محددات السياسة السعودية

تابعنا على:   13:09 2015-02-28

عمر حلمي الغول

عشية رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز تم بلورة محددات السياسة السعودية من خلال المطبخ المصغر لصناعة القرار، وتمثل بالملك عبدالله، وولي عهده سلمان بن عبد العزيز (الملك الحالي) وولي ولي العهد مقرن ومحمد بن نايف، ولي ولي العهد الحالي، ومحمد بن عبدالله بن عبد العزيز، وان لم اكن مخطئا خالد بن بندر، رئيس جهاز المخابرات السعودية، وعدد آخر من قيادات المملكة لا يزيد عن اصابع اليد الواحدة.

في ذلك الاجتماع، الذي اعقب زيارات لبعض المسؤولين السعوديين للولايات المتحدة، ولقاءات اوروبية وخليجية وعربية، وفي أعقاب التطورات العاصفة بشعوب ودول الامة العربية، ومحاكاة التجربة السعودية في إقترابها وإبتعادها عن دول الربيع العربي، والقوى الاسلاموية الممتدة بين التطرف يمينا ويسارا وإعتدالا، وبين طائفة واخرى، وباستشراف لواقع الاقليم الشرق اوسطي واقطابه العرب والمسلمين، قدم الامير محمد بن نايف ركائز رؤيته لسياسات المملكة، ومن ابرز ما تضمنتة، الاسس التالية:

اولا حماية البيت السعودي الداخلي. وضبط إيقاع التباينات والاجتهادات داخل تيارات العائلة الحاكمة، واللجوء للحكمة في إدارة شئون المملكة؛ ثانيا تعزيز التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي. وردم هوة الصراعات، التي نشأت عن السياسات القطرية غير الايجابية تجاه دول الخليج والشقيقة الكبرى مصر، والعمل على إعادة الامور لسابق عهدها، قبل قطع العلاقات الديبلوماسية بين كل السعودية والامارات العربية المتحدة والبحرين؛ ثالثا النأي بالنفس عن التدخل في الملفات العربية الشائكة. ومحاولة تجسير العلاقات بين المملكة وباقي الدول العربية، بما لا يعرض أمن وسلامة المملكة للخطر او ينتقص من مكانتها العربية والاقليمية؛ رابعا تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة الاميركية، وتجاوز اية نقاط خلافية بين البلدين الصديقين. وتطوير التحالف بين القيادتين، ومعالجة اية نقاط خلافية عبر بوابة الحوار؛ خامسا تطوير العلاقات مع الدول العربية بما يخدم المصالح العربية المشتركة؛ سادسا خلق مناخات إيجابية مع دول الاقليم وخاصة جمهورية إيران الاسلامية. ودعم جهود سلطنة عُّمان في التقريب بين المملكة والنظام السياسي الايراني، دون التفريط بمصالح دول الخليج او العرب عموما، وتعزيز القواسم المشتركة؛ سابعا إعادة نظر في العلاقة مع التنظيمات الاسلاموية، وعدم التعامل معها كوحدة واحدة، والتمييز بين القوى المعتدلة والمتطرفة وخاصة جماعة الاخوان المسلمين، التي تستدعي الضرورة إعادة نظر بين مكونات الجماعة، والفصل كما قال سمو الامير سعود الفيصل: بين من بايع المرشد ومن لم يبايع. لاسيما وان تاريخ الجماعة مع النظام السعودي تاريخيا، هو تاريخ التحالف الاستراتيجي، فضلا عن الثقل، الذي تمثله الجماعة داخل مؤسسات الدولة السعودية؛ ثامنا العلاقات السعودية المصرية، وناظمها عدم إلإيغال بعيدا في العلاقة، وبذات الوقت عدم الابتعاد او التراجع عما شهدته العلاقات الثنائية.

هذه الخطوط العريضة لسياسة المملكة السعودية، تم تبنيها، وإعتبارها بمثابة بوصلة عمل القيادة السعودية للمرحلة القادمة. مع التأكيد، على ان كل محدد من المحددات، قابل للتغيير والتعديل والتطوير او الالغاء في ضوء حركة الاحداث الداخلية والعربية والاقليمية والدولية. لكن وفق  المصادر العليمة، فإن المملكة ملكا وحكومة ومؤسسات معنية باعتماد الحكمة العقلانية في سياساتها على الصعد المختلفة، والابتعاد عن التطير والتطرف. وبالتالي فان خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز وفريقه، الذي تبوأ فيه سمو الامير محمد بن نايف موقعا مهما، كولي لولي العهد، ورئيس اللجنة الامنية السياسية، التي لها باع طويل في رسم سياسات المملكة، لن يحيد عن المحددات الواردة اعلاه. والتي باتت بوادرها تتجلي بشكل مباشر وملموس على الارض.

[email protected]

[email protected] .            

اخر الأخبار