من قطر للرياض... عبر الكويت

تابعنا على:   08:37 2013-11-30

يوسف عوض

خلال الأيام القليلة الماضية شهدت المنطقة تطورات سياسية عدة وكان الوضع بين الأطراف المعنية باللعبة السياسية يتأرجح هبوطاً وصعوداً.
فإيران تحرز نصراً دبلوماسياً مثمراً بانتزاعها اعترافاً دولياً بنوويتها رغم البنود "الكاسرة للظهر"! التي تضمنها الاتفاق المعلن، وهنا تجلت براغماتية إيران المعروفة حيث كان واضحا أن طهران تريد الخروج بمكاسب أياً كانت الشروط، فقد كانت تريد الأهم من وجهة نظرها، ألا وهو الاعتراف بها كدولة نووية، هذا أولاً. وثانياً تريد فك القيد عن جزء من أموالها الضخمة المجمدة، وأيضاً فتح نافذة مشروعة لها للتعامل مع موارد عدة تصدرها وتستوردها.
طهران كانت تبحث عن هذا الشيء بالضبط اعتراف بنوويتها واعطائها فرصة لتتنفس، أما بقية البنود فأظنها ستتحايل وتماطل بها على طريقة قول الشاعر "عطيني عيونك الليلة وباكر يا عساه صدود"!
في نفس الوقت، كان الوضع السياسي قد بلغ مبلغه في الدوحة التي خسرت نقاطاً عدة مهمة في مصر وسورية وهي، التي كانت سيدة الربيع العربي. ولأن اللعبة تدخلت فيها أطراف دولية لها من النفوذ ما لها فقد ضعف الدور القطري نظراً لحجم القوى الكبير الذي دخل على خط الأزمتين، مما جعل القيادة الجديدة تتحرك سريعاً لترمم بعض التصدعات كان إصلاحها في حقيقة الأمر أكبر من إمكاناتها السياسية.
لذلك كانت خطوة الدوحة في الطلب من الشيخ صباح الأحمد، ليكون وسيطاً بينها وبين الرياض خطوة شجاعة وموفقة من الشيخ تميم بن حمد سواء باختيار الوسيط، أو اختيار الوقت ومن الواضح أن لقاء الرياض كان إيجابيا والنفس التصالحي لاحظه الجميع.
أظن أن قطر في هذا الوقت وبهذه القيادة الشابة تقوم بإعادة ترتيب أوراقها فيما يخص السياسة الخارجية، وأعتقد أن اجتماع الرياض حصلت به تفاهمات حول مصر وسورية، والأكيد أن النقاش عن إيران كان حاضراً.
لاحظ أن إيران وقطر دولتان رئيسيتان في الصراع في سورية وواضح أن الأزمة السورية استنزفت كثيراً من المواقف والموارد للدولتين فكان تحرك إيران إلى جنيف وتحرك قطر إلى الرياض عبر الكويت، وبالطبع الاتجاه القطري، هو الصحيح لأن حلول جنيف، تتغلفها الحيل الدبلوماسية ولا إطار أخلاقياً لها والعكس ما حصل بين الاشقاء في الرياض.
تركيا ونتيجة قراءتها للأوضاع وبعد خسارتها في القاهرة إثر اقصاء حكم "الإخوان" وتزعزع علاقتها مع الرياض وتأرجح مواقفها الباهتة في سورية، فقد استغلت نجاح إيران في جنيف، وكانت زيارة أوغلو لطهران حيث وصف إيران (تصريحه كان وهو في طهران) بأنها ضامنة للاستقرار في المنطقة!
وبالطبع لم يفوت "ظريف" الفرصة ووصف تركيا بوصف غاية في التآخي!
تركيا فقدت نقاطاً عدة وحصل تباين بينها وبين السعودية بشأن مصر، ولن أقول إنه خلاف شديد لذلك رأت ألا تفوت الفرصة ومدت يد المصافحة إلى إيران لربما يكون لها من الطيب نصيب، وأن تحاول إثبات أنها لاعب أساسي ومعتبر في المنطقة.
حرق المراحل واستنزاف الموارد والمواقف في سورية هو العنوان الرئيسي لكل هذه الأحداث، وهو الذي دعا طهران إلى اغتنام اجتماع جنيف حيث لا تريد إيران وضع البيض كله في "السلة السورية" المتصارع حولها، لذلك وبدبلوماسية ذكية كسرت خطوطها الحمراء أمام الغرب على طريقة "خذ وهات"، وهو الذي حض تركيا لمصافحة إيران وهو سبب رئيسي في اجتماع الرياض.
وقبل يومين عقد في الكويت اجتماع ضم وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي مع وزراء خارجية الأردن والمغرب، والكل يراقب الكل، وكل خطوة بحساب وبتوقعات وبمبادرات وكثير من اللعب أصبح على المكشوف.
المرحلة دقيقة والأيام حبلى.
عن الجريدة الكويتية

اخر الأخبار