الحل: بتقاسم الأرض أو السلطة

تابعنا على:   10:14 2013-11-28

حمادة فراعنة

نجح المحامي إسحق هيرتسوغ، رئيساً لحزب العمل الصهيوني، بعد انتخابات داخلية، وبعد نجاحه سيتولى رئاسة المعارضة الإسرائيلية الرسمية منذ بداية يوم 25/11/2013، وأُنبه لكلمة "رسمية"، لأن التقاليد الحزبية في إسرائيل، تعطي لرئيس المعارضة الرسمية الحق في الاطلاع على تقارير سياسية واستخبارية غير معلنة، تقدمها له الحكومة، كي يتمكن من إدارة المعارضة من موقع المعرفة والمعلومات، وليس من موقع الإشاعات وعدم المعرفة التي ستوقع به نحو سياسات، أو اتخاذ مواقف غير مبنية على معلومات دقيقة موثقة.
حزب العمل الذي سيقوده هيرتسوغ للأعوام المقبلة، له خمسة عشر مقعداً في البرلمان، حصل عليها في الانتخابات الإسرائيلية التي جرت يوم 23/1/2013، رافعاً شعار ضرورة "الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني"، وقد انتقد هيرتسوغ بعد نجاحه، برئاسة الحزب، انتقد العملية التفاوضية التي يقودها نتنياهو، ونهج الحكومة بقوله "فقط خطوات شجاعة نحو السلام مع الفلسطينيين، ستسمح لنا بالتخلص من الأزمات الاقتصادية والسياسية، ولدي شك كبير في رئيس الحكومة نتنياهو إذا كان يفهم هذا أو أنه يعمل في هذا الاتجاه".
الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اتصل تليفونياً برئيس حزب العمل الجديد، وهنأه بالفوز، ودعاه لزيارة رام الله، ومحمد المدني مفوض العلاقات الإسرائيلية في اللجنة المركزية لحركة فتح، قام بالدور نفسه، تعبيراً عن سياسة العلاقات العامة الضرورية نحو المجتمع الإسرائيلي، وخاصة نحو القوى السياسية والبرلمانية التي تتفهم ضرورة التوصل إلى قواسم مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولكن اقتصار هذه السياسة على حركة فتح بالذات، ليس كافياً في خلق التحولات الضرورية في داخل المجتمع الإسرائيلي لصالح عدالة القضية الفلسطينية ومطالب شعبها المشروعة، المجسدة بقرارات الأمم المتحدة والأسرة الدولية، بل تحتاج لسياسة تشمل كافة القوى السياسية والبرلمانية والنقابية والإبداعية الفلسطينية، نحو المهن المماثلة والقطاعات الشبيهة في المجتمع الإسرائيلي، بعيداً عن عقدة الخوف والشعور بالنقص تحت لافتة التطبيع مع العدو، فالمجتمع الإسرائيلي هو الشريك الحي للمجتمع الفلسطيني في الأرض والحياة والواقع والمستقبل، بعد فشل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، لإنهاء أحدهما للآخر، فمن يتصور أن فلسطين المستقبلية الحرة المستقلة النظيفة ستكون خالية من اليهود الإسرائيليين، أو أن خارطة "إسرائيل" العنصرية ستكون خالية من الفلسطينيين العرب، وحتى لو كان لدينا أو لديهم أصحاب رؤى متطرفة، فهذا لن يفيد الطرفين بقدر ما سيزيد من معاناة شعبنا لفترة أطول من العذاب وعدم الاستقرار واستمرار الصراع.
