في الرؤية والتنظيم الباهت: مكونات البناء التنظيمي

تابعنا على:   12:18 2015-05-25

بكر أبو بكر

التعرض للأجزاء السوداوية في الصورة داخل أي تنظيم ومنها في حركة الوطنية الأم حركة فتح، حركة الشعب الوفي، حركة النسيج الحضاري العربي الاسلامي المنفتح المتمازج مع المسيحية الشرقية المشرقة، لا يعني مطلقا قبول الأمر الواقع أو اليأس أوالتراجع او التحجج بذلك للقعود أو التراخي والسلبية.

ما إن نكتب أونذكر سياقا سلبيا في الحالة السياسية الفلسطينية او العربية حتى يستحضر البعض قطع الظلام ويلصقونها الى جانب بعضها البعض حتى لتبدو الصورة بلا نقاط بيضاء مطلقا.

القلة من الأخوات والاخوة الذين يمتشقون سيوف الحق يقطعون بها الظلمات هم أصحاب الإرادة والإصرار، أصحاب النظر البعيد الذين يرون النقاط البيضاء كبيرة في اللوحة الباهتة أو الحالكة ولهؤلاء ومن هؤلاء وفي إطار التنظيم أسبغوا علينا من علمهم ما نسطره في هذه السطور

إن "البناء التنظيمي" يحتاج لمكونات ثلاثة: أولها توفر البناء الفوقي من أفكار وخطط ورؤية وبرامج...، هي تقع في المجال العقلي النظري، كما يحتاج لبناء تحتي صلب هو في ذات الكوادر (الأعضاء) من تربية وتثقيف وتدريب وتعليم وترسيخ القيم وبناء الأخلاق والسلوك، في عمل مكثف أسبوعياً، كل في إطاره (لجنته، فريقه...)، ويحتاج ثالثاً لاجتراح أشكال جديدة من الهياكل التنظيمية (الأطر = القنوات =أدوات الربط=الوعاء= المجموعات) التي تكرس حقيقة التواصل، والتي تعرف جيدا صلاحياتها، وطبيعة علاقتها ببعضها البعض بشكل أسبوعي يحقق اتصالاتها وقيامها بتنفيذ تكليفاتها ومتابعتها بشكل دؤوب.

إن البناء الفوقي والتحتي والهيكلي في البناء التنظيمي يخضع لآليات اتصال إن لم يكن فيها قاعدة زمنية تحدد بدقة الأوقات والمواضيع والنتائج المتوخاة فإن الأطر تفقد اللغة المشتركة فيما بينها (وحدة التعبئة ووحدة الخطاب...)، ويصبح الاجتهاد (السلبي) إن أحسنا الظن بالناس هو الأصل إن لم نقل التخريبي المقصود ، لذا لا غنى عن قاعدة التواصل والمشاركة والاستجابة وإلا أصبحنا كالقشة في مهب الريح.

إن حركة فتح اليوم بحاجة لاستنهاض مصداقيتها في الشارع الوطني والعربي وداخل أطرها ، فكما استطاعت أن ترسم فكرا متجدداً ما زال يحظى بالقبول ، وكما استطاعت قيادتها أن ترسم خططا ورؤى أصبحت من مسلمات السياسة الفلسطينية ، وكما استطاعت تحريك الشارع العربي والدول، فهي مازالت قادرة باعتقادي على التغيير.

مزامنة التواصل والمصداقية

لن يعفي القيادة انشغالاتها في الإطار الفكري أو السياسي أو السلطوي، وفي محاولة تكريس وقائع محددة هامة ويشكرون عليها إن أصابوا ويجب أن يحاسبوا او يُنتقدوا عليها إن خابت، للخروج من المأزق، لن يعفيها كل هذا من عواقب إهمال التنظيم.

الأوان أمام حركة فتح لم يفت، بأن تعيد النظر مليّا في سياساتها الداخلية (الوطنية) أي مع الجماهير عامة ، ومع التنظيم خاصة ما يستلزم منا أمور ثلاثة، الأول: هو (مزامنة) مساحات الحوار، بأن تصبح كافة الأطر ملزمة حسب النظام الداخلي بالالتئام الدوري وفق مكونات الاجتماع التنظيمي التسعة، ولو أسبوعيا ما يجعل من شبابية الأطر تظهر في الخدود الموردة عطاء وايمان وعمل، وما يستتبع ذلك من ندوات وحوارات وفعاليات.

أما ثانيا فأن استرجاع كامل المصداقية المضروبة عند فئة من الكادر والشعب يستدعي بناء قاعدة الاحترام والثقة والمحبة بعدم إهمال أو تسخيف أو محاربة الأطر سواء من أمين سر الإقليم نحو صلاحياته في الأطر الأدنى أو من أمين سر اللجنة المركزية نحو صلاحياته في كل الحركة ، وكافة الأطر الأخرى سواء بسواء.

أما ثالثاً فإن (إلزامية) العمل كما إلزامية الاجتماع وإلزامية التثقيف وإلزامية العطاء هي لاحقة على (الإيمان) وتستوجب حُكما (إلزامية) الحوار – فيما لم تنص عليه صلاحيات الأطر – وبالتالي تكريس قاعدة الديمقراطية والمشاركة التي بدونها يصبح التنظيم بلا لون ولا طعم ولا رائحة، بل يتحول إلى مظاهرة أو تنظيم باهت أو صالة للمناسبات.

إن مزامنة مساحات الحوار وتكريس الاحترام وتحقيق الإلزامية لا تتوفر إن لم نُقر أننا جميعاً في عقليتنا، وربما في عملنا يجب أن نتجرد من الأهواء بجهاد الذات أوجهاد الداخل (الداخل الإنساني) طاعة الله سبحانه وتحقيقا لرضاه ، ويكون المبتغى فلسطين، ثم عبر كل ما أقوم به من عطاء.

إن لم نتجرد من هذه الأهواء فنحن جزء أساسي من المشكلة، وان لم نعترف بذلك ، كما إن الرغبة بالنضال الوطني والداخلي (داخل التنظيم هنا) وفي ذات الشخص تشكل مدخلاً هاماً في الحل عبر خوض الصراع إلى آخر مداه ، ما يجب أن يتكامل فينا مع هذا الإيمان المتعالي الذي لا يتزعزع بحقيقة أن المكاسب والثمن والهدى، التي نسعى لها هي النصرعلى العدو بإذن الله.

اخر الأخبار