفية إدخاله، والسلاح الليبى الذى دخل غزة، لن يمر بطريقة شرعية، لأن مروره سيجرى عن طريق مصر، وهذا لم يحدث أبداً، لأن مصر تُحكم قبضتها على المعبر، لذا فإن الكشف عن كيفية دخول هذه الأسلحة إلى غزة لن يكون فى مقدور أحد، لكن ما نرصده من خلال الأنفاق بحكم إدارتنا لها هو مواد غذائية وسلع ومواد بناء فقط لا غير.
■ لكنكم تملكون بطبيعة الحال اتصالات مباشرة مع فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى، وإذا ما أردتم معرفة كيفية إدخال هذه الأسلحة التي يعاد تهريبها فيما بعد إلى مصر ستعرفون؟
- من ذكاء فصائل المقاومة الفلسطينية أنها تعمل فى ظل عدم استقرار الحكومات، حتى وإن كانت «حماس» هى من تحكم، فإنها ترفع أيضاً شعار المقاومة، لكن عمل المقاومة يحتاج إلى عمل سرى ولا يمكن أن تكشف هذه الأسرار أمام العمل الحكومى.
■ هذه السرية انعكست بشكل مباشر على غزة لاحقاً، لأن من حق مصر أن تؤمّن حدودها، وجرى بالفعل كشف كميات كبيرة من الأسلحة المهربة إليكم.
- «حماس» لن تسمح أبداً بالإضرار بأمن مصر، وأى شخص يريد أن يعبث بأمن مصر لن يعجز عن الحصول على السلاح عن طريق أى حدود أخرى، ليبيا والسودان مثلاً، فى حين أن أضيق نقطة هى غزة ولقد طلبنا من مصر رسمياً أن تخطرنا بأسماء الأشخاص الذين قيل فى الإعلام المصرى إنهم من «حماس» وإنه كان بحوزتهم أسلحة، وللعلم جلسنا مع الإخوة فى المخابرات العامة المصرية لأنها هى الجهة الرسمية المعنية بالملف الفلسطينى، وتم تشكيل لجنة مشتركة بالتنسيق للتعاون الأمنى على الحدود منذ حوالى عامين، لكن بعد «30 يونيو» لا يوجد أى تواصل فى عمل هذه اللجنة.
■ لماذا لم تحاولوا التواصل مع مصر لإعادة تفعيل عمل هذه اللجنة مجدداً؟
- حاولنا، ولكن دون رد إيجابى من الجانب المصرى، وعلى كل الأحوال وبكل صراحة، لا تعنينا الأنفاق بشكل مباشر، فنحن معنيون بكسر الحصار، وإذا كان هناك بديل عن طريق معبر رفح بشكل منتظم، فنحن على استعداد تام للقضاء على ظاهرة الأنفاق بالكامل.
■ إذن أنتم تملكون القدرة على غلقها تماماً من جانبكم، ومع ذلك لم تفعلوا وتركتم المهمة للجانب المصرى لتأمين حدوده، لماذا هذا التردد؟
- الأنفاق بالنسبة لنا هى المتنفس الوحيد لمواجهة الحصار الإسرائيلى، فلماذا نغلقها؟ مش معقول أن الجانب الإسرائيلى يخنقنا ويريد أن يدمر حياتنا بالكامل وعلى الشعب الفلسطينى أن يستسلم لهذا الموت. فى سبيل أن أحافظ على قضيتى من حقى أن أسلك كافة السبل.
■ تقول ذلك، رغم أن الأنفاق سبب مباشر فى توتر علاقتكم بمصر وتهديد أمنها القومى، وأنتم من تقولون إن «مصر هى السند الحقيقى لنا»؟
- هذا التوتر نحن على استعداد تام لإزالته وحله، وإذا كان الجانب المصرى متضرراً من الأنفاق، فنحن على استعداد لأن نتحدث عن بدائل فى هذا النطاق، وكان هناك وعود من الجانب المصرى عن توفير بديل من خلال منطقة تجارة حرة، وبدأنا بالفعل فى وضع العديد من المقترحات، بعد التوصل لهذا الاتفاق مع مصر، لكنه توقف فجأة.
■ متى كان هذا الاتفاق؟
- فى الفترة الانتقالية فى عهد حكم المجلس العسكرى، بعد ثورة 25 يناير، وقبل فترة حكم الرئيس «مرسى»، لكن نتيجة الانشغال بالشأن الداخلى المصرى لم تخرج هذه الموافقة إلى النور، ووقتها كنا فى زيارة إلى مصر، وحصلنا على الموافقة فعلياً لكن بعد يومين اعتذر المصريون وقالوا إن الوضع الداخلى غير مستقر وسنرجئ الحديث فى هذا الموضوع لوقت لاحق.
■ هل عاودتم طرح المشروع فى فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى؟
- نعم، وقدمنا المشروع والمقترحات لحكومة هشام قنديل وجاءنا الرد «الأوضاع السياسية الداخلية غير مستقرة»، ولم يتم اتخاذ خطوات حقيقية بشأنه، فالقرار فى النهاية هو قرار سياسى.
