ثمار المواجهة مع الدولة الاسلامية

تابعنا على:   20:38 2015-05-31

ايمان موسى النمس

المتابع للأخبار المواجهة مع الدول الاسلامية يدرك ببساطة ان التنظيم ليس في اسوا حالاته فقدرته على التمدد داخل الاراضي العراقية والسورية ما تزال عالية هذا ابسط ما يمكن ملاحظته بعد سقوط الرمادي مركز محافظة الانبار العراقية وتدمر السورية ، كما ان انتشار خلايا التنظيم عبر العالم ونشاطها يشي بأنه في اوج عهوده فقد تم مبايعة التنظيم في سيناء من قبل انصار بيت المقدس وفي تونس تم انشاء خلايا تحت اسم جند الخلافة وكذلك في الجزائر وليبيا و السعودية ايضا ،اغلب هذه التنظيمات الفرعية تبنت عمليات نوعية تمت في مدن كبرى ضد قوى الامن او ضد مدنيين.

الامر يتجاوز الانتشار الى التكيف مع البيئة والحاضنة الاجتماعية التي ينشط فيها التنظيم ففي ليبيا مثلا اعتمد التنظيم استراتيجية مختلفة عن تلك التي اعتمدها في الشام ففي هذه الاخيرة كان يسعى الى تحقيق مكاسب سريعة وتوسيع رقعة سيطرته وموارده مستغلا التناقضات التي تفرزها البيئة الصراعية وحالة التباين الطائفي ، لكن في ليبيا وجه التنظيم جهوده نحو التمركز في سرت والعمل على تسريع انهيار مقدرات الدولة من خلال عدد من الادوات مثل الحصار النفطي ، على عكس الحالة في الشام حيث ان السيطرة على النفط كان بهدف تعزيز موارده وتحقيق قدر اعلى من الاكتفاء المالي تزامن ذلك مع السعي الى بناء دولة تعتمد على نظام بيروقراطي متطور توجد بها جامعات ومناهج تعليم منضبطة وأنظمة ضمان صحي و وسائل اعلام متطورة ، هذا الكلام ليس مبالغة فقد تم تحقيق عدد من الانجازات في هذا المصاف في خلال فترة قياسية اعتمد فيها التنظيم على محاكاة النظم المتطورة الموجودة لدى الدول الغربية واحد العوامل التي ساعدته على ذلك هو وجود كفاءات علمية ذات خبرة استطاع التنظيم استقطابها ومنحها مراكز قيادية ، ولولا وحشية التنظيم وبربريته لكانت هذه الانجازات مثار اعجاب فعلا .

وفيما يتعلق بإعلان الحرب على التنظيم الجميع يتذكر ان اهم اسبابها كانت سقوط الموصل والاستهداف المباشر للغرب من خلال اغتيال الصحفيين بأساليب بشعة ، وقد تم اعلان الحرب من طرف الولايات المتحدة انضم اليها حوالي 60 دولة من مختلف انحاء العالم حظيت بأكبر تغطية صحفية عالمية ممكنة فلا يمكن نسيان كيف كان الاعلام العربي والغربي يغطي العملية على مدينة عين العرب كوباني والاهتمام الذي حصلت عليه هذه المدينة الصغيرة التي لم يكن يعرف احد مكانها في الخريطة ، لكن الشيء الذي غاب عمدا هو الوضع داخل المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم والتي كانت تتعرض الى قصف جوي مستمر ، ابسط تفسير لذلك هو استراتيجية التنظيم الاعلامية التي رسمها لنفسه التي تهدف الى اظهاره بصورة المسيطر والطرف القوي و هي التي ادت الى عدم وجود تغطية توضح الوضع بعد عمليات القصف ربما ماعدا بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت تبين وضع الضحايا من الاطفال والمدنين إلا انها لم تكن ذات شان ،فالتنظيم يعتمد على استعراض القوة لاستقطاب المجاهدين وإقناع التنظيمات الجهادية الاخرى بمبايعته والانضمام لمضلته .

انطلاقا من ذلك الحرب على الدولة الاسلامية كانت تهدف الى اضعاف قدرته على الاستقطاب وتجفيف منابع تمويله وإرباكه من خلال استهداف القيادات وهزيمته ودحره من الاراضي التي يسيطر عليها مع التركيز على الاراضي العراقية واعتبارها هدفا اساسيا في حين تم اعتبار الاراضي السورية هدفا ثانويا بسبب تعقيدات الصراع السوري ، وقد تم الاعتماد على الضربات الجوية بشكل اساسي اغلبها نفذتها الولايات المتحدة بكثافة بهدف تدمير المنشات والبينية التحتية التي يعتمد عليها التنظيم اضافة الى الاليات العسكرية التي استولى عليها من خلال مواجهاته مع القوات النظامية العراقية او المعارضة المسلحة في سورية .

انها تقريبا نفس الاساليب التي لجأت اليها الولايات المتحدة الامريكية في محاربة القاعدة فحصارها وتجفيف منابع تمويلها ثم اغتيال اسامة بن لادن ادى الى تدهور التنظيم بالفعل وانكفائه ، لكن الدولة الاسلامية تبدو حالة مغايرة لان التنظيم تحول الى دولة على ارض الواقع ولان الحالة العراقية السورية تبدو اشد تعقيدا من الحالة الافغانية معقل القاعدة الرئيسية يمكن استعراض هذه التعقيدات والعقبات فيما يلي : في سورية مثلا النظام تعمد تجاهل التنظيم وهو يتوسع في اكبر محافظة شمالية هي الرقة بل عمل على التعامل مع التنظيم في تجارة النفط من خلال وسطاء غير مباشرين الامر الذي كان يؤدي الى ارباك الخطط التي كان قد وضعها التحالف ، وفي العراق القوات النظامية التي تواجه التنظيم بشكل مباشر تعاني من خلل هيكلي يتعلق ببنائها على اسس طائفية و عقيدتها القتالية التي لم تتبلور مما ادى الى اضعافها ،وانتقال الرهان الى المليشيات الشيعية والكردية بما كان يهدد بإنعاش الروح الطائفية خاصة على وقع الانتهاكات التي تورطت فيها هذه المليشيات وهو ما كان يؤدي في احيان كثيرة لانعكاسات سلبية مثل التعاطف مع التنظيم بناء على انه حامي الطائفة السنية .

الانتكاسة الاخيرة التي مني بها التحالف في مواجهة الدولة الاسلامية تدل على سوء فهم مقدرات التنظيم و سوء استعداد و الى رهانات خاطئة على الحلفاء في الحرب واستخفاف بما يمكن ان تنتجه الساحة السورية العراقية ، ويبدو انه لن تتغير ثمار المواجهة مع الدولة الاسلامية إلا بتصحيح ما سبق

اخر الأخبار