
صحفي اسرائيلي يكتب عن حملات ملاحقة البضائع الاسرائيلية في محلات رام الله

أمد/ رام الله: كتب الصحفي الاسرائيلي اليئور ليفي هو مراسل موقع "واينيت" العبري والخاص بجريدة "يديعوت احرنوت" تقريرا عن حملة مطاردة البضائع الاسرائيلية في رام الله، وجاء في التقرير:
مجموعة مكونة من 20 شخصاً، من ضمنهم قيادات في الحملة الفلسطينية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية في الضفة الغربية وعدداً من المسؤولين في حركة فتح، تجولت في أنحاء العاصمة الفلسطينية رام الله، مطبقين ما سموه بـ"الواجب الوطني".
المجموعة زارت عدة حوانيت في رام الله محرجة أصحاب الحوانيت الذين لم يتخلصوا بعد من البضائع الإسرائيلية. خلال ثوان معدودة تم سحب جميع المنتجات ابتداءً من منتوجات الحليب التابعة لشركة "تنوفا" مرورا بمنتجات الحلوى التابعة لشركة "شتراوس" وحتى بضائع التابعة لشركتي "أوسم" و"عيليت"، وإخبائها في الأقسام الخلفية للحوانيت.
حسب النشطاء فإن الخسائر التي تكبدها أصحاب الحوانيت هي مشكلتهم الخاصة. قياديون في الحملة يقولون ان الصراع الفلسطيني أهم من أرباح صاحب الدكان.
"أنا معكم، منذ الحرب الأخيرة في غزة كنت أول المقاطعين لكل ما هو إسرائيلي"، قال صاحب دكان يقع بالقرب من مكاتب قناة الجزيرة في رام الله وما زال يملك بضائع إسرائيلية على الرفوف. وسأل "لكن من سيدفع لنا ثمن هذه البضائع"، مطالباً "عوضوني مقابل هذه البضائع". كان هذا واحد من بين القلائل اللذين تجرأوا على مقاومة ما يجري.
لكن احتجاجاته لم تؤثر على أفراد المجموعة الذين طالبوا بإصرار وبحزم بأن يزيل هذه البضائع خلال 48 ساعة. كل ذلك حدث أمام أعين مجموعة حذرة وفضولية من المارة. كان من الواضح للجميع ان صاحب الدكان فهم معنى الإنذار.
أسبوعان مضوا على الإعلان الأولي عن مقاطعة بضائع الشركات الخمسة الإسرائيلية الكبرى، والمجموعة انتقلت الى العمل الميداني – لتطبيق المقاطعة. خلال الأسبوعين الماضيين، منع نشطاء إدخال هذه البضائع الى داخل الضفة الغربية.
خلال الجولة التي تمت يوم الثلاثاء، قال عبد الله كميل، أحد قادة الحملة، لموقع "واينيت" ان الخطوة جاءت كرد على القرار الإسرائيلي تجميد أموال الضرائب التي تقوم بجبايتها بالنيابة عن السلطة الفلسطينية عقب قرار الفلسطينيين التوجه الى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية من أجل تقديم دعاوى ضد إسرائيل بتهم تتعلق بتنفيذها لجرائم حرب.
وقال كميل ان هذه المقاطعة ستنتهي في حال قامت إسرائيل بتحويل أموال الضرائب. لكن على ما يبدو فإنه لن يتم اتخاذ قرار بهذا الشأن قبل الانتخابات الإسرائيلية في السابع عشر من اذار، لذلك يستمر كميل ورجاله بتنفيذ مهمتهم، مهددين بتصعيد الأمور أكثر.
وتأتي الجولة عقب تحذير مطول أطلقته قيادة الحملة للتجار المحليين للتخلص من المنتوجات الإسرائيلية؛ وقد تم تطبيق التحذير من قبل واحدة من المجموعات التي تزور جميع الحوانيت في العاصمة الفلسطينية.
وقال خليلة فلانة، عضو لجنة المقاطعة في محافظة رام الله ان "هذه هي المرحلة الثانية من الحملة. سنقوم بزيارة المحلات التجارية ونشرح لأصحابها بأنهم شركاء في هدفنا لمقاطعة المنتوجات الإسرائيلية".
قبل بداية الجولة كانت مقتنعاً ان جميع التجار امتثلوا لدعوة المقاطعة، لكنه شدد على انهم لن يتعاملوا بشكل عنيف مع التجار الذي يبدون معارضتهم؛ لكنه رفض الإجابة ما هي الطرق "اللطيفة" التي يتحدث عنها.
