القرضاوي ونصرالله.. "عين على واشنطن"

تابعنا على:   09:37 2013-12-05

د.أحمد جميل عزم

قبل أشهر فقط، في نيسان (إبريل) الماضي، ومن على منبر المسجد، كان رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي، والذي يكاد يشكل الرمز الأهم لتيار إسلامي سياسي عريض محوره جماعة الإخوان المسلمين، يشكر الولايات المتحدة على دورها في سورية. وفي حزيران (يونيو) الماضي، حمل على حزب الله بقسوة، وسماه حزب الشيطان. وقال إن "الثورة السورية أجْلَت الحقيقة، وبيّنت حقيقة حزب الله وشيعته الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله". وتقارب القرضاوي حينها مع مشايخ السعودية بقوله: "وقفتُ ضد المشايخ الكبار في السعودية داعياً لنصرة حزب الله، لكن مشايخ السعودية كانوا أنضج مني وأبصر مني؛ لأنهم عرفوا هؤلاء على حقيقتهم.. هم كذبة".والآن، يُقدّم زعيم حزب الله، حسن نصرالله، في لقائه مع تلفزيون "أو تي في" اللبناني أول من أمس، خطاباً لا يشكر الولايات المتحدة، ولكنه يقدم قراءة للمشهد، تتضمن القول إنّ الحرب في سورية ليست أميركية، وإنّ المشكلة هي مع جهة أخرى سوى الأميركيين، وتحديدا مع قوة عربية مسلمة أخرى. فهو يقول "اليوم هناك واقع أوروبي وأميركي جديد، والولايات المتحدة لا تريد أن تذهب إلى حرب وهي تعبت من الحروب". وعمليا، يعني حديثه أن قراءته للواقع هي أنّ خطر الحرب الأميركية الإسرائيلية أبعد، فيما الخوف من "الإرهاب التكفيري"، كما سماه في تصريحات سابقة، المدعوم برأيه سعودياً؛ أي إنّ الخلاف الأساسي الآن مع السعودية. فهو يقول إن "من نتائج الاتفاق النووي الايراني ودول "5+1" أنّه دفع خيار الحرب إلى أمد بعيد". ويضيف: "عندما أتحدث هنا عن الحرب، أقصد الحرب الغربية أو الأميركية وحتى الإسرائيلية على إيران". ولم يعتبر نصرالله أن "الحرب التكفيرية" هي مع جماعات متطرفة، بل ربطها بالحكومة السعودية، بقوله: "كتائب عبدالله عزام" التي تبنت العملية (ضد السفارة الإيرانية مؤخرا)، ليست "اسما وهميا. هذه الجهة موجودة بالفعل، ولها أميرها وهو سعودي. وقناعتي أنها مرتبطة بالمخابرات السعودية التي تدير مثل هذه الجماعات في أكثر من مكان في العالم". بل ويكشف نصرالله، أو بالأحرى يؤكد أنباء أنّ هناك خطوطا مفتوحة مع قطر الآن، وقال إنّه استقبل في الفترة السابقة موفدا قطريا وأن "قطر في الآونة الأخيرة ربما تعيد النظر بموقفها في المنطقة واستراتيجيتها". ورغم أنّ ما يقوله نصرالله قد يكون صحيحاً، فإنّ هذه المراجعة قد تكون من تداعيات الاتفاق الإيراني-الأميركي (الغربي)، وجزءاً من ترتيبات إقليمية أوسع في سياق ترجمة وتطوير هذا الاتفاق. ويمكن أن يضاف إلى موضوع الاتصال مع قطر، بوادر تقارب مع "حماس"، ومن ذلك وصف نائب أمين عام حزب الله بلبنان الشيخ نعيم قاسم، في حوار مع موقع "المنار"، قبل أيام، حماس بأنها "رأس حربة المقاومة في فلسطين"، وأحد أركان محور المقاومة الذي لم يضيّع بوصلته في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.من شُكر أميركا مطلع العام من مسجد في الدوحة، من قبل الشيخ القرضاوي، في سياق الحرب التي تقف قطر والسعودية فيها صفا لدعم "الثورة" السورية، إلى قراءة نصرالله التي تعني ضمناً أنّ الرياض وواشنطن لديهما مواقف مختلفة، فالأخيرة تخرج من الحرب، وربما تدخل ترتيبات جديدة، وربما بتعاون قطري، كل هذا يعني أنّ مسألة اتهامات الأطراف بعضها بالتبعية لواشنطن، أو الادّعاء بأنّ المعركة ضد واشنطن والإمبريالية ليست بالضرورة صحيحة، ولم يعد مقبولاً أنّ تتهم الأطراف المختلفة خصومها أنّها تنفذ مخططا أميركيا.حديث القرضاوي قبل أشهر كان يعني، في حده الأدنى، وجود تحالف ضمني، أو تفاهم، مع واشنطن من قبل دول وقوى في المنطقة، في اصطفاف مضاد للنظامين السوري والإيراني. وحديث نصرالله، الآن، يعني الانتقال من شكل علاقة الاصطفاف بين معسكرين متقابلين، إلى علاقة ثلاثية أبعاد، حيث السعودية، بحسب تحليله، في خط من المثلث وهي الضلع الذي يدعم الحرب، والأميركيون في خط ثانٍ لا يريد الحرب، وربما ينضم لهذا الخط دول وفصائل عربية، وحزب الله وسورية وإيران في ضلع ثالث.

عن الغد الاردنية

اخر الأخبار