حلم جنوني

تابعنا على:   00:50 2013-10-08

عطا الله شاهين

ذات يوم حار وجدت نفسي أسير في شوارع رام الله حائرا حزينا، وبغتة سكنني الضجر، وقررت أن اذهب بعيدا عن صخب المدينة ، واتجهت إلى شارع فرعي يصل في نهايته إلى منطقة الماصيون ، وقبل أن ينتهي الشارع وقع نظري على فتاة تقف على شرفة فيللا فاخرة.

كانت ترتدي بنطالا قصيرا وبلوزة تغطي نصف بطنها وتتكلم بجهازها الخليوي.

في البداية لم اعرها أي اهتمام ، وعندما اقتربت كثيرا فاجأتني بسؤال: هل تبحث عن احد؟ فقلت لها: ابحث عن الهدوء.

فقالت: وهل ستجد الهدوء هنا؟ فقلت لها:ربما.

بدا لي أنها خائفة ربما اعتقدت أني لص.

ولكني كنت في غاية الأناقة ارتدي بذلة وربطة عنق احضرهما لي صديقي المغترب

جلست على الرصيف ..غابت الفتاة لفترة داخل الفيللا وعادت إلى الشرفة ورأتني جالسا تحت شجرة خروب

أقرأ كتابا اشتريته للتو

كانت المنطقة هادئة تخلو من السيارات والمارة فصاحت بصوتها ماذا تقرأ؟

فقلت لها: اقرأ رواية بعنوان العشق في المطر.

فقالت: يبدو أنك إنسان مثقف ومظهرك لا يوحي بأنك لص. هلا اقتربت من بوابة الفيللا.

في البداية انتابني شعورا بأن شيئا ما سيحدث ، ولكني اقتربت بحذر واتت باتجاهي وتحدثنا في أمور عدة، فأيقنت من عينيها أنها استسلمت وفتحت البوابة ودعتني للدخول.

كنت مترددا، ولكنها سحبتني من يدي وأدخلتني الفيللا وأجلستني في الصالون..

فاكتشفت من خلال حديثها بأنها تعيش لوحدها ووالداها الآن خارج الوطن.

كانت الساعة تشير إلى السادسة مساء والشمس أوشكت على الغروب.. فحاولت الاستئذان، ولكنها أبت أن اخرج دون عشاء، فأحضرت عشاءً لم احلم به، أطباق من الكافيار وأطعمة لا اذكرها ومشروبات بأنواعها.

وجلسنا لساعات نتحدث ومللنا الحديث فاقترحت الرقص ورقصنا معا، ويبدو أنها كانت ثملة قليلا وحاولت أن تلصقني بجسدها مع أن جسدها كان يثيرني، ولكني كنت أفكر في أطفالي الجوعى وابتعدت عنها وقلت لها:

أرجوك أنا إنسان مؤدب ولا أريد أن انتهك جسدا لا أحبه. فقالت: لا بأس، اجلس وحدثني عن نفسك ، ماذا يزعجك؟

فقلت لها: أنا إنسان فقير ولا أجد مالا استطيع به شراء طعاما لأطفالي بسبب الحصار الدولي.

فقالت : انتظرني غدا وسأُعطيك بعض النقود واستأذنتها بالخروج فأصرت على توصيلي بسيارتها الفارهة، لكني رفضت وسرت تحت ضوء القمر أهذي عن تلك النقود.

وفي الصباح ذهبت إلى المدينة ولم تأت تلك الفتاة، فانتظرت طويلا بلا جدوى، لأكتشف أني كنت احلم ولم يكن هناك أية فتاة بل كان حلما جنونيا حلما غدر بي ذات ليلة.

فقررت السير إلى الماصيون ولم أجد الفيللا ولا شجرة الخروب، وعدت خائبا إلى صخب المدينة من جديد ابحث عن طعام لأطفالي. في المرة القادمة سأبحث فعلا عن فتاة ميسورة الحال تنقذني من عذاباتي والى الأبد

 

لا أريد أن احلم بعد الآن كفى أحلاما!

اخر الأخبار