حماس وإسرائيل إلى الصدام

تابعنا على:   12:42 2013-12-08

د.ناجى صادق شراب

العلاقة بين إسرائيل وحماس خاصة وغزة عموما تسير نحو الصدام والخيار العسكرى ، وهذا ما تؤكدة الشواهد والتحولات الأخيرة على صعيد العلاقة في كل مستوياتها الداخلية والإقليمية وما تواجهه غزة من متوالية من الآزمات المخرج الوحيد منها في ظل إستبعاد خيار المصالحة الفلسطينية الشاملة هو الذهاب إلى المخرج أو البديل العسكرى الذي قد يصل إلى حد الحرب الشاملة ، وهذه المرة لن تكون حربا سهلة ، ولن تكون أهدافها محدودة ، وستكون آثارها بعيدة المدى . والسؤال هنا ما ذنب أهل غزة إن يدفعوا هذا الثمن ؟ وأن تعيش غزة في حالة من الحرب المستمرة التي لا تقوى عليها دولا قائمةبكل إمكاناتها. ومنذ البداية لا بد من التفرقة بين المقاومة الحقيقية وبين الحرب ، المقاومة لا تعنى الحرب، ولا تستحضر الحرب، المقاومة هدفها شئ واحد وهو اإنهاء الإحتلال وإجلائه عن ألأرض ، وهذا فعلا قد تحقق على ارض فلسطين في غزة ، إذن ما هو الهدف من المقاومة ألأن؟ سؤال مشروع ، والإجابة عليه ضرورية لترشيد أهداف المقاومة ، وهنا أسجل هدف آخر إن المقاومة قد تكون دفاعية في حال وقوع الحرب والعدون.لا مصلحة في الحرب ولا العدوان على غزة المحاصرة ، والقليلة في مواردها ، والمكتظة بسكانها وآطفالها والذين يدفعون ثمن آى حرب قادمه. الإستعراضات العسكرية ، والأنفاق التي قد أكتشفت ، والتصريحات الإعلامية التهديدات والوعيد مؤشرات على هذا التصعيد والإقتراب من المواجهة العسكرية ، وإستمرار الحصار من قبل إسرائيل ، وغاراتها المستمرة ، وتوغلاتها في الأراضى الفلسطين ، والتصريحات الإسرائيلية بتهويل قدرات المقاومة ، وإمتلاكها صواريخ واسلحة متطورة حتى الذهاب إلى مجلس ألأمن وإتهام حماس بحفر أنفاق وتهديدها لأمن إسرائيل، كل هذا قد يصب في تهيئة الرأى العام في داخل إسرائيل والرأى العام دوليا لحرب قادمة لن تكون مثيلاتها لأنها ستقع في ظل فراغ وإنكشاف إقليمى عربى ، وتحولات سياسية ليست إيجابية ، بل في ظل عداء شعبى معبء ضد غزة ، وضد حركة حماس لما يحدث في مصر وفى سيناء المنشغلة بحرب ضروس ضد كل اشكال الإرهاب والعنف، وفى ظل تراجع دولى وإهتمامات إقليمية لدول مثل إيران بتسوية لملفها النووى بما يحقق مصالحها العليا، وإهتمام أمريكى وأوربى بملفات ليس من بينها الملف الفلسطينى في غزة او غيرها ،وفى ظل بيئة فلسطينية تتعمق فيها جذور الإنقسام وبل الكراهية الشعبية ، في ظل هذه البيئة الغير مواتية قد تقع الحرب على غزة والتي بلا شك تتعارض مع المصلحة الفلسطسطينية العليا ، بل ومع أهداف المقاومة الرشيدة.قد يقول قائل إن هذا وقت مناسب للحرب، ولكن هناك ما قد يكبح جماح الحرب، لأنها قد تكون مخرجا للمأزق الذي تواجهه حركة الأخوان ، لأن اى حرب قد تستعيد شعبية هذه الحركة وتحشد كل القوى الإسلامية ورائها ، وقد تكون مخرجا للحصار، لا يمكن أن نستبعد هذه الفرضية ، اولكن لا يمكن أن يكون لغزة دورا بالوكالة ،اى مقاومة ينبغى أن تكون لأهداف فلسطينية ، وحماس وكل حركات المقاومة وأيا كانت توجهاتها هى فلسطينية ألأصل ، والأولوية الفلسطينية تجب اى أولوية أخرى.