واجتمع "مطبقو المقاطعة" في ميدان مركزي في رام الله قبل انطلاقهم بجولة تفقد رمزية بمشاركة محمد العلول، عضو المجلس القيادي لحركة فتح.
في المتجر الأول الذي زاروه، انتهت عملية التفتيش بدون أحداث تذكر بسبب عدم العثور فيه على بضائع إسرائيلية مما أدى بصاحب المتجر الى التنفس صعداء فيما انتقل الحشد الى الدكان المقبل.
لكن القصة اختلفت تماماً في المتجر الثاني حيث تم العثور على أكياس تحتوي على مسليات من إنتاج شركة "أوسم" على أحد الرفوف. صاحب المتجر وقف مبتسما ومحرجاً، وفوقه كانت هنالك صورة لأحد مؤسسي حركة حماس الشيخ أحمد ياسين وصورة أخرى للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
وسأل العلول صاحب المتجر: "هذه الصور التي تعلقها وأنت تبيع بضائع إسرائيلية؟". صاحب المتجر أجاب بتمتمة غير مسموعة تقريباً.
المجموعة بدأت بإزالة المسليات في حين حاول صاحب الدكان إخفائها بسرعة تحت الطاولة، واعداً بأنهم لن يتم إعادتهم الى الرفوف.
وقال العلول ان "الشركات الخمسة هذه تسيطر على جزء كبير من السوق الفلسطيني لكن في المستقبل القريب سيتم توسيع المقاطعة لتشمل قطاعات إضافية". عندما سؤل عن التجار الذين يرفضون المشاركة في المقاطعة، قال المسؤول في حركة فتح بشكل مقتضب: "هذا قرار وطني، سيتم تطبيقه وهذا ما نقوله لهم".
المتجر التالي الذي زاروه لم يعثروا بداخله على منتجات إسرائيلية وتمت الإشادة بصاحب المتجر الذي رد بإطراء: "متجري كان مستعداً لزيارتكم؛ لن تدخل بضائع إسرائيلية هذا المكان".
وقال أحد القياديين في الحملة: "أرأيتم؟ ولا منتج إسرائيلي موجود".
المحطة التالية كانت في نفس السوق الواقع بجانب مكاتب قناة الجزيرة. صاحب أحد المتاجر هناك كان خائفاً عند دخول قادة حملة المقاطعة الى دكانه الصغير، خصوصاً عندما استوعب انه في مأزق-إذ ان رفوف دكانه كانت مليئة بالبضائع الإسرائيلية.
وسأل العلول صاحب المتجر: "ألم تحصل على المنشور القاضي بإزالة كافة البضائع الإسرائيلية؟"
أجاب التاجر: "لقد وصلني لكنني لم أكن قادراً على بيع كافة البضاعة".
لكن بدل ان يقابل بالقليل من التفهم، تلقى صاحب المتجر تهديداً: "قمت بإعلامك قبل أسبوعين".
صاحب المتجر قرر عدم الاستسلام عنوة للأمر وطالب بالحصول على تعويضات. في هذه المرحلة كان هنالك اهتياج في صفوف الحاضرين، وتدافع الحشد الواقف خارج المتجر الى داخله صارخاً قبل ان يأخذ أحد الحاضرين زمام الأمور ولفت انتباه الموجودين الى تواجد الصحافيين في المكان.
وقال أحد أفراد حملة المقاطعة لصاحب المتجر: "أنا أتوجه الى حسك الوطني وأطلب منك الالتزام بالقرار والتخلص من البضائع خلال 48 ساعة". صاحب المتجر حاول الحصول على توضيحات بشأن التعويض لكن من دون جدوى.
حينها، قام أحدهم بأخذ كرتونة من حليب "تنوفا" ولوح بها فوق رأس صاحب المتجر قائلاً: "نحن لا نريد المواجهة معك. ماذا تفضل: ان نتحدث عن الأمر أم مصادرة جميع هذه البضائع؟ لا ترغمنا على العودة الى هنا بعد 48 ساعة لمصادرة هذه البضاعة".
خرج الحشد من المتجر في حين بقي صاحب المتجر عاجزاً، وهو يعلم بأنه على وشكل خسارة آلاف الشواقل. خارج المتجر، شرح العلول سبب عدم دفع تعويضات مقابل البضائع.
"ليقوم المزود الذي قام ببيعه هذه البضائع بتعويضه"، قال وهو في طريقه الى المتجر التالي. "كان هناك قرار ولا يوجد خيار آخر سوى تطبيقه".