ليكن اختلافنا لوحدة الوطن

تابعنا على:   00:55 2015-04-28

د.عبير عبد الرحمن ثابت

شعب مشتت متشرذم ، متفرق القوى مضاد الاتجاهات والرؤي لا يمكن له مواجهة احتلال ، ولن يستطيع الدفاع عن مقدساته وحقوقه المشروعة وفى هذه الحالة الخاسر الأكبر فلسطين وأجيالها القادمة ، الاختلاف سنه كونية وحالة صحية فى المجتمعات المتحضرة القادرة على ممارسته بلياقة عقلية بعيداً عن التنافر والعدوانية والتكفير والتخوين .

دعونا نختلف ولكن أن نوظف هذا الاختلاف إيجابياً لخدمة الوطن والقدس والأسرى ووفاءً لدماء الشهداء الأكرم منا جميعا وليس لأحزاب أو شخوص ، ولنكون قوى مؤثرة وفاعلة فى إنهاء الانقسام السياسى الذى أرهق قضيتنا وشعبنا وأفقدنا العمق العربى والدولى المناصر لقضيتنا الفلسطينة .

لكل منا منهجه ومدرسته الخاصه وفكره وثقافته ومعتقداته الدينية والمذهبية والحزبية ورموزه الوطنية وهذا يجب أن يمنعنا من العصبية والجور على الآخرين ، فالانتساب لفكرة لا يعنى الولاء والبراء لها ورفض الآخر وشتمه وتخوينه أو تكفيره ، فاحترامك لمذاهب ومعتقدات الآخرين هو نصرة وولاء لمعتقداتك وفكرك وإجبار الاخرين على احترامك واحترام ما تحمله من معتقدات دينية وحزبية ، الانسان مقبول بفطرته باعتداله بمقدرته على قبول الآخر والرأى الاخر بالحوار الجاد بعيدا عن الفئوية والقبلية والتعصب ، فلا يحمل أحد وزر غيره ، فالأحزاب والتنظيمات كلها اجتهادات تضم العديد من ألوان وأصناف الناس اجتمعوا لاهداف وغايات تكون مشتركه ، فلا يجوز تخوين أحد أو ترهيب أحد ، لا يجوز استخدام الدين لتمرير مشاريع خاصة ، فالاسلام أكبر من الأحزاب والتكتلات التنظيمية ، وهناك أمم صنعت دولها وقوتها من اختلافاتها فلننظر لإسرائيل عدونا الأول كيف تمكنت أحزاب يمينية ويسارية ومتطرفين وليبراليين وملحدين من المحافظة على وحدتها ومجابهة كل الأخطار المحيطة بها برغم كل الاختلافات الاجتماعية والسياسية بينهم ، والولايات المتحدة التى تشهد تدوال سلمى للحكم بين الحزب الجمهورى والحزب الديمقراطى ولم نشهد صراع أو خلاف بينهما وصل لحد الاقتتال أو التخوين كما تشهده ساحتنا الفلسطينية .

الاختلاف باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فكل منا بحاجة لمواجهة ذاته وتصويبها ، فالذات أساس الوجود وإصلاح الذات إصلاح للمجتمع بأكمله ، فلا تناقض أن تكون عاملا ومفكرا ، مناضلا ومبدعا ، سياسيا وأديبا طالما لديك المقدرة على الحوار وقبول الآخر باختلافه وتناقضاته

مجتمعنا مثل كل المجتمعات تقلب واستقطب ودمج بين العديد من الأفكار والمعتقدات فالمفكر والمتدين والرجعى والتقدمى والعامى والصفوة لكل منهم خلفيته المعرفية ولغته المفاهيمية ومن يرغب بأن يكون عنصراً فاعلاً ذو نمط فكرى ناجح عليه قبول فكر الآخر لينسجم المجتمع ثقافياً ويكمل كل منهما الآخر ، ومن لم يستطع فهم وقبول الآخر سيبقى غريباً وحيداً يسيئ فهمه ولن يملك إلا عبادة الوهم والتبعية والتقليد ، لينزع الجميع قناعه المبتذل وليكن إنساناً حر يقظ قادر على التعايش والانسجام رغم الاختلافات انتصاراً لفلسطين وقضيتها العادلة .

دعونا نختلف ونتفق على الوفاء للوطن ... فلسطين أكبر من الجميع وهى باقية وكلنا زائلون

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية

 

اخر الأخبار