والسؤال ماذا تريد إسرائيل؟ وماذا تريد حماس ؟ وماذا تريد حركات المقاومة ألأخرى ؟وماذا تريد غزة ؟ وماذا يريد الكل من غزة قوى إقليمية أو دولية ؟ ويبقى السؤال الأهم ما هو مستقبل غزة؟وقد يكون السؤال الأخير هو ألأهم ، وهو ما يحتاج إلى أجابة واضحة وصريح وشجاعة ، ولكن قبل ذلك دعنا نعرج سريعا على ماذ تريد إسرائيل من غزة ، ببساطة شديدة وبحكم أن غزة تقع في قلب دائرة ألأمن ألأولى لإسرائيل تريد غزة بلا مقاومة او بمقاومة تحافظ على الحدود ، ولا تطلق صواريخ، او بإختصار لا تشكل تهديدا أمنيا لها ، إسرائيل من مصلحتها الإنقسام ، ومن مصلحتها دويلة أو نظام آخر في غزة تحت حكم حماس لذلك ليس من أهدافها عودة الإختلال إليها ، والحصار هدفه أهداف سياسية ، إسرائيل تدرك أنه لا يمكن توقيع سلام مع حماس، يبقى الإحتمال ألأدنى هدنة مطولة تحقق الهدف منها ، وتريد إسرائيل إضعاف البنية التحتية للمقاومة ، لذلك أى حرب هدفها تدمير بنية المقاومة ثانية ، وألأكثر تدمير بنية الشعب الفلسطينية المحدودة في غزة ، وخلق مزيد من الفجوة بين المقاومة وقاعدتها الجماهيرية ، وهذا ما ينبغى إدراكه، والسؤال ثانية دون أن نخدع أنفسنا ونضللها هل تقدر إسرائيل على تحقيق أهدافها ، والإجابة نعم.وبالمقابل نجد حالة فلسطينية معقده، عدم وضوح في الرؤية السياسية ، لا نعرف ماذا نريد، تداخل وتصادم أحيانا في الخيارات الفلسطينية . وينبغى إدراك أن اولوية الخيارات يحددها الكل وليس الجزء،وخصوصية الحالة في غزة تفرض علي الجميع خياراتها ، وهنا ليس من مصلحة غزة العودة لخيارات الحرب، والمواجهة العسكرية والتي دائما الذي يدفع ثمنها المواطن العادى ، ولا يعقل أن تعيش غزة في حالة حرب دائمه، وهذا ما سأتناوله في مقالة قادمة . ولندرك إن غزة وما تعانيه من حصار ، وتراجع في بنيتها التحتية ، وفى ظل كثافة سكانية كبيرة ومساحة صغيره ستكون أى حرب هذه المره تداعياتها وخسائرها كبيرة علي المستوى المدني ، وعليه لا بد من إنتزاع اى مبرر أمام إسرائيل لحرب في وقت كل عناصر القوة فيه غير متكافئة، وأن نبتعد عن اللغة الإعلامية التي تضخم وتبالغ من عنصر القوة ، ففى أحيان كثيرة خيار الضعف يكون قوة ، وليس معنى ذلك الدعوة للإستسلام ، وإسقاط حق المقاومة ، فهذه مسائل غير قابلة للجدل، لكن خصوصية الحالة في غزة تفرض مراجعة لكل الخيارات والأولويات ، وأن نحدد ماذا نريد في ضؤ ما تريد غزة أولا وفلسطين ثانية . وأن ندرك خطورة القيام بدور الوكالة ، وأخيرا لتدرك إسرائيل أن أى حرب لن تستأصل حركة حماس ولا المقاومة ، ولندرك أيضا أن المقاومة لن تحرر فلسطين من غزة .

دكتور ناجى صادق شراب\ اكاديمى وكاتب عربي

[email protected]

اخر الأخبار