• الخميس 28 مارس 2024
  • السنة السابعة عشر
  • En
تنويه أمد
حرب غزة تسير نحو فتح الباب لأهداف تتناقض جوهريا والمشروع الوطني، ما لم يحدث تطورا يعيد الاعتبار للوطنية الفلسطينية ممثلا وأدوات..دونها ستبدأ رحلة ردة سياسية بوصاية مشتركة على المستقبل الكياني العام.

إسرائيل تنفرد بالضفة الغربية

تابعنا على:   11:32 2015-02-28

الياس سحّاب

من بين الأسباب الكثيرة التي ساعدت المشروع الصهيوني في فلسطين، وفتحت أمامه أبواب النجاح، يتقدّم سببان اثنان على بقية الأسباب:
أولها تحالف الحركة الصهيونية الاستراتيجي مع السلطة البريطانية التي كانت تستعمر فلسطين وتتحكم بأمرها منذ انهيار الامبراطورية العثمانية، وحتى قيام دولة إسرائيل، حيث إنه بإمكاننا القول إن فترة الانتداب البريطاني لفلسطين، هي نفسها فترة التحضير العميق والكامل لاستيلاء الحركة الصهيونية على ارض فلسطين.
اما السبب الثاني، وهو موضوعنا المباشر في هذه المقالة، فيتركز في تماسك ووحدة الحركة الصهيونية، في مواجهة تشرذم الطرف الثاني، أي الأطراف العربية المقابلة، مع أنه كان وما زال واضحاً، أن إقامة دولة اسرائيل لم تكن تستهدف فلسطين وحدها، بل هي مشروع تاريخي لضرب احتمالات الوحدة العربية والتقدم العربي، حتى لا يتكرر في مصر مشروع محمد علي في القرن التاسع عشر.
وفي العام الحاسم 1948، كانت القوات العربية المحاربة في فلسطين عبارة عن شراذم مبعثرة، تحت قيادة الجنرال البريطاني غلوب باشا، بينما كانت الحركة الصهيونية تقاتل بقوات مسلحة عالية التدريب، وتحت قيادة موحدة.
ومنذ بدايات المشروع الصهيوني على أرض فلسطين في مطلع القرن العشرين، وحتى يومنا هذا، لم يواجه العرب اسرائيل مرة واحدة تحت قيادة استراتيجية موحّدة، تعبر عن الإمكانيات القومية الجامعة للامة العربية بين المحيط والخليج.
أما السنوات الاخيرة في الصراع، فقد شهدت توقيع اسرائيل معاهدتي سلام مع دولتين من دول الجوار العربي (مصر والأردن)، لكن نمت في مقابل ذلك حركات مقاومة عربية، اصبحت تشكل تحدياً استراتيجياً يثير أعلى درجات القلق لدى قيادة الحركة الصهوينية، في جبهتها الشمالية، كما في جبهتها الجنوبية.
وحتى في الاراضي المحتلة العام 1948، فقد توصّل العرب هناك اخيراً، ولأول مرة في تاريخ دولة اسرائيل، الى اقامة قائمة موحدة للقوى العربية في الانتخابات الاسرائيلية القريبة، وهو حلم عربي يتحقق لأول مرة، ويواجه كل محاولات التذويب والتفتيت والتهميش التي تمارسها إسرائيل بحق هؤلاء العرب.
لكل هذه الاسباب مجتمعة، وتأسيساً على اتفاقيات «أوسلو» التي ثبتت الأوضاع على أرض فلسطين المحتلة لمصلحة المشروع الصهيوني، فإن الحركة الصهيونية تجد نفسها وقد تفرغت بالكامل للقسم المتبقي للابتلاع من «أرض الميعاد»، اي الضفة الغربية أو شرق فلسطين.
تتفرّغ الحركة الصهيونية يومياً، ومنذ سنوات طويلة، لابتلاع ما تبقى من ارض فلسطين التاريخية، وسط وضع عربي عام لم تعد فيه اسرائيل بحاجة الى معاهدات سلام مع الدول العربية، ما دام الوضع القائم يفوق، بمعايير مصلحة إسرائيل، معاهدات السلام الممكنة كلها. يساعد في ذلك سلطة فلسطينية تخلّت طوعاً عن أي أوراق للقوة، وتمسكت بورقة المفاوضات وحدها، وهي التي تحوّلت الى ستار تجري وراءه العمليات التنفيذية لابتلاع ما تبقى من شرق فلسطين المحتلة ومن مدينة القدس، خصوصاً في قسمها التاريخي المسمّى عربياً.
صحيح أن عيون قيادات الحركة الصهيونية ستظل مفتوحة تماماً على سائر الجبهات المحيطة باسرائيل، لكنها، وحتى إشعار آخر، تجد أمامها فرصة مؤاتية لا يمكن التنبؤ بمدى طولها للتفرّغ لابتلاع ما تبقى من ارض فلسطين.

عن السفير

اخر الأخبار