حين لا نفهم الانتفاضة !

تابعنا على:   21:57 2013-12-14

علي محمود الكاتب

تمر الذكرى السادسة والعشرون لانتفاضة الحجارة "عام 1987 م" ، تلك الصفحة الثورية والغالية على قلوبنا ، من صفحات نضالنا والتي جمعت كل أطياف الشعب ومازال ملف المصالحة الوطنية ،يعاني من حالة موت سريري بل وربما قرر البعض دفنه سريعاً بتعليمات خارجية للخلاص منه وللأبد ومن جهة أخرى للحفاظ على مصالح شخصية وفئوية ضيقة !
فلم يحاول البعض من القادة والذين يدعون حرصهم على الوحدة وتارة على المقاومة مراجعة ضمائرهم الوطنية و أخذ العبر والدروس من تاريخ قضيتنا وفي مقدمة ذلك ، فصول انتفاضتنا المباركة والتي حيرت وحتى تاريخنا هذا الكيان الصهيوني فكان وكالمعتاد أكثر ذكاء منا فراح يقرأ ويحلل عن أسبابها ونتائجها ونحن بلا حراك ، نتذكرها فقط على هامش نشرات أخبارنا البلهاء !
لقد كانت الشرارة الأولى لهذه الانتفاضة المباركة ، قيام مغتصب صهيوني بدهس عمال من قطاع غزة فانفجرت الأرض تحت أقدام الاحتلال لتعم هذه الشرارة كل الأراضي الفلسطينية المحتلة عاكسة بذلك الوجه القبيح لإسرائيل أمام العالم، والذي ظهر في سياسته القمعية والوحشية التي تبعها جيشه لإخماد هذه الثورة العظيمة حتى وصل بها الأمر لاستخدام سياسة تكسير عظام الفلسطينيين في محاولة فاشلة لإرهابهم ووقف الانتفاضة بالحديد والنار ولكن هيهات ، فقد هبت هذه الانتفاضة لتنتصر وتحقق الأهداف السامية التي قامت من أجلها كل جموع الشعب ، ولعل من أهم ميزاتها بسنواتها السبعة هو ذلك المشهد الوحدوي بين الفلسطينيين كافة وفصائل العمل الوطني ، بالإضافة للعامل الأساسي الذي ساهم في استمرارها لهذه الفترة الطويلة من احتضان المواطنين لها ….
لقد كانت انتفاضة الحجارة عام1987م ، أنبل وأنجح ظاهرة عرفها ليس تاريخنا الوطني وحسب بل والتاريخ العربي والعالمي كله ، فقد كانت بحق ربيعاً وطني لا يشابه أياً من الربيع الفوضوي الحادث عند العرب ، ربيع حقيقي لم يقوده لا الغرب ولا أمريكا ، ربيع وضع أقدام الشعب الفلسطيني فوق رؤوس الكيان الصهيوني وجعلته مرغما ومضطراً للاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لامتنا ، والجلوس معها على طاولة المفاوضات على قدم المساواة ….
فقد جسدت هذه الانتفاضة ذروة وبراعة العقل الفلسطيني بفضل الأيادي البيضاء لأطفال الحجارة والتي جعلت رغم ضعفها ، الجندي الإسرائيلي وهو يفر هائم على وجهه يتخبط في شوارع وأزقة المخيمات، أضحوكة أمام شاشات التلفزة العالمية وكانت كذلك طوق النجاة للقيادة الفلسطينية بعد الخروج من بيروت ، هدية السماء التي أعادتنا لمواقعنا الطبيعية فوق الخريطة الدولية وجعلت من قائدنا الراحل الشهيد أبوعمار قائدا لجيش قوي منتفض يضم في أركانه الشعب كله ….
انتصرت الانتفاضة بكل المقاييس ولكننا وللأسف لم نتعلم منها الدروس ولم نفهم معنى وقيمة أن نكون موحدين وراح بعضنا ينقلب وينقسم بدعوى شرعية المرة الوحيدة ،شرعية انتهت صلاحيتها منذ زمن وظهر للجميع عيوبها ، بل ولفظها الشعب جملة وتفصيلا بعد الممارسة على الأرض وثبات زيف نواياها !
فالشرعية ليست حفل زواج بختامه يرحل المحتفلون والمهنئون وإنما هي عرس دائم ومتجدد قوامه الديمقراطية والاحتكام المنطقي لإرادة الشعب ومن هنا نقول ، عار على قادة يتلون الآيات بكل مجالسهم وخطبهم الرنانة من فوق المنابر ، ليل نهار الآ يتذكروا ويعملوا بقول الحق (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) و الآ يتفقهوا دروس الانتفاضة والتي استفاد منها العدو قبل الصديق !

اخر الأخبار