من يقرع جدران الخزان

تابعنا على:   00:10 2015-05-28

محمد حميدة

    الفرق كبير بين مَنْ يقع تحت النار و مَنْ يُشاهد الاحتراق من بعيد ، فالأول يحترق و الثاني مُتفرج على الاحتراق لا يشعر بالألم الذي يشعر به ذاك الذي يخرج جلده عن عظمه و يقترب من التفحم و الموت . ما يهمنا كشعب فلسطيني أن يكون الشعب هو أم ما يتم التفكير به و يُعطى الكثير من الأولوية و الاهتمام و لكن هذا ما لا يبدو على أرض الواقع .
غزة التي لم تتعافى من جراحها و التي كانت تنتظر إعادة البناء تجد نفسها اليوم أمام بضع غارات ، و البعض يتساءل لماذا الآن ، و ما الذي حدث ليدفع المواطن مرة أخرى الثمن و هذا المواطن قد أنهكته الحروب مثلما أنهكه الفقر .
غزة التي كانت تأمل أن يكون الأفضل هو القادم خاب ظنها فوجدت نفسها قد خسرت كل شيء و لم تكسب غير الوعود ، غزة التي تأمل أن يُرفع الحصار عنها تجد نفسها تحت غارات العدو من جديد .
إن صناعة القرار أصعب من التنفيذ لأن القرار الذي يصنع خلف الكواليس يجب أن يُراعي وجود المواطن الذي يبحث عن حياة وسط الدمار ، و يبحث عن منفذ وسط الحصار ، فالقرار يجب أن يُعرض على المواطن قبل التنفيذ و التصويت عليه لكي يتحمل المواطن تبعات ما صوت عليه ، و لكن أن تتخذ القرارات و يتم تنفيذها بعيدا عن الشعب فهذه مشكلة كبيرة تعود بالآلام للمواطنين الذين لا يعلم بحالهم غير خالقهم ، و إن الخلافات الداخلية لا يجب أن توصلنا لقرارات خاطئة لا تُحمد عقباها .
أما في الضفة فلا يختلف الأمر ، المواطن الذي يبحث عن لقمة عيشه لا علاقة له بما يجري فهو ليس أكثر من شخص مُهمش لا أحد يتذكره غير في حالات قليلة واضحة للجميع ، و هذا المواطن أصبح جُل همهه و أكبر هدف عنده أن يعيش اليوم ، و من هنا و هناك الضغط يزداد بازدياد الفقر و البطالة و الحرمان و التجويع و اللامبالاة ، و فلسطين الضائعة بين الوعود و الكلام و القرارات و التهويد لو كانت تمتلك لسانا لقالت ، من سيقرع جدران الخزان ، و أخشى ما أخشاه أن يقول الوطن ليتكم قرعتم جدران الخزان .

اخر الأخبار