للشعب الفلسطيني، حقوق واضحة ثابتة يجب عدم التلاعب بها أو التنازل عنها، جسدتها قرارات الأمم المتحدة والواقع المعاش على الأرض، بدءاً من قرار التقسيم 181، مروراً بقرار حق عودة اللاجئين 194، وقرار الانسحاب وعدم الضم 242، وانتهاء بمضمون قرار قبول فلسطين دولة مراقب في 29/11/2013، وعلى أساسها يتم فتح الحوار والنقاش والتلاقي في منتصف الطريق مع الأطراف الإسرائيلية، وهي بالضرورة ليست فلسطينية حتى تقبل بما يؤمن به الشعب الفلسطيني وقيادته ومؤسساته، هم من الإسرائيليين وبالتالي مصالحهم وثقافتهم وروايتهم تختلف عن مصالح وثقافة وقناعة الشعب الفلسطيني وتطلعاته، وهنا التحدي القائم الذي يواجه الشعب الفلسطيني وفصائله وشخصياته حول كيفية اختراق المجتمع الإسرائيلي وكسب انحيازات إسرائيلية لصالح عدالة القضية الفلسطينية ومشروعية أهدافها وتطلعاتها.
عقدة الخوف من التطبيع، يجب التحرر منها عبر التعلم من شعبنا الفلسطيني في مناطق 1948، أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة، لندقق في هويتهم الوطنية الفلسطينية، وقوميتهم العربية، ودينهم الإسلامي ودينهم المسيحي، بعد عشرات السنين وهم تحت الحكم الإسرائيلي، نجد أن الهوية الفلسطينية والقومية العربية وإيمانهم بالإسلام وبالمسيحية زاد ولم يتراجع، ذلك أن محاولات الأسرلة، وتهويد المكان، وسرقة الزمان، وصهينة الواقع والتاريخ، زاد من حجم التحدي لتفعيل الهوية والقومية والدين لدى الإنسان الفلسطيني في مناطق 48، والذي لا يعرف ذلك، ولا يقر بذلك فهو جاهل بالحقائق الجارية على الأرض وفي نفوس الناس وبين مساماتهم كبشر وعلاقات وانتماء، وغير ذلك أيضاً تعبير عن الشعور بالنقص والدونية أمام الإسرائيلي، والتطبيع يعني العلاقة مع المؤسسة الرسمية والقبول بسياستها والرضوخ لإرادتها، بينما اختراق المجتمع يستهدف العمل ضد السياسة الرسمية التوسعية الاستعمارية الإسرائيلية، وكسب إسرائيليين ضد هذه السياسة وتعريتها وفضحها أمام الإسرائيليين، وأمام العالم، مما يزيد من قوة الشعب الفلسطيني ومن حجم التأييد له والانتصار لعدالة قضيته.
شعبنا الفلسطيني، موجود الجزء الأكبر منه ويعيش على أرض وطنه سواء في منطقة 48 أو منطقة 67، ومشروعه الوطني يصطدم مع المشروع الاستعماري الصهيوني الإسرائيلي، ولا حل لهذا الصراع سوى:
1- دولة ديمقراطية، ثنائية القومية، متعددة الديانات، يتم تقاسم السلطة فيها وفق قيم الحياة والعصر، ونتائج صناديق الاقتراع مثل كل الشعوب المتحضرة التي تحوي قوميات وأجناس وإثنيات متعددة مثل أوروبا وأميركا، وحتى جنوب إفريقيا التي كانت عنصرية وتحولت إلى دولة ديمقراطية يعيش في ظلها الأوروبيون البيض مع الأفارقة السود.
2- أو تقاسم الأرض، بقيام دولتين متجاورتين للشعبين، تتعاون فيما بينهما، وفق قرارات الأمم المتحدة.
وفي الحالتين، لا مجال لانتصار أي من الحلين بدون شراكة فلسطينية إسرائيلية تصنع الحل وتضعه على الطاولة وتنفذه على الأرض، وإذا كان اليمين الإسرائيلي المتطرف لا يقبل بذلك، فهذا لا يعني إقفال الباب والبرنامج وعدم النضال من أجل العمل على اختراق المجتمع الإسرائيلي، وإيجاد الشريك الإسرائيلي، ليقبل حل الدولة الديمقراطية الواحدة، أو حل الدولتين المتجاورتين، إنه النضال الذي لا مهرب منه، حتى ولو تصرف البعض منا مثل النعامة متجاهلاً الواقع ومتطلبات العمل وضرورة النضال لتحقيق ذلك.

اخر الأخبار