أيها التكفيرين هذه رحمة رسول العالمين بالكافرين والمنافقين

تابعنا على:   12:07 2015-02-28

د. جمال عبد الناصر محمد أبو نحل

ليقرأ التكفيريين مواقف رحمةِ سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم بالكفار والمنافقين

كان النبي صلي الله عليه وسلم وسيبقي أبد الدهر، أرحم الناس وأعظم الناس أخلاقًا وخُلقًا وخّلقاً، وأكرمهم على الله عز وجل، فهو من رباه ربه وأدبهُ، فكان الأسوة الحسنة، والقدوة للبشرية جمعاء، وأرسل رحمة ليس للمسلمين بل للعالمين جميعًا، ليس الإنس فقط بل الإنس والجان... و لم يكن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام رحيمًا بالإنسان فقط؛ بل كانت رحمتهً شاملة للإنسان، والحيوان، والكبير والصغير والجان ولكل شيء حتي الكفار منهم، وسنستعرض في مقالي هذا صورة من رحمة النبي العدنان بالكفار؛ من صور تلك الرحمة أن النبي صل الله عليه وسلم كان له جار يهودي بالمدينة، وكان هذا الجار الكافر سيء الأخلاق ويضع القمامة أمام بيت النبي، وفي ذات يوم خرج النبي عليه السلام من بيته فلم يجد القمامة على بابهِ والتي يضعها اليهودي كل يوم على باب بيت النبي: فقال النبي بزيارة اليهودي فوجده مريض، فتعجب اليهودي من أخلاق النبي ورحمتهِ فأسلم.

