هل انكفأ "الإخوان المسلمون"... أو انطفأوا؟

تابعنا على:   10:28 2013-12-10

سركيس نعوم

يبدو أن "جماعة الإخوان المسلمين" وخصوصاً في العالم العربي قد بدأت تعود إلى الظل الذي خرجت منه بعد إندلاع "الربيع العربي" أواخر 2010. كما لم تعد الجسم الإسلامي العربي – العالمي القادر على حصار التشدد الإسلامي المتنامي واحتوائه، وتالياً على مواجهة ناجحة للإرهاب الذي اعتمده لمحاربة أعدائه في العالم من مسلمين سنّة وشيعة ومسيحيين، ومن أنظمة فرّطت في الحقوق، وأفقدت الدين الإسلامي جوهره. وأسباب العودة إلى الظل كثيرة. منها عودة المجتمع الدولي عن الرهان على دور أساسي لتركيا الإسلامية ذات الجذور "الإخوانية" في إعادة صوغ المنطقة العربية والإسلامية على نحو يشجع التسامح والإعتدال والتحديث، وذلك بعد فشلها في التعاطي مع الثورة السورية، ومبالغتها في قدرتها على الفعل في سوريا وخارجها، وفي تجاهل نقاط ضعفها، كما بعد تحوّل "الإخوان" العرب أنموذجاً لها بعدما كان يُفترض أن تصبح قدوة لهم. ومن الأسباب أيضاً نمو تيارات إسلامية متشددة بل تكفيرية تمتلك المال والسلاح والتصميم والعقيدة و"الإستشهاد". وبذلك وقفت هذه التيارات على يمين "الإخوان" وحظيت بما لم يحظوا به من دعم مالي وسياسي كبير وفّرته دول عربية غنية عدة، وجمعيات إسلامية خيرية كما رجال مال وأعمال. ورغم الاختلاف حتى التناقض أحياناً بين التيارات المشار إليها وأبرزها "تنظيم القاعدة" وأمثاله في كل العالم الإسلامي كله و"السلفيين"، ورغم التاريخ الطويل لـ"الإخوان المسلمين" (نحو 80 سنة) في العمل الدعوي والسياسي والإجتماعي والخيري وأسبقيتهم على غيرهم في هذا المجال فإن الساحة في المنطقة العربية والإسلامية تبدو أكثر تقبُّلاً للإسلاميين الجُدد، عمراً فقط، لأن هدفهم إعادة المسلمين إلى السلف الصالح أي إلى الماضي السحيق عملياً. ومن الأسباب ثالثاً فشل تجربة حكم "الإخوان" في مصر الناجم عن عجزهم عن كبح شهيتهم إلى السلطة وإلى طبع الدولة بكل مؤسساتها بطابعهم خلال وقت قصير. ولا يفيد هنا إتهام دول عربية وأجنبية بالضلوع في الفشل المذكور، وقد يكون ذلك صحيحاً إلى حد ما، لأن مسؤوليتهم المباشرة عنه (أي الفشل) لا يستطيع عاقل أن ينكرها. ومن الأسباب رابعاً وقوف تجربة "إخوان" تونس على "الدرجات" الأولى من سلَّم الفشل، و"إخوانهم" في ليبيا، رغم الفوز وإن غير الساحق الذي حققوه في أول إنتخابات تشريعية بعد "ثورة الياسمين". ومن الأسباب رابعاً وأخيراً عدم قدرة "الإخوان" حتى الآن على استعادة حضورهم المميز والقوي والمنظم في سوريا رغم تاريخهم "العريق" فيها. ويعود ذلك إلى القمع المنهجي للنظام السوري لهم منذ 1982 حتى اليوم. كما يعود إلى أن الشباب السوري "الإسلامي" الميّال إلى القتال أو الجهاد يستهويهم الأنموذج "القاعدي" العنيف. وأسباب ذلك كثيرة. ولا يبدو حتى الآن أن إحياء حركة "الإخوان" السوريين بتأسيس حزب جديد لهم تحت اسم "وعد" قد حقق أهدافه. علماً أن وقت الحكم على هذا الأمر لم يحن بعد. لأن الاعلان عن التأسيس تم منذ وقت قصير.
هل يساعد "التنظيم الدولي" لـ"الإخوان المسلمين" الواسع الإنتشار والفائق الأهمية على ما يقال في إقالة "الإخوان" العرب وخصوصاً السوريين والمصريين من عثراتهم؟ وهل له دور في تأسيس وتمويل فضائية تلفزيونية وصحيفة يومية خارج مصر لترفع لواء قضيتهم؟
متابعو "الإخوان" في لبنان وخارجه منه يمتنعون عن الجواب عن السؤال الثاني. أما الأول فيجيبون عنه بالقول أن اسمه "التنظيم العالمي"... وليس التنظيم الدولي، وانه ليس نظاماً حزبياً هرمياً تتخذ قيادته مواقف وقرارات وتضع سياسات تنفذها القواعد في العالم الإسلامي. فهو كناية عن "مكتب إرشاد" من 18 عضواً يمثلون "الإخوان" في دول عربية وإسلامية. وانطلقت فكرته في خمسينات القرن الماضي، ثم تأسَّس وعَقَد إجتماعات في بيروت وسويسرا ودول أخرى، وصار يمثل الإنتشار الإخواني في كل الدول الاسلامية حتى غير العربية منها. وهو يموّل نفسه من اشتراكات يدفعها المنتمون إليه كل وفقاً لحجمه الشعبي. لكن هناك مبالغة في تصوير دوره. فهو لا يتمتع بحماية دولة عظمى كما تمتَّعت الإشتراكية الدولية بحماية الإتحاد السوفياتي في الماضي ولا برعايتها وتمويلها. لكنه يبقى قادراً على التواصل والتشاور مع أعضائه في العالمين العربي والإسلامي وخارجهما وعلى تأمين بعض الدعم المالي جراء ثروات وأعمال "إخوانيين" كثيرين.
أما هل يعيد ذلك "مجد" "الإخوان" إذا صحّت التسمية؟ فان أحداً لا يعرف.

عن النهار اللبنانية

اخر الأخبار