■ قلت إنكم غير معنيين كثيراً بوجود الأنفاق، فى حين أن حكومة «حماس» تحصل على ضرائب على كل السلع المهربة عبر الأنفاق، وهى حجر زاوية أساسى فى خزينة الدولة، أليس هذا تناقضاً؟
- لا نحصل على ضرائب إلا على 3 سلع فقط هى: الأسمنت، والحديد، والحصمة «الزلط»، وغير ذلك نعدى كل البضائع مجاناً، حتى الرسوم التى نحصل عليها رمزية، لتنظيم دخول تلك السلع إلى القطاع.
■ أعرف أن هناك ضرائب تفرضها «حماس» على كل سلعة عابرة بنسبة من 10 إلى 25% ومنها السجائر، بل إنكم تحصلون ضرائب على الأفراد الذين يدخلون غزة للعمل عبر الأنفاق؟
- أنا متأكد مما أقول ولم يحدث أبداً أن حصلنا على أى نوع من أنواع الضرائب خلاف ما قلت، والمفروض أن الأفراد يأتون عبر المعبر وليس عبر الأنفاق، ومن يأتى عبر المعبر يدفع رسوم الوصول والمغادرة شأن أى دولة فى العالم.
■ وماذا عن تهريب الوقود والسولار الذى تسبب فى أزمة طاحنة لمصر فى فترة حكم «مرسى»؟
- إذا أردنا أن نتكلم بصراحة، نعم فيه تهريب وقود وسولار، لكن قلنا للجانب المصرى إننا نريد شراء الوقود بالأسعار العالمية من مصر وعندما تم الحديث عن تزويد محطة توليد الطاقة بالوقود كان هناك اتفاق بين وزارة الطاقة هنا ووزارة البترول فى مصر، لكن أوقف سياسيا، إذن لسنا معنيين بدخول أى سلع مدعومة مثل الوقود والسولار إلى غزة، وطالما لا توجد طريقة شرعية لتزويد غزة بالوقود والسولار ستظل ظاهرة التهريب قائمة، وعلى فكرة تهريب السلع المدعمة ليس فقط إلى غزة، بل إلى ليبيا والسودان باعتبارها مناطق حدودية لمصر أيضاً.
■ لدىّ معلومات أن «حماس» تقتسم فارق الأسعار بين المصرى المدعوم وسعر البيع فى غزة مع المهرِّب المصرى والمستقبِل الفلسطينى؟
- لا نمنع إلا السلع التى تضر فقط بمصلحة الشعب الفلسطينى، أى المواد الممنوعة كالمخدرات، وفى ذات الوقت لا نحصل على أى أموال من المواد المشروعة التى تدخل القطاع سوى، كما قلت، الأسمنت والحديد والزلط، والآن لا يوجد أى وقود أصلاً يجرى تهريبه بسبب هدم الأنفاق، وللعلم فإن كل احتياجات القطاع من الوقود لا تتعدى المليون لتر فقط، موزعة ما بين حوالى 500 ألف لتر لمحطة توليد الكهرباء، وحوالى 350 ألف لتر للسوق و150 ألف لتر لمحطات البنزين، وهذه الكمية حتى لو تم تهريبها فهى لا تمثل 1% من حجم استهلاك مصر للوقود.
■ ما السبب الرئيسى لأزمة الكهرباء فى غزة حالياً؟
- فاقم أزمة الكهرباء أن محطة توليد الكهرباء فى غزة متوقفة لأنها كانت تتلقى الوقود بتمويل من الاتحاد الأوروبى حتى عام 2011، والاتحاد الأوروبى أوقف تمويلها لأسباب سياسية كجزء من الحصار، ومن بعد «30 يونيو» وهدم الأنفاق، توقفت المحطة تماماً منذ حوالى شهرين لأنها كانت تعمل بالسولار المصرى من قبل، والآن تعيش غزة فى إنارة لمدة 6 ساعات فقط وباقى اليوم فى ظلام.
■ إذا ما كنتم لا تملكون السيطرة على كافة الأنفاق، فلماذا تقدمتم بوعود للجانب المصرى بمنع الأنفاق تماماً حال الفتح الدائم لمعبر رفح؟
- لأن مبرر وجود الأنفاق ساعتها لن يكون موجوداً، فالأنفاق موجودة لأنها تدخل احتياجات الشعب الفلسطينى، ولى أن أقول إن كل الطفرة العمرانية التى حدثت فى غزة على مدار السنتين الماضيتين كانت من خلال مواد البناء التى دخلت عبر الأنفاق، وإذا ما استطعنا إيجاد بديل مشروع لدخول مثل هذه المواد للقطاع، فإن نسبة 70 إلى 80% من ظاهرة الأنفاق ستختفى تماماً، وأعترف أن إنهاء ظاهرة الأنفاق سيزيل جزءاً كبيراً من المخاوف والمخاطر التى يتحدث عنها الجانب المصرى، لكن دون بديل للشعب الفلسطينى عن هذه الأنفاق سيكون الأمر صعباً، فإيجاد منطقة تجارة حرة ستخدم الجانب الأمنى أيضاً فى غزة وفى شمال سيناء أيضاً لأنها ستقضى تماماً على ظاهرة التهريب.
■ هناك تقارير إعلامية تتحدث عن عمليات بيع لمواد البناء التابعة لمشروع قطر لإعمار غزة فى السوق السوداء، ما صحة ذلك؟
- ممكن أن يحدث ذلك، وهذا كان يحدث أيضاً مع مواد البناء للمشاريع التى تقوم بها المنظمات الدولية فى غزة، وهذا له مبرره فى ظل احتياج الناس.