ومن صور الرحمة المسداة للنبي - ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما ( أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتولة . فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان ) رواه البخاري ومسلم في رواية لهما ( وجدت امرأة مقتولة في بعض تلك المغازي . فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان. ومن صور رحمة النبي بالكفار ما جاء - عن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد ؟ قال ( لقد لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عرضت نفسي على ابن عبد بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ، فرفعت رأسي ، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني ، فنظرت فإذا فيها جبريل ، فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك ، وما ردوا عليك ، وقد بعث الله إليك ملك الجبال ، لتأمره بما شئت فيهم ، فناداني ملك الجبال ، فسلم علي ، ثم قال : يا محمد ، فقال : ذلك فيما شئت ، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ، لا يشرك به شيئاً ) رواه البخاري- ومن صور الرحمة المسداة للنبي- ما ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه : كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ، فقعد عند رأسه ، فقال له : أسلم . فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال له : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، فأسلم ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار ) رواه البخاري- ومن صور الرحمة المسداة للنبي ما ورد في الحديث الشريف - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما ) رواه البخاري – ومن صور رحمة النبي بالكفار ما جاء بالحديث الشريف عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أمر أمير على جيش أو سرية ، أوصاه خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا . ثم قال ( اغزوا باسم الله . وفي سبيل الله . قاتلوا من كفر بالله . اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا . وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ( أو خلال ) . فآيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم . ثم ادعهم إلى الإسلام . فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم . ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين . وأخبرهم أنهم ، إن فعلوا ذلك ، فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين . فإن أبوا أن يتحولوا منها ، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين . يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين . ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء . إلا أن يجاهدوا مع المسلمين . فإن هم أبوا فسلهم الجزية . فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم . فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم . وإذا حاصرت أهل حصن ، فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه . فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه . ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك . فإنكم ، أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم ، أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله . وإذا حاصرت أهل حصن ، فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله ، فلا تنزلهم على حكم الله . ولكن أنزلهم على حكمك . فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا ) رواه مسلم. ومن صور الرحمة المسداة للنبي عليه الصلاة والسلام- ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال ، فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ما عندك يا ثمامة ) . فقال : عندي خير يا محمد ، إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال ، فسل منه ما شئت . فترك حتى كان الغد ، فقال : ( ما عندك يا ثمامة ) . فقال : ما قلت لك ، إن تنعم تنعم على شاكر فتركه حتى كان بعد الغد فقال : ما عندك يا ثمامة فقال : عندي ما قلت لك فقال : ( أطلقوا ثمامة ) . فانطلق إلى نخل قريب من المسجد ، فاغتسل ثم دخل المسجد ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، يا محمد ، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك أحب دين إلي ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك ، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي ، وإن خيلك أخذتني ، وأنا أريد العمرة ، فماذا ترى ؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر ، فلما قدم مكة قال له قائل : صبوت ، قال : لا ، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا والله ، لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم ) رواه البخاري ورواه الترمذي بسند صحيح . وعن ابن عمر قال : إن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه ، وصل عليه واستغفر له . فأعطاه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) قميصه ، وقال : إذا فرغت فآذنا ، فلما فرغ آذنه . فجاء ليصلي عليه فجذبه عمر ، فقال : أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين ؟ فقال: (صلى الله عليه وسلم) : أنا بين خيرتين . قال : استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ، فصلى عليه ، فنزلت ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا " -وروى عمر نفسه حديثا بهذا الشأن فيه اختلاف يسير عما نقله ابنه . عن ابن عباس ، عن عمر بن الخطاب أنه قال : لما مات عبد الله بن أبي بن سلول ، دعي له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ليصلي عليه ، فلما قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وثبت إليه فقلت : يا رسول الله أتصلي على ابن أبي ، وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا - اعدد عليه قوله - ؟ فتبسم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : أخر عني يا عمر فلما أكثرت عليه ، قال : إني خيرت فاخترت ، لو أعلم أني زدت على السبعين فغفر له لزدت عليها ، قال : فصلى عليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم انصرف ، فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة ( " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا - إلى - وهم فاسقون" فوافق بذلك القرآن الكريم موقف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهُ . فالحادثة المسئول عنها هي صلاة الجنازة على عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين وعدو الله ورسوله، وليس ابن أبي سلول كما ينطقها كثير من الناس، وخلاصة الأمر ما رواه الإمام البخاري في صحيحه {باب ما يكره من الصلاة على المنافقين} عن ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ؛ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَبْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا؟ أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ؛ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ. فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ: إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ!! لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ (لَوْ) زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ فَغُفِرَ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا!! قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ انْصَرَفَ؛ فَلَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةٌ ((وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا)) إِلَى ((وَهُمْ فَاسِقُونَ)) قَالَ فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. وقد ورد في روايات أخرى أن ولده عبد الله، وكان اسمه الحباب فسماه النبي عليه الصلاة والسلام عبد الله، وكان من صالحي المؤمنين ممن شهدوا بدراً، واستشهد رحمه الله في اليمامة؛ جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مخبراً إياه بوفاة أبيه رأس النفاق، طالباً منه أن يعطيه قميصه ليكفنه فيه؛ فأعطاه القميص وذهب معه ووجدهم قد لحدوه؛ فأخرجه عليه الصلاة والسلام من لحده وتفل في فمه من ريقه الشريف، وصلى عليه، وفي رواية ابن عمر "فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلينا معه" قال ابن حجر: فيه أن عمر ترك رأي نفسه وتابع النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو المظنون بعمر رضي الله عنه في حرصه على طاعة النبي عليه الصلاة والسلام واتهامه رأي نفسه، وهذا ظاهر من قوله في آخر الحديث: فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قال ابن بطال رحمه الله تعالى: وفى إقدام عمر على مراجعة الرسول في الصلاة عليه من الفقه: أن الوزير الفاضل الناصح لا حرج عليه أن يخبر سلطانه بما عنده من الرأي، وإن كان مخالفًا لرأيه ، وكان عليه فيه بعض الجفاء إذا علم فضل الوزير وثقته وحسن مذهبه، فإنه لا يلزمه اللوم على ما يؤديه اجتهاده إليه، ولا يتوجه إليه سوء الظن، وأن صَبْرَ السلطان على ذلك من تمام الفضل، ألا ترى سكوت النبي عن عمر، وتركه الإنكار عليه، وفى رسول الله أكبر الأسوة. وقال الحافظ رحمه الله تعالى: قال الزبير بن المنير: وإنما قال ذلك عمر حرصاً على النبي صلى الله عليه وسلم ومشورة لا إلزاما، وله عوائد بذلك، ولا يبعد أن يكون النبي كان أذن له في مثل ذلك فلا يستلزم ما وقع من عمر أنه اجتهد مع وجود النص كما تمسك به قوم في جواز ذلك، وإنما أشار بالذي ظهر له فقط، ولهذا احتمل منه النبي صلى الله عليه وسلم أخذه بثوبه ومخاطبته له في مثل ذلك المقام، حتى التفت إليه متبسماً كما في حديث ابن عباس بذلك في هذا الباب. ثم قال رحمه الله تعالى: وإنما لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وصلى عليه إجراء له على ظاهر حكم الإسلام كما تقدم تقريره، واستصحابا لظاهر الحكم، ولما فيه من إكرام ولده الذي تحققت صلاحيته، ومصلحة الاستئلاف لقومه ودفع المفسدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر يصبر على أذى المشركين ويعفو ويصفح، ثم أمر بقتال المشركين فاستمر صفحه وعفوه عما يظهر الإسلام ولو كان باطنه على خلاف ذلك لمصلحة الاستئلاف وعدم التنفير عنه، ولذلك قال: "لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه" فلما حصل الفتح ودخل المشركون في الإسلام وقل أهل الكفر وذلوا أمر بمجاهرة المنافقين وحملهم على حكم مر الحق، ولا سيما وقد كان ذلك قبل نزول النهي الصريح عن الصلاة على المنافقين وغير ذلك مما أمر فيه بمجاهرتهم، وبهذا التقرير يندفع الإشكال عما وقع في هذه القصة بحمد الله تعالى، وقال الخطابي رحمه الله تعالى: إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع عبد الله بن أبي ما فعل لكمال شفقته على من تعلق بطرف من الدين، وتطييب قلب ولده عبد الله الرجل الصالح، ولتألف قومه من الخزرج لرياسته فيهم، فلو لم يجب سؤال ابنه وترك الصلاة عليه قبل ورود النهي الصريح لكان سبة على ابنه وعاراً على قومه، فاستعمل أحسن الأمرين في السياسة إلى أن نُهي عن ذلك بنص القرآن الكريم فانتهى. وعن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال: ( غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فأتت اليهود فشكوا أن الناس قد أسرعوا إلى حظائرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها ) رواه أبو داود . وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر : ( لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يديه ) . فقاموا يرجون لذلك أيهم يعطى ، فغدوا وكلهم يرجو أن يعطى ، فقال : ( أين علي ) . فقيل : يشتكي عينيه ، فأمر فدعي له ، فبصق في عينيه ، فبرأ مكانه حتى كأنه لك يكن به شيء ، فقال : نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال : ( على رسلك ، حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم ، فو الله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم ) . رواه البخاري ومسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة . فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره . فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي . قلت : يا رسول الله ! إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي . فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره . فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم ! اهد أم أبي هريرة " فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم . فلما جئت فصرت إلى الباب . فإذا هو مجاف . فسمعت أمي خشف قدمي . فقالت : مكانك ! يا أبا هريرة ! وسمعت خضخضة الماء . قال فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها . ففتحت الباب . ثم قالت : يا أبا هريرة ! أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيته وأنا أبكي من الفرح . قال قلت : يا رسول الله ! أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة . فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا . قال قلت : يا رسول الله ! ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عبادة المؤمنين ، ويحببهم إلينا . قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم ! حبب عبيدك هذا - يعني أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين . وحبب إليهم المؤمنين " فما خلق مؤمن يسمع بي ، ولا يراني ، إلا أحبني ) رواه مسلم. ومن صور رحمة النبي بالكفار والمشركين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قيل : يا رسول الله ! ادع على المشركين . قال " إني لم أبعث لعانا . وإنما بعثت رحمة "رواه مسلم- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه ، على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إن دوسا عصت وأبت ، فادع الله عليها ، فقيل : هلكت دوس ، قال : ( اللهم اهد دوسًا وأت بهم ) رواه البخاري – ومن صور رحمة النبي بالأمة والإنسانية كلها ن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنهم قالوا : يا رسول الله ! أحرقتنا نبال ثقيف ، فادع الله عليهم . فقال : اللهم اهد ثقيفًاً ). و كل ما سبق يوضح لنا أن النبي صل الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين وسيد الأولين والأخرين يُعلمنا أنهُ أرسل رحمة للناس أجمعين، ولم يكُن لعانًا ولا فاحشاً ولا بذيئاً، بل جمع كل صفات الكمال والجمال والجلال وتمم الله به مكارم الأخلاق؛؛ وهكذا ينبغي علينا اليوم أن نربي شبابنا وطلابنا على فكر الرحمة والوسطية في الإسلام وعدم الغلو والتنطع، والبعد عن فكر التكفير، والتعصب الأعمى، وأن نكون بصمتنا وبأخلاقنا رُسل سلام للناس كُلهم، فكنا خير أمةً اُخرجت للناس بثلاثة أمور بالأمر بالمعروف عبر الحكمة والموعظة الحسنة والرحمة، والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن؛ والثالثة الإيمان بالله عز وجل.

د. جمال عبد الناصر محمد أبو نحل نائب رئيس المركز القومي للبحوث

اخر الأخبار